الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أستادارا عوضا عن جانبك الزينى عبد الباسط. وابن الأشقر المذكور وابن أبى الفرج، كل منهما كان من أعظم»
أصحاب عبد الباسط. قلت: عود وانعطاف على ما ذكرناه، أنه كان يكرهه حتى أعزّ أصحابه، ولولا ذاك ما وليا عنه هؤلاء وظائفه فى حياته، وإن كانا «2» تمنّعا عند الولاية، فهذا باب تجمل ليس على حقيقته، ولا يخفى ذلك على من له ذوق سليم، فإننا لا نعرف أحدا ولى وظيفة غصبا كائنا «3» من كان.
وفى يوم السبت [المذكور]«4» قدم رأس تغرى برمش، فطيف بها، ثم علقت على باب زويلة أياما.
وفرغت هذه السنة، أعنى سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، بعد أن كان فيها حوادث كثيرة، وعدة وقائع حسبما ذكرناه.
[ما وقع من الحوادث سنة 843]
واستهلت سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة «5» والسلطان مصمم على أنه لا يقنع منه بأقل من ألف ألف دينار، ويهدده بالعقوبة، ويعدّد له ذنوبه، حتى قال فى بعض مجالسه بحضرتى: والله أشنكله بشنكال، مثلما كانت تعمل الجغتية «6» ، هذا أخرب مملكة مصر، كان إذا كلمه [أحد من]«7» أعيان الأمراء صفرّ له بفمه فى وجهه؛ وأشياء كثيرة من ذلك.
ثم فى يوم الاثنين ثانى محرم سنة ثلاث وأربعين، خلع السلطان على القاضى ولى الدين محمد السّفطى مفتى دار العدل، وأحد ندماء «8» السلطان وخواصه، باستقراره فى نظر الكسوة مضافا لما بيده من وكالة بيت المال، فإن شرط الواقف أن يكون وكيل
بيت المال ناظر الكسوة، عوضا عن عبد الباسط، قلت: وولىّ الدين أيضا كان من أصحابه.
ثم خلع السلطان على فتح الدين محمد بن المحرقى، باستقراره ناظر الجوالى، عوضا عن عبد الباسط؛ وكان فتح الدين المذكور من حواشى [الملك]«1» الظاهر أيضا.
ثم فى يوم الأربعاء حادى عشر المحرم أفرج عن جانبك الزينى عبد الباسط، بعد أن حوسب فى بيت تغرى بردى المؤذى الدوادار الكبير، وقد شطّب عليه بمبلغ ألف ألف درهم «2» وثلاثمائة ألف درهم، وجبت عليه للديوان، وذلك سوى العشرة آلاف دينار، التى ألزم «3» بها.
[ثم]«4» فى سلخ المحرم، قدم الأمير يشبك السّودونى أمير سلاح من بلاد الصعيد بمن معه من المماليك الأشرفية وغيرهم، فخلع السلطان عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية، عوضا عن آقبغا التّمرازى بحكم انتقاله إلى نيابة دمشق، وكان يشبك أنعم عليه بالإقطاع والوظيفة من يوم ذاك، غير أنه كان غائبا ببلاد الصعيد هذه المدة الطويلة، فلما حضر خلع عليه بالأتابكية.
ثم فى يوم الاثنين أول صفر، قدم الأمير قانى باى الأبوبكريّ الناصرى المعروف بالبهلوان، أتابك دمشق، إلى القاهرة، وخلع السلطان عليه باستقراره فى نيابة صفد، عوضا عن الأمير إينال العلائى الناصرى بحكم عزل إينال المذكور، واستقراره من جملة مقدمى الألوف بديار مصر، ورسم باستقرار الأمير إينال الششمانى الناصرى أحد مقدمى الألوف بدمشق، فى الأتابكية، عوضا عن قانى باى البهلوان.
ثم فى يوم السبت سادس صفر، قدم إلى القاهرة الأمراء المجردون إلى الشام يمن
معهم من المماليك السلطانية، فخلع السلطان على الأمير قرا خجا الحسنى الأمير آخور، وعلى الأمير تمرباى التّمربغاوى رأس نوبة النوب، وعلى جميع من بقى من رفقتهما من أمراء الطبلخانات والعشرات؛ وسكن قراخجا بباب السلسلة.
وفى هذه الأيام غضب السلطان على عبد الباسط ونقله فى يوم الخميس حادى عشر صفر، من المقعد الذي على باب الهجرة، المطل على الحوش من قلعة الجبل، إلى البرج عند باب القلعة، وكان سبب ذلك أنه من يوم حبسه السلطان لم يهنه بضرب ولا عقوبة، والناس تتردد إليه، وهو مطالبه بألف ألف دينار، وقد تكلم [119] بينه وبين السلطان المقرّ «1» الكمالى محمد بن البارزى صهر السلطان، وكاتب سره، وراجع السلطان فى أمره مرارا عديدة، وعبد الباسط يورد للسلطان من أثمان ما يباع له، حتى وقف طلب السلطان بعد عناية ابن البارزى به، على أربعمائة ألف دينار، وأبى السلطان أن يضع عنه منها شيئا، وعبد الباسط يريد أن يحطّ عنه من ذلك شيئا آخر، وترامى على ابن البارزى المذكور واعترف بالتقصير فى حقه فى الدولة الأشرفية، فلم يحوجه ابن البارزى لذلك، بل شمّر ساعدا طويلا لمساعدته، حتى صار أمره إلى هنا بغير عقوبة ولا إهانة «2» .
فلما كان يوم الخميس المذكور، تكلم مع السلطان ابن البارزى وجماعة كبيرة من أعيان الدولة، فى أمر عبد الباسط، وسألوه «3» الحطيطة من الأربعمائة ألف دينار،
فغضب السلطان من ذلك، وأمر به فأخرج إلى البرج على حالة غير مرضية، ومضى من المقعد ماشيا إلى البرج المذكور، وسجنوه به، ورسم السلطان له أن يدفع للمرسّمين «1» عليه، لمّا كان بالمقعد، وهم ثمانية من الخاصّكية، مبلغ ألفى دينار ومائتى دينار، ودفعها لهم. وبينما هو فى ذلك، دخل عليه الوالى وأمره أن يقلع جميع ما عليه من الثياب، فإنه نقل للسلطان أن معه الاسم الأعظم أو أنه يسحر السلطان، فإنه [كان]«2» كلما أراد عقوبته صرفه الله عنه، فخلع جميع ما كان عليه من الثياب والعمامة، ومضى بها الوالى وبما فى أصابع يديه من الخواتم، فوجد فى عمامته قطعة أديم، ذكر أنها من نعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وجدت فى عمامته أوراق فيها أدعية ونحوها، وأخذ المقرّ الكمالى فى القيام معه، حتى كان من أمره ما سنذكره.
ثم فى يوم السبت ثالث عشر صفر، قدم الأمير إينال العلائى الناصرى المعزول عن نيابة صفد، وقد استقر من جملة مقدمى الألوف بالديار المصرية، وقدم معه الأمير طوغان العثمانى نائب الندس، والأمير طوخ الأبوبكريّ المؤيدى أتابك غزة، وقد صار من جملة مقدمى الألوف بدمشق، على إقطاع مغلباى الجقمقى بعد القبض عليه، وخلع السلطان على الجميع وأركبوا خيولا بقماش ذهب.
ثم فى رابع عشر صفر، رسم السلطان بإحضار الأمراء المسجونين وغيرهم بثغر الإسكندرية، إلى مدينة بلبيس، ليحملوا إلى الحبوس بالبلاد الشامية. وندب الأمير أسنبغا الطّيّارى أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، لإحضارهم، وهم: الأمير جانم أخو الأشرف الأمير آخور، وإينال الأبوبكريّ الأشرفى، وعلى باى شادّ الشراب خاناة الأشرفى، وأزبك السيفى قانى باى رأس نوبة المعروف بجحا، وجكم الخازندار خال العزيز، وجرباش، وجانبك قلق سيز، ومن الخاصّكية: تنم الساقى، وبيبرس الساقى، ويشبك الدوادار، وأزبك البواب، وبايزير خال العزيز، وجميع هؤلاء
أشرفية؛ وتنبك الإينالى المؤيدى الفيسى، وبيرم خجا الناصرى أمير مشوى، وجماعة أخر لم يحضرنى الآن أسماؤهم، ولم يبق بسجن الإسكندرية سوى الأمير قراجا الأشرفى، أحد مقدمى الألوف كان «1» ؛ وخرج الأمير أسنبغا من يومه.
وفى هذا اليوم سافر الأمير قانى باى البهلوان نائب صفد إلى محل كفالته بها، بعدما أنعم السلطان عليه بمال جزيل، وسافر الطّيّارى «2» إلى الإسكندرية، وأخذ المذكورين وعاد بهم إلى بلبيس فى ثانى عشرين صفر، والجميع بالحديد، غير أن الأمير أسنبغا تلطّف بهم وأحسن فى خطابهم ومسيرهم إلى الغاية، بخلاف من تولى تسفيرهم من بلبيس إلى محل سجنهم؛ فأفرج السلطان منهم عن بيرم خجا أمير مشوى، ونفى إلى طرابلس، وأخرج السلطان من البرج بقلعة الجبل، اثنين أضافهما إلى هؤلاء، ورسم أن يتوجه منهم «3» سبعة نفر إلى قلعة صفد، ليسجنوا بها، وهم إينال الأشرفى أحد مقدمى الألوف، وعلى باى المشدّ الأشرفى، وأزبك جحا، وجرباش مشدّ سيّدى، وتنبك الفيسى، وحزمان وقانى باى اليوسفى، ومسفّر هؤلاء الأمير سمام الحسنى الناصرى أحد أمراء العشرات، وأن يتوجّه ثلاثة منهم إلى قلعة الصّبيبة «4» ليسجنوا بها، وهم الأمير جانم أمير آخور وبايزير خال العزيز [120] ويشبك [بشق، ومسفّرهم، هم ومن يمضى إلى حبس المرقب الآتى ذكرهم: إينال أخو قشتم المؤيدى أحد أمراء العشرات، والمتوجهون إلى حبس المرقب خمسة وهم: جانبك قلق سيز، وتنم الساقى، وجكم خال
العزيز] «1» ويشبك الفقيه، وأزبك البواب، والجميع أشرفية، وساروا بهم فى حالة غير مرضية.
[ثم]«2» فى سابع عشرين صفر، قدم الأمير طوخ مازى نائب غزة، فخلع السلطان عليه باستمراره وأكرمه.
وفى تاسع عشرينه، نقل زين الدين عبد الباسط من محبسه بالبرج إلى موضع يشرف على باب القلعة، بسفارة ابن البارزى وأخته خوند زوجة السلطان، ووعده السلطان بخير، بعد ما كان وعده بالعقوبة.
ثم فى يوم الاثنين سادس شهر ربيع الأول، خلع السلطان على الأمير طوخ مازى نائب غزة خلعة السفر، وتوجه من يومه عائدا إلى محل كفالته.
ثم فى ليلة السبت حادى عشره، أخرج الملك العزيز يوسف من محبسه بالقلعة، وأركب فرسا، ومعه جماعة كبيرة ومضوا به، حتى أنزل فى الحرّاقة «3» ، وساروا به حتى حبس بثغر الإسكندرية إلى يومنا هذا، ومسفّره جانبك القرمانى أحد أمراء العشرات، ورسم أن يصرف له من مال أوقاف العزيز ألف دينار. وحمل مع الملك العزيز ثلاث جوار لخدمته، ورتب له فى كل يوم ألف درهم، من أوقاف أبيه، وكان لخروجه يوم مهول «4» من بكاء جوارى أبيه وأمه، وتجمعن بعد خروجه بالصحراء فى تربة أمه خوند جلبان، وعملن عزاء كيوم مات الأشرف وبكين وأبكين.
ثم فى حادى عشر شهر ربيع الأول [المذكور]«5» استقرّ شمس الدين
أبو المنصور «1» نصر الله المعروف بالوزّة، ناظر الإسطبل السلطانى، بعد عزل زين الدين يحيى الأشقر قريب ابن أبى الفرج.
قلت: وأى فخر أو سابق رئاسة لمن يعزل بهذا الوزّة عن وظيفته!
ثم فى يوم الأحد تاسع عشر [شهر]«2» ربيع الأول، سارت تجريدة فى النيل تريد ثغر رشيد، وقد ورد الخبر بأن أربعة شوان «3» للفرنج قاربت رشيد، وأخذت منها أبقارا وغيرها، فأخرج السلطان لذلك [الأمير]«4» أسنبغا الطيارى، والأمير شادبك الجكمى، وهما من أمراء الألوف بالديار المصرية، وحمل السلطان لكل منهما خمسمائة «5» دينار، وعند ما نزلا إلى المركب فى بحر النيل، احترقت مركب الطيّارى من مدفع نفط رموا به، فعاد عليهم ناره، وأحرق شيئا مما كان معهم، وأصاب بعضهم، فألقى الطيارى نفسه فى البحر، حتى نجا من النار، ثم طلع وركب السفينة وسار «6» .
[و]«7» فى أواخر شهر ربيع الأول [هذا]«8» رسم السلطان بتوجه زين الدين عبد الباسط [إلى]«9» الحجاز بأهله وعياله، وسافر فى يوم الثلاثاء ثانى عشر [شهر]«10» ربيع الآخر، بعد أن خلع السلطان عليه فى يوم سفره، وعلى معتقه جانبك الأستادار، ونزل من القلعة إلى مخيّمه بالريدانية، بعد أن حمل إلى الخزانة السلطانية مائتى ألف دينار وخمسين ألف دينار ذهبا عينا سوى ما أخذ له من الخيول والجمال، وسوى تحف جليلة قدّمها للسلطان وغيره؛ ثم رحل «11» عبد الباسط من الرّيدانية يريد
الحجاز، فى خامس عشره، ونزل ببركة الحاجّ «1» ، وأقام بها أيضا إلى ليلة ثامن عشره.
ثم فى خامس عشرين شهر ربيع الآخر «2» قدم الأمير تمراز المؤيدى أحد حجاب دمشق، بسيف الأمير آقبغا التّمرازى، وقد مات فجاءة فى يوم السبت سادس عشره، فرسم السلطان للأمير جلبان نائب حلب باستقراره فى نيابة دمشق، وأن ينتقل الأمير قانى باى الحمزاوى نائب طرابلس إلى نيابة حلب، وأن ينتقل الأمير برسباى الناصرى حاجب حجاب دمشق إلى نيابة طرابلس، ويستقر عوضه فى حجوبية دمشق سودون النّوروزى حاجب حجاب حلب؛ وينتقل حاجب حماة الأمير سودون المؤيدى إلى حجوبية [حجاب]«3» حلب، وأن يستقر الأمير جمال الدين يوسف بن قلدر «4» نائب خرت برت «5» فى نيابة ملطية بعد عزل الأمير خليل بن شاهين الشيخى عنها، ويستقر خليل أحد أمراء الألوف بدمشق، عوضا عن الأمير ألطنبغا الشريفى، ويستقر الشريفى أتابك حلب، عوضا عن قطج من تمراز، وأن يحضر قطج المذكور إلى القاهرة [121] إلى أن ينحلّ له إقطاع «6» ؛ وجهزت تقاليد الجميع
ومناشيرهم «1» فى سابع عشرينه؛ ورسم للأمير دولات باى المحمودى الساقى المؤيدى الدوادار الثانى أن يكون مسفّر جلبان نائب الشام، وأن يكون الأمير أرنبغا اليونسى الناصرى مسفّرقانى باى الحمزاوى، نائب حلب، وأن يكون سودون المحمودى المؤيدى المعروف بأتمكجى «2» ، مسفّر برسباى، نائب طرابلس؛ وخلع على الجميع فى يوم تاسع عشرين شهر ربيع الآخر.
ثم فى يوم السبت خامس عشر جمادى الأولى، استقر الأمير مازى الظاهرى [برقوق]«3» أحد أمراء دمشق، فى نيابة الكرك عوضا عن آقبغا التركمانى الناصرى، بحكم مسك آقبغا المذكور وحبسه بسجن الكرك.
وفى عشرينه خلع السلطان على الأمير أسنبغا الطّيارى أحد مقدمى الألوف، باستقراره فى نيابة الإسكندرية، عوضا عن يلبغا البهائى الظاهرى [برقوق]«4» بحكم وفاته، زيادة على ما بيده من تقدمة ألف بمصر، وطلب السلطان الأمير قراجا الأشرفى من سجن الإسكندرية، فحضر فى يوم الاثنين ثانى جمادى الآخرة، فخلع عليه السلطان باستقراره أتابك حلب، وبطل أمر الشريفى، واستمر على إقطاعه بدمشق.
ثم فى يوم الخميس ثانى عشر جمادى الآخرة، عمل السلطان الموكب بالقصر وأحضر
رسول القان معين الدين شاه رخ بن تيمور لنك، فحضر الرسول وناول الكتاب الذي على يده، وإذا فيه: أنه بلغه موت [الملك]«1» الأشرف وجلوس السلطان على تخت الملك، فأراد أن يتحقق علم ذلك؛ فأرسل هذا الكتاب؛ فخلع السلطان عليه وأكرمه وأنزله بمكانه الذي كان أنزل فيه، فإنه كان وصل فى أول «2» يوم من جمادى الأولى، ورسم السلطان بكتابة جوابه.
ثم فى يوم الاثنين رابع شهر رجب، أدير المحمل على العادة، وزاد السلطان فى عدة الصبيان الذين يلعبون بالرمح، الصغار، عدة كبيرة، ولم يقع فى أيام المحمل بحمد الله ما ينكر من الشناعات التى كانت تقع من المماليك الأشرفية.
وفى هذا اليوم أيضا، خلع السلطان على الأمير طوخ الأبوبكريّ المؤيدى أحد أمراء الألوف بدمشق، وكان قبل أتابك غزة، باستقراره فى نيابة غزة، بعد موت الأمير طوخ مازى الناصرى، فولى طوخ عوضا عن طوخ، وأنعم بتقدمة طوخ بدمشق، على الأمير تمراز المؤيدى الحاجب الثانى بدمشق.
ثم فى يوم السبت حادى عشر شعبان، استقر القاضى بهاء الدين محمد بن حجى فى نظر جيش دمشق، عوضا عن سراج الدين عمر بن السّفّاح، ورسم لابن السفاح بنظر جيش حلب.
ثم فى يوم الثلاثاء ثامن عشر شوال، خرج أمير حاجّ المحمل الأمير شادبك الجكمى، أحد مقدمى الألوف، بالمحمل، وأمير حاج الركب الأول سمام الحسنى الناصرى، أحد أمراء العشرات.
ثم فى يوم الثلاثاء خامس عشرين شوال، قدم الأمير ناصر الدين بك، واسمه محمد بن دلغادر نائب أبا ستين، إلى الديار المصرية، بعد ما تلقاه المطبخ السلطانى، وجهزت له الإقامات فى طول طريقه؛ ثم سارت عدة من أعيان الدولة إلى لقائه، ومعهم
الخيول والخلع له ولأعيان من معه من أولاده وأصحابه، فلما دخل إلى القاهرة وطلع إلى القلعة، ومثل بين يدى السلطان وقبّل الأرض، خلع عليه السلطان خلعة باستمراره على نيابة أبلستين على عادته، وأنزل فى بيت بالقرب من القلعة؛ وبالغ السلطان فى الاحتفال بأمره والاعتناء به، وشمله بالإنعامات «1» الكثيرة. وكان ناصر الدين بك المذكور، له سنين كثيرة لم يدخل تحت طاعة سلطان، وإن دخل فلم يطأ بساطه، فلما سمع بسلطنة الملك الظاهر هذا، وبحسن سيرته، قدم، وأقدم معه ابنته التى كانت تحت جانبك الصوفى، وعدة من نسائه، فعقد السلطان عقده على ابنته المذكورة التى كانت تحت جانبك الصوفى، ولها من جانبك المذكور بنت «2» ، لها من العمر نحو ثلاث سنين، بعد أن حمل إليها المهر ألف دينار، وعدة كثيرة من الشقق الحرير وغيرها.
وفى هذا الشهر، أراد السلطان أن تكون تصرفاته فى أمر جدّة، على مقتضى «3» فتاوى أهل العلم، لعلمه أن شاه رخ بن تيمور، كان يعيب على [الملك]«4» الأشرف برسباى، لأخذه بجدّة من التجار عشور «5» أموالهم [122] وأن ذلك من المكس المحرم؛ فكتب بعض الفقهاء سؤالا على غرض السلطان، يتضمن: أن التجار المذكورين كانوا يردون إلى بندر عدن [من بلاد اليمن]«6» فيظلمون بأخذ أكثر أموالهم، وأنهم رغبوا فى القدوم إلى بندر جدّة ليحتموا «7» بالسلطان؛ وسألوا أن يدفعوا عشر أموالهم، فهل يجوز أخذ ذلك منهم؟ فإن السلطان يحتاج إلى صرف مال كثير فى عسكر يبعثه إلى مكة فى كل سنة، فكتب قضاة القضاة الأربعة «8» ، بجواز أخذه وصرفه،
فى المصالح «1» . فأنكر الشيخ تقىّ الدين على القضاة فى كتابتهم على الفتاوى المذكورة، وانطلق لسانه بما شاء الله أن يقوله فى حقهم- انتهى.
ثم فى يوم الخميس ثامن عشر ذى القعدة، قدم الأمير إينال الششمانى الناصرى، أتابك دمشق، والأمير ألطنبغا الشريفى الناصرى أحد مقدمى الألوف بدمشق، وطلعا [إلى]«2» القلعة، وخلع السلطان عليهما وأكرمهما. وفيها «3» أيضا، خلع السلطان على الأمير ناصر الدين بك بن دلغادر خلعة السفر، وسافر يوم الاثنين تاسع عشرين ذى القعدة، بعد أن بلغت النفقة عليه من الإنعامات ثلاثين ألف دينار.
ثم فى يوم الأربعاء سابع ذى الحجة، نودى بمنع المعاملة بالدراهم الأشرفية من الفضة،