الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 845]
السنة الرابعة من سلطنة الملك الظاهر جقمق على مصر وهى سنة خمس وأربعين وثمانمائة.
وفيها توفى الخليفة أمير المؤمنين [179] المعتضد بالله أبو الفتح داؤد، ابن الخليفة المتوكل على الله أبى عبد الله محمد، ابن الخليفة المعتضد بالله أبى بكر، ابن الخليفة المستكفى بالله أبى الربيع سليمان، ابن الخليفة الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد بن حسين بن أبى بكر بن على بن الحسين، ابن الخليفة الراشد بالله منصور، ابن الخليفة المقتدى بالله عبد الله، ابن الأمير ذخيرة الدين محمد، ابن الخليفة [القائم بأمر الله عبد الله، ابن الخليفة القادر بالله أحمد، ابن الأمير الموفق ولى العهد طلحة، ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر، ابن الخليفة المعتصم بالله محمد، ابن]«1» الخليفة الرشيد بالله هرون، بن الخليفة المهدى «2» بالله محمد، ابن الخليفة أبى «3» جعفر المنصور عبد الله، ابن [محمد بن على، ابن عبد الله بن]«4» عباس بن عبد المطلب الهاشمى العباسى المصرى، فى يوم الأحد رابع «5» شهر ربيع الأول، بعد مرض تمادى به أياما؛ وحضر السلطان الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه [بمصلّاة]«6» المؤمنى، ودفن بالمشهد النفيسى.
وكانت خلافته تسعة وعشرين «7» سنة وأياما، وتولى الخلافة من بعده أخوه شقيقه المستكفى بالله سليمان، بعهد منه إليه. وكان المعتضد خليقا للخلافة، سيّد بنى العباس فى زمانه، أهلا للخلافة بلا مدافعة، وكان كريما عاقلا حليما متواضعا دينا خيرا
حلو المحاضرة كثير الصدقات والبر، وكان يحب مجالسة العلماء والفضلاء، وله مشاركة مع فهم وذكاء وفطنة. وقد أوضحنا أمره فى تاريخنا «1» «المنهل الصافى» بأوسع «2» من هذا «3» ، إذ هو كتاب تراجم على حدته «4» .
وتوفى الشيخ محبّ الدين بن الأوجاقى الحنفى، فى يوم الاثنين ثالث عشرين شهر رجب، بعد مرض طويل؛ وكانت لديه فضيلة، وفيه تدين وخير، وللناس فيه اعتقاد.
وتوفى الشيخ الأديب المعروف بابن الزين بالوجه البحرى فى مستهل شهر ربيع الأول، بعد أن مدح النّبيّ صلى الله عليه وسلم، بما ينيف على عشرة آلاف قصيدة؛ قاله غير واحد.
وتوفى الشيخ الإمام العالم المحدث المفنن، عمدة المؤرخين، ورأس المحدثين، تقىّ الدين أحمد بن على بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم بن عبد الصمد البعلبكى الأصل المصرى المولد والوفاة المقريزى الحنفى، ثم الشافعى؛ هذا «5» ما نقلناه من خطه، وأملى علىّ نسبه الناصرىّ محمد ابن أخيه بعد وفاته، إلى أن رفعه إلى علىّ بن أبى طالب من طريق الخلفاء الفاطميين، وذكرناه فى غير هذا المصنف- انتهى.
وكانت وفاته فى يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان ودفن من الغد بمقابر
الصوفية، خارج باب النصر، ووهم قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى فى تاريخ وفاته، فقال: فى يوم الجمعة التاسع والعشرين من شعبان- انتهى.
سألت الشيخ تقي الدين، رحمه الله، عن مولده فقال:«بعد الستين وسبعمائة بسنيّات» . وكان مولده بالقاهرة، وبها نشأ وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة، وهو مذهب جده لأمه الشيخ شمس الدين محمد بن الصائغ الحنفى، ثم تحول شافعيا بعد مدة، [وذلك بعد موت والده فى سنة ست وثمانين]«1» [وسبعمائة] ، لأمر اقتضى ذلك، واشتغل على مذهب الشافعى؛ وسمع الكثير على عدة مشايخ، ذكرنا أسماء غالبهم فى ترجمته فى «المنهل الصافى» «2» مع مصنفاته باستيعاب يضيق هذا المحل عن ذلك «3» .
وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى إماما بارعا مفننا [متقنا]«4» ضابطا دينا خيرا محبا لأهل السنة، يميل إلى الحديث والعمل به، حتى نسب إليه مذهب الظاهر «5» ، وكان فيه تعصب على السادة الحنفية بغير لباقة؛ يعرف ذلك من مصنفاته، وفى الجملة هو أعظم من رأيناه وأدركناه «6» فى علم التاريخ وضروبه، مع معرفتى لمن عاصره من علماء المؤرخين، والفرق بينهم [ظاهر]«7» ؛ وليس فى التعصب فائدة.
وتوفى قاضى الإسكندرية جمال الدين عبد الله بن الدّمامينى المالكى الإسكندرى بها فى يوم الأحد رابع ذى القعدة، وكان مشهورا بالسماحة، إلا أن بضاعته من العلوم كانت مزجاة «8» .
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم عشرة أذرع ونصف؛ مبلغ الزيادة عشرون ذراعا وخمسة عشر أصبعا؛ وكان الوفاء سادس عشرين أبيب.