المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما وقع من الحوادث سنة 837] - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - جـ ١٥

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس عشر]

- ‌مقدمة

- ‌[تتمة ما وقع من الحوادث سنة 836]

- ‌[3] ذكر سفر السلطان الملك الأشرف [برسباى] إلى آمد

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 837]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 838]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 839]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 840]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 841]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 825]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 826]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 827]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 828]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 829]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 830]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 831]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 832]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 833]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 834]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 835]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 836]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 837]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 838]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 839]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 840]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 841]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 842]

- ‌ذكر ما وقع له من ابتداء أمره إلى أن تسلطن

- ‌ذكر قتل قرقماس الشعبانى الناصرى

- ‌ذكر خبر عصيان تغرى برمش المذكور

- ‌فرار الملك العزيز

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 843]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 844]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 845]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 846]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 847]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 848]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 849]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 850]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 851]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 852]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 853]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 854]

- ‌ذكر مبدأ نكبة أبى الخير النحاس على سبيل الاختصار

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 855]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 856]

- ‌ابتداء مرض موت السلطان

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 857]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 842]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 843]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 844]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 845]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 846]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 847]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 848]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 849]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 850]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 851]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 852]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 853]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 854]

- ‌فهرس

- ‌الملوك والسلاطين الذين تولوا مصر من سنة 836- 854 ه

- ‌ الخلفاء العباسيون المعاصرون

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرس الأمم والقبائل والبطون والعشائر والأرهاط والطوائف والجماعات

- ‌فهرس البلاد والأماكن والأنهار والجبال وغير ذلك

- ‌فهرس الألفاظ الاصطلاحية وأسماء الوظائف والرتب والألقاب التى كانت مستعملة فى عصر المؤلف

- ‌فهرس وفاء النيل من سنة 825 هـ- 854 ه

- ‌فهرس أسماء الكتب الواردة بالمتن والهوامش

- ‌المراجع التى اعتمد عليها المحقق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌[ما وقع من الحوادث سنة 837]

العشرات ورأس نوبة، بتوجهه إلى الديار المصرية، مبشرا بعود السلطان إلى الديار المصرية.

وصار السلطان يركب ويسير بحلب، وطلع إلى قلعتها غير مرة، إلى أن خرج منها فى يوم الخميس خامس ذى الحجة من سنة ست وثلاثين المقدم ذكرها، يريد جهة دمشق، وسار حتى نزل بحماه، وأقام بها أياما، ثم رحل منها بعساكره إلى جهة دمشق حتى دخلها فى يوم الخميس تاسع عشر ذى الحجة، ونزل بقلعتها، ونزلت عساكره بمدينة دمشق، ودام بدمشق إلى أن برز منها يوم السبت ثامن عشرين ذى الحجة، يريد الديار المصرية، بعد أن خلع على جميع نواب البلاد الشأمية باستمرارهم، ولم يحرك ساكنا فى الظاهر والله متولى السرائر. ثم سار السلطان حتى وصل غزة، وقد استقر فى نيابتها من دمشق الأمير يونس الرّكنى، أحد مقدمى الألوف بدمشق، وكان يونس المذكور وليها مرة أخرى قبل ذلك.

[ما وقع من الحوادث سنة 837]

وأقام السلطان بغزة ثلاثة أيام، ثم رحل منها يريد القاهرة، حتى وصلها فى يوم الأحد العشرين من محرم سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، ودخل فى موكب عظيم «1» جليل من باب النصر بأبهة الملك وشعار السلطنة، وعلى رأسه القبة والطير، تولى حمله الأمير الكبير سودون من عبد الرحمن وهو مريض، وقد ساعده جماعة من حواشيه فى حملها. وشق السلطان القاهرة وقد زينت لقدومه أحسن زينة، وسار حتى نزل بمدرسته التى أنشأها بخط العنبربين «2» من القاهرة، وصلى بها ركعتين، ثم ركب منها وسار حتى خرج من باب زويلة، وطلع إلى القلعة بعد أن خرج المقام الجمالى يوسف ولده إلى ملاقاته بالخانقاه، وعاد معه. وكان لقدومه يوم مشهود «3» ، وسر الناس بسلامته، وعاد السلطان إلى مصر بعد أن أتلف فى هذه السّفرة نحو الخمسمائة ألف دينار من النقد، وتلف له من

ص: 34

السلاح والمتاع والخيل والجمال والبغال مثل ذلك، وأنفق الأمراء بمصر والشأم والعساكر المصرية والشأمية مثل ذلك، وتلف لأهل آمد وما حولها من الغلال والزراعات والمواشى شىء كثير «1» إلى الغاية، وقتل أيضا خلائق، ومع هذا كله كانت سفرة كثيرة «2» الضرر قليلة النفع.

ولم ينل أحد فى هذه السفرة غرضا من الأغراض، ولا سكنت فتنة ولا قامت حرمة، ولا ارتدع عدو. ولهج غالب الناس بأن السلطان سعده لا يعمل إلا وهو بقلعة الجبل «3» ، وحيثما تحرّك بنفسه بطل سعده، وعدّوا حركته مع التركمان فى نيابته بطرابلس، ثم واقعته مع الأمير جقمق نائب الشام لما أمسكه جقمق وحبسه، ثم سفرته [هذه] «4» إلى آمد؛ قلت: الحركات والسكون بيد الله، والحرب سجال: يوم لك ويوم عليك، والدهر تارة وتارة، والغيب مستّر ما هو مخبّر «5» - انتهى.

ولما طلع السلطان إلى القلعة خلع على الأمراء، وأخذ فى إصلاح أمره، وخلع على التاج بإعادته إلى ولاية القاهرة، بعد عزل دولات خجا الظاهرى، ثم خلع السلطان على الأمير آقبغا الجمالى المعزول عن الأستادّاريّة قبل تاريخه، باستقراره فى ولاية الوجه القبلى، عوضا عن داؤد «6» التركمانى، وكان السلطان أنعم على آقبغا «7» المذكور بإمرة عشرة بعد موت الأمير تنبك من سيدى بك [13] المعروف بالبهلوان بآمد.

ثم فى يوم الثلاثاء ثانى عشر شهر ربيع [الأول]«8» من سنة سبع وثلاثين المذكورة، رسم السلطان بإخراج الأمير الكبير سودون من عبد الرحمن إلى القدس بطّالا،

ص: 35

فاستعفى من السفر، وسأل أن يقيم بداره بطّالا، فأجيب إلى ذلك، ولزم داره إلى ما يأتى ذكره. وأنعم السلطان بأقطاعه على الديوان المفرد، ولم يقرر أحدا غيره فى أتابكية العساكر بديار مصر «1» ؛ وهذا شىء لم نعهد بمثله.

وضرب رنك «2» السلطان على البيمارستان المنصورى بالقاهرة، وكانت العادة جرت من مدة سنين، أن كل من يلى الإمرة الكبرى، يكون هو الناظر على البيمارستان المذكور، فلما نفدت «3» هذه الوظيفة، تكلم السلطان على نظرها، وضرب اسمه على بابها.

ثم فى يوم السبت أول شهر ربيع الآخر، خلع السلطان على دولات خجا المعزول عن ولاية القاهرة، باستقراره فى ولاية المنوفية والقليوبية، ثم فى يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الآخر [المذكور]«4» ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى الصيد، وعاد فى خامسه.

ثم فى يوم الاثنين عاشره خلع السلطان على الأمير إينال الششمانى الناصرى، ثانى رأس نوبة، باستقراره فى نيابة صفد، بعد موت الأمير مقبل الحسامى الدوادار، ومقبل أيضا هو أحد من اتهم «5» بالوثوب على السلطان فى آمد. ثم فى حادى عشره خلع السلطان

ص: 36

على آقبغا الجمالى [المقدم ذكره]«1» باستقراره كاشف الوجه البحرى عوضا عن حسن بك ابن سالم الدّوكرى، وأضيف إليه كشف الجسور أيضا. ثم فى ثالث عشره، ركب السلطان ونزل إلى البيمارستان المنصورى للنظر فى أحواله، فنزل به وأقام ساعة ثم ركب وعاد إلى القلعة.

ثم فى يوم الأحد ثامن عشرين جمادى الأولى خلع السلطان على حسين الكردى، باستقراره كاشف الوجه القبلى، بعد قتل آقبغا الجمالى فى خامس عشرينه فى حرب كان بينه وبين عرب البحيرة «2» ، وقتل معه جماعة من مماليكه ومن العربان، ثم خلع السلطان

ص: 37

على الوزير الأستادار كريم الدين ابن كاتب المناخ، كامليّة بفرو وسمّور [بمقلب سمّور]«1» لتوجهه إلى البحيرة، وصحبته حسين الكردى المقدم ذكره، لعمل مصالحها واسترجاع ما نهبه أهل البحيرة من متاع آقبغا الجمالى بعد قتله، وكتب إليهم السلطان بالعفو عنهم، وأن آقبغا تعدى عليهم فى تحريق بيوتهم وسبى أولادهم ونحو ذلك، قصد السلطان تطمينهم، عسى أن يؤخذوا من غير قتال ولا فتنة.

ثم أمر السلطان بعدّ من بالإسكندرية من القزّازين وهم الحيّاك، فأحصى فى يوم الثلاثاء أول جمادى الآخرة [المذكورون]«2» ، فبلغت عدّتهم ثمانمائة نول، بعد ما بلغت عدتهم فى أيام نيابة ابن محمود الأستادار فى سنة بضع وتسعين وسبعمائة أربعة عشر ألف نول ونيفا، فانظر إلى هذا «3» التفاوت فى هذه السنين القليلة «4» ، وذلك لظلم ولاة الأمور، وسوء «5» سيرتهم، وعدم معرفتهم، لكونهم يطمعون «6» فى النزر اليسير بالظلم، فيفوتهم أموال كثيرة مع العدل؛ والفرق بين العامر والخراب ظاهر.

ثم فى يوم الاثنين ثانى عشر شهر رجب، أدير محمل الحاج على العادة فى كل سنة.

ثم فى سابع عشرين [شهر]«7» رجب المذكور، قدم الأمير بربغا التنمى الحاجب الثالث بدمشق، إلى القاهرة بسيف الأمير جارقطلو نائب الشام «8» ، وقدمات بعد مرضه خمسة وأربعين يوما، فى يوم تاسع عشرة، فعين السلطان عوضه لنيابة دمشق، الأمير قصروه من تمراز نائب حلب، وكتب له بذلك. ثم «9» فى يوم تاسع عشرينه، عين السلطان

ص: 38

الأمير خجا سودون السيفى بلاط الأعرج، أحد أمراء الطبلخاناه، ورأس نوبة، أن يتوجه إلى قصروه بالتقليد والتشريف.

وفى اليوم خلع السلطان على الأمير قرقماس الشعبانى الناصرى، المعروف أهرام ضاغ «1» ، حاجب الحجاب، باستقراره فى نيابة حلب عوضا عن قصروه، وأن يكون مسفّره الأمير شاد بك الجكمى أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة. [14] وخلع السلطان على الأمير يشبك السّودونى ثم الظاهرى ططر المعروف بالمشدّ باستقراره حاجب الحجاب عوضا عن قرقماس المذكور، وأنعم بإقطاع قرقماس على الأمير آقبغا التمرازى أمير مجلس، وخلع عليه باستقراره أمير سلاح، وبإقطاع آقبغا على الأمير يشبك المذكور. وخلع السلطان على الأمير إينال الجكمى أمير سلاح، باستقراره أتابك العساكر، وكانت شاغرة من يوم لزم سودون من عبد الرحمن بيته، واستقر عوضه فى إمرة سلاح، آقبغا التمرازى المقدم ذكره. وخلع السلطان على الأمير جقمق العلائى الأمير آخور باستقراره أمير مجلس، عوضا عن آقبغا التّمرازى، [المقدم ذكره]«2» . وخلع على الأمير حسين ابن أحمد المدعو تغرى برمش باستقراره أمير آخور، عوضا عن جقمق العلائى.

فخرج الجميع، وعليهم الخلع والتشاريف، وجلسوا على المسطبة التى يجلس عليها مقدم المماليك عند باب السر «3» ، فى انتظار الخيول التى أخرجها السلطان لهم، بسروج الذهب والكنابيش ما خلا تغرى برمش، فإنه فارقهم من داخل القصر، ونزل إلى باب السلسلة تسلمه من وقته، فقعدوا «4» الجميع على المسطبة صفّا واحدا، [و]«5» جلس فوق الجميع إينال الجكمى، ثم تحته قرقماس نائب حلب، ثم آقبغا التمرازى، الذي استقر أمير سلاح، ثم الأمير جقمق الذي استقر أمير مجلس، ثم الأمير يشبك المولّى حاجب الحجاب،

ص: 39

إلى أن حضرت الخيول وركبوا، ونزل «1» كل واحد إلى داره.

فلما نزل جقمق العلائى إلى داره، عرّفه أصحابه وحواشيه أن وظيفة الأمير آخورية كانت خيرا له «2» من وظيفة أمير مجلس، وإن كان ولا بد فيولّى «3» أمير سلاح، فيكون ما فاته من منفوع الأمير آخورية، يتعوّضه من قيام الحرمة بوظيفة أمير «4» سلاح.

وبلغ السلطان ذلك، فرسم فى الحال إلى آقبغا التّمرازى أن يكون أمير مجلس على عادته، وتكون الخلعة التى لبسها خلعة الرضى «5» والاستمرار، وأن يكون جقمق أمير سلاح؛ ونزل الأمر إلى كل منهما بذلك، فامتثلا المرسوم [الشريف]«6» ، واستمر كل منهما على ما قرره السلطان ثانيا.

وفى اليوم المذكور رسم السلطان بإخراج الأمير سودون من عبد الرحمن إلى ثغر دمياط، وسببه أن السلطان لما بلغه «7» موت جارقطلو، استشار بعض خواصه فيمن يوليه نيابة الشأم، فذكروا له سودون من عبد الرحمن، وأنه يقوم للسلطان بمبلغ كبير من ذهب فى نظير ذلك.

وكان فى ظن السلطان أن سودون من عبد الرحمن قد استرخت أعضاؤه، وتعطلت حركته من طول تمادى المرض به، وقد أمن من جهته ما يختشيه «8» ، فقال السلطان: سودون من عبد الرحمن تلف، ولم يبق فيه بقية لذلك، فقالوا: يا مولانا السلطان، هو المتكلم فى ذلك.

فلم يحملهم السلطان على الصدق، وأرسل إليه فى الحال يعرض عليه نيابة الشأم، فقبل، وقال: مهما أراد السلطان منى فعلته له؛ فلما عاد الجواب على السلطان بذلك علم أن غالب ما به تضاعف، وأن فيه بقية لكل شىء؛ فأمر فى الحال بإخراجه إلى ثغر دمياط.

ثم خلع السلطان على الأمير بربغا التّنمى أحد حجاب دمشق، وأعاده إلى دمشق.

ثم فى يوم الخميس سابع شعبان من سنة سبع وثلاثين المذكورة، خلع

ص: 40

السلطان على الأمير [الكبير]«1» إينال الجكمى باستقراره فى نظر البيمارستان المنصورى على العادة «2» ، وكانت تولية إينال المذكور للإمرة الكبرى بغير إقطاع الأتابكية، بل باستمراره على «3» إقطاعه القديم، غير أنه أنعم السلطان عليه بقرية حجّة ومردّة من أعمال نابلس، وكانت من جملة إقطاع الأمير الكبير، ثم خلع عليه بنظر البيمارستان المذكور، فهذا الذي حصل له من جهة الأتابكية؛ ولم ينله منها إلا مجرد الاسم فقط.

وفى شهر رجب وشعبان، قرر السلطان على جميع بلاد الشرقية والغربية والمنوفية والبحيرة وسائر الوجه القبلى، خيولا تؤخذ من أهل النواحى، فكان يؤخذ «4» من كل قرية خمسة آلاف درهم فلوسا، عن ثمن الفرس المقرر عليها، ويؤخذ من بعض النواحى عشرة آلاف عن ثمن فرسين، [15] ويحتاج أهل الناحية إلى مغرم آخر لمن يتولى أخذ ذلك منهم، فنزل بسبب ذلك على فلّاحى القرى «5» بلاء «6» الله المنزل. وأحصى كتّاب ديوان الجيش قرى أرض «7» مصر العامرة كلها قبليها وبحريها «8» ، فكانت ألفين ومائة وسبعين قرية، وقد ذكر المسبّحىّ «9» فى تاريخه: أنها كانت فى القرن الرابع: عشرة آلاف قرية عامرة، فانظر إلى تفاوت ما بين الزمنين، مع أمن هذا الزمان وكثرة فتن ذلك «10» الزمان، غير أن السبب معروف والسكات أجمل.

ثم فى يوم الخميس رابع عشر شعبان، برز قرقماس نائب حلب إلى محل كفالته وعليه جمل كبيرة من الديوان؛ ثم فى تاسع عشر شعبان ختن السلطان ولده المقام الجمالىّ يوسف،

ص: 41

وختن معه نحو الأربعين صبيا، بعد ما كساهم وعمل لذلك مهمّا هائلا «1» للرجال بالحوش السلطانى، وللنساء «2» بالدور بالقلعة «3» .

ثم فى يوم السبت ثالث عشرينه، فقد [الوزير]«4» كريم الدين ابن كاتب المناخ، بعد أن كان استعفى غير مرة من إحدى الوظيفتين: إما الوزارة «5» [أ] و «6» الأستادّاريّة، فلم يعفه السلطان، فلما تسحّب فى هذا اليوم، طلب السلطان [أمين الدين]«7» إبراهيم ابن الهيصم، ناظر الدولة، وخلع عليه باستقراره وزيرا عوضا عن الصاحب كريم الدين المذكور.

ثم فى يوم الأربعاء سابع عشرين شعبان المذكور، ظهر الصاحب كريم الدين المذكور «8» ، وطلع إلى القلعة، فخلع عليه السلطان سلّاريا «9» من قماشه. ثم طلع [كريم الدين] من الغد، فخلع عليه [السلطان] ثانيا خلعة جليلة «10» ، باستمراره على وظيفة الأستادّارية؛ ونزل إلى داره فى موكب جليل، وقد سرّ به غالب أعيان الدولة، فإن السلطان، كان ألزم زين الدين عبد الباسط بوظيفة الأستادّارية، فقال له: «يا مولانا

ص: 42

السلطان، ما يليق بى هذه الوظيفة» ، فقال:«يليها دوادارك جانبك» ، فتبرم أيضا من ذلك، فخاشنه السلطان فى الكلام وأهانه، فأوعد بحمل مبلغ كبير من المال مساعدة للأستادّار، ثم حسّن للسلطان فى الباطن ولاية القاضى سعد الدين إبراهيم ناظر الخاص، أستادارا، وكلمه السلطان فى ذلك، فأبى سعد الدين إبراهيم أيضا، وأخذ يستعفى؛ وبينماهم فى ذلك، ظهر كريم الدين، فتنفّس «1» خناق عبد الباسط وغيره بظهور كريم الدين واستمراره على وظيفته.

وقدم الخبر فى هذا الشهر من مكة [المشرّفة]«2» ، بأن الوباء «3» ، قد اشتد بها وبأوديتها، حتى بلغ عدة من يموت بمكة «4» ، فى اليوم خمسين نفسا، ما بين رجل وامرأة.

وفى شهر رمضان المذكور تحرك عزم السلطان على السفر إلى جهة آمد، لقتال قرايلك، وكتب إلى بلاد الشأم بتعبئة الإقامات من الشعير وغيره على العادة، وكان سبب حركة السلطان لذلك، لما ورد عليه الخبر فى يوم ثامن عشره، أن الأمير إينال العلائى نائب الرها، كان بينه وبين أعوان قرايلك وقعة هائلة «5» . وسببه أن بعض عساكر حلب أو عساكر الرّها خرج يسيّر فرسه، فلما كان بين بساتين الرها، صادف طائفة «6» من التركمان، فقاتلهم وهزمهم؛ وبلغ [ذلك]«7» الأمير إينال، فخرج مسرعا من مدينة الرها، نجدة لمن تقدم ذكره، فخرجت عليه ثلاثة «8» كمائن «9» من القرايلكية، فقاتلهم، فكانت بينهم وقعة هائلة، قتل فيها من الفريقين عدة.

ص: 43

فلما بلغ السلطان ذلك، شق عليه، وعزم على السفر؛ ثم كتب السلطان إلى سائر البلاد الشامية، بخروج نواب الممالك «1» للحاق «2» الأمير قرقماس «3» نائب حلب بالرّها؛ ثم بطل ذلك، وكتب بمنعهم من المسير، حتى يصح عندهم نزول قرايلك على الرها بعساكره وجموعه «4» ، فإذا صح لهم ذلك، ساروا لقتاله.

وفى يوم الثلاثاء ثالث «5» عشرين شوال، كتب السلطان باستقرار خليل بن شاهين الشّيخى، ناظر الإسكندرية وحاجبها، فى نيابة الإسكندرية، مضافا على النظر والحجوبية، عوضا عن الأمير جانبك «6» [السيفى يلبغا]«7» الناصرى [فرج]«8» [المعروف]«9» بالثور «10» .

وفى شوال هذا، قدم على السلطان الخبر من بغداد، على يد قاصد كان السلطان وجّهه قبل ذلك لكشف أخبار الشرق، وأخبر: أن أصبهان بن قرا يوسف «11» ، لما

ص: 44

ملك بغداد من أخيه شاه محمد بن قرا يوسف، أساء «1» السيرة، بحيث [16] أنه أخرج جميع أهل بغداد منها بعيالهم، بعد أن أخذ جميع أموالهم، من جليل وحقير فتشتتوا بنسائهم «2» وأولادهم فى نواحى الأقطار، وصارت بغداد ليس بها سوى نحو ألف رجل من جند أصبهان المذكور لا غير، وأنه لم يبق بها سوى ثلاثة أفران تخبز الخبز «3» فقط، ولم يبق بها سكان، ولا بيعة، ولا أسواق. فكان فعل أصبهان هذا أقبح من فعل أخيه شاه محمد، فإن شاه محمد لما تنصّر ومال إلى دين النصرانية، قتل العلماء وأباد الفقهاء والصلحاء لا غير، وترك من دونهم. فجاء هذا الزنديق الفاسق، تجاوز «4» فعل شاه محمد من أنه أخرج جميع أهل بغداد؛ وكان غرض أصبهان بذلك أن يخرب بغداد، حتى لا يبقى لأخيه إسكندر ولا غيره طمع فيها، فمد يده فى ذلك، حتى صارت بغداد خرابا يبابا لا يأويها إلا البوم- انتهى.

قال: وإنه أخرب أيضا الموصل، حتى صارت مثل بغداد وأعظم، من أنه سلب نعم أهلها وأمر بهم فأخرجوا منها وتمزقوا فى البلاد، واستولت عليها العربان، فصارت الموصل منزلة من منازل العرب، بعد أن كانت تضاهى دار السلام.

قال- أعنى القاصد: وأن أصبهان أيضا أخذ أموال أهل المشهد «5» ، وأزال نعمهم وتشتتوا فى البلاد.

قلت: لا أعلم فى طوائف التركمان ولا فى أوباش عساكر جغتاى «6» ، ولا فى

ص: 45

جهّال التّتار، أوحش سريرة، ولا أقبح طريقة ولا أسوأ سيرة، ولا أضعف دينا «1» ولا أعدم مروءة، ولا أقل نخوة ولا أبشع خبرا «2» من هؤلاء الزنادقة الكفرة الفسقة، أولاد قرا يوسف، وعندى أن النصارى أمثل من هؤلاء، فإنهم متمسكون بدين على زعمهم «3» ، وهؤلاء زنادقة لا يتدينون بدين، كفرة ملحدون «4» .

حدّثنى الأمير على باى المؤيدى العجمى رحمه الله بعد عوده من عند أصبهان المذكور، لما أرسله [السلطان الملك]«5» الظاهر جقمق، فى الرّسليّة إليه- بأشياء:

منها أنه كان يمد السماط بين يديه فى بكرة أيام شهر «6» رمضان، وأنه سأل على باى فى الأكل معه من جملة عساكره، فامتنع، فقال له:« [أمير علىّ باى] «7» ، بتتعب نفسك سخرة. بنى آدم، هو مثاله «8» مثال الزرع: يطلع ويكبر، ثم يحصد ويزول إلى الأبد، وما ثم شىء غير ذلك، فخلّ عنك ما أنت فيه، وكل واشرب» .

قال: ثم سألت عن أصبهان من بعض خواصّه، عن أحواله، فكان من جملة ما قاله:

أنه لم يتعبد على ملة من الملل منذ بلغ الحلم، إلى يومنا، بخلاف أخيه شاه محمد، فإنه كان أولا أيام أبيه قرا يوسف، يصوم ويصلى ويظهر الإسلام «9» والتنسك إلى أن مات أبوه [ف]«10» أظهر الميل إلى دين النصرانية، وصار يتعبد على ملتهم.

ص: 46