الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جقمق، ورسم السلطان بإعادة الأمير جانبك الناصرى إلى حجوبية دمشق، عوضا عن يشبك النّوروزى.
وفرغت هذه السنة والديار المصرية فى غاية ما يكون من غلو الأسعار. وفى هذه السنة أيضا، ورد الخبر بوقوع خسف بين أرض سيس وطرسوس، ولم أتحقق مقدار الأرض التى خسفت. وفيها أيضا كان فراغ مدرسة زين الدين الأستادّار، بخط بولاق على النيل، ولم أدر المصروف على بنائه من أى وجه، ومن كان له شىء فله أجره.
[ما وقع من الحوادث سنة 854]
واستهلت سنة أربع وخمسين وثمانمائة الموافقة لحادى عشرين مسرى، والناس فى جهد وبلاء من غلو الأسعار، وسعر القمح ثمانمائة درهم الأردب، وقد ذكر سعر جميع المأكولات فى «حوادث الدهور» «1» .
ولما كان يوم السبت أول محرم سنة أربع وخمسين المذكورة، وصل الأمير بردبك العجمى الجكمى المعزول عن نيابة حماة من ثغر دمياط، وطلع إلى القلعة، وأنعم السلطان عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق.
وفى هذه الأيام وصلت إلى القاهرة رمّة «2» قاسم المؤذى الكاشف، غريم السّفطى ليدفن بالقاهرة.
ثم فى يوم الخميس ثالث عشر المحرم، وصل الأمير جرباش الكريمى، أمير سلاح من الحجاز، وتخلف قاضى القضاة بدر الدين الحنبلى عنه مع الركب الأول من الحاج، وكان الزينى عبد الباسط بن خليل، سبق الأمير جرباش من العقبة، ودخل القاهرة قبل تاريخه، وخلع السلطان على جرباش المذكور كاملية بمقلب سمّور، وخرج من عند السلطان، ودخل إلى ابنته زوجة السلطان، وهى يوم ذلك صاحبة القاعة
[الكبرى بالدور السلطانية]«1» وسلّم عليها، ثم نزل إلى داره [المعروفة بالبيت الكبير تجاه القلعة]«2» .
ثم فى يوم الجمعة ثامن عشرينه، عقد السلطان عقد مملوكه الأمير أزبك من ططخ، على ابنته من مطلقته خوند بنت البارزى، وكان العقد بقلعة الدّهيشة، بحضرة السلطان بعد نزول الأمراء من صلاة الجمعة من غير جمع «3» .
ثم فى يوم الخميس رابع شهر صفر «4» ، استقر أبو الفتح [الطيبى]«5» أحد أصحاب أبى الخير النحاس [بسفارته]«6» ، فى نظر جوالى دمشق، ووكالة بيت المال بها، على أنه يقوم فى السنة للخزانة الشريفة بخمسين ألف دينار، على ما قيل، وما سيأتى من خبر أبى الفتح، فأعجب.
وفى هذه الأيام «7» ، ظهر رجل من عبيد قاسم [الزين]«8» الكاشف، [الملقب بالمؤذى]«9» وشهر بالصلاح، وتردد الناس لزيارته، حتى جاوز أمره الحد، وخشى على الناس من إتلاف عقائدهم، فأمر السلطان الأمير تنبك حاجب الحجاب، أن يتوجه إليه، ويضربه ويحبسه، وصحبته جانبك الساقى والى القاهرة. فلما دخلا عليه، تهاون الأمير تنبك فى ضربه خشية من صلاحه، وبلغ «10» السلطان ذلك، فرسم بنفيه إلى ثغر دمياط بطّالا، ومسفّره «11» جانبك الوالى، وتولى «12» خشقدم الطّواشى الظاهرى [الرومى]«13»
ووالى القاهرة ضرب العبد المذكور وحبسه، وقد أوضحت أمر هذا العبد وما وقع له فى تاريخنا «الحوادث» فلينظر هناك «1» . ثم رسم السلطان بعد مدة، بقدوم الأمير خشقدم الناصرى المؤيدى أحد المقدمين بدمشق، إلى القاهرة، واستقراره فى حجوبية الحجاب، عوضا عن تنبك المذكور، ورسم للأمير علّان المؤيدى، المعزول عن حجوبية حلب، بإقطاع خشقدم المذكور بدمشق.
ثم فى يوم الثلاثاء سادس عشر صفر، رسم السلطان بنقل الأمير جانم الأمير آخور قريب الملك الأشرف برسباى «2» من القدس الشريف، وحبسه بسجن الكرك، وكان جانم المذكور، حبس عدة سنين، ثم أطلق وجاور بمكة سنيّات، ثم سأل فى القدوم إلى القدس، فأجيب، وقدمه، فتكلم فيه بعض أعدائه [147] إلى أن حبس بالكرك ثانيا.
ثم فى يوم الخميس ثامن عشر صفر، قدم الأمير قانم التاجر المؤيدى من بلاد الروم إلى القاهرة، [وكان توجه إليها فى العام الماضى كما سلف.]«3»
ثم فى يوم الثلاثاء ثالث عشرين صفر المذكور، نودى بالقاهرة بأن لا يلبس النصارى واليهود على رؤوسهم أكثر من سبعة أذرع من العمائم، [لكونهم تعدوا فى ذلك وزادوا عن الحد]«4» ؛ وفى هذه الأيام تزايد أمر النحّاس وطغى [وتجبر]«5» ، ونسى ما وقع له من البهدلة والإخراق.
وفى يوم الاثنين، رسم السلطان بالإفراج عن عبد قاسم الكاشف، من حبس المقشرة وتوجّهه إلى حيث شاء، ولا يسكن القاهرة.
ثم فى يوم السبت ثانى عشر شهر ربيع الأول، ورد الخبر بموت الأمير شاد بك الجكمى، المعزول عن نيابة حماة، بالقدس بعد مرض طويل.
ثم فى يوم الخميس سادس عشره، وصل إلى القاهرة الأمير خشقدم المؤيدى من دمشق، وقبّل الأرض وأنعم عليه السلطان بإمرة مائة وتقدمة ألف، عوضا عن تنبك البردبكى الحاجب، بحكم نفيه إلى دمياط. وفى هذا اليوم كان مهمّ الأمير أزبك وعرسه على بنت السلطان بالقاهرة، فى بيت خالها القاضى كمال الدين بن البارزى، ولم يعمل بالقلعة.
ثم فى يوم الاثنين حادى عشرين شهر ربيع الأول، المذكور، استقر خشقدم عوضا عن تنبك المقدم ذكره فى حجوبية الحجاب.
ثم فى يوم الخميس ثانى شهر ربيع الآخر، أنعم السلطان على تمراز الأشرفى الزّردكاش كان، بإقطاع على باى الساقى الأشرفى، بحكم وفاته، قلت: بئس البديل، وإن كان كل منهما أشرفيّا «1» ، فالفرق بينهما ظاهر.
وفى هذه الأيام عظم أمر النحاس، حتى أنه ضاهى المقرّ الصاحبىّ ناظر الخواص، فى نفوذ الكلمة فى الدولة، لأمور صدرت بينهما يطول الشرح فى ذكرها، وليس لذلك فائدة ولا نتيجة؛ وملخص ذلك أن أبا الخير عظم فى الدولة، حتى هابه كلّ أحد من عظماء الدولة إلا المقر الجمالى، فأخذ أبو الخير يدبر عليه فى الباطن، ويوغر خاطر السلطان عليه، بأمور شتى، ولم ينهض أن يحوّل السلطان عنه بسرعة، لثبات قدمه فى المملكة، ولعظمه فى النفوس، كلّ ذلك والمقرّ الجمالى لا يتكلم فى حقه عند السلطان بكلمة واحدة، ولا يلتفت إلى ما هو فيه، وأبو الخير فى عمل جد مع السلطان فى أمر الجمالى المذكور، بكلتا يديه. وبينما هو فى ذلك، أخذه الله من حيث لا يحتسب، حسبما يأتى ذكره مفصلا إن شاء الله تعالى.
ومن غريب الاتفاق، أنه دخل عليه «2» قبل محنة أبى الخير النحاس «3» بمدة يسيرة،
رجل من أصحابه، وأخذ فى تعظيم المذكور، وبالغ فى أمره، حتى قال إنه قد تم له كل شىء طلبه، فأنشدته من باب المماجنة [المتقارب] :
إذا تم أمر «1» بدا نقصه
…
توقّ زوالا «2» إذا قيل تمّ
وافترقنا، فلم تمض أيام حتى وقع من أمره ما وقع.
ثم فى يوم الاثنين، ثالث عشر شهر ربيع الآخر المقدم ذكره، نفى الأمير سودون الإينالى «3» [المؤيدى]«4» المعروف بقراقاش، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، لأمر مطول ذكرناه فى «الحوادث» «5» .
وفى هذه الأيام، برز المرسوم الشريف بعزل الأمير بيغوت من صفر خجا المؤيدى الأعرج، عن نيابة حماه، لأمور مطولة ذكرناها فى «الحوادث» «6» من أولها إلى آخرها، وإلى حضوره إلى القاهرة، [وما وقع له]«7» ببلاد الشرق وغيره. ورسم للأمير سودون الأبوبكريّ المؤيدى أتابك حلب، باستقراره عوضه فى نيابة حماه، وأنعم بأتابكية