الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 848]
السنة السابعة من سلطنة الملك الظاهر جقمق على مصر وهى سنة ثمان وأربعين وثمانمائة.
فيها لهج المنجمون بأن فى هذه السنة يكون انقضاء مدة الملك الظاهر جقمق من ملك مصر، فإنهم كانوا أجمعوا على أنه لا يقيم فى الملك أكثر من سبع سنين؛ وكان هذا القول بعد أقوال كثيرة فى مدة ملكه، فلم يصدقوا فى واحدة منها، ومضت هذه السنة والسلطان فى خير وعافية.
[و]«1» فيها كان الطاعون بالديار المصرية، وكان مبدأه فى ذى الحجة من السنة الخالية، وعظم فى المحرم من هذه السنة وأوائل صفر، ومات فيه عالم كبير جدا حسبما تقدم «2» ذكره فى أصل الترجمة «3» .
وفيها، أعنى سنة ثمان وأربعين المذكورة، توفى الخطيب الواعظ شمس الدين محمد الحموى خطيب الجامع الأشرفى بالعنبريّين «4» ، فى يوم الأربعاء ثالث ذى القعدة، عن نيف وسبعين سنة تخمينا، وكان يعظ الناس فى الأماكن، ويعمل المواعيد، وكان له قبول من العامة والنسوة، وكان فصيحا فى خطبته [185] ويستحضر الكثير من الأحاديث والتفسير، رحمه الله تعالى.
وتوفى الأمير الطّواشى فيروز بن عبد الله الجاركسى الرومى الساقى الزّمام، بطّالا بالقاهرة، فى يوم الأربعاء رابع عشر شعبان، ودفن بمدرسته التى أنشأها بالقرب من داره، عند سوق القرب [بالقرب من الحارة الوزيرية]«5» بالقاهرة.
وكان أصله من خدام الأمير جاركس القاسمى المصارع، المقدم ذكره فى دولة الملك الناصر فرج، وترقى بعد موته إلى أن صار ساقيا للسلطان، وحظى عند الملك المؤيّد شيخ، ثم عند الأشرف برسباى، ثم انحطّ قدره، وعزله الأشرف، وأخرجه إلى المدينة النبوية «1» ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام «2» .
ثم أعاده بعد مدة، واستقر به ساقيا على عادته، ودام على ذلك حتى غضب عليه فى مرض موته، بعد أن وسّط الحكيمين «3» ، وعزله عن وظيفة السّقاية، بعد أن هدّده بالتوسيط.
فلزم فيروز هذا بيته، إلى أن مات الملك الأشرف، وصار الأمر إلى الملك الظاهر جقمق، فطلبه وولّاه زماما عوضا عن جوهر الجلبانى [اللالا]«4» بحكم عزله ومصادرته، وذلك فى أحد الرّبيعين من سنة اثنتين وأربعين، فظن كل أحد بطول مدة فيروز هذا فى وظيفة الزمامية، لكونه من خدام أخى السلطان الأمير جاركس، فلم يقم فى الوظيفة إلا نحو ستة أشهر.
وعزل لكونه فرّط فى أمر الملك العزيز حين فرّ من الدّور السلطانية، وتقدم «5» ذكر ذلك كله فى أصل هذه الترجمة، وولّى السلطان عوضه زماما، جوهر الخازندار القنقبائى، ولزم فيروز هذا بيته خاملا إلى أن مات. وكان لا بأس به فى أبناء جنسه، لتجمل كان فيه ومحاضرة حسنة، وهو أحسن الثلاثة حالا ممن اسم كلّ واحد منهم فيروز، وهم فى عصر واحد [أولهم]«6»
فيروز هذا، وثانيهم فيروز النّوروزى، وثالثهم فيروز الرّكنى نائب مقدم [المماليك]«1» كان.
وتوفى الأمير حمزة بن قرايلك، واسم قرايلك عثمان بن طرعلى، صاحب ماردين وغيرها من ديار بكر، فى أوائل شهر رجب، ووصل الخبر بموته إلى القاهرة فى العشرين من شعبان، وكان غير مشكور السيرة على قاعدة أوباش التركمان الفسقة.
وتوفى الأمير سيف الدين طوخ بن عبد الله الأبوبكريّ المؤيّدى نائب غزة، خارج غزة؛ قتيلا بيد العربان الخارجة عن الطاعة؛ فى أواخر ذى الحجة؛ وتولى نيابة غزة بعده الأمير يلخجا من مامش الساقى الناصرى؛ وكان أصل طوخ هذا من مماليك الملك المؤيد شيخ وخاصكيّته، وتأمّر بعد موته بالبلاد الشأمية؛ ثم صار أتابك غزة سنين طويلة؛ إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق.
ثم ولاه بعد مدة يسيرة نيابة غزة، بعد موت الأمير طوخ مازى الناصرى فدام على نيابتها إلى أن خرج من غزة، وواقع العربان وكسرهم؛ وبعد كسرتهم تهاون فى أمرهم، ونزل بمكان، فعادوا نحوه وهجموا عليه، فركب بمن معه وقاتلهم حتى قتل هو وجماعة من مماليكه وغيرهم. وكان شجاعا مقداما إلا أنه كثير الطمع.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ستة أذرع وخمسة عشر إصبعا، مبلغ الزيادة: ثمانية عشر ذراعا وأربعة عشر إصبعا.