الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 851]
ثم فى يوم السبت، أول محرم سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، خلع السلطان على قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى، باستقراره قاضى القضاة الشافعية بالديار المصرية، بعد عزل قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر «1» .
وفيه استقر السيفى آقبردى الساقى الظاهرى جقمق، فى نيابة قلعة حلب، عوضا عن تغرى بردى الجاركسى، بحكم عزله وتوجهه إلى دمشق، وكان آقبردى المذكور، توجه إلى حلب فى أمر متعلق بالسلطان.
وفيه أنعم السلطان على خليل بن شاهين الشيخى، بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، عوضا عن قيز طوغان، بحكم القبض عليه وحبسه بقلعة دمشق، بسبب ما وقع منه، لما توجّه أمير حاجّ الركب الشامى من إحراقه باب المدينة الشريفة لسبب من الأسباب.
وفيه أيضا استقر الأمير يشبك الحمزاوى دوادار السلطان بحلب، فى نيابة غزة، عوضا عن حطط بحكم عزله وتوجهه إلى دمشق بطالا؛ وأنعم بإقطاع يشبك الحمزاوى، وهو تقدمة ألف بحلب، على الأمير سودون من سيّدى بك الناصرى المعروف بالقرمانى. وأنعم بإقطاع سودون القرمانى وهو إمرة عشرة، على الأمير على باى [العلائى]«2» الأشرفى [برسباى «3» ] شادّ الشراب خاناة كان.
ثم فى يوم الخميس رابع صفر من سنة إحدى وخمسين، خلع السلطان على مملوكه سنقر الظاهرى، باستقراره أستادار الصحبة، بعد موت أيتمش من أزوباى المؤيدى.
ثم فى يوم الخميس حادى عشر صفر المذكور، رسم السلطان بنفى الأمير «4» تغرى
برمش الجلالى الفقيه، نائب قلعة الجبل، إلى القدس بطالا، واستقر الأمير يونس العلائى الناصرى أحد أمراء العشرات، عوضه فى نيابة قلعة الجبل؛ وأنعم بإقطاع تغرى برمش المذكور، على شريكه الأمير جانبك النّوروزى المعروف بنائب بعلبك، زيادة على ما بيده؛ ولبس المقدم ذكره خلعة نيابة القلعة، فى يوم الاثنين خامس عشر صفر.
ثم فى يوم الخميس ثالث شهر ربيع الأول، خلع السلطان على الأمير برسباى الساقى السيفى تنبك البجاسى، باستقراره فى نيابة الإسكندرية، بعد عزل الأمير تنم [من عبد الرزاق المؤيدى]«1» عنها وذلك بسفارة [135] عظيم الدولة الصاحب جمال الدين يوسف ناظر الخاص الشريف. وفيه خلع السلطان على الأمير جانبك النّوروزى المقدم ذكره المعروف بنائب بعلبك، باستقراره أمير المماليك [السلطانية]«2» المجاورين بمكة المشرفة.
ثم فى يوم الاثنين حادى عشرين «3» شهر ربيع الأول المذكور، رسم بنقل الأمير برسباى الناصرى، من نيابة طرابلس إلى نيابة حلب، بعد موت الأمير قانى باى الأبوبكريّ الناصرى البهلوان. ورسم بنقل الأمير يشبك المؤيدى الصوفى، من نيابة حماة إلى نيابة طرابلس، عوضا عن برسباى المذكور، وخلع السلطان على الأمير تنم بن عبد الرزاق المؤيدى المعزول عن نيابة الإسكندرية، باستقراره فى نيابة حماة، عوضا عن يشبك الصوفى، رشحه إلى ذلك المقرّ الجمالى ناظر الخواصّ، وحمل إلى برسباى نائب حلب التقليد والتشريف، الأمير جرباش المحمدى الناصرى [فرج]«4» الأمير آخور
الثانى المعروف بكرت «1» ؛ وتوجه بتقليد يشبك بنيابة طرابلس، الأمير قراجا الظاهرى الخازندار الكبير، واستقر مسفّر تنم بنيابة حماة، الأمير لاجين الظاهرى الساقى، فصالحه الأمير تنم على عدم سفره صحبته، على ثلاثة آلاف دينار.
ثم فى يوم الخميس ثامن شهر ربيع الآخر استقر الأمير سودون السودونى الظاهرى [برقوق]«2» ، من جملة الحجّاب «3» ، وكان سودون المذكور قد ولى الحجوبية الثانية قبل ذلك؛ قلت: درجة إلى أسفل.
ثم فى يوم الخميس خامس عشره، خلع السلطان على القاضى ولىّ الدين السّفطى، باستقراره قاضى قضاة الديار المصرية، بعد عزل قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى، مضافا لما بيده من تدريس الشافعى، ونظر البيمارستان، ونظر الكسوة، ووكالة بيت المال، ومشيخة الجمالية «4» ونظرها، وغير ذلك من الوظائف. ومع هذا كله، والبلص عمّال والشحاذة فى كل يوم، من الأمير الكبير، إلى مقدم الجبليّة «5» ، وسار فى القضاء أقبح سيرة، وسلك مع الناس طريقا غير محمودة، من الحطّ على الفقهاء والترسيم عليهم، والإفحاش فى أمرهم، لا سيما ما فعله مع مباشرى الأوقاف.
وفى هذا الشهر خلع السلطان على شخص [من الباعة]«6» يعرف بأبى الخير النحاس شهرة ومكسبا، باستقراره فى وكالة بيت المال، عوضا عن السفطى، وهذا أول خمول السفطى، ومبدأ أمر [أبى الخير]«7» النحاس، وما سيأتى من أمرهما فأعجب.
ولا بد من التعريف بأصل أبى الخير المذكور، وسبب ترقّيه وإن كان فى ذلك
نوع إطالة، فيحتمل ذلك لنوع «1» من الأنواع، فنقول: اسمه محمد وكنيته أبو الخير، وبكنيته أشهر، [ابن محمد]«2» بن أحمد بن محمد المصرى الأصل والمولد، الشافعى النحّاس، نشأ تحت كنف والده وحفظ القرآن، وتعلم من والده وجده صناعة عمل النحاس، ومهر فيه، واتخذ له حانوتا بسوق النحاس بخط الشّوّائين «3» بالقرب من دكان أبيه، وأخذ فى حانوته وأعطى حتى صار بينه وبين الناس معاملات ومشاركات، ألجأه ذلك لتحمل الديون، إلى أن عامله الشيخ أبو العباس الوفائى «4» ، وصار له [عليه]«5» جمل مستكثرة من الديون، وكان الستر مسبولا بينهما أولا، ثم وقع بينهما وحشة، [وكان]«6» ذلك هو السبب بوصلة النّحاس هذا بالملك الظاهر [جقمق]«7» ، وهو أن أبا العباس لما ماطله أبو الخير المذكور، أخذ فى الإلحاح عليه فى طلب حقه والدعوى عليه بمجالس الحكام «8» ، والتجرؤ «9» عليه والمبالغة فى إنكائه «10» ، بحيث أنه ادعى عليه مرة عند الأمير سودون السودونى الحاجب، بعد أن أخرجه من السجن محتفظا به، فضربه سودون المذكور، علقتين فى يوم واحد، ودام هذا الأمر بينهما أشهرا، بل وسنين.
وصار أبو العباس لا يرق لفقر أبى الخير «11» وإفلاسه وعدم موجوده، بل يلح فى طلب حقه؛ فعند ذلك أخذ أبو الخير النحاس فى مرافعة أبى العباس المذكور، بأن الذي
بيده من المال إنما هو من [جملة]«1» ذخائر الصفوى جوهر القنقبائى الخازندار، وقد بقيت عند أبى العباس بعد موت جوهر، ولا زال أبو الخير يجتهد فى ذلك، إلى أن توصل إلى السلطان، وأنهى فى حق أبى العباس ما تقدم ذكره، وعليه محاققة ذلك وإظهار الحق فى جهته؛ فلما سمع السلطان كلامه مال إليه وقال له: قد وكلتك فى طلب الحق من أبى العباس.
[136]
فنزل أبو الخير فى الحال من بين يدى السلطان، وقد صار مطالبا بعد ما كان مطلوبا، وادعى على أبى العباس المذكور بدعاو كثيرة، يطول الشرح فى ذكرها؛ وخدمه السعد فى إظهار بعض موجود جوهر من عند أبى العباس المذكور، فحسن ذلك ببال السلطان، ونبل أبو الخير فى عين السلطان، ووكله بعد مدة فى جميع أموره؛ كل ذلك فى سنة ست وأربعين وثمانمائة، وتردد [أبو الخير]«2» النحاس إلى السلطان، وحسن حاله من لبس القماش النظيف وركوب الحمار، واكتسى كسوة جيدة، كل ذلك وأبو الخير يلح فى طلب المال من أبى العباس، ثم التفت إلى غير ذلك مما يعود نفعه على السلطان، وبقى بسبب ذلك يكثر الطلوع إلى القلعة، وصار يتقرب إلى السلطان بهذه الأنواع؛ فمشى أمره وظهر عند العامة اسمه «3» ؛ واستمر على ذلك إلى سنة ثمان وأربعين، فركب فرسا من غير لبس خفّ ولا مهماز، وصار يطلع إلى القلعة فى كل يوم مرة بعد نزول أرباب الدولة من الخدمة، ويتقاضى أشغال السلطنة.
كل ذلك وأعيان الدولة لا تلتفت إليه، ولا يعاكسه أحد فيما يرومه، لعدم اكتراثهم به وإهمالهم أمره، لوضاعته لا لجلالته؛ فاستفحل أمره بهذه الفعلة، وطالت يده فى الدولة، فأول ما بدأ به أخذ فى معارضة السفطى، وساعده فى ذلك سوء سيرة السفطى وملل السلطان منه، فولىّ عنه وكالة بيت المال، ثم أخذ أمره يتزايد بعد
ذلك، على ما سيأتى ذكره مفصلا. وقد استوعبنا حاله فى تاريخنا «المنهل الصافى» بأطول من هذا إذ هو كتاب تراجم لا غير، [وأما أمره فى تاريخنا «حوادث الدهور» فهو مفصّل باليوم والساعة من أول أمره إلى آخره «1» - انتهى] » .
ثم فى يوم السبت أول جمادى الأولى، برز المرسوم الشريف باستقرار خير بك الأجرود المؤيدى، أحد مقدمى الألوف بدمشق، فى أتابكية دمشق، بعد موت الأمير إينال الششمانى الناصرى، وأنعم السلطان بإقطاع خير بك المذكور، على الأمير خشقدم الناصرى المؤيدى، أحد أمراء العشرات [ورأس نوبة]«3» بالقاهرة، أعنى «4» الملك الظاهر خشقدم عز نصره «5» .
ثم فى يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة، خلع السلطان على الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم، ناظر الدولة باستقراره فى الوزارة عوضا عن الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن كاتب المناخ «6» ، بحكم طول مرضه، وهذه ولاية الصاحب أمين الدين الثانية للوزر.
ثم فى يوم الاثنين سابع عشرين [شهر] رجب، برز المرسوم الشريف، على يد الأمير إينال أخى قشتم المؤيدى، باستقرار الأمير تنم من عبد الرزاق المؤيدى نائب حماة، فى نيابة حلب، عوضا عن الأمير برسباى الناصرى، بحكم استعفائه عن نيابة حلب، لطول لزومه الفراش. ورسم أيضا بنقل الأمير بيغوت، من صفر خجا المؤيدى الأعرج نائب صفد إلى نيابة حماة، عوضا عن تنم المذكور، وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير يلبغا الجاركسى أحد أمراء العشرات، ورأس نوبة؛ ورسم باستقرار الأمير يشبك الحمزاوى نائب غزة، فى نيابة صفد؛ ورسم باستقرار طوغان
العثمانى حاجب الحجاب بحلب، فى نيابة غزة، عوضا عن يشبك الحمزاوى، واستقر فى حجوبية حلب الأمير جانبك المؤيدى المعروف بشيخ، أحد أمراء طرابلس.
ثم فى يوم الخميس أول شعبان، قدم الشريف بركات بن حسن بن عجلان، ونزل الملك الظاهر [جقمق]«1» إلى لقائه بمطعم الطيور بالرّيدانية، خارج القاهرة، وبالغ السلطان فى إكرام بركات المذكور، وقام إليه ومشى له خطوات، وأجلسه بجانبه، ثم خلع عليه، وقيّد له فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش، وركب مع السلطان، وسار إلى قريب قلعة الجبل، فرسم له السلطان بالعود إلى محلّ أنزله به، وهو مكان أخلاه له المقرّ الجمالى «2» ناظر الخواص، ورتب له الرواتب الهائلة، وقام الجمالىّ المذكور بجميع ما يحتاج إليه بركات، من الكلف والخدم السلطانية وغيرها، وكان أيضا هو القائم بأمره، إلى أن أعاده إلى إمرة مكة [137] والسّفير بينهما [الخواجا]«3» شرف الدين موسى التتائى «4» [الأنصارى]«5» التاجر.
ثم فى يوم الخميس سابع شهر رمضان، خلع السلطان على الأمير بيسق اليشبكى، أحد أمراء العشرات، باستقراره فى نيابة دمياط، بعد عزل الأمير بتخاص «6» العثمانى الظاهرى برقوق.
ثم فى يوم الخميس رابع عشره، خلع السلطان على أبى الخير النحاس المقدم ذكره، باستقراره فى نظر الجوالى، عوضا عن برهان الدين بن الديرى.
ثم فى يوم الخميس خامس شوال، خلع السلطان على الأمير تمراز من بكتمر المؤيدى المصارع، أحد أمراء العشرات، باستقراره فى نيابة القدس، بعد عزل خشقدم السيفى سودون من عبد الرحمن.
ثم فى يوم الاثنين أول ذى القعدة، أنعم السلطان أسنباى الجمالى الظاهرى جقمق