الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المناقب
باب نسبة اليمن إلى إسماعيل [
4: 219، 11]
(منهم أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة).
جزم البخاري بأن أسلم من بني إسماعيل عليه السلام؛ لأنه دل عليه الحديث المخرج هنا، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لقوم من أسلم يتناضلون «ارموا بني إسماعيل» فهذا قاطع في أنهم من بني إسماعيل، وأن أسلم كانوا من عرب اليمن، فهم عدنانيون وليس بقحطانيين، فقول البخاري:«نسبة اليمن إلى إسماعيل» أراد به نسبة بعض أهل اليمن؛ إذ لا دليل على أن جميع عرب اليمن من ذرية إسماعيل عليه السلام.
هذا وإن بعض قبائل العرب العدنانية قد نزلوا بسروات اليمن مثل أنمار وخثعم وبجيله فعدوا في اليمانية بالجوار.
وأما سياقة نسبهم، فالمعروف أنهم من أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
والظاهر أن ذكر حارثة بن عمرو هنا غير جار على المعروف في سياقة النسب؛ لأن حارثة هو ابن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس. وهذا نسب قحطاني، على ولذلك وقع الخلاف في قبائل كثيرة منهم خزاعة، والصحيح أنهم عدنانيون. ومنهم قضاعة وفيهم خلاف قوي.
* * *
باب علامات النبوءة في الإسلام
وقع في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قوله [4: 233، 5]:
(فجمع لها من الكسر)
الكسر- بكسر الكاف وفتح السين- جمع كسرة- بكسر فسكون- وهي القطعة من الخبزة، وأصل الكسرة في اللغة: القطعة من الشيء، ثم غلبت في الاستعمال على القطعة من الخبزة؛ ولذلك استغني في الحديث عن تقييدها بأنها من الخبز.
وقع فيه في حديث أنس رضي الله عنه قوله [4: 233، 14]:
وهذا تركيب غريب من غرائب الاستعمال الفصيح في العربية، قد أهمل بيانه صاحب لسان العرب وصاحب القاموس وصاحب تاج العروس وابن الأثير في النهاية وابن مالك في مشكل الجامع الصحيح. وكتب عليه بعض شراح الصحيحين ما لا تطمئن له نفس اللبيب.
والمراد من هذا التركيب بيان اكتفاء جميع الناس بالوضوء حتى لم يحرم منه أحد، فالمراد الإحاطة والوسع. فالمراد بـ «آخرهم» من جاء آخر القوم رائما الوضوء من ذلك الماء، وهو من أبطأ في المجيء؛ لأن شأن الأشياء المقترة المضيقة أن يكتفي منها من يتناولها ابتداء وجاء مسرعًا، وأن من أبطأ لم ينل منها شيئًا أو نال ما لا يغنيه، وبعكسه الشيء الغزير الذي هو أكثر من حاجة القوم.
فقوله: «توضؤوا من عند آخرهم» (من) فيه للابتداء. جُعل آخر القوم كأنه مبدأ للوضوء، أي توضأ جميعهم من الماء الذي هو عند آخرهم، أي أن المتوضئ آخرًا من القوم قد بقي لديه من الماء ما لو رام جميع القوم أن يتوضؤوا منه أيضًا لكفاهم.
فالمراد من هذا التركيب لازم معناه، وليس المراد صريحة؛ إذ لا معنى لتوضؤ المتوضئين الأولين متوضئين من عند آخرهم، كيف وهو آخرهم. فالكلام كناية تلويحية رمزية؛ لأنها اشتملت على كثرة الوسائط مع خفاء. وهي أيضًا غير مراد منها ملزوم المعنى الكنائي بل أريد اللازم فقط، وبذلك تعين أنه لا يلزم تقدم المعنى الصريح في ظاهره.
وقد توهم بعض الشارحين أن (من) هنا بمعنى (إلى) وأن كلمة (عند) مقحمة. وإنما ألجأهم إلى ذلك عدم استقامة المعنى الصريح وغفلتهم عن كون المقصود الكناية.
* *
ووقع فيه في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه[4: 237، 2]:
هو جمع: عزلاء، بالمد. والعزلاء: فم القربة الذي يكون من أسفلها، ومنه
يستفرغ ما فيها من الماء، فهو -بفتح العين واللام مكسورة- بوزن فعالي في جمع فعلاء، مثل: صحاري، والياء هنا مفتوحة لظهور الفتحة على الياء، ولا يجوز غير ذلك هنا.
ومعنى «أرسلت» حلت وفتحت، وأصل الإرسال الإطلاق من الربط، أي: أزالت وكاء القرب. شبه شدة المطر بانصباب الماء من قرب كثيرة، وحذف المشبه به ورمز إليه بذكر لازمه، وهو العزالي، على طريقة المكنية، والإرسال ترشيح.
* *
ووقع في حديث أبي هريرة رضي الله عنه[4: 249، 3]:
يعني النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى «قال بيده»: أشار. ولم أر من وصف كيفية هذه الإشارة.
* *
وفيه حديث ابن عباس رضي الله عنه[4: 247، 7]:
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله»).
أي: قال لمسيلمة. ومعنى «لئن أدبرت ليعقرنك الله» : لئن أعرضت عن الإسلام الذي جئت لأجله ليغلبنك الله. وقد جاء التركيب على طريقة الاستعارة التمثيلية؛ إذ شبه الهيئة الحاصلة من إعراضه عن الإسلام بعد اقترابه منه ووشكه عليه يعرض للقناص فيكاد يقع في سوطه ثم يدبر حين يلوح له الصائد فيرميه الصائد برمحه فيعقره فيحسبه عن السير ويمسكه.
وقد حذف بعض أجزاء المركب الدال على الهيئة المشبه بها كما هو الشأن في التمثيلية غالبًا اكتفاء بمعظم أجزائه، وهما الإدبار والعقر؛ إذ لا إدبار في الحقيقة. والعقر: قطع قائمة من الوحش، قال تعالى:{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} [الأعراف: 77] وقال امرؤ القيس:
تقول وقد مال الغبيط بنا معًا
…
عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
والتشبيه بأحوال حمار الوحش فاش في كلام البلغاء والشعراء، قال الله تعالى: