الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظاهر أن الجميع من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن (أو) للتخيير في تقدير المسافة بحيث يعلمه من كان من أهل الجنوب ومن كان من أهل الشمال، أو من كان من أهل المشرق عن مكة ومن كان من أهل المغرب عنها.
وليست (أو) من كلام الراوي للشك فيما سمعه؛ إذ لا تلتبس حمير ببصرى في السمع ولا في الجهة.
ووقع في صحيح مسلم: «كما بين مكة وهجر» ، أو «كما بين هجر ومكة» ، فذلك شك من الراوي لا محالة بالتقديم والتأخير. ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث به غير مرة فقدر في كل تحديث ببلد.
* * *
باب {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الإسراء: 56]
وقع فيه قول ابن مسعود رضي الله عنه[6: 107، 12]:
(كان ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن).
فيه إطلاق ناس على الجن مع أن ناسًا مأخوذ من الإنس. وأصله: أناس، فأطلاقه على الجن؛ لأنه شاع استعماله بمعنى طائفة أو فريق، ونظير ذلك قوله تعالى:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6].
* * *
باب {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]
(عن ابن عباس رضي الله عنه[6: 109، 8] في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110]، أي بقراءتك .... ) إلخ.
ليس تجنب سب المشركين القرآن ومن أنزله ومن جاء به بكراهية لسبهم، أو لأن ذلك يؤذي الله ورسوله، فإنهم كفروا بما هو أشد من ذلك وأفظع من قول وفعل، ولكن النهي عن ذريعة السب؛ لأن سبهم ذلك يزيدهم كفرًا، ويزيد قلوبهم قسوة
ونفرة عن الإسلام، فنهى الرسول عن ذريعة ذلك؛ لئلا يكون سببًا في زيادة تفرقهم، فإنه بُعث مرغبًا لا منفرًا. وهذا مثل قوله تعالى:{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ} [الأنعام: 108] مع أن سب آلهتهم قربة إلى الله تعالى، وقد نهى عنها؛ لأنها ذريعة لازدياد كفرهم وتصلبهم فيه. هذا هو حق معنى الحديث وتفسير الآيتين.
وقوله: «ورسول الله مختف بمكة» أي منزو هو وأصحابه قبل أن ينزل عليه قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 94، 95].
وإطلاق الاختفاء على الانزواء والاستضعاف استعارة هي عكس إطلاق (ظهر) على معنى (انتصر) يقال: ظهر بنو فلان على بني فلان، وليس المراد حقيقة الاختفاء؛ لأنه ينافي قوله:«فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته» .
* * *
وقع في بعض نسخ الصحيح إثر هذا الحديث ما نصه:
(قال الفريزي: قال محمد بن عياش: إن أبا عبد الله لم يجيء من أحاديث هشيم في هذا الكتاب إلا بالخير. وذكر أن هشيمًا كان صاحب تدليس).
ولم أعرف ابن عياش هذا ولا تحققت أهو بمثناة وشين معجمة، أم هو بموحدة وسين مهملة، بعد مراجعات في كتب الرجال والمشتبه وذيله والقاموس وفي أسماء الذين رووا عن البخاري، وهو من أصحاب البخاري لا محالة.
ولعله أعلى طبقة من الفربري الذي هو من صغار أصحاب البخاري رضي الله عنه، وأحسب سبب إغفاله أن الناس انحصر اعتمادهم في رواية صحيح البخاري على الفربري وما تفرع عنه.
* * *
سورة الكهف
وقع فيه قوله [6: 110، 11]:
({هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ} [الكهف: 44] مصدر الولي).