الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك النطق إحضار له، وأخبرت عنه أو علق به فعلا (قيل وقال)، وقريب منه الإخبار عن المشار إليه، نحو: هذا أبو الصقر.
والمعنى: أن الله لا يحب الاشتغال بنقل قصص الناس وأخبارهم، فالراد بـ «قيل» الأخبار غير المعزوة إلى المخبرين، وبـ «قال» الأخبار المعزوة إلى المخبرين بها، فإن الاشتعال بذلك شأن أهل البطالة والفضول.
وهذا في غير ما في الخبر به فوائد عامة، كإخبار العلماء ومناظرتهم وأقوالهم، أو فوائد خاصة كإخبار أحد بما يهمه من أمر أو حادث فيخص عموم هذا بخصوص تلك الأدلة المستقرة من الشريعة.
* * *
باب إذا تحولت الصدقة
وقع فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم[2: 158، 12]:
فـ «محلها» يفتح الميم وكسر الحاء، وهم اسم مكان على زنة مفعل؛ لأنه مشتق من حل يحل؛ إما بمعنى استقر في المكان، فيكون استعار بلوغ مكان الحلول لحصول المقصود من العمل بجامع انتهاء السعي في الحالين على وجه التمثيل، أي قد تم مقصد المتصدق وبلغت صدقته إلى المتصدق عليه فلا أثر لها فيما بعد ذلك.
ويحتمل أنه من حل يحل ضد حرم، ويكون المراد به الجواز والأجزاء، أي قد بلغت ما يتم به إجزاؤها وجوازها، فيكون فيه استعارة اسم مكان الحل إلى مصدره، تشبيهاً لقوة التمكن بحلول الشيء في المكان على نحو ما قيل في قوله تعالى:{أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى} [البقرة: 5]، أي قد تم إجزاء الصدقة وجوازها والذي بعد ذلك أمر آخر.
* * *
باب في الركاز الخمس
وقع فيه [2: 160، 2]:
«وقال بعض الناس: المعدن ركاز مثل دفن الجاهلية» إلى قوله: «ثم
ناقض وقال: لا بأس أن يكتمه ولا يؤدي زكاته».
وجه المناقضة بحسب الظاهر أنه مرة جعله ركازًا فكان فيه حق الله تعالى، ومرة جوز لواجده كتمانه، بجعله أداء الخمس فيه بمنزلة المغارم والمكوس، وهذا بناه البخاري على المعروف من قول أبي حنيفة وإطلاقه، وقد اعترف به الطحاوي ناصر مذهبه، وقد نقل ابن بطال في شرحه: أن أبا حنيفة ما قال بجواز كتمانه على الإطلاق، بل إنما أجاز ذلك إذا كان واجده محتاجًا إليه، بمعنى إذا تأول واجده أن له حقًا في بيت المال ونصيبًا في الفيء، وكان محتاجًا إليه.
وهذا التأويل مع بعده من كلام أبي حنيفة وأصحابه لا يدفع المناقضة، لأن مآله إلى أن أبا حنيفة اعتبر المعدن اعتبار الأموال المزكاة، فأجاز للمحتاج أخذها، وهو ينافي اعتباراه إياه من الأموال المخمسة التي تعيين مصارفها وتوزيعها للإمام لا لغيره، كما آذن به قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] الآية.
بناءً على أن الآية لا تقتضي قسمته إلى خمسة أصناف، ولكنها بينت ما يصرفه فيه الإمام، وهو المشار إليه بقوله:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41].
واعلم أن البخاري سمى ذلك مناقضة، بناء على أن أحد القولين لم يقصد به الرجوع عن القول الآخر، بل أريد به بيان حالة من أحوال القول الآخر، ولو كان رجوعًا لم يكن بدعًا.
وفيه حديث أبي هريرة [2: 160، 6]:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس»).
يحتمل أن قوله: «وفي الركاز الخمس» ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب ما قبله لمناسبة سؤال سائل عن هذه الأحكام.
ويحتمل أن ذلك مما جمعه أبو هريرة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدث به بحسب ما حضر مما أراد أن يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فلا مناسبة بينه وبين ما قبله.