الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رشيد العنزي:
باتوا نيامًا وابن هند لم ينم
…
بات يقاسيها غلام كالزلم
وقالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج:
شفاها من الداء العضال الذي بها
…
غلام إذا خز القناة سقاها
باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
-
فيه حديث عائشة رضي الله عنه[5: 77: 19]:
تعني رضي الله عنه أن الذين جاؤوا من الأنصار كانوا ممن لم ير رسول الله من قبل، أي ليسوا من أهل العبقتين، وأن المهاجرين لم يقدم منهم أحد. وذلك أن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حين غفلة، وكان نزوله بقباء بعيدًا عن المدينة التي هي مأوى أهل العقبتين، والمهاجرين.
ويظهر أن تحيتهم أبا بكر لم يكن يصحبها كلام يدل على أنهم يحسبونه الرسول؛ لأنهم لو صدر منهم ما يقتضي ذلك لنفاه أبو بكر. ولعل أبا بكر رضي الله عنه لم يدلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول ساعة قصدًا لإراحة رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعب السفر.
* *
ووقع في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في ذكر سراقة [5: 79، 18]:
فالمسلحة -بفتح الميم وفتح اللام- اسم لمحل السلاح، أي المحل الذي يقيمه أهل السلاح للحراسة، وجمعه: المسالح، أطلق على سراقة اسم المسلحة للمبالغة، كما يقال: هو مأوى لقومه، وهو مستودع سر القبيلة.
ووقع في حديث ابن عمر رضي الله عنهم[5: 181، 1]:
«كان (عمر رضي الله عنه) فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة» .
فكلمة (في) هنا للتكرير. وهي التي تستعمل في الحساب بمعنى الضرب. فأراد أنه فرض لهم أربعة آلاف لكل واحد منهم أربعة؛ لئلا يظن السامع أنه جعل أربعة آلاف بين جميع المهاجرين.
* *
وقع فيه قول أبي عثمان النهدي [5: 81، 20]:
«سمعت ابن عمر إذا قيل له: هاجر قبل أبيه يغضب» .
وجه غضبه أن ذلك مخالف للواقع وأنه يمدح بما فيه تنقيص لأبيه؛ إذ لا يكون تأخر الهجرة إلا عن فتور في المبادرة إلى عمل من الخير عظيم. والواقع أن هجرتهما كانت في يوم واحد، وإنما تأخر لقاؤه النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه المبايعة هي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذها على المسلمين بعد أن هاجر. وهي غير بيعة الرضوان فإن المبايعة تكررت.
* *
ووقع في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه[5: 82، 10]:
إنما سأله أبو بكر خشية أن يكون لبعض أهل مكة ممن يراح بغنمه قربها، فلعله يتحدث بما لقي في طريقه فيعرف أهل مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وجده كذلك لا يطيل معه الكلام حتى لا يرى من شأنهما.
وقد ورد في هذا الحديث في باب علامات النبوءة [4: 245، 14]: «فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة» . وجزم في رواية مسلم: «لرجل من أهل المدينة» وذلك أظهر لاطمئنان أبي بكر رضي الله عنه.
* * *
ووقع في حديث عائشة رضي الله عنه[5: 83، 6]:
(هذا الشاعر الذي قال هذه القصيدة رثى كفار قريش:
وماذا بالقليب قليب بدر
…
من الشيزى تزين بالسنام
وماذا بالقليب قليب بدر
…
من القينات والشرب الكرام
الشاعر هو أبو بكر، واسمه شداد بن الأسود بن شعوب -بضم الشين المعجمة- الليثي الكناني.
أراد أن الذين ردموا بقليب بدر كانوا ممن يطعم الأضياف في الجفان المصنوعة من شجر الشيزى مزينة تلك الجفان بأسنمه الجزر، وكانوا ممن تغنيهم القيان وتحضرهم الندامى، وأن بموتهم قد ذهبت تلك المكارم فكأنها دفنت معهم، فشبه ذهابها وانقطاعها بموت أهلها على طريقة المكنية، ورمز إليه بالدفن في القليب؛ إذ الدفن من لوازم الموت. وخص قليب بدر للإشارة إلى أن سبب انقطاعها هو موت أولئك الذين ردموا بالقليب. ومن هذا المعنى قول الشيخ محمود قبادو الشريف في رثاء الشيخ جدي:
واروا علومًا ينادي من يؤرخها
…
ودائع العلم في قبر ابن عاشور
وقوله: «يخبرنا الرسول» استعمل وصف الرسول على وجه التهكم بقرينة قوله: «وكيف حياة أصداء وهام» .
فإن الاستفهام إنكاري، فهو كالتهكم الذي حكاه القرآن عن كفار قريش:{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} .
* *
ووقع في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه[5: 83، 16]: «جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الهجرة. فقال: ويحك إن الهجرة شأنها شديد فهل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فتغطي صدقتها؟ قال: نعم. قال: فتحلبها يوم ورودها؟ قال: نعم، قال: فأعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئًا» .
قوله: «شأنها شديد» أي لأنها مفارقة الأهل والديار وسكنى البلد. والأعراب لا يطيقون ذلك.
وقوله: «فتحلبها يوم ورودها» أي تحلبها للفقراء والمساكين والضعفاء يوم نوبة شربها. وقد كانوا اعتادوا أن يجتمع الفقراء لأمثال هذه المواضع مثل يوم شرب
الإبل ويوم صرام الثمار من النخل. وفي القرآن: {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القلم: 23]، وكان أهل الشح لا يسمحون ببذل ذلك الفقراء؛ ولذلك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أهو ممن يجود بذلك أم يشح؟ » .
والبحار جمع بحرة -بفتح الباء وسكون الحاء- وهي الأرض المنخفضة. والمراد بها هنا حرتا المدينة. وإنما جمعها مع أن للمدينة حرتين إطلاقًا لاسم الجمع على المثنى. مثل قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَ} [التحريم: 4]. وليس هو جمع بحر؛ إذ ليس بين المدينة وبين منازل الأعراب بحر. والمدينة يثرب تسمى البحرة لوقوعها في بحرة كما جاء في حديث طويل ذكر في تفسير آل عمران [6: 50، 5] وفي اللباس والأدب والطب [8: 57، 6]، [7: 159، 20]: قول سعد بن عبادة للنبي صلى الله عليه وسلم في الاعتذار عن عبد الله بن أبي بن سلول: «لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك وقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه ويعصبوه» إلخ.
وتسمى البحيرة بالتصغير كما ورد في رواية في حديث سعد بن عبادة المتقدم. وفي كتب السيرة في ذكر خبر الهجرة أن بني سالم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: «أقم عندنا في العزة والمنعة، كان الرجل من العرب يدخل هذه البحيرة خائفًا فليجأ إلينا» .
ونظير ذلك تسمية مكة بـ «الوادي» لوقوعها في واد بين جبلين.
* * *