الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النوم قبل العشاء
فيه قول ابن عمر رضي الله عنه[1: 149، 14]:
(أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شُغِلَ عَنهَا لَيلَةً).
أي عن العشاء، ولم يتقدم ذكرها في الحديث، فلعله رواه ابن جريج أوغيره من رجال سنده مع حديث آخر فيه ذكر العشاء، فوقع هكذا عند البخاري فأثبته على ما قيده أو على ما سمعه.
ويحتمل أن ابن عمر كان يحدث عن العشاء، أو سُئل عنها، فقال:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شُغل عنها ليلة» فحدَّث به نافع كما سمعه.
ويحتمل أن ابن عمر أضمر من دون تقدُّم معاد؛ اعتمادًا على القرينة، وهي قوله:«ليلة» ، على حدِّ قوله تعالى:{تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] أي الشمس.
* * *
باب إذا كان بين الإمام
وبين القوم حائط أو سترة
فائدة مشروعية الجماعة في الصلوات حصول بركة تجمع المسلمين على الخير؛ لأن فيه نشاطا للإقبال على العبادة وتعارفًا بين المسلمين، وتعرضًا للتعاون على ما يهمهم إن شاؤوا، وتمكنًا من التعلم من إمامهم واستفتائه. وعلى مراعاة حصول هذا الاعتبار وفواته يكون حكم الحواجز والستائر التي تحصل بين المصلين وإمامهم أو بين بعض صفوفهم.
وملاك ذلك أن ما يكون من الستائر والحوائل غير مانع من سماع القراءة والخطبة، وبلوغ العلم للسامعين، وإمكان تفاوض بعضهم مع بعض. وهذا مثل أساطين المسجد، وانتصاب المنبر والدكات، وجداول الماء، فذلك مغتفر. فإن كان من الحوائل المانعة من ذلك، كجدران الدور المجاورة المسجد، والأنهار الواسعة، كان ذلك مانعًا من انعقاد الجماعة بالنسبة للطائفة المنعزلة عن الإمام ومن معه.
* * *
قوله في حديث عمرة عن عائشة رضي الله عنهم[1: 186، 3]:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير فرأي الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلون بصلاته فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام الليل الثانية فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا حتى إذا كان بعد ذلك جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناس، فقال: «إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل»).
في قوله صلى الله عليه وسلم «إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل» إشكال شائع. وهو أنه كيف يكون فرض العبادة تبعًا للمواظبة عليها. وقد أجاب العلماء عنه وعن نظائره بأجوبة غير مطمئنة، والذي أرى في دفعه: أن الله قد ضمن لرسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يحمل أمته ما فيه عسر بصريح قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
فرسول الله آمن من أن يفرض الله على الأمة عملاً فيه عسر. فالمعنى: أنهم لو واظبوا على قيام الليل لخفَّ عليهم بالتعود فانتفى العسر عنهم فتزول الأمارة التي يطمئن لها الرسول صلى الله عليه وسلم في انتفاء الإيجاب، وهي عسر العبادة فخشي أن يفرضها الله عليهم ثم لا يستطيعون استدامتها، أو لا يستطيعها من يأتي بعدهم.
ورواية عمرة عن عائشة قولها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير» .
قولها: «وجدار الحجرة قصير» يعين أن المراد بالحجرة المذكورة في هذا الحديث هي الموضع الذي احتجره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسجد لصلاة الليل لا حجرة بيته، كما يفسره حديث زيد بن ثابت الموالي لهذا [1: 186، 13]:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة من حصير في رمضان فصلى فيها ليالي .... » إلخ.
وفي حديث أبي سلمة عن عائشة [1: 186، 11]: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حصير يبسطه بالنهار ويحتجزه بالليل» فتعين أن قوله في حديث عمرة: «في حجرته» الموهم أنها حجرة بيته يفسره ما في حديثي أبي سلمة وزيد بن ثابت. والكلام الذي خاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الذين صلوا بصلاته متماثل في الأحاديث الثلاثة. وذلك يؤيد أن القصة واحدة.
* * *