الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصلاة في السطوح
فيه حديث أنس بن مالك [1: 106، 10]:
«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه والي من نسائه شهراً فجلس في مشربة له درجتها من جذوع النخل
…
إلخ».
لم يصف الذين وصفوا بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المشربة، ولعلها كانت الحجرات تفتح إلى المسجد، إذ لم يرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انقطع عن الصلاة بالناس في مسجده، ثم أزيلت هذه المشربة وأقيم في مكانها بعض الحجرات عند الاحتياج إلى ذلك، فلعلَّها لذلك لم يرد ذكرها في غير هذا الحديث.
* * *
باب التوجه نحو القبلة
وقع في حديث البراء رضي الله عنه[1: 110، 12]:
(وقال السفهاء من الناس (وهم اليهود) ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
لم يذكر هذا عبد الله بن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء، وفي رواية زهير عن أبي إسحاق في كتاب الإيمان [1: 17، 1]:«وكانت اليهود قد أعجبهم؛ إذ كان يصلي قِبَل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولَّى وجهه قِبَل البيت أنكروا ذلك» . ولا يوجد شيء من هذين في رواية غير هذين، فقد رواه سفيان وأبو زائدة وأبو بكر بن عياش وزهير في رواية أخرى، كل هؤلاء عن أبي إسحاق بدون هذه الزيادة، كما في صحيح مسلم والترمذي وابن ماجه.
* * *
باب التعاون في بناء المسجد
وقع في حديث أبي سعيد الخُدري عن بناء المسجد النبوي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم[1: 122، 2]:
«ويح عمار .... يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» ، قال:«يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن»
كلمة (ويح) للتعجب. رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتداد عمَّار في بناء المسجد، وذكر قوة إيمانه أيام كان بمكة يعذبه المشركون، ويعذبون أمه سُمَيَّة على الإسلام حتى اضطروه إلى كتمان إسلامه، واقتنعوا منه بذلك، ونزل فيه قوله تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106]. فكان في حالة تلك شبيهًا بحال مؤمن آل فرعون الذي يكتم إيمانه حين قال لقومه: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر: 41]، أي أدعوكم إلى الإيمان وتدعونني إلى البقاء على الكفر.
فشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حال عمَّار تلك بحال مؤمن آل فرعون تشبيهًا تمثيليًا مَكنيا، أي مضمرًا في النفس. ورمز إليه بذكر ما عُرف عند السامعين من أحوال قصة مؤمن آل فرعون، وهو أنه يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النَّار. فاقتبسها لحال عمَّار مع المشركين، يذكِّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بسابق ثباته على إيمانه، ويشبهه بالمخلصين من سلف أهل الإيمان، ويذكر له مزيته في ذلك الجم الغفير، حين بناء المسجد، فلذلك يقول عمار، وقد ذكر حاله السالفة:«أعوذ الله من الفتن» أي من العود إلى الافتتان في الدين، فضمير الجمع في قوله:«يدعوهم- ويدعونه» عائد إلى المشركين المستفاد من المقام من ذكر حال عمار ومنقبته. ومن زعم أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إنذار لعمَّار بما يحصل له مع أصحاب معاوية رضي الله عنه، فقد أخطأ؛ إذ لا يستقيم شيء منه، لأن عمارًا لم يدع أهل الشام إلى دعوة، ولا دعاة أهل الشام، ولا جنة ولا نار في حال الفريقين؛ لأن ما جرى بينهم إنما هي تصاريف من الاجتهاد في التصرف في أمور الجامعة الإسلامية، وكلا الفريقين مأجور. وذلك اعتقاد سلفنا من أئمة الهدى.
وأما ما ورد «أن عمارًا تقتله الفئة الباغية» فلم يصح؛ على أنه لو صحَّ لكان أمرًا آخر غير ما نحن بصدده.
* * *