الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 52] الآية
وقع فيه قوله [6: 148، 9]:
(يقال: إناه إدراكه، أني يأني أناء).
يعني أن «إناه» مصدر مضاف إلى ضمير «طعام» يقال: إني- بكسر الهمزة والقصر، وبفتح الهمزة والقصر- وأما قوله:«أناة» فقد روى بهاء تأنيث. ولعله أراد به المرة من أنى. وروى بمد في آخره، ولم أجده في كتب اللغة.
ومعنى الآية: غير منتظرين تمامه وتهيؤه وهو بالنسبة إلى الطعام نضجه وحضوره للأكل.
والمقصود من هذا الاستثناء؛ الاستثناء من عموم أحوال الإذن المستثنى هو أيضًا من عموم النهي عن دخول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، أي إلا أن يؤذن لكم إذنًا لطعام، لم يكن ذلك الإذن عن انتظار سبق منكم تنتظرون به تمام طبخ الطعام، أي إذنًا عن مجرد اختيار وطيب نفس لا عن تعريض وتردد حول البيوت عند وقت غرف الطعام من القدور. فانتظار الإنى كناية عن التعريض بالفعل وهو ملازمة البيت وقت الطعام حتى يضطر صاحب البيت إلى الإذن للملازم في أن يطعم عنده.
* * *
سورة ص
وقع فيه قول مجاهد [6: 155، 11]:
(سألت ابن عباس: من أين سجدت؟ (أي في ص) فقال: أو ما تقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84]، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}؟ [الأنعام: 90] فكان داود ممن أُمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم).
يريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدها فنسجدها، فأبعد الاستدلال واستنبط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سجدها إلا لأن الله أمره بأن يقتدي بأنبياء عددهم، منهم داود، وقد سجد داود فاقتدى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكر موضع سجوده.
هذا حاصل مطوي كلامه، وهو استيناس وليس باستدلال؛ لأن الله أمر رسوله بأن يقتدي بالأنبياء في أعمالهم وهديهم لا في محاكاة أعمالهم إذا حكيت عنهم، وإلا لعمل كل عمل قصه الله عن بعض أنبيائه.
وقد روى النسائي بسنده إلى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سجدها داود توبة ونسجدها شكرًا» أي: شكرًا لله على أن قبل توبة داود، إذ قال:{فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ} [ص: 25]؛ وذلك أن قبول الله توبته منة من الله على رسول من رسله، فحقيق لرسوله أن يشكرها؛ لأنها عناية من الله برسول من رسله إزلافًا لمرتبة الرسالة. وذلك يبشر جميع الرسل بأنهم بمراتب القرب. فعند قراءة تلك الآية يتذكر الرسول نعمة الله على رسول مثله، ومن شأن الأماثل أن يستبشروا بما ينال أهل الفضل، كما قال النابغة:
وكنت أمرأ لا أمدح الدهر سوقه
…
فلست على خير أتاك بحاسد
* * *
سورة المؤمن
وقع فيه قوله [6: 158، 15]:
(ويُقال: بل هو اسم لقول شُريح بن أوفى:
يذكرني حاميم والرمح شاجر
…
فهلا تلا حاميم قبل التقدم).
وجه الاستدلال أن شريحًا عربي، وقد أجرى في شعره إعراب النصب على لفظ (حاميم)، فلولا أنه علم انه اسم للسورة لما أعربه؛ لأن حكم الحروف إذا هُجيت أن تُحكى بحال الوقف، نحو: ألف، لام، ميم.
وهذا الاستدلال غير ناهض؛ لأن تلك الحروف لما اشتهرت بها السورة جاز أن يعامل مجموعها معاملة الاسم، وأن تجري عليها أحكام الأسماء في تلك الحالة، أو هو ضرورة.
* * *