الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«علم عبدي أن له ربًّا» موقع.
ثم إنه اهتدى إلى صفات الله التي منها أنه يغفر الذنب، ثم اهتدى إلى معرفة الأعمال التي لا يرضى بها الله تعالى، فاستغفر من اقترافها؛ فلذلك كان أفضل أمته وجازاه الله على ذلك بالمغفرة، ثم بأن يعمل ما شاء، أي فكلما عمل ما يستحق أن يكون ذنبًا غفره الله له.
وفي هذا بيان لفضل الإيمان، وفضل النظر، وفضل الاستغفار وقد تحير شارحو الحديث في تأويله وقد كشف لك قناعه.
باب كلام الرب تعالى يوم القيامة
وقع فيه قوله [181: 9، 4]:
(«فيقول له ذلك ثلاث مرَّاتٍ كلَّ ذلك يعيد عليه: الجنَّة ملأى»).
انتصب «كُل» على النيابة عن المفعول فيه، والإشارة بذلك إلى القول الذي تضمنه فعل «فيقول له ذلك» أي كل ذلك القول يعيد، أي في كل وقت لذلك القول يعيد عليه.
باب قوله: {وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
وقع فيه حديث شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ففيه [182: 9، 12]:
(«فأتي بطستٍ من ذهبٍ فيه تورٌ من ذهبٍ محشوًّا حكمةً وإيمانًا»).
وهذا تمثيل في الوحي فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحس بهذه الحالة، وتلك حالة تطور في حواسه الباطنة ومهيئاتها لتستعد تلك الجوارح الباطنة للاتصال بالعالم الملكي، وتلقي الوحي الرباني، وإفاضة العلم والحكمة.
وتقريبه ما يحدث من التطور في الملامح والصفات عند الانتقال من طور الطفولة إلى طور الشباب حين تتمدَّد البشرة والعروق والأعضاء فيصير جميلًا ما كان منها غير جميل، ورشيقًا ما كان غير رشيق، وتامًّا ما كان ناقصًا.
ووقع فيه قوله [183: 9، 6]:
(فقال: «ما هذان النَّهران يا جبريل؟ » قال: هذان النِّيل والفرات عنصرهما.
ثمَّ مضى به في السَّماء فإذا هو بنهرٍ آخر عليه قصرٌ من لؤلؤٍ وزبرجدٍ فضرب يده فإذا هو مسكٌ. قال: «ما هذا يا جبريل؟ » قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربُّك).
هذا رمز بشارة بأن النِّيل والفرات يصيران من جُملة مملكة أمته قريبًا، وينتشر حولهما دينه. وقد نبه إلى ذلك قول جبريل في «هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك» ، فعلم أن ما عرض عليه من الأنهار ما عرض عليه إلا لأنه صائر إليه وإلا لم يكن وجه للعرض.
وإنما خصَّ جبريل بالبشارة نهر الكوثر دون النيل والفرات؛ لأن الهمة الملكية والهمة النبوية أشد تهممًا بخير الآخرة منها بخير الدنيا وفي كل ذلك خير.
* * *
وهذا آخر ما لاح لي التنبيه عليه من شرح ما أغلق من أحاديث صحيح البخاري وسأقفيه بما عسى أن يلوح لي مما لم أذكره إن شاء الله تعالى.
* * *