الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظاهره أن المراد بأمر الله قيام الساعة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبهم هذه الغاية.
* * *
باب مناقب أبي بكر رضي الله عنه
-
وقع فيه رواية موسى بن إسماعيل عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [5: 5، 9]:
(«لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذته خليلاً (يعني أبا بكر) ولكن أخوة الإسلام أفضل»).
وقد انفرد موسى بن إسماعيل بزيادة قوله: «أفضل» . ولم يروها وهيب عن أيوب في هذا الحديث، ولا رواها أبو سعيد الخدري في حديثه السابق:«ولكن أخوة الإسلام ومودته» . فتعين أنها وهم من الراوي؛ لأن الخلة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم هي التي اختص بها منه الله سبحانه، كما اتخذ إبراهيم خليلاً، فلا تكون أخوة الإسلام أفضل منها.
وقد روى الترمذي حديث أبي سعيد الخدري من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن أبي النضر عن بسر بن سعيد بدون زيادة «أفضل» .
* *
وقع فيه حديث جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنهم[5: 5، 15]:
(أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فأمرها أن ترجع إليه. قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك. كأنها تقول الموت. قال: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» .
فقولها: «إن جئت ولم أجدك» ، وأنها تعني به احتمال الموت، لعل ذلك كان من أجل أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال مرضه، فخافت وفاته صلى الله عليه وسلم، أو من أجل أنها كانت بعيدة المكان، فلا تستطيع الرجوع إليه إلا بعد زمن طويل يمكن أن يحدث فيه الموت.
* *
وفيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه[5: 7، 13]:
(قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنفق زوجين من شيء من
الأشياء في سبيل الله دعى من أبواب -يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير.
فمن كان من أهل الصلاة دُعى من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد. ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام باب الريان». فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة. وقال: هل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر» ).
لا شك أن المراد بـ «سبيل الله» في قوله الرسول صلى الله عليه وسلم «من أنفق زوجين في سبيل الله» هو الجهاد؛ ولذلك أخرجه البخاري مختصرًا تحت ترجمة باب فضل النفقة في سبيل الله من كتاب الجهاد [4: 32، 5].
فالمراد بـ «زوجين» : إما مثلان من أي صنف ينفع الناس في الجهاد، نحو فرسين أو بعيرين أو سيفين أو درعين، فالزوجان تثنية زوج، وهو العدد المثني لعدد آخر، فكل من العددين هو زوج؛ لأن به صار الفرد زوجًا.
وإما ذكر وأنثى من أصناف الحيوان النافعة في الجهاد للركوب؛ وهي: الخيل والبغال والحمير والإبل، وللزاد؛ مثل: الغنم والبقر، فقد جاء في حديث رافع ابن خديج:«إنا نرجو أن نلقى العدو غدًا وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب» ، فالزوج حينئذ هو الحيوان الذي يزدوج مع الآخر وهما الذكر والأنثى، كقوله تعالى:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} الآية [الأنعام: 143].
فأما على الأول فوجه فضل إنفاق المثلين أنه يدل على سخاء المنفق وحبه تقوية عدة المجاهدين؛ لأن إعطاء شيء واحد يكون بمنزلة اقتصار في امتثال الأمر الوارد في قوله تعالى: {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الانفال: 72].
وأما على الثاني فلأن إنفاق الزوجين فيه قضاء حق الإعانة بأسباب القتال بالركوب وتناسل المراكب، وبأسباب القوت في الجهاد؛ لأن بعض الإناث من الزوجين ينتفع أيضًا بشرب لبنها.
ومن العلماء من فسر إنفاق الزوجين بتكرير الإنفاق في سبيل الله، وهو خطأ؛ لأن كلمة {زَوْجَيْنِ} [هود: 40] صريحة في أنها مفعول به وليست مفعولاً مطلقًا، بخلاف نحو قوله تعالى:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} . [الملك: 4].