المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المسلك الثالث السبر والتقسيم] - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[أبو الثناء الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌[أركان القياس الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّعْلِيلِ بالعلةِالْقَاصِرَةِ]

- ‌[هل النقض قادح في العلة]

- ‌[هل الكسر قادح في العلة]

- ‌[النقض المكسور هل يبطل العلة]

- ‌[العكس]

- ‌[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]

- ‌[تعليل حكمين بعلة]

- ‌[تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي]

- ‌[تعداد الوصف ووقوعه]

- ‌[هل الحكم ثابت بالعلة أو بالنص]

- ‌[من أركان القياس الفرع]

- ‌[شُرُوطُ الْفَرْعِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

- ‌[المسلك الأول والثاني الإجماع والنص]

- ‌[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]

- ‌[قَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا]

- ‌[الْمَقَاصِدُ ضَرْبَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ]

- ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

- ‌[تَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الشَّبَهِ بِجَمِيعِ الْمَسَالِكِ]

- ‌[الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌[جواز التعبد بالقياس]

- ‌[مسلك النظام ورده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في جميع الأحكام]

- ‌[الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[الاستفسار]

- ‌[فَسَادُ الِاعْتِبَارِ]

- ‌[فَسَادُ الْوَضْعِ]

- ‌[مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ]

- ‌[مَنْعُ وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً]

- ‌[عَدَمُ التَّأْثِيرِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي إِفْضَاءِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَقْصُودِ]

- ‌[كَوْنُ الْوَصْفِ خَفِيًّا]

- ‌[كَوْنُ الوصف غَيْرَ مُنْضَبِطٍ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[الْكَسْرُ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]

- ‌[التَّعْدِيَةُ]

- ‌[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ]

- ‌[اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ]

- ‌[اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ]

- ‌[مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْفَرْعِ لِحُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[الْقَلْبُ]

- ‌[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]

- ‌[تعدد الاعتراضات]

- ‌[الِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تعريف الاستدلال وأنواعه]

- ‌[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّاني مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: الِاسْتِصْحَابُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: شَرْعُ مِنْ قَبْلَنَا]

- ‌[الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا]

- ‌[مذهب الصحابي]

- ‌[الاستحسان]

- ‌[المصالح المرسلة]

- ‌[الاجتهاد]

- ‌[تعربف الاجتهاد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ لَا إِثْمَ عَلَى مُجْتَهِدٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: لَا يَسْتَقِيمُ لِمُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّات منهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ جواز أن يقال للمجتهد احكم بما شئت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي اجْتِهَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[تعريف التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: خُلُوُّ الزَّمَانِ منْ المُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ اتِّفَاقًا]

- ‌[الترجيح]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح بأمور تتعلق بالسند]

- ‌[الترجيح بأمور تعود على المتن]

- ‌[الترجيح العائد إلى المدلول]

- ‌[الترجيح العائد إلى أمر خارجي]

- ‌[الترجيح بين المعقولين]

- ‌[التَّرْجِيحِ بِأُمُورٍ تَعُودُ إِلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[الترجيح الْعَائِدُ إِلَى الْفَرْعِ]

- ‌[تَرْجِيحِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ إِذَا تَعَارَضَا]

- ‌[تَرْجِيحِ الحدود السمعية بعضها على بعض]

الفصل: ‌[المسلك الثالث السبر والتقسيم]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الْمُسْتَنْبَطِ، فَإِنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا لَا يَكُونُ مُسْتَلْزِمَةً لِتَعْلِيلِهَا بِالْوَزْنِ أَوِ الطَّعَامِ، وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الْمُنَاسَبَةِ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيلِ بِطَرِيقِ الْإِيمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَوَّلُهَا: لَا يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا.

وَثَانِيهَا: يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا.

وَثَالِثُهَا: الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْمُنَاسَبَةُ إِنْ فُهِمَ التَّعْلِيلُ بِطَرِيقِ الْإِيمَاءِ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ، كَمَا فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ مِنْ وُجُوهِ الْإِيمَاءِ.

وَإِنْ لَمْ يُفْهَمِ التَّعْلِيلُ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ لَا يُشْتَرَطُ ; لِأَنَّهُ لَوْ فُهِمَ التَّعْلِيلُ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ، امْتَنَعَ فَهْمُ التَّعْلِيلِ بِدُونِ الْمُنَاسَبَةِ فَيَكُونُ الْمُنَاسَبَةُ شَرْطًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَفْهَمِ التَّعْلِيلَ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَقِلًّا فِي إِفَادَةِ التَّعْلِيلِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى اشْتِرَاطِ الْمُنَاسَبَةِ.

[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

ش - الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ، وَهُوَ حَصْرُ الْأَوْصَافِ فِي الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَإِبْطَالُ بَعْضِهَا، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلْعَلِيَّةِ.

وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ بَيَانُ حَصْرِ الْأَوْصَافِ بِالتَّرْدِيدِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَلَا بِالْإِجْمَاعِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقَالَ: بَحَثْتُ عَنِ الْأَوْصَافِ فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَ مَا ذُكِرَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا سِوَاهَا.

فَإِنْ بَيَّنَ الْمُعْتَرِضُ وَصْفًا آخَرَ، لَزِمَ الْمُسْتَدِلَّ إِبْطَالُ ذَلِكَ الْوَصْفِ حَتَّى يَتِمَّ اسْتِدْلَالُهُ، وَلَا يَلْزَمُ انْقِطَاعُ الْمُسْتَدِلِّ لِأَنَّهُ أَبْطَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوَّلًا.

هَذَا إِذَا كَانَ مُسْتَدِلًّا عَلَى غَيْرِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُجْتَهِدًا، فَيَرْجِعُ إِلَى ظَنِّهِ، فَمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَصْرُ الْأَوْصَافِ وَبُطْلَانُ الْبَعْضِ كَفَاهُ.

ص: 102

فَإِنْ بَيَّنَ الْمُعْتَرِضُ وَصْفًا آخَرَ، لَزِمَ إِبْطَالُهُ لَا انْقِطَاعُهُ، وَالْمُجْتَهِدُ يَرْجِعُ إِلَى ظَنِّهِ، وَمَتَى كَانَ الْحَصْرُ وَالْإِبْطَالُ قَطْعِيًّا، فَقَطْعِيٌّ، وَإِلَّا فَظَنِّيٌّ.

ص - وَطُرُقُ الْحَذْفِ مِنْهَا: الْإِلْغَاءُ، وَهُوَ بَيَانُ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِالْمُسْتَبْقَى فَقَطْ، وَيُشْبِهُ نَفْيَ الْعَكْسِ الَّذِي لَا يُفِيدُ وَلَيْسَ بِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ لَوْ كَانَ الْمَحْذُوفُ عِلَّةً، لَا تَبْقَى عِنْدَ انْتِفَائِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ: لَوْ كَانَ الْمُسْتَبْقَى جُزْءَ عِلَّةٍ، لَمَا اسْتَقَلَّ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَا بُدَّ مِنْ أَصْلٍ لِذَلِكَ، فَيُسْتَغْنَى عَنِ الْأَوَّلِ.

ص - وَمِنْهَا: طَرْدُهُ مُطْلَقًا، كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ، كَالذُّكُورَةِ فِي أَحْكَامِ الْعِتْقِ.

ص - وَمِنْهَا: أَنْ لَا تَظْهَرَ مُنَاسَبَتُهُ، وَيَكْفِي الْمُنَاظِرَ: بَحَثْتُ، فَإِنِ ادَّعَى أَنَّ الْمُسْتَبْقَى كَذَلِكَ، يُرَجَّحُ سَبْرُ الْمُسْتَدِلِّ بِمُوَافَقَتِهِ لِلتَّعْدِيَةِ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَكُلَّمَا كَانَ الْحَصْرُ وَالْإِبْطَالُ قَطْعِيَّيْنِ، كَانَ التَّعْلِيلُ قَطْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا قَطْعِيَّيْنِ، أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا قَطْعِيًّا وَالْآخَرُ ظَنِّيًّا، كَانَ التَّعْلِيلُ ظَنِّيًّا.

ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْحَصْرِ، شَرَعَ فِي طُرُقِ الْحَذْفِ، أَيْ طُرُقِ إِبْطَالِ بَعْضِ الْأَوْصَافِ.

مِنْهَا: الْإِلْغَاءُ، وَهُوَ بَيَانُ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ الْمُسْتَبْقَى دُونَ الْوَصْفِ الْمَحْذُوفِ فِي صُورَةٍ.

كَمَا يُقَالُ: حُرْمَةُ الرِّبَا فِي الْبُرِّ، إِمَّا الطَّعْمُ أَوِ الْقُوتُ.

وَالثَّانِي بَاطِلٌ ; لِتُحَقِّقِ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الْمِلْحِ بِدُونِ الْقُوتِ، فَلَوْ كَانَ الْقُوتُ مُعْتَبَرًا فِي الْعِلِّيَّةِ، لَمَا تَحَقَّقَ الْحُكْمُ بِدُونِهِ، فَيَتَحَقَّقُ أَنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالطَّعْمِ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: تَحَقُّقُ الْحُكْمِ فِي صُورَةٍ بِدُونِ الْوَصْفِ

ص: 104

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الْمَحْذُوفِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ الْمَحْذُوفَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي الْعِلِّيَّةِ ; لِجَوَازِ كَوْنِ الْعِلَّةِ أَخَصَّ مِنَ الْمَعْلُولِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ انْتِفَاءُ الْمَعْلُولِ.

وَالْإِلْغَاءُ يُشْبِهُ نَفْيَ الْعَكْسِ الَّذِي لَا يُفِيدُ، وَلَيْسَ الْإِلْغَاءُ نَفْيَ الْعَكْسِ.

أَمَّا بَيَانُ أَنَّهُ يُشْبِهُ نَفْيَ الْعَكْسِ ; فَلِأَنَّ الْعَكْسَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْوَصْفِ، فَنَفْيُ الْعَكْسِ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِدُونِ الْوَصْفِ، وَفِي الْإِلْغَاءِ أَيْضًا تَحَقَّقُ الْحُكْمِ بِدُونِ الْوَصْفِ الْمَحْذُوفِ.

وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ الْإِلْغَاءَ لَيْسَ نَفْيَ الْعَكْسِ ; فَلِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ قَصَدَ فِي نَفْيِ الْعَكْسِ أَنَّ الْوَصْفَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلْحُكْمِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِلَّةً، لَانْتَفَى الْحُكْمُ عِنْدَ انْتِفَائِهِ.

وَفِي الْإِلْغَاءِ لَمْ يَقْصِدْ أَنَّ الْوَصْفَ الْمَحْذُوفَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِلَّةً، لَانْتَفَى الْحُكْمُ عِنْدَ انْتِفَائِهِ، بَلْ قَصَدَ أَنَّ الْوَصْفَ الْمُسْتَبْقَى عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلْحُكْمِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جُزْءَ عِلَّةٍ، لَمَا اسْتَقَلَّ بِدُونِ الْمَحْذُوفِ.

ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَكِنْ بِمُجَرَّدِ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ الْمُسْتَبْقَى بِدُونِ الْوَصْفِ الْمَحْذُوفِ فِي صُورَةٍ، لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْمُسْتَبْقَى عِلَّةً ; إِذْ غَايَةُ الْإِلْغَاءِ أَنْ يُفِيدَ أَنَّ الْوَصْفَ الْمَحْذُوفَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلْحُكْمِ عَلَى تَقْدِيرِ تُحَقِّقُ الْحُكْمِ بِدُونِهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَدَمُ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ الْمَحْذُوفِ كَوْنَ الْمُسْتَبْقَى عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، بَلْ لَا بُدَّ لِذَلِكَ، أَيْ لِبَيَانِ

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

كَوْنِ الْوَصْفِ الْمُسْتَبْقَى عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً مِنْ أَصْلٍ آخَرَ، يُفِيدُ اسْتِقْلَالَ الْوَصْفِ الْمُسْتَبْقَى فِي الْعِلِّيَّةِ، وَحِينَئِذٍ يَسْتَغْنِي عَنِ الْإِلْغَاءِ.

قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: بَعْدَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ، وَحُصِرَ الْأَوْصَافُ وَأُلْغِيَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهَا بِوُجُودِ الْحُكْمِ دُونَهُ، وَبِعَدَمِ الْحُكْمِ عِنْدَ وُجُودِهِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَبْقَى عِلَّةً، وَلَا حَاجَةَ إِلَى طَرِيقٍ آخَرَ.

وَفِيهِ نَظَرٌ ; إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمَحْذُوفُ جُزْءًا مِنَ الْعِلَّةِ، وَأَعَمَّ مِنَ الْمَعْلُولِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْحُكْمِ دُونَهُ، وَعَدَمُ الْحُكْمِ عِنْدَ وُجُودِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَبْقَى عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً.

ش - وَمِنْ طُرُقِ الْحَذْفِ: طَرْدُ الْمَحْذُوفِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ مِنَ الْأَوْصَافِ الَّتِي عُلِمَ مِنَ الشَّارِعِ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا، إِمَّا مُطْلَقًا، كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ كَانَ مُنَاسِبًا، كَالذُّكُورَةِ فِي سَرَايَةِ الْعِتْقِ، مِثْلَ قَوْلِهِ عليه السلام: " «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدِ قَوْمٍ، عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ» ،. فَإِنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ بَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الذُّكُورَةِ وَسَرَايَةِ الْعِتْقِ،

ص: 106

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا عُهِدَ مِنَ الشَّارِعِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الذُّكُورَةِ فِي أَحْكَامِ الْعِتْقِ، أُلْغِيَ صِفَةُ الذُّكُورَةِ فِي سَرَايَةِ الْعِتْقِ.

ش - وَمِنْ طُرُقِ الْحَذْفِ أَنْ لَا تَظْهَرَ مُنَاسَبَةُ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ، فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ، وَيَكْفِي لِلْمُنَاظِرَ الْمُسْتَدِلَّ: بَحَثْتُ عَنِ الْوَصْفِ الْمَحْذُوفِ، فَمَا وَجَدْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ مُنَاسَبَةً، فَإِنِ ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ أَنَّ الْوَصْفَ الْمُسْتَبْقَى كَذَلِكَ، أَيْ بَحَثْتُ عَنْهُ وَلَمْ أَجِدْهُ مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ، احْتَاجَ الْمُسْتَدِلُّ إِلَى إِثْبَاتِ مُرَجِّحٍ يُرَجِّحُ بِهِ سَبْرَهُ عَلَى سَبْرِ الْمُعْتَرِضِ، بِأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ سَبْرَهُ مُوَافِقٌ لِلتَّعْدِيَةِ، وَسَبْرَ الْمُعْتَرِضُ قَاصِرٌ.

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ الْمُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمُسْتَبْقَى وَالْحُكْمِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ انْتِقَالٌ مِنَ السَّبْرِ إِلَى الْمُنَاسَبَةِ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ طَرِيقٍ إِلَى طَرِيقٍ آخَرَ غَيْرُ جَائِزٍ.

ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، ذَكَرَ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِالطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ مِنَ السَّبْرِ وَتَخْرِيجِ الْمَنَاطِ وَالشَّبَهِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ مِنْ عِلَّةٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ - تَعَالَى - مُقْتَرِنَةٌ بِالْعِلَّةِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ اقْتِرَانَهَا بِالْعِلَّةِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ أَوْ بِطَرِيقِ اللُّطْفِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَخْلُو مِنْ عِلَّةٍ ; لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّعْمِيمِ، أَيْ كَوْنُ

ص: 107

ص - وَدَلِيلُ الْعَمَلِ بِالسَّبْرِ، وَتَخْرِيجِ الْمَنَاطِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلَّةٍ لِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] ، وَالظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ.

وَلَوْ سَلَّمْنَا فَهُوَ الْغَالِبُ ; لِأَنَّ التَّعَقُّلَ أَقْرَبُ إِلَى الِانْقِيَادِ، فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ ظُهُورُهَا وَفِي الْمُنَاسَبَةِ.

وَلَوْ سَلَّمَ، فَقَدْ ثَبَتَ ظُهُورُهَا بِالْمُنَاسَبَةِ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا فِي الْجَمِيعِ ; لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ فِي عِلَلِ الْأَحْكَامِ.

ص - الرَّابِعُ: الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ، وَتُسَمَّى تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ، وَهُوَ تَعْيِينُ الْعِلَّةِ بِمُجَرَّدِ إِبْدَاءِ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ ذَاتِهِ، لَا بِنَصٍّ وَلَا غَيْرِهِ، كَالْإِسْكَارِ فِي التَّحْرِيمِ، وَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِي الْقِصَاصِ.

وَالْمُنَاسِبُ: وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ يَحْصُلُ عَقْلًا مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا مِنْ حُصُولِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ رَحْمَةً لِلنَّاسِ.

فَلَوْ كَانَ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ، أَوْ بَعْضُهَا خَالِيًا عَنِ الْعِلَّةِ، لَمَا كَانَتِ الْأَحْكَامُ رَحْمَةً ; لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْأَحْكَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حِكْمَةٌ وَفَائِدَةٌ لِلْمُكَلَّفِ، يَكُونُ مَشَقَّةً وَعَذَابًا.

وَلَوْ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْإِجْمَاعِ عَلَى اقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ، وَعَدَمِ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَيْهِ، فَثُبُوتُ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ هُوَ الْغَالِبُ فِي الشَّرْعِ عَلَى ثُبُوتِهِ بِدُونِهَا. وَإِنَّمَا غَلَبَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ فِي الشَّرْعِ ; لِأَنَّ تَعَقُّلَ الْعِلَّةِ فِي الْحُكْمِ أَقْرَبُ إِلَى الِانْقِيَادِ وَالْقَبُولِ مِنَ التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ، وَيُحْمَلُ الْحُكْمُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ إِلْحَاقًا لِلْفَرْدِ بِالْأَغْلَبِ.

فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ مِنْ عِلَّةٍ، وَقَدْ ثَبَتَ ظُهُورُ الْعِلَّةِ فِي الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ، وَفِي الْمُنَاسَبَةِ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْمُقَدِّمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ.

وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ ثُبُوتِ تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ ظُهُورُ الْعِلَّةِ بِالْمُنَاسَبَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى الْمُقَدِّمَةِ الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّ مُنَاسَبَةَ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ تُفِيدُ ظَنَّ كَوْنِهِ عِلَّةً.

ص: 109