الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَجَوَابُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِبَيَانِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَحَلِّ الَّذِي اخْتِلَافُهُ شَرْطٌ فِي الْقِيَاسِ. فَإِنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ، وَلَا بُدَّ مِنَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ، وَلَا فِي الْبَيَانِ الَّذِي هُوَ الْجَامِعُ.
[الْقَلْبُ]
ش - الِاعْتِرَاضُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْقَلْبُ، وَهُوَ تَعْلِيقُ نَقِيضِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَازِمِ نَقِيضِهِ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ إِلْحَاقًا بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ.
وَقَسَّمَ الْمُصَنِّفُ الْقَلْبَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
قَلْبٌ ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِهِ، وَقَلْبٌ ذَكَرَهُ لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ صَرِيحًا، وَقَلْبٌ ذَكَرَهُ لِإِبْطَالِ مَذْهَبِهِ بِالِالْتِزَامِ.
مِثَالُ الْأَوَّلِ: قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطُ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ: الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ قُرْبَةٌ بِنَفْسِهِ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَلَا بُدَّ مِنَ انْضِمَامِ عِبَادَةٍ أُخْرَى إِلَيْهِ لِيَحْصُلَ بِهِ قُرْبَةٌ.
فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ مَخْصُوصٌ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.
فَقَدْ صَحَّحَ الْمُعْتَرِضُ بِهَذَا الْقَلْبِ مَذْهَبَهُ، وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ.
وَالْحَقُّ أَنَّهُ نَوْعُ مُعَارَضَةٍ اشْتَرَكَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْجَامِعُ، فَكَانَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ.
ص - الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ.
وَحَقِيقَتُهُ تَسْلِيمُ الدَّلِيلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَسْتَنْتِجَهُ مَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَوْ مُلَازِمُهُ.
مِثْلَ: قَتَلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ، كَحَرْقِهِ. فَيُرَدُّ ; فَإِنَّ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَلَا يَقْتَضِيهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَسْتَنْتِجَهُ إِبْطَالُ مَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَأْخَذُ الْخَصْمِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مِثَالُ الثَّانِي: قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ: الرَّأْسُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِأَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ، قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الرَّأْسِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. وَإِذَا بَطَلَ الْأَقَلُّ ثَبَتَ الرُّبُعُ ; لِأَنَّ مَا عَدَا الرُّبُعَ وَالْأَقَلَّ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ.
فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: الرَّأْسُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَا يُقَدَّرُ بِالرُّبُعِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ.
فَإِنَّ الْمُعْتَرِضَ بِهَذَا الْقَلْبِ أَبْطَلَ مَذْهَبَ الْمُسْتَدِلَّ صَرِيحًا.
مِثَالُ الثَّالِثِ: قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ: بَيْعُ الْغَائِبِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ، قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.
فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: بَيْعُ الْغَائِبِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.
وَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَازِمٌ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ، انْتَفَى الْمَلْزُومُ.
فَإِنَّ الْمُعْتَرِضَ بِهَذَا الْقَلْبِ أَبْطَلَ مَذْهَبَ الْمُسْتَدِلِّ بِالِالْتِزَامِ لَا بِالصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ أَبْطَلَ لَازِمَ مَذْهَبِهِ، فَيَلْزَمُ مِنْ إِبْطَالِ لَازِمِ مَذْهَبِهِ إِبْطَالُ مَذْهَبِهِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْقَلْبَ نَوْعُ مُعَارَضَةٍ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ نَقِيضَ الْحُكْمِ الْمُدَّعَى، لَا أَنَّهُ وَجَبَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَالْجَامِعُ وَالْفَرْعُ مَا جَعَلَهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْمُسْتَدِلُّ أَصْلًا وَفَرْعًا وَجَامِعًا، فَكَانَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنَ الْمُعَارَضَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ وَالْفَرْعِ أَبْلَغُ فِي الْمُنَاقَصَةِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُسْتَدِلَّ مِنْ تَرْجِيحِ أَصْلِهِ وَجَامِعِهِ عَلَى أَصْلِ الْقَلْبِ وَجَامِعِهِ لِلِاتِّحَادِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُعَارَضَةِ.
وَلِلْقَلْبِ أَقْسَامٌ أُخَرُ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ:
مِنْهَا: قَلْبُ الدَّعْوَى مَعَ إِضْمَارِ الدَّلِيلِ.
كَمَا يُقَالُ: كُلُّ مَوْجُودٍ مَرْئِيٌّ.
فَيَقُولُ الْقَالِبُ الْمُعْتَرِضُ: كُلُّ مَا لَيْسَ فِي جِهَةٍ، لَا يَكُونُ مَرْئِيًّا.
وَالْوُجُودُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَوَّلِ دَلِيلُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ الْقَائِلِ الْأَوَّلِ، وَكَوْنُهُ لَيْسَ فِي جِهَةٍ فِي الثَّانِي دَلِيلُ امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ الْقَائِلِ الثَّانِي، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الدَّلِيلَيْنِ مُضْمَرٌ فِي الدَّعْوَى.
وَمِنْهَا: قَلْبُ الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ إِضْمَارِ الدَّلِيلِ، مِثْلَ: شُكْرُ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ.
فَيَقُولُ الْقَالِبُ: شُكْرُ الْمُنْعِمِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِذَاتِهِ.
وَمِنْهَا: قَلْبُ الِاسْتِبْعَادِ فِي الدَّعْوَى، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِلْحَاقِ: تَحْكِيمُ الْوَلَدِ فِيهِ تَحَكُّمٌ بِلَا دَلِيلٍ.