الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَحْكَامِ، لَا يَرْجِعُ عَنْ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ فِي حُكْمٍ آخَرَ أَوْ لَا؟ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ الرُّجُوعُ إِلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ فِي حُكْمٍ آخَرَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَطْعَ حَاصِلٌ بِوُقُوعِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ، فَإِنَّ الْعَوَامَّ لَا يَزَالُونَ يُقَلِّدُونَ مُجْتَهِدًا فِي حُكْمٍ، وَيُقَلِّدُونَ غَيْرَهُ فِي حُكْمٍ آخَرَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ.
أَمَّا لَوِ الْتَزَمَ الْعَامِّيُّ مَذْهَبًا، كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ إِمَامَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَيُقَلِّدَ غَيْرَهُ؟
فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:
أَوَّلُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ فِيمَا لَمْ يُقَلِّدْ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ بَعْدُ، وَلَا يَجُوزُ فِي حُكْمٍ قَلَّدَهُ.
وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَثَالِثُهَا كَالْأَوَّلِ.
[الترجيح]
[تعريف الترجيح]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ الِاجْتِهَادِ، شَرَعَ فِي التَّرْجِيحِ، وَذَكَرَ أَوَّلًا حَدَّهُ، ثُمَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِهِ، ثُمَّ أَقْسَامَهُ.
وَالتَّرْجِيحُ هُوَ: اقْتِرَانُ الْأَمَارَةِ بِمَا تَقْوَى بِهِ عَلَى مُعَارِضِهَا.
وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْأَمَارَةِ عَلَى مُعَارِضِهَا إِذَا رَجَحَتْ ; لِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَدَّمُوا بَعْضَ الْآثَارِ عَلَى بَعْضٍ،
التَّرْجِيحُ
ص - التَّرْجِيحُ.
وَهُوَ اقْتِرَانُ الْأَمَارَةِ بِمَا تَقْوَى بِهِ عَلَى مُعَارِضِهَا، فَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا لِلْقَطْعِ عَنْهُمْ بِذَلِكَ.
وَأَوْرَدَ شَهَادَةَ أَرْبَعَةٍ مَعَ اثْنَيْنِ.
وَأُجِيبَ بِالْتِزَامِهِ، وَبِالْفِرَقِ، وَلَا تَعَارُضَ فِي قَطْعِيَّيْنِ، وَلَا فِي قَطْعِيٍّ وَظَنِّيٍّ ; لِانْتِفَاءِ الظَّنِّ.
وَالتَّرْجِيحُ فِي الظَّنَّيْنِ مَنْقُولَيْنِ أَوْ مَعْقُولَيْنِ، أَوْ مَنْقُولٍ وَمَعْقُولٍ.
ص - الْأَوَّلُ: فِي السَّنَدِ وَالْمَتْنِ وَالْمَدْلُولِ وَفِي خَارِجٍ.
الْأَوَّلُ: بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ لِقُوَّةِ الظَّنِّ، خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ، وَبِزِيَادَةِ الثِّقَةِ، وَبِالْفِطْنَةِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالضَّبْطِ وَالنَّحْوِ، وَبِأَنَّهُ اشْتُهِرَ بِأَحَدِهَا بِاعْتِمَادِهِ عَلَى حِفْظِهِ لَا نُسْخَتِهِ وَعَلَى ذِكْرٍ لَا خَطٍّ، وَبِمُوَافَقَتِهِ عَمَلَهُ، وَبِأَنَّهُ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إِلَّا عَنْ عَدْلٍ فِي الْمُرْسَلِينَ، وَبِأَنْ يَكُونَ الْمُبَاشِرَ كَرَاوِيَةِ أَبِي رَافِعٍ:" «نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ» "، وَكَانَ السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:" «نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَرَامٌ» "، وَبِأَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْقِصَّةِ كَرِوَايَةِ مَيْمُونَةَ:" «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ حَلَالَانِ» "، وَبِأَنْ يَكُونَ مُشَافِهًا كَرِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ بِرَيْرَةَ عُتِقَتْ وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، عَلَى مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا ; لِأَنَّهَا عَمَّةُ الْقَاسِمِ، وَأَنْ يَكُونُ أَقْرَبَ عِنْدَ سَمَاعِهِ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ:«أَفْرَدَ عليه السلام وَكَانَ تَحْتَ نَاقَتِهِ حِينَ لَبَّى» ، وَبِكَوْنِهِ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ لِقُرْبِهِ غَالِبًا، أَوْ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ، أَوْ مَشْهُورَ النَّسَبِ، أَوْ غَيْرَ مُلْتَبِسٍ بِمُضَعِّفٍ، وَبِتَحَمُّلِهَا بَالِغًا، وَبِكَثْرَةِ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مِنْهَا: أَنَّهُمْ قَدَّمُوا خَبَرَ عَائِشَةَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ عَلَى خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» ، وَقَدَّمُوا خَبَرَ مَنْ رَوَى مِنْ أَزْوَاجِهِ «أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُصْبِحُ جُنْبًا وَهُوَ صَائِمٌ» ، عَلَى خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَعُورِضَ بِأَنَّ شَهَادَةَ أَرْبَعَةٍ رَاجِحَةٌ عَلَى شَهَادَةِ اثْنَيْنِ.
فَلَوْ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ، وَجَبَ تَقْدِيمُ أَرْبَعَةٍ عَلَى اثْنَيْنِ.
أَجَابَ بِالْتِزَامِهِ، فَإِنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ يَجِبُ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ عَلَى شَهَادَةِ اثْنَيْنِ.
وَبِالْفَرْقِ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ، فَلَوِ اعْتُبِرَ التَّرْجِيحُ بِالْكَثْرَةِ، لَأَفْضَى إِلَى تَطْوِيلِ الْخُصُومَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِهَا، بِخِلَافِ الْأَمَارَةِ.
وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَطْعِيَّيْنِ ; لِأَنَّ الْقَطْعَ بِالْإِيجَابِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ. فَلَوْ قَطَعَ بِالنَّفْيِ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَطْعِ بِالْإِيجَابِ، يَلْزَمُ كَوْنُ النَّفْيِ أَيْضًا مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ، فَيَلْزَمُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ فِي الْوَاقِعِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
وَلَا تَعَارُضَ أَيْضًا بَيْنَ قَطْعِيٍّ وَظَنِّيٍّ ; لِانْتِفَاءِ الظَّنِّ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ الْقَطْعِ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ،