الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بِنَصٍّ وَإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِطَرِيقِهَا - لَزِمَ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْخَصْمُ مُقَدِّمَةً تَقْبَلُ الْمَنْعَ.
وَإِنْ أَثْبَتَهَا الْمُسْتَدِلُّ بِالدَّلِيلِ بَعْدَ مَنْعِ الْخَصْمِ إِيَّاهَا، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَقْبَلَ إِلَّا الْبَدِيهِيَّاتِ.
وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْخَصْمَ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُقَلِّدِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُ أَنَّ إِمَامَهُ يَدْفَعُ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ.
ش - الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِ الْأَصْلِ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ جَعَلَ أَحَدَهُمَا أَصْلًا وَالْآخِرَ فَرْعًا، لَيْسَ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ.
كَمَا لَوْ قِيلَ: الْأُرْزُ يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ، ثُمَّ يَسْتَدِلُّ عَلَى إِثْبَاتِ جَرَيَانِ الرِّبَا فِي الْبُرِّ بِقَوْلِهِ عليه السلام:" «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» ". فَإِنَّ هَذَا الدَّلِيلَ شَامِلٌ لِحُكْمِ الْأُرْزِ.
[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، شَرَعَ فِي شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ.
الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، أَيْ تَكُونَ مُشْتَمِلَةً عَلَى حِكْمَةٍ تَصْلُحُ لِأَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ، كَالْإِسْكَارِ فِي حُرْمَةِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى حِفْظِ الْعَقْلِ، إِذِ الْحُرْمَةُ تُؤَدِّي إِلَى حِفْظِ الْعَقْلِ. وَهُوَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ.
وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ ; لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ لَزِمَ الدَّوْرُ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ فَرْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ ; لِكَوْنِهَا مُسْتَنْبَطَةً مِنْهُ.
وَإِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ، لَا فَائِدَةَ لَهَا سِوَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُتَفَرِّعًا عَلَيْهَا، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَتُهَا تَعْرِيفَ حُكْمِ الْفَرْعِ، فَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْأَصْلِ مُتَفَرِّعًا عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فِي بَيَانِ لُزُومِ الدَّوْرِ: إِنَّ حُكْمَ
ص - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، أَيْ مُشْتَمِلَةً عَلَى حِكْمَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ ; لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ - وَهِيَ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ - كَانَ دَوْرًا.
ص - وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ وَصْفًا ضَابِطًا لِلْحِكْمَةِ، لَا حِكْمَةً مُجَرَّدَةً لِخَفَائِهَا أَوْ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا، وَلَوْ أَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ.
ص - وَمِنْهَا: أَنْ لَا تَكُونَ عَدَمًا فِي الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ.
لَنَا: لَوْ كَانَ عَدَمًا، لَكَانَ مُنَاسِبًا أَوْ مَظِنَّةَ مُنَاسِبٍ، وَتَقْرِيرُ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَدَمَ الْمُطْلَقَ بَاطِلٌ، وَالْمُخَصَّصَ بِأَمْرٍ إِنْ كَانَ وَجُودُهُ مَنْشَأَ مَصْلَحَةٍ فَبَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مَنْشَأَ مَفْسَدَةٍ، فَمَانِعٌ، وَعَدَمُ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَصْلِ إِنَّمَا يَكُونُ مُعَرَّفًا لِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ، إِذَا كَانَ الْوَصْفُ مُفْضِيًا إِلَى الْحِكْمَةِ الْمَقْصُودَةِ، فَمَا لَمْ يَشْتَمِلِ الْوَصْفُ عَلَى الْحِكْمَةِ، لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ مُعَرَّفًا لِعِلِّيَّتِهِ إِلَّا بِالْمُقَارَنَةِ الصِّرْفَةِ، فَحُصُولُهُ فِي الْفَرْعِ بِوَصْفِ الْمَعْرِفِيَّةِ يُوقَفُ عَلَى الْمُقَارَنَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْمَعْرِفِيَّةِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَعْرِفِيَّةِ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ فِي بَيَانِ لُزُومِ الدَّوْرِ: إِنَّ الْوَصْفَ إِذَا كَانَ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَرِّفًا لَحُكْمِ الْفَرْعِ، وَلَمْ يَكُنْ مُعَرِّفًا لَحُكْمِ الْأَصْلِ - وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَاعِثٍ - لَمْ يَكُنْ لِلْأَصْلِ مَدْخَلٌ فِي الْفَرْعِ ; لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَصْفِ فِي الْفَرْعِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، وَكَذَا مَعْرِفَتُهُ لِحُكْمِ الْفَرْعِ ضَرُورَةُ كَوْنِهِ غَيْرَ مُعَرِّفٍ لِحُكْمِ الْأَصْلِ.
فَثَبَتَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْوَصْفُ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مُتَفَرِّعًا عَلَيْهِ، وَالْوَصْفُ مُسْتَنْبَطٌ مَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَكُونُ فَرْعًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ وَصْفًا ضَابِطًا لِحِكْمَةٍ.
وَالْحِكْمَةُ هِيَ: الْغَايَةُ وَالْغَرَضُ مِنَ الْحُكْمِ، كَدَفْعِ الْمَشَقَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُخَصِ الْمُسَافِرِ. فَإِنَّهُ هُوَ الْغَايَةُ مِنَ الرُّخَصِ.
وَالْوَصْفُ الضَّابِطُ لِلْحِكْمَةِ، كَالسَّفَرِ الطَّوِيلِ إِلَى مَقْصِدٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ ضَابِطٌ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ.
وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَصْفًا ضَابِطًا لِحِكْمَةٍ، لَا أَنْ تَكُونَ حِكْمَةً مُجَرَّدَةً ; لِأَنَّ الْحِكْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ خَفِيَّةٌ أَوْ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ، وَلَوْ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْحِكْمَةِ وَحْدَهَا لِانْضِبَاطِهَا وَعَدَمِ خَفَائِهَا، فَفِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِهَا خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهَا ; لِأَنَّ الْحِكْمَةَ هِيَ الْعِلَّةُ لِلْحَكَمِ ; لِكَوْنِهَا غَايَةً لَهُ، فَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالْوَصْفِ.
ش - الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ عَدَمًا فِي الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ.
وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ عَدَمًا - إِذَا كَانَ الْحُكْمُ ثُبُوتِيًّا - بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَصْفُ الْجَامِعُ فِي الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ عَدَمًا، لَكَانَ مُنَاسِبًا أَوْ مَظِنَّةَ مُنَاسِبٍ،
الْمَانِعِ لَيْسَ عِلَّةً.
وَإِنْ كَانَ وُجُودُهُ يُنَافِي وُجُودَ الْمُنَاسِبِ، لَمْ يَصْلُحْ عَدَمُهُ مَظِنَّةً لِنَقِيضِهِ ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ ظَاهِرًا تَعَيَّنَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا، فَنَقِيضُهُ خَفِيٌّ، وَلَا يَصْلُحُ الْخَفِيُّ مَظِنَّةً لِلْخَفِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.
وَأَيْضًا لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ يَقُولُ: الْعِلَّةُ كَذَا أَوْ عَدَمُ كَذَا، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ (لَا عِلَّةَ) عَدَمٌ، فَنَقِيضُهُ وُجُودٌ.
وَفِيهِ مُصَادَرَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ.
ص - قَالُوا: صَحَّ تَعْلِيلُ الضَّرْبِ بِانْتِفَاءِ الِامْتِثَالِ.
قُلْنَا: بِالْكَفِّ.
ص - وَأَنْ لَا يَكُونَ الْعَدَمُ جُزْءًا مِنْهَا لِذَلِكَ.
قَالُوا: انْتِفَاءُ مُعَارَضَةِ الْمُعْجِزَةِ جُزْءٌ مِنَ الْمُعَرِّفِ لَهَا، وَكَذَلِكَ الدَّوَرَانُ وَجُزْؤُهُ عَدَمٌ.
قُلْنَا: شَرْطٌ لَا جُزْءٌ.
ص - وَأَنْ لَا تَكُونَ الْمُتَعَدِّيَةَ الْمَحَلِّ، وَلَا جُزْءًا مِنْهُ ; لِامْتِنَاعِ الْإِلْحَاقِ، بِخِلَافِ الْقَاصِرَةِ.
ص - وَالْقَاصِرَةُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ صَحِيحَةٌ بِاتِّفَاقٍ.
وَالْأَكْثَرُ عَلَى صِحَّتِهَا بِغَيْرِهِمَا، كَتَعْلِيلِ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ بِجَوْهَرِيَّتِهِمَا، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، رضي الله عنه.
لَنَا: أَنَّ الظَّنَّ حَاصِلٌ بِأَنَّ الْحُكْمَ لِأَجْلِهَا، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالصِّحَّةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا.
وَاسْتَدَلَّ: لَوْ كَانَتْ صِحَّتُهَا مَوْقُوفَةً عَلَى تَعْدِيَتِهَا، لَمْ تَنْعَكِسْ لِلدَّوْرِ.
وَالثَّانِيَةُ اتِّفَاقٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَقْفُ مَعِيَّةٍ.
ص - قَالُوا: لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً، لَكَانَتْ مُفِيدَةً. وَالْحُكْمُ وَالْأَصْلُ بِغَيْرِهَا، وَلَا فَرْعَ.
وَرَدَ بِجَرَيَانِهِ فِي الْقَاصِرَةِ بِنَصٍّ، وَبِأَنَّ النَّصَّ دَلِيلُ الدَّلِيلِ، وَبِأَنَّ الْفَائِدَةَ مَعْرِفَةُ الْبَاعِثِ الْمُنَاسِبِ، فَيَكُونُ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ.
وَإِذَا قُدِّرَ وَصْفٌ آخَرُ مُتَعَدٍّ، لَمْ يُفِدْ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ.
ص - وَفِي النَّقْضِ وَهُوَ وُجُودُ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ.
ثَالِثُهَا: يَجُوزُ فِي الْمَنْصُوصَةِ لَا الْمُسْتَنْبَطَةِ.
وَرَابِعُهَا: عَكْسُهُ.
وَخَامِسُهَا: يَجُوزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَانِعٍ وَلَا عَدَمِ شَرْطٍ. وَالْمُخْتَارُ: إِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ ; لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتْ عِلِّيَّتُهَا إِلَّا بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُقْتَضَى، وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً، فَبِظَاهِرٍ عَامٍّ، فَيَجِبُ تَخْصِيصُهُ كَعَامٍّ وَخَاصٍّ، وَيَجِبُ تَقْدِيرُ الْمَانِعِ.
لَنَا: لَوْ بَطَلَتْ، لَبَطَلَ الْمُخَصَّصُ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ الْوَصْفَ الْجَامِعَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَاعِثًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْبَاعِثُ يَنْحَصِرُ فِي الْمُنَاسِبِ وَالْمَظِنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَالْمُنَاسِبُ هُوَ: الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الَّذِي يَحْصُلُ عَقْلًا مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا مِنْ حُصُولِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ.
وَمَظِنَّةُ الْمُنَاسِبِ: هُوَ مَا يُلَازِمُ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا.
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:" وَتَقْرِيرُ الثَّانِيَةِ " ; فَلِأَنَّ الْعَدَمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمًا مُطْلَقًا، أَوْ مُخَصَّصًا بِأَمْرٍ، أَيْ مُضَافًا إِلَيْهِ.
وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْعَدَمَ الْمُطْلَقَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ الثُّبُوتِيَّةِ دُونَ بَعْضٍ.
وَالثَّانِي أَيْضًا بَاطِلٌ ; لِأَنَّ وُجُودَ الْأَمْرِ الَّذِي اخْتَصَّ الْعَدَمُ بِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ مَصْلَحَةٍ لِذَلِكَ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ أَوْ لَا.
وَالثَّانِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ مَفْسَدَةٍ لَهُ أَوْ لَا.
وَالثَّانِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا لِوُجُودِ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ أَوْ لَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، وَالْجَمِيعُ بَاطِلٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْأَمْرِ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ الْعَدَمُ مَنْشَأً لِمَصْلَحَةِ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ ; فَلِأَنَّ عَدَمَهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ، وَلَا مَظِنَّةَ مُنَاسِبٍ لِاسْتِلْزَامِ عَدَمِهِ فَوَاتَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ ذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي اخْتَصَّ الْعَدَمُ بِهِ مَنْشَأً لِمَفْسَدَةِ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ ; فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ وُجُودُ ذَلِكَ الْأَمْرِ مَانِعًا مِنْ تَحَقُّقِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ، فَعَدَمُهُ عَدَمُ الْمَانِعِ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ لَا يَكُونُ عِلَّةً بِالِاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ ذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ الْعَدَمُ مُنَافِيًا لِوُجُودِ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ ; فَلِأَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُنَافِي لِلْمُنَاسِبِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَظِنَّةً لِلْمُنَاسِبِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُنَافِي; لِأَنَّ نَقِيضَهُ أَعْنِي الْمُنَاسِبَ، إِنْ كَانَ ظَاهِرًا، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهِ عِلَّةً مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجِهِ إِلَى مَظِنَّةٍ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا، فَنَقِيضُهُ - وَهُوَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُنَافِي لَهُ - أَيْضًا خَفِيٌّ، فَعَدَمُ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُنَافِي لِلْمُنَاسِبِ أَيْضًا خَفِيٌّ. وَالْخَفِيُّ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَظِنَّةً لِلْخَفِيِّ.
وَأَمَّا الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ ذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي اخْتَصَّ الْعَدَمُ بِهِ، لَا يَكُونُ مُنَافِيًا لِلْمُنَاسِبِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَإِذَا تَسَاوَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ، لَا يَكُونُ عَدَمُهُ مُنَاسِبًا وَلَا مَظِنَّةَ مُنَاسِبٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ الْمُنَافِيَ الْمُنَاسِبَ قَسِيمًا لِمَا هُوَ مَنْشَأُ مَفْسَدَةٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ; لِأَنَّ الْمُنَافِيَ لِلْمُنَاسِبِ دَاخِلٌ فِيمَا هُوَ مَنْشَأُ مَفْسَدَةٍ، فَلَا يَكُونُ قَسِيمًا لَهُ.
قِيلَ: ظُهُورُ الْمُنَاسِبِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْمُنَافِي مَظِنَّةً لَهُ، فَيُعَلَّلُ بِعَدَمِ الْمُنَافِي كَمَا يُعَلَّلُ بِالْمَظِنَّةِ الْوُجُودِيَّةِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ ظَاهِرًا، تَعَيَّنَ كَوْنُهُ عِلَّةً، وَإِلَّا لَاجْتَمَعَ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ يَقُولُ: الْعِلِّيَّةُ كَذَا، أَوْ عَدَمُ كَذَا، وَلَوْ كَانَ الْعَدَمُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ، لَسُمِعَ عَنِ الْمُجْتَهِدِينَ هَذَا الْقَوْلُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِذَلِكَ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِالْعَدَمِ بِأَنَّ الْعِلِّيَّةَ مَوْجُودَةٌ ; لِأَنَّ (لَا عِلِّيَّةَ) عَدَمٌ. فَنَقِيضُهُ - وَهُوَ الْعِلِّيَّةُ - مَوْجُودَةٌ. وَإِذَا كَانَتِ الْعِلِّيَّةُ مَوْجُودَةً، لَمْ يَكُنِ الْعَدَمُ عِلَّةً، وَإِلَّا لَاتَّصَفَ الْمَعْدُومُ بِالْأَمْرِ الْوُجُودِيِّ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَفِيهِ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ.
فَإِنَّ عَدَمِيَّةً لَا عِلِّيَّةً مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى وُجُودِ الْعِلِّيَّةِ ; لِأَنَّ عَدَمِيَّةَ صُورَةِ السَّلْبِ تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ السَّلْبُ. فَلَوْ تَوَقَّفَ وُجُودُ الْعِلِّيَّةِ عَلَى عَدَمِيَّةِ اللَّاعِلِّيَّةِ، لَزِمَ الدَّوْرُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، حَيْثُ قِيلَ: الْحُسْنُ وُجُودِيٌّ ; لِكَوْنِهِ نَقِيضَ الْحَسَنِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَدَمَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلثُّبُوتِي، قَالُوا: صَحَّ تَعْلِيلُ الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ وُجُودِيٌّ، بِانْتِفَاءِ الِامْتِثَالِ الَّذِي هُوَ عَدَمِيٌّ. فَإِنَّ السَّيِّدَ إِذَا أَمَرَ عَبْدَهُ بِفِعْلٍ، وَلَمْ يَمْتَثِلْ وَضَرَبَهُ السَّيِّدُ، صَحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا ضَرَبَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَثِلْ.
أَجَابَ بِأَنَّ الضَّرْبَ مُعَلَّلٌ بِكَفِّ النَّفْسِ عَنِ الِامْتِثَالِ، لَا بِانْتِفَاءِ الِامْتِثَالِ، وَالْكَفُّ أَمْرٌ ثُبُوتِيٌّ.
ش - الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْعَدَمُ جُزْءًا مِنْ عِلَّةِ الْأَصْلِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَدَمَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنَ الْعِلَّةِ، قَالُوا: إِنَّ انْتِفَاءَ مُعَارَضَةِ الْمُعْجِزَةِ بِمِثْلِهَا جُزْءٌ مِنَ الْمُعَرِّفِ لِلْمُعْجِزَةِ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ الْخَارِقَ لِلْعَادَةِ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهِ مُعْجِزَةً عَلَى انْتِفَاءِ الْمُعَارَضَةِ، وَانْتِفَاءُ الْمُعَارَضَةِ عَدَمِيٌّ، وَكَوْنُ الْفِعْلِ مُعْجِزَةً ثُبُوتِيٌّ، فَقَدْ صَارَ الْعَدَمُ جُزْءَ عِلَّةِ الثُّبُوتِيِّ.
وَأَيْضًا: الدَّوَرَانُ عِلَّةٌ ; لِعِلِّيَّةِ الْمَدَارِ لِلدَّائِرِ، وَعَلِيَّةُ الْمَدَارِ ثُبُوتِيَّةٌ، وَجُزْءُ الدَّوَرَانِ عَدَمٌ ; لِأَنَّ الدَّوَرَانَ مُرَكَّبٌ مِنَ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، وَالْعَكْسُ عَدَمٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُزْءُ عِلَّةِ الثُّبُوتِيِّ عَدَمًا.
أَجَابَ بِأَنَّ الْعَدَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ شَرْطٌ لَا جُزْءٌ.
ش - الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ لَا تَكُونَ عِلَّةُ الْحُكْمِ مَحَلَّ الْحُكْمِ، وَلَا جُزْءًا مِنْ مَحَلِّهِ خَاصًّا بِهِ إِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ مُتَعَدِّيَةً ; لِامْتِنَاعِ إِلْحَاقِ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ حِينَئِذٍ، إِذْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَحَقَّقَ فِي الْفَرْعِ مَحَلُّ حُكْمِ الْأَصْلِ أَوْ جُزْؤُهُ الْخَاصُّ بِهِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ