الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بِقَوْلِ الْمُفْتِي، وَعَمَلُ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْعُدُولِ، لَيْسَ بِتَقْلِيدٍ ; لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا.
أَمَّا الْعَمَلُ بِقَوْلِ الرَّسُولِ، فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ.
وَأَمَّا الْعَمَلُ بِالْبَاقِي، فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ قَوْلُ الرَّسُولِ.
وَلَا مُشَاحَةَ فِي تَسْمِيَةِ الْعَمَلِ بِقَوْلِ غَيْرِكَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ تَقْلِيدًا.
وَالْمُفْتِي: الْفَقِيهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعْرِيفُ الْفِقْهِ، فَيُعْرَفُ مِنْهُ الْفَقِيهُ.
وَالْمُسْتَفْتِي خِلَافُ الْمُفْتِي، فَإِنْ قُلْنَا بِتَجَزِّي الِاجْتِهَادِ، فَوَاضِحٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُفْتِيًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُسْتَفْتِيًا.
وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِتَجَزِّي الِاجْتِهَادِ، فَالْمُفْتِي مَنْ يَكُونُ عَالِمًا بِالْجَمِيعِ.
وَالْمُسْتَفْتَى فِيهِ: هُوَ الْمَسَائِلُ الِاجْتِهَادِيَّةُ.
وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا.
[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالِاعْتِقَادِ، كَوُجُودِ الْبَارِي وَصِفَاتِهِ.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَقْلِيدَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ.
وَقَالَ الْعَنْبَرِيُّ: يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا.
وَقِيلَ: الْوَاجِبُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعَقْلِيَّاتِ التَّقْلِيدُ، وَالنَّظَرُ فِيهِ حَرَامٌ.
وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنَ الصِّفَاتِ، وَمَا لَا يَجُوزُ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، كَوُجُودِ الْبَارِي تَعَالَى.
وَقَالَ الْعَنْبَرِيُّ بِجَوَازِهِ.
وَقِيلَ: النَّظَرُ فِيهِ حَرَامٌ.
لَنَا: الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الْمَعْرِفَةِ.
وَالتَّقْلِيدُ لَا يَحْصُلُ ; لِجَوَازِ الْكَذِبِ ; وَلِأَنَّهُ كَانَ يَحْصُلُ بِحُدُوثِ الْعَالَمِ وَقِدَمِهِ ; وَلِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ، لَكَانَ نَظَرِيًّا. وَلَا دَلِيلَ.
ص - قَالُوا: لَوْ كَانَ وَاجِبًا، لَكَانَتِ الصَّحَابَةُ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ، لَنُقِلَ كَالْفُرُوعِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا لَزِمَ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْجَهْلِ بِاللَّهِ - تَعَالَى، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُنْقَلْ لِوُضُوحِهِ وَعَدَمِ الْمُحْوِجِ إِلَى الْإِكْثَارِ.
قَالُوا: لَوْ كَانَ لَأَلْزَمَ الصَّحَابَةُ الْعَوَامَّ بِذَلِكَ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالتَّقْلِيدُ لَا يُحَصِّلُ الْمَعْرِفَةَ لِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجُوزُ كَذِبُ الْمُقَلِّدِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ. وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْوَاجِبِ. فَلَوْ جَازَ التَّقْلِيدُ فِي الْمَعْرِفَةِ، لَجَازَ تَرْكُ الْوَاجِبِ.
الثَّانِي: لَوْ كَانَ التَّقْلِيدُ يُحَصِّلُ الْمَعْرِفَةَ، لَكَانَ يُحَصِّلُ الْمَعْرِفَةَ بِحُدُوثِ الْعَالَمِ إِذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِهِ. وَيُحَصِّلُ الْمَعْرِفَةَ بِقَدَمِ الْعَالَمِ إِذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِهِ، فَيَلْزَمُ حُدُوثُ الْعَالَمِ وَقِدَمُهُ، وَهُوَ مُحَالٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّ التَّقْلِيدَ لَوْ حَصَّلَ الْمَعْرِفَةَ، لَكَانَ تَحْصِيلُ التَّقْلِيدِ الْمَعْرِفَةَ بِالنَّظَرِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ ; فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُحَصِّلُ الْمَعْرِفَةَ بِالضَّرُورَةِ، لَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَلَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي ; فَلِأَنَّ النَّظَرَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا عَلَى دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
قِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: إِنَّهُ يَلْزَمُ مِثْلُهُ إِنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ بِالتَّقْلِيدِ، لِاحْتِمَالِ خَطَأِ النَّاظِرِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ خَطَأَ النَّاظِرِ إِنَّمَا يُحْتَمَلُ إِذَا لَمْ يُرَاعِ الْقَانُونَ الْمُمَيِّزَ بَيْنَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَمَّا عِنْدَ مُرَاعَاتِهِ، فَلَا يُحْتَمَلُ.
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّ النَّظَرَ أَيْضًا قَدْ يُفْضِي مَرَّةً إِلَى الْقِدَمِ وَمَرَّةً إِلَى الْحُدُوثِ، فَلَوْ كَانَ الْمَعْرِفَةُ بِالنَّظَرِ، يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ عَنِ الْأَوَّلِ.
وَعَلَى الثَّالِثِ: أَنَّهُ كَمَا احْتَاجَ التَّقْلِيدُ فِي إِفَادَةِ الْمَعْرِفَةِ إِلَى النَّظَرِ، احْتَاجَ النَّظَرُ أَيْضًا فِي الْإِفَادَةِ إِلَى النَّظَرِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ النَّظَرَ، وَإِنِ احْتَاجَ فِي كَوْنِهِ مُفِيدًا لِلْمَعْرِفَةِ إِلَى النَّظَرِ، لَكِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مُفِيدًا.
بِخِلَافِ التَّقْلِيدِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مُفِيدًا لِلْمَعْرِفَةِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ حُصُولَ الْيَقِينِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ بِالنَّظَرِ صَعْبٌ جِدًّا، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الْيَقِينُ بِالنَّظَرِ، وَلَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ مِنَ التَّقْلِيدِ أَصْلًا، فَالنَّظَرُ أَوْلَى مِنَ التَّقْلِيدِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، احْتَجُّوا بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ النَّظَرَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا، لَكَانَتِ الصَّحَابَةُ أَوْلَى بِالنَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ النَّظَرُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، لَنُقِلَ مُبَاحَثَتُهُمْ وَمُنَاظَرَتُهُمْ فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ الِاعْتِقَادِيَّةِ، كَمَا نُقِلَ مُنَاظَرَتُهُمْ فِي الْفُرُوعِ. وَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ، دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ غَيْرُ وَاجِبٍ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ، أَيْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ أَوْلَى بِالنَّظَرِ، وَإِلَّا لَزِمَ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْجَهْلِ بِاللَّهِ - تَعَالَى، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا. وَإِنَّمَا لَمْ يُنْقَلْ مُنَاظَرَتُهُمْ وَمُبَاحَثَتُهُمْ، لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ النَّظَرِ عَلَيْهِمْ، بَلْ لِوُضُوحِ الْأَمْرِ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلِعَدَمِ الْمُحْوِجِ إِلَى الْإِكْثَارِ فِي الْكَلَامِ وَالْمُنَاظَرَةِ، لِنَقَاءِ سِيرَتِهِمْ وَصَفَاءِ سَرِيرَتِهِمْ وَمُشَاهَدَتِهِمُ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ، فَإِنَّهَا أُمُورٌ تُعِدُّ النُّفُوسَ وَتُدْرِكُ الْأُمُورَ
قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَحْرِيرَ الْأَدِلَّةِ وَالْجَوَابَ عَنِ الشُّبَهِ. وَالدَّلِيلُ يَحْصُلُ بِأَيْسَرِ نَظَرٍ.
قَالُوا: وُجُوبُ النَّظَرِ دَوْرِيٌّ عَقْلِيٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَالُوا: مَظِنَّةُ الْوُقُوعِ فِي الشُّبَهِ وَالضَّلَالَةِ، بِخِلَافِ التَّقْلِيدِ.
قُلْنَا: فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُقَلِّدِ، أَوْ يَتَسَلْسَلُ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا.
وَقِيلَ: بِشَرْطِ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ صِحَّةُ اجْتِهَادِهِ بِدَلِيلِهِ.
لَنَا ; (فَاسْأَلُوا) وَهُوَ عَامٌّ فِيمَنْ لَا يُعْلَمُ.
وَأَيْضًا لَمْ يَزَلِ الْمُسْتَفْتُونَ يَتَّبِعُونَ مِنْ غَيْرِ إِبْدَاءِ الْمُسْتَنَدِ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
قَالُوا: يُؤَدِّي إِلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الْخَطَأِ.
قُلْنَا: وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْدَى لَهُ مُسْتَنَدَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي نَفْسُهُ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ أَوْ رَآهُ مُنْتَصِبًا وَالنَّاسُ مُسْتَفْتُونَ مُعَظِّمُونَ لَهُ، وَعَلَى امْتِنَاعِهِ فِي ضِدِّهِ، وَالْمُخْتَارُ امْتِنَاعُهُ فِي الْمَجْهُولِ.
لَنَا: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ.
وَأَيْضًا: الْأَكْثَرُ الْجُهَّالُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنَ الْغَالِبِ، كَالشَّاهِدِ وَالرَّاوِي.
قَالُوا: لَوِ امْتَنَعَ لِذَلِكَ، لَامْتَنَعَ فِيمَنْ عُلِمَ عِلْمُهُ دُونَ عَدَالَتِهِ.
قُلْنَا: مَمْنُوعٌ.
وَلَوْ سُلِّمَ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُجْتَهِدِينَ الْعَدَالَةُ، بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ، لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ.
وَقِيلَ: يَلْزَمُ.
لَنَا: اجْتَهَدَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ أَمْرٍ آخَرَ.
قَالُوا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ.
قُلْنَا: فَيَجِبُ تَكْرِيرُهُ أَبَدًا.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : يَجُوزُ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ.
لَنَا: لَوِ امْتَنَعَ، لَكَانَ لِغَيْرِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَقَالَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ، وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ".
قَالُوا: " «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ أَوْ حَتَّى يَظْهَرَ الدَّجَّالُ» ".
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْإِلَهِيَّةَ وَالصِّفَاتِ الْقُدْسِيَّةَ الْمُنَزَّهَةَ عَنِ الشَّوَائِبِ الْحِسِّيَّةِ وَاللَّوَاحِقِ الْمَادِّيَّةِ.
الثَّانِي: لَوْ كَانَ النَّظَرُ وَاجِبًا، لَأَلْزَمَ الصَّحَابَةُ الْعَوَامَّ بِالنَّظَرِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلْزَامُ الْعَوَامِّ بِذَاكَ.
أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ أَلْزَمُوا الْعَوَامَّ بِالنَّظَرِ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّظَرِ تَحْرِيرَ الْأَدِلَّةِ وَتَلْخِيصَهَا، وَالْجَوَابُ عَنِ الشُّبَهِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْأَدِلَّةِ، كَمَا فَعَلَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ.
وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الدَّلِيلَ الْمُوجِبَ لِلْمَعْرِفَةِ يَحْصُلُ بِأَيْسَرِ نَظَرٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّ النَّظَرَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا، لَزِمَ الدَّوْرُ; وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَ النَّظَرِ نَظَرِيٌّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ، وَالنَّظَرُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ النَّظَرِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَهُوَ أَنَّ النَّظَرَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ النَّظَرِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْوُقُوعِ فِي الشُّبَهِ وَالضَّلَالِ، وَالْوُقُوعُ فِي الشُّبَهِ وَالضَّلَالَةِ حَرَامٌ، وَمَظِنَّةُ الْحَرَامِ حَرَامٌ، فَيَكُونُ النَّظَرُ حَرَامًا، بِخِلَافِ التَّقْلِيدِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَظِنَّةً لِلْوُقُوعِ فِي الشُّبَهِ وَالضَّلَالَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ النَّظَرُ حَرَامًا، يَلْزَمُ حُرْمَةُ التَّقْلِيدِ أَيْضًا ; وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ إِمَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى النَّظَرِ أَوْ لَا.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، يَلْزَمُ حُرْمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى النَّظَرِ، بَلِ اسْتَنَدَ إِلَى تَقْلِيدٍ آخَرَ، تَسَلْسَلَ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّقْلِيدَ إِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى النَّظَرِ، احْتَاجَ إِلَى تَقْلِيدٍ آخَرَ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِدَ التَّقْلِيدُ إِلَى الْكَشْفِ وَالْمُشَاهَدَةِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْلِيدٍ آخَرَ.