الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
جَمَاعَةٍ بِقَتْلِ وَاحِدٍ بِوَاسِطَةِ اشْتِرَاكِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ بِتَقْدِيرِ إِيجَابِهَا.
فَإِنَّ الْجَامِعَ، الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ يُلَازِمُ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ أَحَدُ مُوجِبَيِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ، وَمُوجِبُهُ الْآخَرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَحَدِ مُوجِبَيِ الْعِلَّةِ، الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ ; لِيَسْتَدِلَّ بِهِ مَعَ مُوجِبِهَا الْآخَرِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ.
وَالثَّالِثُ، أَيِ الْقِيَاسِ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ: هُوَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، كَقِيَاسِ سَرَايَةِ عِتْقِ الْأَمَةِ عَلَى سَرَايَةِ عِتْقِ الْعَبْدِ بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.
[جواز التعبد بالقياس]
ش - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ عَقْلًا، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ: إِذَا ثَبَتَ حُكْمٌ فِي صُورَةٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَوُجِدَ صُورَةٌ أُخْرَى مُشَارِكَةٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى فِي وَصْفٍ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّكُمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُعَلَّلٌ بِذَلِكَ الْوَصْفِ، فَقِيسُوا الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى، خِلَافًا لِلشِّيعَةِ وَالنَّظَّامِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ وَأَبُو الْحُسَيْنِ: يَجِبُ التَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ عَقْلًا.
وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّا نَقْطَعُ بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِلْإِسْكَارِ، فَقِيسُوا كُلَّ مُشَارِكٍ لَهَا فِي الْإِسْكَارِ.
وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَجُزْ، لَمْ يَقَعْ ; لِأَنَّ الْوُقُوعَ دَلِيلُ الْجَوَازِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِمَا سَيَأْتِي.
ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ التَّعَبُّدِ عَقْلًا احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَظْنُونًا، وَكُلُّ مَا لَا يُؤَمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ، يَمْنَعُهُ الْعَقْلُ لِكَوْنِ الْخَطَأِ مَحْظُورًا، فَلَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ التَّعَبُّدَ بِمَا يَكُونُ مَحْذُورًا.
أَجَابَ بِأَنَّ مَنْعَ الْعَقْلِ فِي مِثْلِ مَا لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ، لَيْسَ مَنْعَ إِحَالَةٍ، بَلْ مَنْعُ احْتِيَاطٍ.
وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَنْعَ الْعَقْلِ مَا لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ مَنْعَ إِحَالَةٍ، لَكِنْ إِذَا ظُنَّ الصَّوَابُ، لَا يَمْنَعُ الْعَقْلَ ; لِأَنَّ ظَنَّ الصَّوَابِ يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ظَنَّ الصَّوَابِ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ عِنْدَ الْعَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَيَمْنَعُهُ الْعَقْلُ ; لِأَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْلِ مِمَّا لَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْخَطَأُ.
الثَّانِي: أَنَّ الشَّارِعَ قَدْ أَمَرَ بِمُخَالَفَةِ الظَّنِّ ; لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِشَهَادَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَفَادَتِ الظَّنَّ، وَمَنَعَ مِنْ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّاتِ إِذَا اشْتَبَهْنَ بِرَضِيعَةٍ، وَإِنْ ظُنَّ بِوَاحِدَةٍ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ.
وَالشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا مَنَعَ لِمَانِعٍ خَاصٍّ.
ص - النَّظَّامُ: إِذَا ثَبَتَ وُرُودُ الشَّرْعِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ، كَإِيجَابِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ بِالْمَنِيِّ دُونَ الْبَوْلِ، وَغَسْلِ بَوْلِ الصِّبْيَةِ، وَنَضْحِ بَوْلُ الصَّبِيِّ، وَقَطْعِ سَارِقِ الْقَلِيلِ دُونَ غَاصِبِ الْكَثِيرِ، وَالْجَلْدِ بِنِسْبَةِ الزِّنَا دُونَ نِسْبَةِ الْكُفْرِ، وَالْقَتْلِ بِشَاهِدَيْنِ دُونَ الزِّنَا، وَكَعِدَّتَيِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ، كَقَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا، وَالْقَاتِلِ وَالْوَاطِئِ فِي الصَّوْمِ، وَالْمُظَاهِرِ فِي الْكَفَّارَةِ، اسْتَحَالَ تَعَبُّدُهُ بِالْقِيَاسِ.
وَرَدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ، لِجَوَازِ انْتِفَاءِ صَلَاحِيَةِ مَا تُوُهِّمَ جَامِعًا، أَوْ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فِي الْأَصْلِ أَوِ الْفَرْعِ، وَلِاشْتِرَاكِ الْمُخْتَلِفَاتِ فِي مَعْنًى جَامِعٍ، وَلِاخْتِصَاصِ كُلٍّ بِعِلَّةٍ لِحُكْمِ خِلَافِهِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .