المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة النص على العلة لا يكفي في التعدي دون التعبد بالقياس] - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[أبو الثناء الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌[أركان القياس الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّعْلِيلِ بالعلةِالْقَاصِرَةِ]

- ‌[هل النقض قادح في العلة]

- ‌[هل الكسر قادح في العلة]

- ‌[النقض المكسور هل يبطل العلة]

- ‌[العكس]

- ‌[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]

- ‌[تعليل حكمين بعلة]

- ‌[تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي]

- ‌[تعداد الوصف ووقوعه]

- ‌[هل الحكم ثابت بالعلة أو بالنص]

- ‌[من أركان القياس الفرع]

- ‌[شُرُوطُ الْفَرْعِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

- ‌[المسلك الأول والثاني الإجماع والنص]

- ‌[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]

- ‌[قَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا]

- ‌[الْمَقَاصِدُ ضَرْبَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ]

- ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

- ‌[تَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الشَّبَهِ بِجَمِيعِ الْمَسَالِكِ]

- ‌[الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌[جواز التعبد بالقياس]

- ‌[مسلك النظام ورده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في جميع الأحكام]

- ‌[الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[الاستفسار]

- ‌[فَسَادُ الِاعْتِبَارِ]

- ‌[فَسَادُ الْوَضْعِ]

- ‌[مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ]

- ‌[مَنْعُ وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً]

- ‌[عَدَمُ التَّأْثِيرِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي إِفْضَاءِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَقْصُودِ]

- ‌[كَوْنُ الْوَصْفِ خَفِيًّا]

- ‌[كَوْنُ الوصف غَيْرَ مُنْضَبِطٍ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[الْكَسْرُ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]

- ‌[التَّعْدِيَةُ]

- ‌[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ]

- ‌[اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ]

- ‌[اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ]

- ‌[مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْفَرْعِ لِحُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[الْقَلْبُ]

- ‌[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]

- ‌[تعدد الاعتراضات]

- ‌[الِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تعريف الاستدلال وأنواعه]

- ‌[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّاني مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: الِاسْتِصْحَابُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: شَرْعُ مِنْ قَبْلَنَا]

- ‌[الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا]

- ‌[مذهب الصحابي]

- ‌[الاستحسان]

- ‌[المصالح المرسلة]

- ‌[الاجتهاد]

- ‌[تعربف الاجتهاد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ لَا إِثْمَ عَلَى مُجْتَهِدٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: لَا يَسْتَقِيمُ لِمُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّات منهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ جواز أن يقال للمجتهد احكم بما شئت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي اجْتِهَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[تعريف التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: خُلُوُّ الزَّمَانِ منْ المُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ اتِّفَاقًا]

- ‌[الترجيح]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح بأمور تتعلق بالسند]

- ‌[الترجيح بأمور تعود على المتن]

- ‌[الترجيح العائد إلى المدلول]

- ‌[الترجيح العائد إلى أمر خارجي]

- ‌[الترجيح بين المعقولين]

- ‌[التَّرْجِيحِ بِأُمُورٍ تَعُودُ إِلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[الترجيح الْعَائِدُ إِلَى الْفَرْعِ]

- ‌[تَرْجِيحِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ إِذَا تَعَارَضَا]

- ‌[تَرْجِيحِ الحدود السمعية بعضها على بعض]

الفصل: ‌[مسألة النص على العلة لا يكفي في التعدي دون التعبد بالقياس]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

يُنْقَلُ إِلَيْنَا ; لِأَنَّهُ قَدِ اسْتُغْنِيَ بِالْإِجْمَاعِ عَنْهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ الْمُجَاوَزَةُ وَالِاعْتِبَارُ مِنَ الْأَصْلِ إِلَى الْفَرْعِ، وَالِاعْتِبَارُ وَاجِبٌ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى:{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] ، فَوَجَبَ الْقِيَاسُ.

أَجَابَ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ ظَاهِرٌ فِي الِاتِّعَاظِ، أَوْ فِي الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ، لَا فِي الْأَقْيِسَةِ الشَّرْعِيَّةِ.

عَلَى أَنَّ صِيغَةَ " افْعَلْ " مُحْتَمِلَةٌ لِلْأَمْرِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَكُونُ دَلَالَتُهُ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ قَطْعِيَّةً.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ عليه السلام «لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: بِمَ تَقْضِي يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِيهَا؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي» . وَصَوَّبَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِالْقِيَاسِ مُعْتَدٌّ بِهِ.

أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْآحَادِ، وَغَايَتُهُ إِفَادَةُ الظَّنِّ.

[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ إِذَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ، هَلْ يَكْفِي فِي تَعَدِّي الْحُكْمِ مِنَ الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِهِ، دُونَ وُرُودِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ أَمْ لَا؟

وَالْمُخْتَارُ عَنِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُرُودِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ وَالْقَاشَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ وَالْكَرْخِيُّ: إِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ بِدُونِ وُرُودِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ.

وَقَالَ الْبَصْرِيُّ: إِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ فِي عِلَّةِ التَّحْرِيمِ، لَا غَيْرِهَا مِنْ عِلَّةِ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ.

وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ بِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّ مَنْ قَالَ: أَعْتَقْتُ غَانِمًا لِحُسْنِ خُلُقِهِ، لَا يَقْتَضِي عِتْقَ غَيْرِ غَانِمٍ مِنْ عَبِيدِهِ ; لِكَوْنِهِمْ حَسَنِي الْخُلُقِ.

ص: 165

وَقَالَ أَحْمَدُ وَالْقَاشَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ وَالْكَرْخِيُّ: يَكْفِي.

وَقَالَ الْبَصْرِيُّ: يَكْفِي فِي عِلَّةِ التَّحْرِيمِ لَا غَيْرِهَا.

لَنَا: الْقَطْعُ بِأَنَّ مَنْ قَالَ: أَعْتَقْتُ غَانِمًا لِحُسْنِ خُلُقِهِ، لَا يَقْتَضِي عِتْقَ غَيْرِهِ مِنْ حَسَنِي الْخُلُقِ.

ص - قَالُوا: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِإِسْكَارِهَا، مِثْلُ: حُرِّمَتْ كُلُّ مُسْكِرٍ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِثْلَهُ عُتِقَ مَنْ تَقَدَّمَ.

قَالُوا: لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ، وَالْحَقُّ لِآدَمِيٍّ.

قُلْنَا: يُعْتَقُ بِالصَّرِيحِ وَبِالظَّاهِرِ.

قَالُوا: لَوْ قَالَ الْأَبُّ لَا تَأْكُلْ هَذَا لِأَنَّهُ مَسْمُومٌ، فُهِمَ عُرْفًا الْمَنْعُ مِنْ كُلِّ مَسْمُومٍ.

قُلْنَا: بِقَرِينَةِ شَفَقَةِ الْأَبِّ، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ قَدْ يَخُصُّ لِأَمْرٍ لَا يُدْرَكُ.

قَالُوا: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّعْمِيمِ، لَعُرِّيَ عَنِ الْفَائِدَةِ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 166

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَلَوْ كَانَ التَّنْصِيصُ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ كَافِيًا فِي تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ مِنَ الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَى عِلَّتِهِ إِلَى غَيْرِهِ، بِدُونِ وُرُودِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ، لَاقْتَضَى ذَلِكَ عِتْقَ غَيْرِ غَانِمٍ مِنْ حَسَنِي الْخُلُقِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَعْتَقْتُ كُلَّ عَبْدٍ لِي حَسَنٍ خُلُقُهُ.

ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَى عِلَّتِهِ يَكْفِي فِي تَعَدِّي الْحُكْمِ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، بِدُونِ وُرُودِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ، احْتَجُّوا بِوُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ - أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِإِسْكَارِهَا، مِثْلُ قَوْلِهِ: حُرِّمَتْ كُلُّ مُسْكِرٍ، فَكَمَا أَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي حُرْمَةَ كُلِّ مُسْكِرٍ، فَكَذَا الْأَوَّلُ ; لِأَنَّهُ مِثْلُهُ.

أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِثْلُ الثَّانِي ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِثْلَهُ، أُعْتِقَ غَيْرُ غَانِمٍ مِمَّنْ حَسُنَ خُلُقُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: أَعْتَقْتُ غَانِمًا لِحُسْنِ خُلُقِهِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: أَعْتَقْتُ كُلَّ عَبْدٍ لِي حَسَنٍ خُلُقُهُ. وَالثَّانِي يَقْتَضِي عِتْقَ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ حَسَنٍ خُلُقُهُ، فَكَذَا الْأُولَى ; لِأَنَّهُ مِثْلُهُ.

ص: 167

وَأُجِيبَ بِتَعَقُّلِ الْمَعْنَى فِيهِ، وَلَا يَكُونُ التَّعْمِيمُ إِلَّا بِدَلِيلٍ.

قَالُوا: لَوْ قَالَ: عِلَّةُ التَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ، لَعَمَّ، فَكَذَلِكَ هَذَا.

قُلْنَا: حُكِمَ بِالْعِلَّةِ عَلَى كُلِّ إِسْكَارٍ، فَالْخَمْرُ وَالنَّبِيذُ سَوَاءٌ.

ص - الْبَصْرِيُّ: مَنْ تَرَكَ أَكْلَ شَيْءٍ لِأَذَاهُ، دَلَّ عَلَى تَرْكِهِ كُلَّ مُؤْذٍ، بِخِلَافِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ.

قُلْنَا: إِنْ سُلَّمَ، فَلِقَرِينَةِ التَّأَذِّي، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ.

ص - (مَسْأَلَةٌ) : الْقِيَاسُ يَجْرِي فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.

لَنَا: إِنَّ الدَّلِيلَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ، وَقَدْ حُدَّ فِي الْخَمْرِ بِالْقِيَاسِ.

وَأَيْضًا: الْحُكْمُ لِلظَّنِّ، وَهُوَ حَاصِلٌ كَغَيْرِهِ.

ص - قَالُوا: فِيهِ تَقْدِيرٌ لَا يُعْقَلُ، كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ.

قُلْنَا: إِذَا فُهِمَتِ الْعِلَّةُ وَجَبَ، كَالْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ، وَقَطْعِ النَّبَّاشِ.

قَالُوا: قَالَ: " «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبَهَاتِ» ". وَرَدَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالشَّهَادَةِ.

ص - (مَسْأَلَةٌ) : لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ فِي الْأَسْبَابِ.

لَنَا: أَنَّهُ مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ الْفَرْضَ تَغَايُرُ الْوَصْفَيْنِ، فَلَا أَصْلَ لِوَصْفِ الْفَرْعِ.

وَأَيْضًا: عِلَّةُ الْأَصْلِ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ الْفَرْعِ، فَلَا جَمْعَ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 168

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَمُنِعَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَعْتِقْ كُلُّ عَبْدٍ لَهُ حَسُنَ خُلُقُهُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُصَرِّحٍ بِعِتْقِ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ حَسَنٍ خُلُقُهُ، وَالْحَقُّ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَالشَّارِعُ اعْتَبَرَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ صَرِيحَ الْقَوْلِ.

أَجَابَ بِأَنَّ الْعِتْقَ كَمَا يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ، يَحْصُلُ بِالظَّاهِرِ، وَإِذَا كَانَ التَّنْصِيصُ بِالْعِلَّةِ مِثْلَ إِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَى الْعِلَّةِ، يَكُونُ قَوْلُهُ: أَعْتَقْتُ غَانِمًا لِحُسْنِ خُلُقِهِ ظَاهِرًا فِي عِتْقِ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ حَسَنٍ خُلُقُهُ.

وَالثَّانِي: لَوْ قَالَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ: لَا تَأْكُلْ هَذَا الطَّعَامَ ; لِأَنَّهُ مَسْمُومٌ، فُهِمَ عُرْفًا الْمَنْعُ مِنْ كُلِّ مَسْمُومٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: لَا تَأْكُلْ هَذَا ; لِأَنَّهُ مَسْمُومٌ، مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا تَأْكُلْ كُلَّ مَسْمُومٍ، لَمَا فُهِمَ عُرْفًا ذَلِكَ.

أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ فَهْمَ ذَلِكَ عُرْفًا مِنَ اللَّفْظِ، بَلْ فُهِمْ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ خَارِجِيَّةٍ، وَهِيَ شَفَقَةُ الْأَبِ ; فَإِنَّ شَفَقَةَ الْأَبِ يَقْتَضِي مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْ كُلِّ سُمٍّ، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُخَصُّ لِأَمْرٍ لَا يُدْرَكُ.

الثَّالِثُ: لَوْ لَمْ يَكُنِ التَّنْصِيصُ عَلَى الْعِلَّةِ لِتَعْمِيمِ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ وُجُودِ الْعِلَّةِ، لَعُرِّيَ التَّنْصِيصُ عَنِ الْفَائِدَةِ لِحُصُولِ الْحُكْمِ فِي الْمَنْصُوصِ بِمُجَرَّدِ النَّصِّ بِدُونِ التَّنْصِيصِ عَلَى عِلَّتِهِ.

ص: 169

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

أَجَابَ بِأَنَّ فَائِدَةَ التَّنْصِيصِ عَلَى الْعِلَّةِ تَعَقُّلُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ الْحُكْمُ فِيهِ، أَيْ فِي الْمَحَلِّ ; لِأَنَّهُ أَسْرَعُ إِلَى الِانْقِيَادِ، وَتَعْمِيمُ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ.

الرَّابِعُ: لَوْ قَالَ الشَّارِعُ: الْإِسْكَارُ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ، لَعَمَّ التَّحْرِيمُ كُلَّ مُسْكِرٍ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِإِسْكَارِهَا، يَعُمُّ التَّحْرِيمُ فِيهِ كُلَّ مُسْكِرٍ ; لِأَنَّهُ مِثْلُهُ.

أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: الْإِسْكَارُ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ حَكَمَ بِالْعِلَّةِ عَلَى كُلِّ إِسْكَارٍ، فَالْخَمْرُ وَالنَّبِيذُ تَسَاوَيَا فِيهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِإِسْكَارِهَا ; فَإِنَّهُ حُكِمَ بِالْعِلَّةِ عَلَى إِسْكَارِ الْخَمْرِ. فَلَا يَكُونُ الْخَمْرُ وَالنَّبِيذُ فِيهِ سَوَاءً.

ش - احْتَجَّ الْبَصْرِيُّ بِأَنَّ مَنْ تَرَكَ أَكْلَ شَيْءٍ لِأَجْلِ أَنَّهُ مُؤْذٍ، دَلَّ عَلَى تَرْكِهِ كُلَّ مُؤْذٍ، بِخِلَافِ مَنِ ارْتَكَبَ أَمْرَ الْمَصْلَحَةِ، كَالتَّصَدُّقِ عَلَى فَقِيرٍ، فَإِنَّهُ

ص: 170