المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعليل حكمين بعلة] - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[أبو الثناء الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌[أركان القياس الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّعْلِيلِ بالعلةِالْقَاصِرَةِ]

- ‌[هل النقض قادح في العلة]

- ‌[هل الكسر قادح في العلة]

- ‌[النقض المكسور هل يبطل العلة]

- ‌[العكس]

- ‌[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]

- ‌[تعليل حكمين بعلة]

- ‌[تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي]

- ‌[تعداد الوصف ووقوعه]

- ‌[هل الحكم ثابت بالعلة أو بالنص]

- ‌[من أركان القياس الفرع]

- ‌[شُرُوطُ الْفَرْعِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

- ‌[المسلك الأول والثاني الإجماع والنص]

- ‌[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]

- ‌[قَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا]

- ‌[الْمَقَاصِدُ ضَرْبَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ]

- ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

- ‌[تَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الشَّبَهِ بِجَمِيعِ الْمَسَالِكِ]

- ‌[الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌[جواز التعبد بالقياس]

- ‌[مسلك النظام ورده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في جميع الأحكام]

- ‌[الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[الاستفسار]

- ‌[فَسَادُ الِاعْتِبَارِ]

- ‌[فَسَادُ الْوَضْعِ]

- ‌[مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ]

- ‌[مَنْعُ وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً]

- ‌[عَدَمُ التَّأْثِيرِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي إِفْضَاءِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَقْصُودِ]

- ‌[كَوْنُ الْوَصْفِ خَفِيًّا]

- ‌[كَوْنُ الوصف غَيْرَ مُنْضَبِطٍ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[الْكَسْرُ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]

- ‌[التَّعْدِيَةُ]

- ‌[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ]

- ‌[اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ]

- ‌[اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ]

- ‌[مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْفَرْعِ لِحُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[الْقَلْبُ]

- ‌[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]

- ‌[تعدد الاعتراضات]

- ‌[الِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تعريف الاستدلال وأنواعه]

- ‌[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّاني مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: الِاسْتِصْحَابُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: شَرْعُ مِنْ قَبْلَنَا]

- ‌[الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا]

- ‌[مذهب الصحابي]

- ‌[الاستحسان]

- ‌[المصالح المرسلة]

- ‌[الاجتهاد]

- ‌[تعربف الاجتهاد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ لَا إِثْمَ عَلَى مُجْتَهِدٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: لَا يَسْتَقِيمُ لِمُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّات منهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ جواز أن يقال للمجتهد احكم بما شئت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي اجْتِهَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[تعريف التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: خُلُوُّ الزَّمَانِ منْ المُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ اتِّفَاقًا]

- ‌[الترجيح]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح بأمور تتعلق بالسند]

- ‌[الترجيح بأمور تعود على المتن]

- ‌[الترجيح العائد إلى المدلول]

- ‌[الترجيح العائد إلى أمر خارجي]

- ‌[الترجيح بين المعقولين]

- ‌[التَّرْجِيحِ بِأُمُورٍ تَعُودُ إِلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[الترجيح الْعَائِدُ إِلَى الْفَرْعِ]

- ‌[تَرْجِيحِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ إِذَا تَعَارَضَا]

- ‌[تَرْجِيحِ الحدود السمعية بعضها على بعض]

الفصل: ‌[تعليل حكمين بعلة]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

انْضِمَامِ أَمْرٍ آخَرَ إِلَى هَذَا الدَّلِيلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عِلَّةً، لَزِمَ التَّحَكُّمُ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، لَزِمَ التَّحَكُّمُ، وَالتَّالِي ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ.

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْحُكْمَ إِنْ ثَبَتَ بِالْجَمِيعِ، فَيَكُونُ الْعِلَّةُ الْجَمِيعَ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا جُزْؤُهُ، وَهُوَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِالْجَمِيعِ، لَزِمَ التَّحَكُّمُ لِثُبُوتِهِ بِوَاحِدَةٍ حِينَئِذٍ.

أَجَابَ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْجَمِيعِ بِمَعْنَى كُلِّ وَاحِدَةٍ، كَالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَدْلُولَ يَثْبُتُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَلَا يَلْزَمُ التَّحَكُّمُ.

ش - الْقَائِلُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ أَحَدُهَا لَا بِعَيْنِهَا، احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا، لَزِمَ التَّحَكُّمُ أَوِ الْجُزْئِيَّةُ. وَبَيَانُ الْمُلَازَمَةِ ظَاهِرٌ مِمَّا سَبَقَ، فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِجَوَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ.

[تعليل حكمين بعلة]

ش - اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَعْلِيلِ حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ.

وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمَيْنِ بِأَمَارَةٍ وَاحِدَةٍ، إِذْ لَا امْتِنَاعَ فِي نَصْبِ أَمَارَةٍ وَاحِدَةٍ لِحُكْمَيْنِ، كَغُرُوبِ الشَّمْسِ لِجَوَازِ الْإِفْطَارِ، وَوُجُوبِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَاعِثِ وَالْأَمَارَةِ أَنَّ الْبَاعِثَ وَصْفٌ ضَابِطٌ لِحِكْمَةٍ مَقْصُودَةٍ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ، وَالْأَمَارَةُ لَا تَكُونُ كَذَلِكَ بَلْ تَكُونُ مُعَرِّفَةً لِلْحُكْمِ.

وَاحْتُجَّ عَلَى الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي مُنَاسَبَةِ وَصْفِ وَاحِدٍ لِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَالْإِسْكَارِ الْمُنَاسِبِ لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ.

ش - الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، قَالُوا: لَوْ جَازَ تَعْلِيلُ الْحُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ،

ص: 65

وَأَمَّا الْأَمَارَةُ فَاتِّفَاقٌ.

لَنَا: لَا بُعْدَ فِي مُنَاسَبَةِ وَصْفِ وَاحِدٍ لِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.

ص - قَالُوا: يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَصَّلَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إِمَّا يَحْصُلُ أُخْرَى، أَوْ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِهِمَا.

ص - وَمِنْهَا أَنْ لَا تَتَأَخَّرَ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.

لَنَا: لَوْ تَأَخَّرَتْ، لَثَبَتَ الْحُكْمُ بِغَيْرِ بَاعِثٍ،

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ.

بَيَانُ الْمُلَازِمَةِ أَنَّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ حَصَلَ الْحِكْمَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا الْعِلَّةُ، فَالْحُكْمُ الثَّانِي إِنْ لَمْ يُحَصِّلْهَا، لَزِمَ أَنْ لَا تَكُونَ الْعِلَّةُ عِلَّةً لَهُ، وَإِنْ حَصَّلَهَا، يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ.

أَجَابَ بِأَنَّ الْحُكْمَ الثَّانِيَ إِمَّا يَحْصُلُ حِكْمَةٌ أُخْرَى، أَوْ لَا تَحْصُلُ الْحِكْمَةُ إِلَّا بِالْحُكْمَيْنِ، وَالَّتِي تَحْصُلُ مِنَ الْوَاحِدِ هِيَ جُزْءُ الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْغَرَضَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ غَرَضَيْنِ، فَيَحْصُلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَمْرٍ، وَالْمَجْمُوعُ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُكُمُ الْحُكْمُ الثَّانِي يَحْصُلُ حِكْمَةٌ أُخْرَى يُنَافِي أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ ; فَإِنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّ الْبَاعِثَ وَاحِدٌ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وَحْدَةِ الْبَاعِثِ وَحْدَةُ الْحِكْمَةِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ مُتَعَدِّدَةً، وَلَا يَكُونُ الْوَصْفُ إِلَّا ضَابِطًا لِإِحْدَاهُمَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْبَاعِثُ وَاحِدًا مَعَ تَعَدُّدِ الْحِكْمَةِ.

ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَلَّا يَتَأَخَّرَ وُجُودُهَا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ وَجُودُهَا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، لَزِمَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِغَيْرِ بَاعِثٍ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى الْحُكْمِ.

وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ تَحَقُّقَ الْحُكْمِ بِدُونِ الْبَاعِثِ مُحَالٌ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ هِيَ الْأَمَارَةَ لَا الْبَاعِثَةَ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ كَوْنُ الْعِلَّةِ أَمَارَةً، يَلْزَمُ تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ بِتَقْدِيرِ تَأَخُّرِهِ ; لِأَنَّ الْأَمَارَةَ لَا فَائِدَةَ لَهَا إِلَّا تَعْرِيفَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ عُرِّفَ بِالنَّصِّ، فَيَكُونُ تَعْرِيفُهُ بِالْأَمَارَةِ تَعْرِيفَ الْمُعَرَّفِ.

وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ الْأَمَارَةِ تَعْرِيفَ حُكْمِ الْفَرْعِ، فَلَا يَكُونُ تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَمَارَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً لِمَا سَبَقَ.

مِثَالٌ: تَأَخُّرُ الْعِلَّةِ عَنِ الْحُكْمِ تَعْلِيلُ وِلَايَةِ الْأَبِّ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ الْجُنُونُ بِالْجُنُونِ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ عُرُوضِ الْجُنُونِ ثَبَتَ الْوِلَايَةُ، فَتَأَخَّرَ الْجُنُونُ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ عَنِ الْوِلَايَةِ الَّتِي هِيَ

ص: 67

وَإِنْ قُدِّرَتْ أَمَارَةٌ، فَتَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ.

ص - وَمِنْهَا: وَأَنْ لَا تَرْجِعَ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ بِالْإِبْطَالِ.

ص - وَأَنْ لَا تَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَةُ بِمُعَارِضٍ فِي الْأَصْلِ، وَقِيلَ: وَلَا فِي الْفَرْعِ، وَقِيلَ: مَعَ تَرْجِيحِ الْمُعَارِضِ، وَأَنْ لَا تُخَالِفَ نَصًّا وَلَا إِجْمَاعًا، وَأَنْ لَا تَتَضَمَّنَ الْمُسْتَنْبَطَةُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الْحُكْمُ.

ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تَكُونَ مُبْطِلَةً لِحُكْمِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهَا إِذَا أَبْطَلَتْ حُكْمَ الْأَصْلِ، يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الْعِلَّةِ ; لِأَنَّهَا مُسْتَنْبَطَةٌ مَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.

مِثَالُهُ: تَعْلِيلُ وُجُوبِ الشَّاةِ عَلَى التَّعْيِينِ فِي الزَّكَاةِ بِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ حُكْمِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّ دَفْعَ حَاجَةِ الْفَقِيرِ كَمَا يُمْكِنُ بِوُجُوبِ الشَّاةِ، كَذَلِكَ يُمْكِنُ بِوُجُوبِ قِيمَتِهَا، فَلَوْ عُلِّلَ الْوُجُوبُ بِدَفْعِ الْحَاجَةِ، يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ وُجُوبِ الشَّاةِ عَلَى التَّعْيِينِ.

ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَةُ مُعَارَضَةً بِوَصْفٍ آخَرَ، صَالِحٍ لِلْعِلِّيَّةِ، يُوجَدُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمُعَارِضُ هُوَ الْعِلَّةُ، أَوِ الْعِلَّةُ مَجْمُوعُهَا، وَلَا يَلْزَمُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ.

فَإِنْ قُلْتَ: مَذْهَبُهُ جَوَازُ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ. فَحِينَئِذٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمُعَارِضِ فِي الْفَرْعِ، عَدَمُ الْحُكْمِ فِيهِ ; لِوُجُودِ عِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ فِي الْفَرْعِ.

أُجِيبَ: جَوَازُ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَا الظَّنُّ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعِلَّةُ هُوَ الْمَجْمُوعُ أَوِ الْمُعَارِضُ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي الْفَرْعِ فَقَطْ.

وَقِيلَ: مِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَصْفٌ مُعَارِضٌ، لَا فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي الْفَرْعِ، أَمَّا فِي الْأَصْلِ فَلِمَا ذَكَرَهُ، وَأَمَّا فِي الْفَرْعِ ; فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عِلَّةِ الْأَصْلِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ، وَمَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فِي الْفَرْعِ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيهِ.

ص: 69

وَقِيلَ: إِنْ نَافَتْ مُقْتَضَاهُ، وَأَنْ يَكُونَ دَلِيلُهَا شَرْعِيًّا.

ص - وَأَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُهَا مُتَنَاوِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ بِعُمُومِهِ أَوْ بِخُصُوصِهِ، مِثْلَ:«لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» ، أَوْ " مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ ".

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 70

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالْحَقُّ أَنَّ انْتِفَاءَ الْمُعَارِضِ فِي الْفَرْعِ، إِنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا لِعِلَّةِ الْأَصْلِ، أَنْ لَوْ كَانَ الْمُعَارِضُ مُوجِبًا لِإِلْحَاقِ الْفَرْعِ بِأَصْلٍ آخَرَ، وَلَا تَرْجِيحَ لِعِلَّةِ الْأَصْلِ.

وَقِيلَ: انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ فِي الْأَصْلِ إِنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا إِذَا كَانَ الْمُعَارِضُ رَاجِحًا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، إِذِ الْمُعَارِضُ الْمُسَاوِي يَمْنَعُ الْعِلَّةَ أَيْضًا.

وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تُخَالِفَ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا ; لِأَنَّ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ.

وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تَتَضَمَّنَ الْمُسْتَنْبَطَةُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، أَيْ إِذَا دَلَّ النَّصُّ عَلَى عِلِّيَّةِ وَصْفٍ، وَالِاسْتِنْبَاطُ زَادَ قَيْدًا عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ، لَمْ يَجُزِ التَّعْلِيلُ بِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَتَضَمَّنَ الْمُسْتَنْبَطَةُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، إِنْ نَافَتِ الزِّيَادَةُ مُقْتَضَى النَّصِّ ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إِذَا كَانَتْ وَصْفًا مُسَاوِيًا لِلْمَنْصُوصَةِ، لَا تَكُونُ الْمُسْتَنْبَطَةُ مُخَالِفَةً لِلْمَنْصُوصَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مَحْذُورٌ.

وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ دَلِيلُهَا شَرْعِيًّا ; لِأَنَّ دَلِيلَهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ شَرْعِيٍّ، يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقِيَاسُ شَرْعِيًّا.

ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهَا مُتَنَاوِلًا حُكْمَ الْفَرْعِ، إِمَّا بِطْرِيقِ الْعُمُومِ بِأَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، أَوْ لِغَيْرِهِ.

كَمَا إِذَا قِيلَ: الْفَوَاكِهُ مَطْعُومَةٌ فَيَجْرِي فِيهِ الرِّبَا قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ، ثُمَّ يَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الطَّعْمِ بِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» ، فَإِنَّهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الطَّعْمِ بِالْإِيمَاءِ، يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاكِهِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ ; لِتَنَاوُلِهِ حُكْمَ غَيْرِ الْفَوَاكِهِ، وَإِمَّا بِطَرِيقِ الْخُصُوصِ بِأَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِصُورَةِ الْفَرْعِ فَقَطْ.

كَمَا إِذَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ: خَارِجُ نَجَسٍ، فَيَنْتَقِضُ بِهِ الْوُضُوءُ قِيَاسًا عَلَى الْخَارِجِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ، ثُمَّ يُبَيِّنُ عِلِّيَّةَ الْخَارِجِ مِنَ النَّجَسِ بِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» . فَإِنَّهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْخَارِجِ النَّجِسِ، يَدُلُّ عَلَى

ص: 71

لَنَا: تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ، وَرُجُوعٌ.

قَالُوا: مُنَاقَشَةٌ جَدَلِيَّةٌ.

ص - وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ كَوْنِهَا حُكْمًا شَرْعِيًّا إِنْ كَانَ بَاعِثًا عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ، لَا لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ كَالنَّجَاسَةِ فِي عِلَّةِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ.

ص - وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ تَعَدُّدِ الْوَصْفِ وَوُقُوعِهِ، كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ.

لَنَا: أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْوَاحِدُ يَثْبُتُ بِهِ الْمُتَعَدِّدُ مِنْ نَصٍّ، أَوْ مُنَاسَبَةٍ، أَوْ شَبَهٍ، أَوْ سَبْرٍ، أَوِ اسْتِنْبَاطٍ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 72