الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَإِنْ جَوَّزْنَا تَقْلِيدَ غَيْرِهِ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ، جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بِخِلَافِ إِمَامِهِ، وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ، لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِخِلَافِ إِمَامِهِ.
[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا؟ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُجْتَهِدَ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ فِيمَا لَا يَخُصُّهُ، أَيْ فِيمَا يُفْتِي فِيهِ، وَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنَ التَّقْلِيدِ فِيمَا يَخُصُّهُ، أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيمَا يَخُصُّهُ إِذَا فَاتَ الْوَقْتُ إِنِ اشْتَغَلَ بِالِاجْتِهَادِ.
وَقِيلَ: الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُقَلِّدُهُ أَعْلَمَ مِنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ إِذَا كَانَ مُقَلِّدُهُ صَحَابِيًّا، وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الصَّحَابِيِّ إِذَا كَانَ الصَّحَابِيُّ أَرْجَحَ فِي نَظَرِهِ مَنْ غَيْرِهِ، وَإِنِ اسْتَوَوْا فِي نَظَرِهِ، تَخَيَّرَ فِي تَقْلِيدِ مَنْ شَاءَ.
وَقِيلَ: يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ التَّقْلِيدُ إِذَا كَانَ مُقَلِّدُهُ صَحَابِيًّا أَوْ تَابِعِيًّا.
وَقِيلَ: الْمُجْتَهِدُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنِ التَّقْلِيدِ مُطْلَقًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَعْدَهُ حَصَلَ الظَّنُّ الْأَقْوَى.
ص - الْمُجَوِّزُ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43] .
قُلْنَا: لِلْمُقَلِّدِينَ، بِدَلِيلِ (إِنْ كُنْتُمْ) ، وَلِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ مِنْ أَهْلِ الذِّكْرِ.
ص: الصَّحَابَةُ، " «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ» ". وَقَدْ سَبَقَ.
قَالُوا: الْمُعْتَبَرُ الظَّنُّ، وَهُوَ حَاصِلٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّ ظَنَّ اجْتِهَادِهِ أَقْوَى.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
هَذَا إِذَا كَانَ التَّقْلِيدُ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ، فَمَمْنُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ.
احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ جَوَازَ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ، إِذْ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ بِدُونِ دَلِيلٍ، وَإِلَّا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ الْغَافِلِ، لَكِنْ بَحَثْنَا عَنْهُ وَلَمْ نَجِدْ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّلِيلِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُعَارَضٌ بِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ أَيْضًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ نَفْيٌ، وَالنَّفْيُ يَكْفِي فِيهِ انْتِفَاءُ دَلِيلِ الثُّبُوتِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الِاجْتِهَادَ أَصْلٌ، وَالتَّقْلِيدَ بَدَلٌ، وَالْمُجْتَهِدُ مُتَمَكِّنٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، فَلَا يَجُوزُ الْبَدَلُ كَغَيْرِهِ، مِثْلَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّ الْبَدَلَ يُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْأَصْلِ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ لَجَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ بَعْدَهُ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ التَّقْلِيدِ هُوَ تَمَكُّنُ الْمُجْتَهِدِ مِنْ مَعْرِفَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْحُكْمِ بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ فِي الْحَالَيْنِ، فَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ عَنِ التَّقْلِيدِ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ، مَنَعَ عَنِ التَّقْلِيدِ قَبْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا عَنِ الِاجْتِهَادِ بَعْدَهُ، لَمْ يَكُنْ مَانِعًا عَنِ الِاجْتِهَادِ قَبْلَهُ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْحَاصِلَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ هُوَ الظَّنُّ الْأَقْوَى مِنَ الظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنَ التَّقْلِيدِ، فَلَا جَرَمَ مُنِعَ مِنَ التَّقْلِيدِ، وَقَبْلَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنِ الظَّنُّ حَاصِلًا فَضْلًا عَنِ الظَّنِّ الْأَقْوَى، فَلَا جَرَمَ لَا يَكُونُ التَّقْلِيدُ مَمْنُوعًا.
ش - الْمُجَوِّزُ، أَيِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ لِلْمُجْتَهِدِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ مُطْلَقًا، احْتَجَّ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] .
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّهُ - تَعَالَى - أَمَرَ بِالسُّؤَالِ، وَأَدْنَى دَرَجَةِ الْأَمْرِ بِالسُّؤَالِ اتِّبَاعُ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَاعْتِقَادُ قَوْلِهِ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْخِطَابَ وَإِنْ كَانَ عَامًّا، لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمُقَلِّدُونَ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالسُّؤَالِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ، فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ