المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل] - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[أبو الثناء الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌[أركان القياس الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّعْلِيلِ بالعلةِالْقَاصِرَةِ]

- ‌[هل النقض قادح في العلة]

- ‌[هل الكسر قادح في العلة]

- ‌[النقض المكسور هل يبطل العلة]

- ‌[العكس]

- ‌[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]

- ‌[تعليل حكمين بعلة]

- ‌[تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي]

- ‌[تعداد الوصف ووقوعه]

- ‌[هل الحكم ثابت بالعلة أو بالنص]

- ‌[من أركان القياس الفرع]

- ‌[شُرُوطُ الْفَرْعِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

- ‌[المسلك الأول والثاني الإجماع والنص]

- ‌[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]

- ‌[قَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا]

- ‌[الْمَقَاصِدُ ضَرْبَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ]

- ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

- ‌[تَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الشَّبَهِ بِجَمِيعِ الْمَسَالِكِ]

- ‌[الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌[جواز التعبد بالقياس]

- ‌[مسلك النظام ورده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في جميع الأحكام]

- ‌[الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[الاستفسار]

- ‌[فَسَادُ الِاعْتِبَارِ]

- ‌[فَسَادُ الْوَضْعِ]

- ‌[مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ]

- ‌[مَنْعُ وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً]

- ‌[عَدَمُ التَّأْثِيرِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي إِفْضَاءِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَقْصُودِ]

- ‌[كَوْنُ الْوَصْفِ خَفِيًّا]

- ‌[كَوْنُ الوصف غَيْرَ مُنْضَبِطٍ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[الْكَسْرُ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]

- ‌[التَّعْدِيَةُ]

- ‌[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ]

- ‌[اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ]

- ‌[اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ]

- ‌[مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْفَرْعِ لِحُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[الْقَلْبُ]

- ‌[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]

- ‌[تعدد الاعتراضات]

- ‌[الِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تعريف الاستدلال وأنواعه]

- ‌[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّاني مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: الِاسْتِصْحَابُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: شَرْعُ مِنْ قَبْلَنَا]

- ‌[الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا]

- ‌[مذهب الصحابي]

- ‌[الاستحسان]

- ‌[المصالح المرسلة]

- ‌[الاجتهاد]

- ‌[تعربف الاجتهاد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ لَا إِثْمَ عَلَى مُجْتَهِدٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: لَا يَسْتَقِيمُ لِمُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّات منهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ جواز أن يقال للمجتهد احكم بما شئت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي اجْتِهَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[تعريف التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: خُلُوُّ الزَّمَانِ منْ المُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ اتِّفَاقًا]

- ‌[الترجيح]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح بأمور تتعلق بالسند]

- ‌[الترجيح بأمور تعود على المتن]

- ‌[الترجيح العائد إلى المدلول]

- ‌[الترجيح العائد إلى أمر خارجي]

- ‌[الترجيح بين المعقولين]

- ‌[التَّرْجِيحِ بِأُمُورٍ تَعُودُ إِلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[الترجيح الْعَائِدُ إِلَى الْفَرْعِ]

- ‌[تَرْجِيحِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ إِذَا تَعَارَضَا]

- ‌[تَرْجِيحِ الحدود السمعية بعضها على بعض]

الفصل: ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

صَحِيحَةٌ، مَعَ أَنَّهَا تَلْزَمُ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ تُسَاوِيهَا، أَوْ تَزِيدَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَرَامَ إِنْ غَلَبَ عَلَى الْحَلَالِ مُطْلَقًا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضٍ، تَزِيدُ الْمَفْسَدَةُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ.

أَجَابَ بِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْغَصْبِ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنِ الصَّلَاةِ وَبِالْعَكْسِ، أَيْ: مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنِ الْغَصْبِ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ خَالِصَةٍ.

وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ وَالْمَفْسَدَةَ نَشَأَتَا مِنَ الصَّلَاةِ، لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ، بَلْ تَكُونُ فَاسِدَةً.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ مِنْ تَرْجِيحٍ، فَعَلَى الْمُسْتَدِلِّ أَنْ يُرَجِّحَ الْوَصْفَ.

وَالتَّرْجِيحُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَسَائِلِ، فَإِنَّ التَّرْجِيحَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ قَدْ يَكُونُ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَقَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إِلَى أَدْنَى تَأَمُّلٍ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ.

وَلِلْمُسْتَدِلِّ تَرْجِيحٌ إِجْمَالِيٌّ يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنِ الْمَصْلَحَةُ رَاجِحَةً عَلَى مَا عَارَضَهَا مِنَ الْمَفْسَدَةِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ ; لِأَنَّا بَحَثْنَا وَلَمْ نَجِدْ مَصْلَحَةً أُخْرَى تَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغَيْرِ، وَثُبُوتُ الْحُكْمِ بِمُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ خِلَافُ الْأَصْلِ.

[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

ش - اعْلَمْ أَنَّ قَبْلَ الْخَوْضِ فِي تَقْدِيرِ مَا فِي الْمَتْنِ، نَذْكُرُ مُقَدِّمَةً نَافِعَةً، فَنَقُولُ: إِنَّ لِلْجِنْسِيَّةِ فِي الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ مَرَاتِبُ بِحَسَبِ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ.

أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَأَعَمُّ أَجْنَاسِهِ كَوْنُهُ حُكْمًا شَرْعِيًّا، ثُمَّ الْوُجُوبُ، ثُمَّ وُجُوبُ الْعِبَادَاتِ، ثُمَّ وُجُوبُ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا فِي الْوَصْفِ فَأَعَمُّ أَجْنَاسِهِ كَوْنُهُ وَصْفًا يُنَاطُ بِهِ الْحُكْمُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ وَغَيْرُ الْمُنَاسِبِ، ثُمَّ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ، ثُمَّ الْمُنَاسِبُ الضَّرُورِيُّ، ثُمَّ الضَّرُورِيُّ فِي حِفْظِ الدِّينِ.

وَالْأَوْصَافُ إِنَّمَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا إِذَا ظُنَّ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ إِيَّاهَا.

وَكُلَّمَا كَانَ الْتِفَاتُ الشَّارِعِ إِلَيْهِ أَكْثَرَ، كَانَ ظَنُّ كَوْنِهِ مُعْتَبَرًا أَقْوَى.

ص: 122

ص - وَالْمُنَاسِبُ مُؤَثِّرٌ، وَمُلَائِمٌ، وَغَرِيبٌ، وَمُرْسَلٌ ; لِأَنَّهُ إِمَّا مُعْتَبَرٌ أَوْ لَا، وَالْمُعْتَبَرُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ هُوَ الْمُؤَثِّرُ.

وَالْمُعْتَبَرُ بِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وِفْقِهِ فَقَطْ، إِنْ ثَبَتَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ جِنْسُهُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، فَهُوَ الْمُلَائِمُ، وَإِلَّا فَهُوَ الْغَرِيبُ.

وَغَيْرُ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْمُرْسَلُ، فَإِنْ كَانَ غَرِيبًا أَوْ ثَبَتَ إِلْغَاؤُهُ، فَمَرْدُودٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مُلَائِمًا، فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - بِقَبُولِهِ.

وَذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَالْمُخْتَارُ رَدُّهُ.

وَشَرْطُ الْغَزَالِيِّ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، فَالْأَوَّلُ كَالتَّعْلِيلِ بِالصِّغَرِ فِي حَمْلِ النِّكَاحِ عَلَى الْمَالِ فِي الْوِلَايَةِ، فَإِنَّ عَيْنَ الصِّغَرِ مُعْتَبَرٌ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ بِالْإِجْمَاعِ.

وَالثَّانِي كَالتَّعْلِيلِ بِعُذْرِ الْحَرَجِ فِي حَمْلِ الْحَضَرِ بِالْمَطَرِ عَلَى السَّفَرِ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنَّ جِنْسَ الْحَرَجِ مُعْتَبَرٌ فِي عَيْنِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ.

وَالثَّالِثُ كَالتَّعْلِيلِ بِجِنَايَةِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِي حَمْلِ الْمُثْقَلِ عَلَى الْمُحَدَّدِ فِي الْقِصَاصِ، فَإِنَّ جِنْسَ الْجِنَايَةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْقِصَاصِ

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 123

كَالْأَطْرَافِ وَغَيْرِهَا.

وَالْغَرِيبُ كَالتَّعْلِيلِ بِالْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ فِي حَمْلِ الْبَاتِّ فِي الْمَرَضِ عَلَى الْقَاتِلِ فِي الْحُكْمِ بِالْمُعَارَضَةِ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ، حَتَّى صَارَ تَوْرِيثُ الْمَبْتُوتَةِ كَحِرْمَانِ الْقَاتِلِ.

وَكَالتَّعْلِيلِ بِالْإِسْكَارِ فِي حَمْلِ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ النَّصِّ بِالتَّعْلِيلِ بِهِ.

وَالْمُرْسَلُ الَّذِي ثَبَتَ إِلْغَاؤُهُ كَإِيجَابِ شَهْرَيْنِ ابْتِدَاءً فِي الظِّهَارِ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 124

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَكُلَّمَا كَانَ الْوَصْفُ وَالْحُكْمُ أَخَصَّ، كَانَ كَوْنُ الْوَصْفِ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ آكَدَ، فَيَكُونُ لَا مَحَالَةَ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَكُونُ أَعَمَّ مِنْهُ. إِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَنَقُولُ: الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مُؤَثِّرٌ، وَمُلَائِمٌ، وَغَرِيبٌ، وَمُرْسَلٌ. وَوَجْهُ الْحَصْرِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي نَظَرِ الشَّارِعِ، أَيِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، أَوْ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ.

وَالْمُعْتَبَرُ إِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَيُسَمَّى مُؤَثِّرًا ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ تَأْثِيرُهُ فِي الْحُكْمِ بِالْإِجْمَاعِ أَوِ النَّصِّ، كَتَعْلِيلِ الْحَدَثِ بِمَسِّ الْمُحْدِثِ ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ عَيْنَ مَسِّ الْمُحْدِثِ ذَكَرَهُ فِي عَيْنِ الْحَدَثِ بِالنَّصِّ بِقَوْلِهِ عليه السلام:" «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ".

وَكَتَعْلِيلِ الْوِلَايَةِ فِي الْمَالِ بِالصِّغَرِ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ عَيْنَ الصِّغَرِ فِي عَيْنِ الْوِلَايَةِ فِي الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ.

وَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ لَا بِنَصٍّ وَلَا بِإِجْمَاعِ، بَلْ بِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ إِنْ ثَبْتَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ اعْتِبَارُ عَيْنِ الْوَصْفِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَيِ اعْتِبَارُ جِنْسِ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، أَوِ اعْتِبَارُ جِنْسِ الْوَصْفِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، يُسَمَّى مُلَائِمًا ; لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا

ص: 125

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ.

وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بَلِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ عَيْنَ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَقَطْ، يُسَمَّى غَرِيبًا، وَغَيْرُ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْمُرْسَلُ.

ثُمَّ الْمُرْسَلُ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارٍ إِلَى مُرْسَلٍ مُلَائِمٍ، وَإِلَى مُرْسَلٍ غَرِيبٍ ; لِأَنَّهُ إِنِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ جِنْسَهُ الْبَعِيدَ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، فَهُوَ الْمُرْسَلُ الْمُلَائِمُ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُرْسَلُ الْغَرِيبُ.

مِثَالُ الْمُرْسَلِ الْمُلَائِمِ: تَعْلِيلُ تَحْرِيمِ قَلِيلِ الْخَمْرِ بِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى كَثِيرِهَا، وَهَذَا مُنَاسِبٌ لَمْ يَعْتَبِرِ الشَّارِعُ عَيْنَ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ جِنْسُهُ فِي جِنْسِهِ، لَكِنَّهُ اعْتَبَرَ جِنْسَهُ الْبَعِيدَ فِي جِنْسِ الْحُكْمُ. فَإِنَّ الْخَلْوَةَ لَمَّا كَانَتْ دَاعِيَةً إِلَى الزِّنَا، حَرَّمَهَا الشَّارِعُ بِتَحْرِيمِ الزِّنَا.

وَهَذَا مُلَائِمٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لِتَصَرُّفِ الشَّارِعِ، وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ إِلَى مَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ مِنَ الشَّرْعِ، وَإِلَى غَيْرِ مَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ.

ص: 126

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالْمُرْسَلُ الْغَرِيبُ، وَالَّذِي عُلِمَ إِلْغَاؤُهُ مَرْدُودٌ اتِّفَاقًا، أَيْ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ.

وَأَمَّا الْمُرْسَلُ الْمُلَائِمُ، فَقَدْ صَرَّحَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ بِقَبُولِهِ. وَنُقِلَ قَبُولُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، رضي الله عنهما.

وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ رَدُّهُ مُطْلَقًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَبِرْ نَوْعَهُ فِي نَوْعِهِ بِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَلَا جِنْسِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَلَا جِنْسِهِ فِي جِنْسِهِ، فَلَا يَحْصُلُ الظَّنُّ بِعِلِّيَّتِهِ.

وَشَرَطَ الْغَزَالِيُّ فِي قَبُولِ الْمُرْسَلِ الْمُلَائِمِ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورِيَّةِ: كَوْنُهَا أَحَدُ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ، وَالْعَقْلِ، وَالنَّسَبِ، وَالْمَالِ، وَبِالْقَطْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْجَزْمُ بِوُجُودِ الْمَصْلَحَةِ حَاصِلًا، وَبِالْكُلِّيَّةِ أَنْ لَا تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ بَعْضٍ.

وَذَلِكَ كَتَتَرُّسِ الْكُفَّارِ الصَّائِلِينَ بِأَسَارَى الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْجَزْمِ بِأَنَّا لَوْ كَفَفْنَا عَنِ التُّرْسِ، اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى جَمِيعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا

ص: 127

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الْمُسْلِمِينَ بِأَجْمَعِهِمْ، حَتَّى التُّرْسُ، فَإِنَّ قَتْلَ التُّرْسِ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَصْلَحَةً ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً.

وَإِنَّمَا وَجَبَ قَبُولُهُ عِنْدَ اعْتِبَارِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ، يَلْزَمُ عَدَمُ اعْتِبَارِ مَا هُوَ مَقْصُودٌ ضَرُورِيٌّ مِنَ الشَّرْعِ، وَهُوَ حِفْظُ الدِّينِ وَالنَّفْسِ، فَإِنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ يُفْضِي إِلَى إِبْطَالِ الدِّينِ وَهَلَاكِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَسَارَى وَغَيْرِهِمْ.

وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ الْقَطْعِيُّ; لِيَحْصُلَ الْجَزْمُ بِالْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ الْكُلِّيُّ، لِئَلَّا يَلْزَمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَائِزَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. فَإِنَّ مُحَافَظَةَ نَفْسِ غَيْرِ الْأُسَارَى، لَيْسَتْ بِأَوْلَى مِنْ مُحَافَظَةِ نُفُوسِ الْأُسَارَى فِي الدِّينِ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ أَمْثِلَةَ الْمُلَائِمِ، وَالْغَرِيبِ الْمُرْسَلِ، وَالْغَرِيبِ الْغَيْرِ الْمُرْسَلِ، وَالْمُرْسَلِ الَّذِي ثَبَتَ إِلْغَاؤُهُ.

أَمَّا الْمُلَائِمُ، فَقَدْ ذَكَرَ أَمْثِلَةَ أَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ، فَمِثَالُ الْأَوَّلِ مِنْهَا: التَّعْلِيلُ بِالصِّغَرِ فِي قِيَاسِ النِّكَاحِ عَلَى الْمَالِ فِي الْوِلَايَةِ، فَإِنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ عَيْنَ الصِّغَرِ فِي عَيْنِ وِلَايَةِ الْمَالِ بِتَرْتِيبِهَا عَلَى الصِّغَرِ، وَثَبَتَ اعْتِبَارُ عَيْنِ الصِّغَرِ فِي جِنْسِ حُكْمِ الْوِلَايَةِ بِالْإِجْمَاعِ.

ص: 128

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

مِثَالُ الثَّانِي مِنْهَا: التَّعْلِيلُ بِعُذْرِ الْحَرَجِ فِي قِيَاسِ الْحَضَرِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ عَلَى السَّفَرِ فِي رُخْصَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. فَإِنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَ عُذْرَ حَرَجِ السَّفَرَ فِي عَيْنِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ بِتَرْتِيبِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ عَلَيْهِ، وَثَبَتَ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ اعْتِبَارُ جِنْسِ الْحَرَجِ فِي عَيْنِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ.

مِثَالُ الثَّالِثِ مِنْهَا: التَّعْلِيلُ بِجِنَايَةِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِي قِيَاسِ الْمُثْقَلِ عَلَى الْمُحَدَّدِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ. فَإِنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَ عَيْنَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِي عَيْنِ قِصَاصِ النَّفْسِ، وَثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ اعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ جِنْسُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِي الْقِصَاصِ الَّذِي هُوَ جِنْسُ قِصَاصِ النَّفْسِ ; لِاشْتِمَالِهِ عَلَى قِصَاصِ النَّفْسِ وَغَيْرِهَا، كَالْأَطْرَافِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَاللِّسَانِ.

مِثَالُ الْغَرِيبِ الْمُرْسَلِ: التَّعْلِيلُ بِالْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ فِي قِيَاسِ الْبَاتِّ فِي الْمَرَضِ، أَيِ الْمُطْلَقِ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ فِي الْمَرَضِ عَلَى الْقَاتِلِ فِي الْحُكْمِ بِالْمُعَارَضَةِ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ، حَتَّى صَارَ تَوْرِيثُ الْمَبْتُوتَةِ كَحِرْمَانِ الْقَاتِلِ. فَإِنَّ إِرْسَالَ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ.

وَمَقْصُودُهُ حِرْمَانُ الزَّوْجَةِ عَنِ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ غَرَضٌ فَاسِدٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُعَارَضَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ بِأَنْ لَا تُحْرَمَ الْمَبْتُوتَةُ، كَمَا أَنَّ قَاتِلَ مُورِثِهِ لِأَجْلِ مَالِهِ عُورِضَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ بِحِرْمَانِهِ عَنِ الْإِرْثِ.

ص: 129