الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ مِنَ الْقَالِبِ: تَحْكِيمُ الْقَائِلِ فِيهِ أَيْضًا تَحَكُّمٌ بِلَا دَلِيلٍ.
وَمِنْهَا قَلْبُ الدَّلِيلِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا يَدُلُّ لَهُ، مِثْلَ قَوْلِ الْمُسْتَدِلِّ: الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ.
فَيَقْلِبُ الْمُعْتَرِضُ وَيَقُولُ: إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَالَ لَا يَرِثُ بِطَرِيقٍ أَبْلَغَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ:" لَا وَارِثَ " سَلْبٌ عَامٌّ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْخَالُ وَارِثًا.
وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ، وَالصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيفَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا لِلْقَلْبِ لَا يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ، بَلْ يَتَنَاوَلُ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَقَطْ.
[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]
ش - الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسَ وَالْعِشْرُونَ: الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ، وَحَقِيقَتُهُ: تَسْلِيمُ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَسْتَنْتِجَ الْمُسْتَدِلُّ مِنْ دَلِيلِهِ مَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ: قَتَلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ، قِيَاسًا عَلَى الْقَتْلِ بِالْحَرْقِ.
فَيُرَدُّ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُعْتَرِضُ بِمُوجِبِ هَذَا الدَّلِيلِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَتْلَ بِالْمُثْقَلِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ لَكِنَّ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَلَا يَقْتَضِيهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ، أَيْ لَا يَكُونُ مُلَازِمًا لِمَحَلِّ النِّزَاعِ ; إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ كَوْنُ أَحَدِهِمَا مُلَازِمًا لِلْآخَرِ.
الثَّانِي: أَنْ يَسْتَنْتِجَ الْمُسْتَدِلُّ مِنَ الدَّلِيلِ إِبْطَالَ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَأْخَذُ الْخَصْمِ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ: التَّفَاوُتُ فِي الْوَسِيلَةِ
مِثْلَ: التَّفَاوُتُ فِي الْوَسِيلَةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ كَالْمُتَوَسِّلِ إِلَيْهِ، فَيُرَدُّ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إِبْطَالِ مَانِعِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ وَوُجُودُ الشَّرَائِطِ وَالْمُقْتَضَى.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي مَذْهَبِهِ، وَأَكْثَرُ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ كَذَلِكَ ; لِخَفَاءِ الْمَأْخَذِ بِخِلَافِ مَحَالِّ الْخِلَافِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَسْكُتَ عَنِ الصُّغْرَى غَيْرَ مَشْهُورَةٍ، مِثْلَ: مَا ثَبَتَ قُرْبَةً، فَشَرْطُهُ النِّيَّةُ، كَالصَّلَاةِ.
وَيَسْكُتُ عَنْ (وَالْوُضُوءُ قُرْبَةٌ) فَيُرَدُّ، وَلَوْ ذَكَرَهَا لَمْ يَرِدْ إِلَّا الْمَنْعُ.
وَقَوْلُهُمْ: فِيهِ انْقِطَاعُ أَحَدِهِمَا، بَعِيدٌ فِي الثَّالِثِ لِاخْتِلَافِ الْمُرَادَيْنِ.
وَجَوَابُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَوْ مُسْتَلْزَمٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، فَيُقَالُ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّهُ يَجِبُ.
فَيَقُولُ: الْمَعْنَى بِـ " لَا يَجُوزُ " تَحْرِيمُهُ، وَيَلْزَمُ نَفْيُ الْوُجُوبِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّهُ الْمَأْخَذُ، وَعَنِ الثَّالِثِ بِأَنَّ الْحَذْفَ سَائِغٌ.
ص - وَالِاعْتِرَاضَاتُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَتَعَدَّدُ اتِّفَاقًا، وَمِنْ أَجْنَاسٍ، كَالْمَنْعِ وَالْمُطَالَبَةِ وَالنَّقْضِ وَالْمُعَارَضَةِ. مَنَعَ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ التَّعَدُّدَ لِلْخَبْطِ.
وَالْمُتَرَتِّبَةُ مَنْعُ الْأَكْثَرِ ; لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسْلِيمِ لِلْمُتَقَدِّمِ، فَيَتَعَيَّنُ الْأَخِيرُ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ ; لِأَنَّ التَّسْلِيمَ تَقْدِيرِيٌّ فَلْتَتَرَتَّبْ، وَإِلَّا كَانَ مَنْعًا بَعْدَ تَسْلِيمٍ، فَيُقَدَّمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَصْلِ، ثُمَّ الْعِلَّةِ ; لِاسْتِنْبَاطِهَا مِنْهُ، ثُمَّ الْفَرْعِ لِبِنَائِهِ عَلَيْهَا.
وَقَدَّمَ النَّقْضَ عَلَى مُعَارَضَةِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ يُورِدُ لِإِبْطَالِ الْعِلَّةِ، وَالْمُعَارَضَةُ لِإِبْطَالِ اسْتِقْلَالِهَا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ، كَالتَّفَاوُتِ فِي الْمُتَوَسَّلِ إِلَيْهِ، فَيَظُنُّ الْمُسْتَدِلُّ أَنَّ مَأْخَذَ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عِنْدَ الْخَصْمِ تَفَاوُتُ الْوَسِيلَةِ. فَيُرَدُّ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُعْتَرِضُ بِمُوجِبِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْوَسِيلَةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ عِنْدِي أَيْضًا، وَلَكِنْ لَمْ يَلْزَمْ وُجُوبُ الْقِصَاصِ ; إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إِبْطَالِ مَانِعٍ انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ وَوُجُودُ الشَّرَائِطِ وَوُجُودُ الْمُقْتَضِي، وَوُجُوبُ الْقِصَاصِ يَتَوَقَّفُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ مُصَدَّقٌ فِي مَذْهَبِهِ بِأَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُسْتَدِلُّ لَيْسَ مَأْخَذَ الْمُعْتَرِضِ، فَإِنَّهُ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ إِمَامِهِ. وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ مَأْخَذُهُ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ مَأْخَذَ الْمُعْتَرِضِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ لِلْعِنَادِ.
وَأَكْثَرُ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ كَذَلِكَ، أَيْ يَكُونُ مِنْ بَابِ غَلَطِ الْمَأْخَذِ لِخَفَاءِ الْمَأْخَذِ، فَإِنَّ مُدْرَكَ حُكْمِ الْمُجْتَهِدِ كَثِيرًا مَا يَخْفَى، بِخِلَافِ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَالْحُكْمُ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى. وَلِهَذَا يَشْتَرِكُ الْعَوَّامُ مَعَ الْخَوَاصِّ فِي مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ دُونَ الْمَدَارِكِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَذْكُرَ الْمُسْتَدِلُّ كُبْرَى الْقِيَاسِ وَيَسْكُتَ عَنِ الصُّغْرَى، وَالْحَالُ أَنَّ الصُّغْرَى غَيْرُ مَشْهُورَةٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ: مَا ثَبَتَ قُرْبَةً فَشَرْطُهُ النِّيَّةُ، قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ. وَيَسْكُتُ عَنِ الصُّغْرَى، وَهِيَ قَوْلُهُ: الْوُضُوءُ قُرْبَةٌ.
فَيَرُدُّ الْمُعْتَرِضُ بِأَنْ يَقُولَ بِمُوجِبِ الْكُبْرَى، وَلَكِنْ لَا يَنْتِجُ الْكُبْرَى وَحْدَهَا.
وَلَوْ ذَكَرَ الْمُسْتَدِلُّ الصُّغْرَى، لَمْ يُرِدْ إِلَّا مَنْعَ الصُّغْرَى بِأَنْ يَقُولَ الْمُعْتَرِضُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوُضُوءَ قُرْبَةٌ.
وَقَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ: يَلْزَمُ انْقِطَاعُ الْمُسْتَدِلِّ أَوِ الْمُعْتَرِضِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ، بِعِيدٌ لِاخْتِلَافِ مُرَادِ الْمُسْتَدِلِّ وَمُرَادِ الْمُعْتَرِضِ، إِذْ مُرَادُ الْمُسْتَدِلِّ أَنَّ الصُّغْرَى، وَإِنْ كَانَتْ مَحْذُوفَةً لَفْظًا، فَهِيَ مَذْكُورَةٌ تَقْدِيرًا، وَالْمَجْمُوعُ يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ.
وَمُرَادُ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ الْكُبْرَى وَحْدَهَا، وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْمَطْلُوبَ.
وَجَوَابُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ بِأَنْ مَا لَزِمَ مِنَ الدَّلِيلِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ، وَبَيَانُهُ بِالنَّقْلِ الْمَشْهُورِ، كَمَا لَوْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ بِالْمُوجَبِ بِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ لَا يَجُوزُ عِنْدِي ; لِأَنَّهُ يَجِبُ. فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ بِأَنَّ الْمَعْنَى بِـ (لَا يَجُوزُ) : تَحْرِيمُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، وَتَحْرِيمُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ مُسْتَلْزِمٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ.