الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْحُكْمِ الْمَفْرُوضِ. فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُتَمَكِّنًا مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْحُكْمِ الْمَفْرُوضِ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ جَمِيعِ أَمَارَاتِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فِي ظَنِّ الْفَقِيهِ عَنْ مُجْتَهِدٍ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَى جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَبِأَنَّهُ بَعْدَ تَحْرِيرِ الْأَئِمَّةِ الْأَمَارَاتِ وَتَخْصِيصِ كُلِّ بَعْضٍ مِنَ الْأَمَارَاتِ بِبَعْضِ الْمَسَائِلِ، عَرَفَ الْفَقِيهُ أَنَّ مَا عَدَاهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تُعَلُّقٌ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.
[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الرَّسُولَ عليه السلام هَلْ هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالِاجْتِهَادِ أَمْ لَا؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ.
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} [التوبة: 43]، وَبِقَوْلِهِ عليه السلام:" «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ» ".
أَمَّا وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ فَإِنَّهُ عَاتَبَ الرَّسُولَ عليه السلام فِي الْآيَةِ عَلَى الْإِذْنِ. فَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ بِالْوَحْيِ، لَمَا عَاتَبَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْوَحْيِ، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ عَنِ اجْتِهَادٍ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ عليه السلام لَا يَحْكُمُ عَنْ تَشَهِّي النَّفْسِ ; لِقَوْلِهِ - تَعَالَى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ، لَمْ يَجُزِ ارْتِكَابُهُ.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْحَدِيثِ ; فَلِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ الصَّادِرَ مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الرَّسُولِ عليه السلام لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَحْيِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ عليه السلام أَنْ يُبَدِّلَ الْوَحْيَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْوَحْيِ، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ بِالِاجْتِهَادِ. كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْآيَةِ.
وَاسْتَدَلَّ أَبُو يُوسُفَ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] .
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا - كَمَا قَرَّرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ - أَنَّ الْإِرَاءَةَ إِمَّا مِنَ الرَّأْيِ الَّذِي هُوَ الِاجْتِهَادُ، أَوْ مِنَ الرُّؤْيَةِ بِمَعْنَى الْإِبْصَارِ، أَوْ بِمَعْنَى الْعِلْمِ.
لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ بِمَعْنَى الْإِبْصَارِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِـ " مَا " فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: " {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] " هُوَ الْأَحْكَامُ، وَهِيَ لَا تَكُونُ مُبْصَرَةً.
وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ ذِكْرُ الْمَفْعُولِ الثَّالِثِ ; لِوُجُودِ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، وَهُوَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ إِلَى الْمَوْصُولِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَلْفُوظِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الرَّأْيِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ لَا مَوْصُولَةٌ، وَقَدْ حُذِفَ الْمَفْعُولَانِ وَهُوَ جَائِزٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ " مَا " مَوْصُولَةً، جَازَ حَذْفُ الْمَفْعُولِ الثَّالِثِ عِنْدَ حَذْفِ الثَّانِي.
وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْعَمَلَ بِالِاجْتِهَادِ أَكْثَرُ ثَوَابًا ; لِأَنَّهُ أَشَقُّ مِنَ الْعَمَلِ بِالنَّصِّ، وَمَا هُوَ أَشَقُّ أَكْثَرُ ثَوَابًا ; لِقَوْلِهِ عليه السلام:" «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمَزُهَا» " أَيْ أَشَقُّهَا، وَمَا هُوَ أَكْثَرُ ثَوَابًا كَانَ أَوْلَى.
أَجَابَ بِأَنَّ دَرَجَةَ الْوَحْيِ أَعْلَى مِنَ الِاجْتِهَادِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ الْخَطَأُ، فَيَسْقُطُ الِاجْتِهَادُ ; لِأَنَّ مَا هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً أَوْلَى.
ش - الْمَانِعُونَ مِنْ تَعَبُّدِ الرَّسُولِ عليه السلام بِالِاجْتِهَادِ احْتَجُّوا بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ - تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3] ، فَإِنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الصَّادِرُ عَنِ الرَّسُولِ عليه السلام بِالْوَحْيِ، وَالِاجْتِهَادُ لَيْسَ بِوَحْيٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْدُرَ عَنِ الرَّسُولِ الْحُكْمُ بِالِاجْتِهَادِ.
أَجَابَ بِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ رَدُّ قَوْلِ الْكُفَّارِ: {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 94] ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ مَا يَنْطِقُ بِهِ قُرْآنًا،
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ رَدُّ قَوْلِهِمُ (افْتَرَى) وَلَوْ سُلِّمَ، فَإِذَا تَعَبَّدَ بِالِاجْتِهَادِ بِالْوَحْيِ، لَمْ يَنْطِقْ إِلَّا عَنْ وَحْيٍ.
قَالُوا: لَوْ كَانَ لَجَازَ مُخَالَفَتُهُ ; لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الِاجْتِهَادِ، وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ، كَالْإِجْمَاعِ عَنِ اجْتِهَادٍ.
قَالُوا: لَوْ كَانَ، لَمَا تَأَخَّرَ فِي الْجَوَابِ.
قُلْنَا: لِجَوَازِ الْوَحْيِ، أَوْ لِاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ.
قَالُوا: الْقَادِرُ عَلَى الْيَقِينِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الظَّنُّ.
قُلْنَا: لَا يُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ الْوَحْيِ، فَكَانَ كَالْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : الْمُخْتَارُ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا.
وَثَالِثُهَا: الْوَقْفُ.
وَرَابِعُهَا: الْوَقْفُ فِيمَنْ حَضَرَهُ.
لَنَا: قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ عَنْهُ: لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" «صَدَقَ» ".
وَحَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَهُوَ مِنَ الْوَحْيِ، لَا أَنَّ كُلَّ مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنَ الْوَحْيِ. وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ كُلَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ بِالْوَحْيِ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ، لَا يَكُونُ بِالْوَحْيِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَعَبَّدَ الرَّسُولُ عليه السلام بِالِاجْتِهَادِ بِالْوَحْيِ، لَمْ يَنْطِقْ إِلَّا عَنْ وَحْيٍ.
الثَّانِي: أَنَّ الرَّسُولَ لَوْ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ، لَجَازَ مُخَالَفَتُهُ فِي الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالِاجْتِهَادِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ خَوَاصِّهِ جَوَازُ الْمُخَالَفَةِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ بِالِاجْتِهَادِ يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي يَكُونُ سَنَدُهُ اجْتِهَادًا اجْتِهَادِيٌّ، وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ.
الثَّالِثُ: لَوْ كَانَ الرَّسُولُ عليه السلام مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ، لَمَا تَأَخَّرَ فِي الْجَوَابِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَوَقَّفَ فِي أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ كَثِيرًا وَانْتَظَرَ الْوَحْيَ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا تَوَقَّفَ لِجَوَازِ الْوَحْيِ وَانْتِظَارِ النَّصِّ. فَإِنَّ الِاجْتِهَادَ إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَصٌّ يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ، أَوْ بِأَنَّهُ إِنَّمَا تَوَقَّفَ لِاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي الِاجْتِهَادِ.