المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القسم الأول من الاستدلال التلازم بين حكمين من غير تعيين علة] - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[أبو الثناء الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌[أركان القياس الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّعْلِيلِ بالعلةِالْقَاصِرَةِ]

- ‌[هل النقض قادح في العلة]

- ‌[هل الكسر قادح في العلة]

- ‌[النقض المكسور هل يبطل العلة]

- ‌[العكس]

- ‌[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]

- ‌[تعليل حكمين بعلة]

- ‌[تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي]

- ‌[تعداد الوصف ووقوعه]

- ‌[هل الحكم ثابت بالعلة أو بالنص]

- ‌[من أركان القياس الفرع]

- ‌[شُرُوطُ الْفَرْعِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

- ‌[المسلك الأول والثاني الإجماع والنص]

- ‌[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]

- ‌[قَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا]

- ‌[الْمَقَاصِدُ ضَرْبَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ]

- ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

- ‌[تَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الشَّبَهِ بِجَمِيعِ الْمَسَالِكِ]

- ‌[الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌[جواز التعبد بالقياس]

- ‌[مسلك النظام ورده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في جميع الأحكام]

- ‌[الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[الاستفسار]

- ‌[فَسَادُ الِاعْتِبَارِ]

- ‌[فَسَادُ الْوَضْعِ]

- ‌[مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ]

- ‌[مَنْعُ وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً]

- ‌[عَدَمُ التَّأْثِيرِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي إِفْضَاءِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَقْصُودِ]

- ‌[كَوْنُ الْوَصْفِ خَفِيًّا]

- ‌[كَوْنُ الوصف غَيْرَ مُنْضَبِطٍ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[الْكَسْرُ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]

- ‌[التَّعْدِيَةُ]

- ‌[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ]

- ‌[اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ]

- ‌[اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ]

- ‌[مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْفَرْعِ لِحُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[الْقَلْبُ]

- ‌[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]

- ‌[تعدد الاعتراضات]

- ‌[الِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تعريف الاستدلال وأنواعه]

- ‌[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّاني مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: الِاسْتِصْحَابُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: شَرْعُ مِنْ قَبْلَنَا]

- ‌[الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا]

- ‌[مذهب الصحابي]

- ‌[الاستحسان]

- ‌[المصالح المرسلة]

- ‌[الاجتهاد]

- ‌[تعربف الاجتهاد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ لَا إِثْمَ عَلَى مُجْتَهِدٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: لَا يَسْتَقِيمُ لِمُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّات منهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ جواز أن يقال للمجتهد احكم بما شئت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي اجْتِهَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[تعريف التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: خُلُوُّ الزَّمَانِ منْ المُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ اتِّفَاقًا]

- ‌[الترجيح]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح بأمور تتعلق بالسند]

- ‌[الترجيح بأمور تعود على المتن]

- ‌[الترجيح العائد إلى المدلول]

- ‌[الترجيح العائد إلى أمر خارجي]

- ‌[الترجيح بين المعقولين]

- ‌[التَّرْجِيحِ بِأُمُورٍ تَعُودُ إِلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[الترجيح الْعَائِدُ إِلَى الْفَرْعِ]

- ‌[تَرْجِيحِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ إِذَا تَعَارَضَا]

- ‌[تَرْجِيحِ الحدود السمعية بعضها على بعض]

الفصل: ‌[القسم الأول من الاستدلال التلازم بين حكمين من غير تعيين علة]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

ثُمَّ فَسَادُ الْوَضْعِ ; لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ فَسَادِ الِاعْتِبَارِ. وَالنَّظَرُ فِي الْأَعَمِّ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الْأَخَصِّ.

ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَصْلِ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذُكِرَ.

[الِاسْتِدْلَالُ]

[تعريف الاستدلال وأنواعه]

[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

ش - لَمَّا كَانَ " الِاسْتِدْلَالُ " مِنْ جُمْلَةِ الطُّرُقِ الْمُفِيدَةِ لِلْأَحْكَامِ، ذَكَرَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ.

وَالِاسْتِدْلَالُ فِي اللُّغَةِ: طَلَبُ الدَّلِيلِ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنًى عَامٍّ، وَهُوَ: ذِكْرُ الدَّلِيلِ نَصًّا كَانَ أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا أَوْ غَيْرَهُ.

وَيُطْلَقُ عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ هَاهُنَا.

فَقِيلَ فِي تَعْرِيفِهِ: هُوَ دَلِيلٌ لَا يَكُونُ نَصًّا وَلَا إِجْمَاعًا وَلَا قِيَاسًا.

وَقِيلَ: هُوَ دَلِيلٌ لَا يَكُونُ نَصًّا وَلَا إِجْمَاعًا وَلَا قِيَاسَ عِلَّةٍ.

فَيَدْخُلُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي نَفْيُ الْفَارِقِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ.

وَالتَّلَازُمُ، أَيْ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ ; لِأَنَّ قِيَاسَ الدَّلَالَةِ الِاسْتِدْلَالُ مِنْ وُجُودِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمِينَ عَلَى وُجُودِ الْآخَرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي نَحْوِ: وُجِدَ السَّبَبُ فَيُوجَدُ الْمُسَبَّبُ، أَوْ وُجِدَ الْمَانِعُ فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ، أَوْ فُقِدَ الشَّرْطُ فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ.

فَقِيلَ: لَيْسَ بِدَلِيلٍ، بَلْ هُوَ دَعْوَى دَلِيلٍ ; لِأَنَّ قَوْلَنَا: وُجِدَ السَّبَبُ، مَعْنَاهُ وُجِدَ الدَّلِيلُ، وَهُوَ دَعْوَى وُجُودِ الدَّلِيلِ.

وَقِيلَ: دَلِيلٌ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا، وَهَذَا كَذَلِكَ.

ص: 249

الِاسْتِدْلَالُ.

ص - الِاسْتِدْلَالُ يُطْلَقُ عَلَى ذِكْرِ الدَّلِيلِ، وَيُطْلَقُ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ.

فَقِيلَ: مَا لَيْسَ بِنَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ.

وَقِيلَ: لَا قِيَاسَ عِلَّةٍ، فَيَدْخُلُ نَفْيُ الْفَارِقِ وَالتَّلَازُمُ، وَأَمَّا نَحْوُ: وَجْدُ السَّبَبِ أَوِ الْمَانِعِ أَوْ فَقْدُ الشَّرْطِ، فَقِيلَ: دَعْوَى دَلِيلٍ.

وَقِيلَ: دَلِيلٌ.

وَعَلَى أَنَّهُ دَلِيلٌ، قِيلَ: اسْتِدْلَالٌ وَقِيلَ: إِنْ أَثْبَتَ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ.

وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ: تَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ وَاسْتِصْحَابٍ.

وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 250

ص - الْأَوَّلُ: تَلَازُمٌ بَيْنَ ثُبُوتَيْنِ، أَوْ نَفْيَيْنِ، أَوْ ثُبُوتٍ وَنَفْيٍ، أَوْ نَفْيٍ وَثُبُوتٍ.

وَالْمُتَلَازِمَانِ إِنْ كَانَا طَرْدًا وَعَكْسًا، كَالْجِسْمِ وَالتَّأْلِيفِ، جَرَى فِيهِمَا الْأَوَّلَانِ طَرْدًا وَعَكْسًا.

وَإِنْ كَانَا طَرْدًا لَا عَكْسًا كَالْجِسْمِ وَالْحُدُوثِ، جَرَى فِيهِمَا الْأَوَّلُ طَرْدًا، وَالثَّانِي عَكْسًا.

وَالْمُتَنَافِيَانِ إِنْ كَانَا طَرْدًا وَعَكْسًا، كَالْحُدُوثِ وَوُجُوبِ الْبَقَاءِ، جَرَى فِيهِمَا الْأَخِيرَانِ طَرْدًا وَعَكْسًا.

فَإِنْ تَنَافَيَا إِثْبَاتًا، كَالتَّأْلِيفِ وَالْقِدَمِ، جَرَى فِيهِمَا الثَّالِثُ طَرْدًا وَعَكْسًا، فَإِنْ تَنَافَيَا نَفْيًا، كَالْأَسَاسِ وَالْخَلَلِ، جَرَى فِيهِمَا الرَّابِعُ طَرْدًا وَعَكْسًا.

الْأَوَّلُ فِي الْأَحْكَامِ - مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ - صَحَّ ظِهَارُهُ وَيَثْبُتُ بِالطَّرْدِ، وَيَقْوَى بِالْعَكْسِ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ دَلِيلًا، اخْتَلَفُوا:

فَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتِدْلَالٌ لِدُخُولِهِ فِي تَعْرِيفِ الِاسْتِدْلَالِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ.

وَقِيلَ: إِنْ أَثْبَتَ السَّبَبَ أَوِ الْمَانِعَ أَوْ فَقَدَ الشَّرْطَ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ، أَعْنِي النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ وَالْقِيَاسَ، فَاسْتِدْلَالٌ.

وَإِنْ أُثْبِتَ بِأَحَدِهَا، لَا يَكُونُ اسْتِدْلَالًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُثْبِتَ بِأَحَدِهَا، كَانَ الْحُكْمُ اللَّازِمُ ثَابِتًا بِالنَّصِّ أَوِ الْإِجْمَاعِ أَوِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ النَّصَّ أَوِ الْإِجْمَاعَ أَوِ الْقِيَاسَ دَلِيلُ إِحْدَى مُقَدِّمَتَيِ الِاسْتِدْلَالِ نَفْسِهِ.

وَقِيلَ: الِاسْتِدْلَالُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:

الْقَوْلُ الْمُؤَلَّفُ الْمُوجِبُ لِقَوْلٍ آخَرَ، اقْتِرَانِيًّا كَانَ أَوِ اسْتِثْنَائِيًّا، وَنَفْيُ الْحُكْمِ لِنَفْيِ الْمَدَارِكِ.

وَقَوْلُهُمْ: وُجِدَ السَّبَبُ أَوِ الْمَانِعُ أَوْ فُقِدَ الشَّرْطُ.

وَالِاسْتِصْحَابُ.

وَلَمْ يُعْتَدَّ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا.

وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

تَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ جَامِعَةٍ،

ص: 252

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَاسْتِصْحَابٌ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا.

ش - الْأَوَّلُ مِنْ أَقْسَامِ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ ; لِأَنَّ الْمُتَلَازِمَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَا ثُبُوتَيْنِ أَوْ نَفْيَيْنِ، أَوِ الْأَوَّلُ ثُبُوتٌ وَالْآخَرُ نَفْيٌ، أَوِ الْأَوَّلُ نَفْيٌ وَالْآخَرُ ثُبُوتٌ.

وَالْمُتَلَازِمَانِ إِنْ كَانَا طَرْدًا وَعَكْسًا، أَيْ إِنْ كَانَ التَّلَازُمُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ، كَالْجِسْمِ وَالتَّأْلِيفِ، فَإِنَّ وُجُودَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْآخَرِ، جَرَى فِيهِمَا - أَيْ فِي الْمُتَلَازِمَيْنِ - الْأَوَّلَانِ، أَيِ التَّلَازُمُ بَيْنَ ثُبُوتَيْنِ - وَالتَّلَازُمُ بَيْنَ نَفْيَيْنِ طَرْدًا وَعَكْسًا، أَيْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ كُلِّ وَاحِدٍ

ص: 253

وَيُقَرَّرُ بِثُبُوتِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ، فَيَلْزَمُ الْآخَرُ، لِلُزُومِ الْمُؤَثِّرِ، وَبِثُبُوتِ الْمُؤَثِّرِ.

وَلَا يُعَيَّنُ الْمُؤَثِّرُ فَيَكُونُ انْتِقَالًا إِلَى قِيَاسِ عِلَّةٍ.

الثَّانِي: لَوْ صَحَّ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، لَصَحَّ التَّيَمُّمُ، وَيَثْبُتُ بِالطَّرْدِ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَيُقَرَّرُ بِانْتِفَاءِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ، فَيَنْتَفِي الْآخَرُ لِلُزُومِ انْتِفَاءِ الْمُؤَثِّرِ بِانْتِفَاءِ الْأَثَرِ.

الثَّالِثُ: مَا كَانَ مُبَاحًا، لَا يَكُونُ حَرَامًا.

الرَّابِعُ: مَا لَا يَكُونُ جَائِزًا يَكُونُ حَرَامًا.

وَيُقَرَّرَانِ بِثُبُوتِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ لَوَازِمِهِمَا.

ص وَيُرَدُّ عَلَى الْجَمِيعِ مَنْعُهُمَا، أَوْ مَنْعُ أَحَدِهِمَا.

وَيُرَدُّ مِنَ الْأَسْئِلَةِ مَا عَدَا أَسْئِلَةِ نَفْسِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ.

وَيَخْتَصُّ بِسُؤَالٍ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ فِي قِصَاصِ الْأَيْدِي بِالْيَدِ: أَحَدُ مُوجِبَيِ الْأَصْلِ، وَهُوَ النَّفْسُ، فَيَجِبُ بِدَلِيلِ الْمُوجَبِ الثَّانِي، وَهُوَ الدِّيَةُ، وَقَرَّرَ بِأَنَّ الدِّيَةَ أَحَدُ الْمُوجِبَيْنِ فَيَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ إِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً، فَوَاضِحٌ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

مِنَ الْجِسْمِ التَّأْلِيفُ، وُجُودُ الْآخَرِ، وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْيُ الْآخَرِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُتَلَازِمَانِ طَرْدًا فَقَطْ، أَيْ لَزِمَ مِنْ وُجُودِ الْأَوَّلِ وُجُودُ الثَّانِي، مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، كَالْجِسْمِ وَالْحُدُوثِ، فَإِنَّ وُجُودَ الْجِسْمِ يَسْتَلْزِمُ الْحُدُوثَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، جَرَى فِيهِمَا التَّلَازُمُ بَيْنَ ثُبُوتَيْنِ طَرْدًا فَقَطْ ; أَيْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْجِسْمِ وُجُودُ الْحُدُوثِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَالتَّلَازُمُ بَيْنَ نَفْيَيْنِ عَكْسًا فَقَطْ، أَيْ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحُدُوثِ نَفْيُ الْجِسْمِ، مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.

وَأَمَّا الْمُتَنَافِيَانِ طَرْدًا وَعَكْسًا، أَيِ اللَّذَانِ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَهِيَ الْمُنْفَصِلَةُ الْحَقِيقِيَّةِ، كَالْحُدُوثِ وَوُجُوبِ الْبَقَاءِ، فَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وُجُودًا وَعَدَمًا، فَيَجْرِي فِيهِمَا الْأَخِيرَانِ، أَيِ التَّلَازُمُ بَيْنَ ثُبُوتٍ وَنَفْيٍ، وَالتَّلَازُمُ بَيْنَ نَفْيٍ وَثُبُوتٍ طَرْدًا وَعَكْسًا، أَيْ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفْيُ الْآخَرِ، وَمِنْ نَفْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُبُوتُ الْآخَرِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُتَنَافِيَانِ تَنَافَيَا إِثْبَاتًا فَقَطْ، أَيْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَنْعُ الْجَمْعِ، كَالتَّأْلِيفِ وَالْقِدَمِ، فَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وُجُودًا، لَا عَدَمًا، جَرَى فِيهِمَا الثَّالِثُ، أَيِ التَّلَازُمُ بَيْنَ ثُبُوتٍ وَنَفِيٍ طَرْدًا وَعَكْسًا، أَيْ ثُبُوتُ كُلٍّ مِنَ التَّأْلِيفِ وَالْقِدَمِ يَلْزَمُهُ نَفْيُ الْآخَرِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُتَنَافِيَانِ تَنَافَيَا نَفْيًا فَقَطْ، أَيْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَنْعُ

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الْخُلُوِّ، كَالْأَسَاسِ وَالْخَلَلِ، فَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ عَدَمًا لَا وُجُودًا، جَرَى فِيهِمَا الرَّابِعُ، أَيِ التَّلَازُمُ بَيْنَ نَفْيٍ وَثُبُوتٍ طَرْدًا وَعَكْسًا، أَيْ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُبُوتُ الْآخَرِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَمْثِلَةَ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ مِنَ التَّلَازُمِ فِي الْأَحْكَامِ.

مِثَالُ الْأَوَّلِ: أَيِ التَّلَازُمُ بَيْنَ ثُبُوتَيْنِ: مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ، صَحَّ ظِهَارُهُ. وَتَثْبُتُ الْمُلَازَمَةُ بَيْنَهُمَا بِالطَّرْدِ، أَيْ بِأَنْ يَسْتَلْزِمَ صِحَّةُ الطَّلَاقِ صِحَّةَ الظِّهَارِ، وَيَقْوَى التَّلَازُمُ بَيْنَهُمَا بِالْعَكْسِ، فَإِنَّ الْعَكْسَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ، لَكِنْ يَكُونُ مُقَوِّيًا لِلدَّلِيلِ، وَيُقَرَّرُ التَّلَازُمُ بِأَنَّ الصِّحَّتَيْنِ أَثَرَانِ لِمُؤَثِّرٍ وَاحِدٍ، فَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ ثُبُوتُ الْآخَرِ ; لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمُؤَثِّرِ لَازِمٌ لِثُبُوتِ أَحَدِهِمَا، وَثُبُوتَ الْآخَرِ لَازِمٌ مِنْ ثُبُوتِ مُؤَثِّرِهِ.

وَيُقَرَّرُ أَيْضًا بِثُبُوتِ الْمُؤَثِّرِ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الطَّلَاقِ ثَابِتٌ، فَيُثْبِتُ صِحَّةَ الظِّهَارِ ; لِأَنَّهُمَا أَثَرَاهُ. وَلَا يُعَيَّنُ الْمُؤَثِّرُ، وَإِلَّا يَكُونُ انْتِقَالًا مِنَ الِاسْتِدْلَالِ إِلَى قِيَاسِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ لَيْسَ بِاسْتِدْلَالٍ بِالِاتِّفَاقِ.

وَمِثَالُ الثَّانِي، أَيِ التَّلَازِمِ بَيْنَ نَفْيَيْنِ: لَوْ صَحَّ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، لَصَحَّ التَّيَمُّمُ.

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَيَثْبُتُ هَذَا التَّلَازُمُ بِالطَّرْدِ، وَيَتَقَوَّى بِالْعَكْسِ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَيُقَرَّرُ أَيْضًا بِانْتِفَاءِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ فَيَنْتَفِي الْآخَرُ لِلُزُومِ انْتِفَاءِ الْمُؤَثِّرِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ انْتِفَاءُ الْمُؤَثِّرِ، وَيَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ الْمُؤَثِّرِ انْتِفَاءُ الْأَثَرِ الْآخَرِ.

مِثَالُ الثَّالِثِ، أَيِ التَّلَازِمِ بَيْنَ ثُبُوتٍ وَنَفْيٍ: مَا يَكُونُ مُبَاحًا لَا يَكُونُ حَرَامًا.

مِثَالُ الرَّابِعِ، أَيِ التَّلَازِمِ بَيْنَ نَفْيٍ وَثُبُوتٍ: مَا لَا يَكُونُ جَائِزًا يَكُونُ حَرَامًا.

وَيُقَرَّرُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ بِثُبُوتِ التَّنَافِي بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْمُبَاحِ، أَوْ بِثُبُوتِ التَّنَافِي بَيْنَ لَوَازِمِهِمَا، فَإِنَّ التَّنَافِيَ بَيْنَ اللَّوَازِمِ يَسْتَلْزِمُ التَّنَافِيَ بَيْنَ الْمَلْزُومَاتِ.

ش - وَيَرِدُ عَلَى جَمِيعِ أَقْسَامِ التَّلَازُمِ مَنْعُ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الشَّرْطِيَّةِ وَالِاسْتِثْنَائِيَّةِ، أَوْ مَنْعُ إِحْدَى الْمُقَدَّمَتَيْنِ، إِمَّا الشَّرْطِيَّةِ أَوِ الِاسْتِثْنَائِيَّةِ، وَيَرِدُ أَيْضًا عَلَى جَمِيعِ أَقْسَامِ التَّلَازُمِ الْأَسْئِلَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْقِيَاسِ، إِلَّا الْأَسْئِلَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى نَفْسِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ، فَإِنَّهَا لَا تَرِدُ فِي التَّلَازُمِ ; لِأَنَّ الْوَصْفَ الْجَامِعَ لَا يُعَيَّنُ فِي التَّلَازُمِ، وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

وَيَخْتَصُّ التَّلَازُمُ بِسُؤَالٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَحَدَ مُوجِبَيِ عِلَّةِ الْأَصْلِ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ فِي قِصَاصِ الْأَيْدِي بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ: إِنَّ قِصَاصَ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ أَحَدُ مُوجِبَيِ عِلَّةِ الْأَصْلِ، وَهِيَ تَفْوِيتُ النَّفْسِ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ بِدَلِيلِ وُجُودِ الْمُوجَبِ الثَّانِي،

ص: 257

وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً، فَتَلَازُمُ الْحُكْمَيْنِ دَلِيلُ تَلَازُمِ الْعِلَّتَيْنِ. فَيُعْتَرَضُ بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي الْفَرْعِ بِأُخْرَى لَا تَقْتَضِي الْآخَرَ، وَيُرَجِّحُهُ بِاتِّسَاعِ الْمَدَارِكِ، فَلَا يَلْزَمُ الْآخَرُ.

وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ أُخْرَى وَيُرَجِّحُهُ بِأَوَّلِيَّةِ الِاتِّحَادِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَكْسِ.

فَإِنْ قَالَ: فَالْأَصْلُ عَدَمُ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، قَالَ: فَالْمُتَعَدِّيَةُ أَوْلَى.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَهُوَ الدِّيَةُ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ.

وَتَقْرِيرُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ بِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ أَحَدُ مُوجِبَيِ الْعِلَّةِ، فَيَسْتَلْزِمُ الْمُوجِبَ الْآخَرَ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَمِيعِ ; لِأَنَّ عِلَّةَ الْمُوجِبَيْنِ فِي الْأَصْلِ إِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً، فَوَاضِحٌ وُجُودُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ ; إِذْ يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِ مُوجِبَيِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ، وَهُوَ الدِّيَةُ عَلَى الْجَمِيعِ - وُجُودُ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ. وَمِنْ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ الْمُوجِبِ الْآخَرِ فِيهِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَمِيعِ.

وَإِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ مُتَعَدِّدَةً، فَتَلَازُمُ الْحُكْمَيْنِ، أَعْنِي وُجُوبَ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَوُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصْلِ دَلِيلُ تُلَازِمِ عِلَّتَيْهِمَا.

وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ عِلَّتِهِ فِيهِ، وَمِنْ وُجُودِ عِلَّتِهِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ عِلَّةِ الْآخَرِ فِيهِ ; لِتُلَازِمِ الْعِلَّتَيْنِ، وَمِنْ وُجُودِ عِلَّةِ الْآخَرِ فِيهِ وُجُودُ الْآخَرِ، أَعْنِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ.

فَيُعْرِضُ الْمُعْتَرِضُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ لِعِلَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، وَتِلْكَ الْعِلَّةُ لَا تَقْتَضِي الْآخَرَ، أَعْنِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ

ص: 259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

يَكُونُ عِلَّةُ الْأَصْلِ تَقْتَضِي تَلَازُمَ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَوُجُوبَ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ، وَعِلَّةُ الْفَرْعِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ عِلَّةِ الْأَصْلِ لَا تَقْتَضِي تَلَازُمَهَا.

وَيُرَجِّحُ الْمُعْتَرِضُ هَذَا السُّؤَالَ بِاتِّسَاعِ الْمَدَارِكِ ; فَإِنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ بِعِلَّةٍ أُخْرَى يُوجِبُ التَّعَدُّدَ فِي مُدْرَكِ حُكْمِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ الْآخَرِ، أَعْنِي وُجُودَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ.

وَجَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْفَرْعِ هُوَ عِلَّةُ وُجُوبِهَا فِي الْأَصْلِ، لَا عِلَّةٍ أُخْرَى ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلَّةٍ أُخْرَى.

وَيُرَجِّحُ الْمُسْتَدِلُّ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ اتِّحَادَ الْعِلَّةِ أَوْلَى مِنْ تَعَدُّدِهَا، لِمَا فِي اتِّحَادِ الْعِلَّةِ مِنَ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، بِخِلَافِ تَعَدُّدِ الْعِلَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْعَكْسَ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْمُطَّرِدَةِ الْمُنْعَكِسَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْعَكِسَةِ، فَكَانَ اتِّحَادُ الْعِلَّةِ أَوْلَى.

فَإِنْ قَالَ الْمُعْتَرِضُ: فَكَمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلَّةٍ أُخْرَى فِي الْفَرْعِ، فَالْأَصْلُ عَدَمُ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ بِأَحَدِ الْأَصْلَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ.

ص: 260