المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[هل النقض قادح في العلة] - بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[أبو الثناء الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌[أركان القياس الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع]

- ‌[شروط حكم الأصل]

- ‌[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّعْلِيلِ بالعلةِالْقَاصِرَةِ]

- ‌[هل النقض قادح في العلة]

- ‌[هل الكسر قادح في العلة]

- ‌[النقض المكسور هل يبطل العلة]

- ‌[العكس]

- ‌[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]

- ‌[تعليل حكمين بعلة]

- ‌[تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي]

- ‌[تعداد الوصف ووقوعه]

- ‌[هل الحكم ثابت بالعلة أو بالنص]

- ‌[من أركان القياس الفرع]

- ‌[شُرُوطُ الْفَرْعِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْعِلَّةِ]

- ‌[المسلك الأول والثاني الإجماع والنص]

- ‌[المسلك الثالث السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ]

- ‌[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِخَالَةُ]

- ‌[قَدْ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا]

- ‌[الْمَقَاصِدُ ضَرْبَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْخِرَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِمَفْسَدَةٍ]

- ‌[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]

- ‌[تَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الشَّبَهِ بِجَمِيعِ الْمَسَالِكِ]

- ‌[الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ]

- ‌[الْقِيَاسُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ]

- ‌[جواز التعبد بالقياس]

- ‌[مسلك النظام ورده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدِّي دُونَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

- ‌[مسألة جريان القياس في جميع الأحكام]

- ‌[الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْقِيَاسِ]

- ‌[الاستفسار]

- ‌[فَسَادُ الِاعْتِبَارِ]

- ‌[فَسَادُ الْوَضْعِ]

- ‌[مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[التَّقْسِيمُ]

- ‌[مَنْعُ وُجُودِ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[مَنْعُ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً]

- ‌[عَدَمُ التَّأْثِيرِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[الْقَدْحُ فِي إِفْضَاءِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَقْصُودِ]

- ‌[كَوْنُ الْوَصْفِ خَفِيًّا]

- ‌[كَوْنُ الوصف غَيْرَ مُنْضَبِطٍ]

- ‌[النَّقْضُ]

- ‌[الْكَسْرُ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ]

- ‌[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]

- ‌[التَّعْدِيَةُ]

- ‌[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]

- ‌[الْفَرْقُ]

- ‌[اخْتِلَافُ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ]

- ‌[اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَصْلَحَةِ]

- ‌[مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْفَرْعِ لِحُكْمِ الْأَصْلِ]

- ‌[الْقَلْبُ]

- ‌[الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ]

- ‌[تعدد الاعتراضات]

- ‌[الِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تعريف الاستدلال وأنواعه]

- ‌[القسم الأول مِنَ الِاسْتِدْلَالِ التَلَازُمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عِلَّةٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّاني مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: الِاسْتِصْحَابُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ: شَرْعُ مِنْ قَبْلَنَا]

- ‌[الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا]

- ‌[مذهب الصحابي]

- ‌[الاستحسان]

- ‌[المصالح المرسلة]

- ‌[الاجتهاد]

- ‌[تعربف الاجتهاد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَعَبِّدًا بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِمَّنْ عَاصَرَهُ ظَنًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ لَا إِثْمَ عَلَى مُجْتَهِدٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا قَاطِعَ فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: لَا يَسْتَقِيمُ لِمُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّات منهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْتَهِدُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّقْلِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ جواز أن يقال للمجتهد احكم بما شئت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عليه السلام لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي اجْتِهَادِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[تعريف التَّقْلِيدُ وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لا تَقْلِيدٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ عَلَى اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا تَكَرَّرَتِ الْوَاقِعَةُ لَمْ يَلْزَمْ تَكْرِيرُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ: خُلُوُّ الزَّمَانِ منْ المُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ اتِّفَاقًا]

- ‌[الترجيح]

- ‌[تعريف الترجيح]

- ‌[الترجيح بأمور تتعلق بالسند]

- ‌[الترجيح بأمور تعود على المتن]

- ‌[الترجيح العائد إلى المدلول]

- ‌[الترجيح العائد إلى أمر خارجي]

- ‌[الترجيح بين المعقولين]

- ‌[التَّرْجِيحِ بِأُمُورٍ تَعُودُ إِلَى عِلَّةِ الْأَصْلِ]

- ‌[الترجيح الْعَائِدُ إِلَى الْفَرْعِ]

- ‌[تَرْجِيحِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ إِذَا تَعَارَضَا]

- ‌[تَرْجِيحِ الحدود السمعية بعضها على بعض]

الفصل: ‌[هل النقض قادح في العلة]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ عُرِفَ بِالنَّصِّ أَوَّلًا، ثُمَّ عُرِفَتِ الْعِلَّةُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُثْبِتَةً لِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ الدَّوْرُ.

وَثَالِثًا بِعَدَمِ انْحِصَارِ فَائِدَةِ الْعِلَّةِ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ، فَإِنَّ فَائِدَتَهُ مَعْرِفَةُ الْبَاعِثِ الْمُنَاسِبِ ; لِيَكُونَ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ ; لِكَوْنِهِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى.

وَأَيْضًا فَائِدَتُهَا أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الْقَاصِرَةِ عِلَّةً، فَلَوْ قُدِّرَ وَصْفٌ آخَرُ مُتَعَدٍّ، لَمْ يُفِدِ الْعِلِّيَّةَ إِلَّا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ بِالْعِلِّيَّةِ.

[هل النقض قادح في العلة]

ش - اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي النَّقْضِ، وَهُوَ وُجُودُ الْمُدَّعِي عِلَّةً مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهُ عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ مُطْلَقًا، أَيْ لَا يَقْدَحُ التَّخَلُّفُ فِي الْعِلِّيَّةِ.

وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ مُطْلَقًا، أَيْ يَقْدَحُ فِي الْعِلِّيَّةِ.

وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ فِي الْمَنْصُوصَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ.

وَرَابِعُهَا: عَكْسُهُ، أَيْ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ فِي الْمَنْصُوصَةِ.

وَخَامِسُهَا: لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ فِي الْمَنْصُوصَةِ، وَيَجُوزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ التَّخَلُّفُ بِمَانِعٍ، وَلَا عَدَمِ شَرْطٍ. وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الرَّابِعَ جَوَازُ التَّخَلُّفِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ إِذَا كَانَ بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ.

وَسَادِسُهَا: وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِلَّةَ إِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً، لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِلَّا بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُسْتَنْبَطَةَ لَا تَثْبُتُ عِلِّيَّتُهَا عِنْدَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ إِلَّا بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا، أَعْنِي

ص: 37

وَأَيْضًا: جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَلَبَطَلَتِ الْقَاطِعَةُ، كَعِلَلِ الْقِصَاصِ وَالْجَلْدِ وَغَيْرِهِمَا.

ص - أَبُو الْحُسَيْنِ: النَّقْضُ يَلْزَمُ فِيهِ مَانِعٌ أَوِ انْتِفَاءُ شَرْطٍ، فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ نَقِيضَهُ مِنَ الْأُولَى.

قُلْنَا: لَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْبَاعِثِ، وَيَرْجِعُ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا.

قَالُوا: لَوْ صَحَّتْ، لَلَزِمَ الْحُكْمُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ صِحَّتَهَا كَوْنُهَا بَاعِثَةً، لَا لُزُومَ الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ.

قَالُوا: تَعَارَضَ دَلِيلُ الِاعْتِبَارِ وَدَلِيلُ الْإِهْدَارِ.

قُلْنَا: الِانْتِفَاءُ لِلْمُعَارِضِ لَا يُنَافِي الشَّهَادَةَ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وُجُودَ الْمَانِعِ أَوْ عَدَمَ الشَّرْطِ ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، أَيْ وُجُودَ الْمَانِعِ أَوْ عَدَمَ الشَّرْطِ، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي، أَيِ الْعِلَّةِ، إِذْ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُ الْمَعْلُولِ عَنِ الْعِلَّةِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ.

وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً، فَشَرْطُ جَوَازِ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهَا، كَوْنُ التَّنْصِيصِ بِنَصٍّ ظَاهِرٍ عَامٍّ. فَيَجِبُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ ذَلِكَ الْعَامِّ بِالنَّافِي لِلْحُكْمِ فِي صُورَةِ التَّخَلُّفِ، وَالْعَمَلُ بِالْعِلَّةِ فِي غَيْرِ صُورَةِ التَّخَلُّفِ، كَعَامٍّ وَخَاصٍّ إِذَا اخْتَلَفَا، فَإِنَّهُ يُخَصِّصُ الْعَامَ بِالْخَاصِّ، وَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ فِي غَيْرِ صُورَةِ التَّخْصِيصِ، وَيَجِبُ تَقْدِيرُ الْمَانِعِ فِي صُورَةِ التَّخَلُّفِ، إِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَانِعٌ لِلضَّرُورَةِ.

وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ بِظَاهِرٍ عَامٌّ، لَا يُبْطِلُ عِلِّيَّتَهَا بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَةَ بِظَاهِرٍ عَامٍّ لَوْ بَطَلَتْ بِالنَّقْضِ، لَبَطَلَ الْعَامُّ الْمُخَصَّصُ بِظُهُورِ الْخَاصِّ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ، لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ يَكُونُ حُجَّةً.

بَيَانُ الْمُلَازِمَةِ: أَنَّ نِسْبَةَ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ بِظَاهِرٍ عَامٍّ إِلَى مَوَارِدِ الْحُكْمِ، كَنِسْبَةِ الْعَامِّ إِلَى أَفْرَادِهِ. فَكَمَا أَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يُبْطِلُ الْعَامَّ بِالْكُلِّيَّةِ، كَذَلِكَ النَّقْضُ لَا يُبْطِلُ الْعِلِّيَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ.

الثَّانِي: - أَنَّ الْعَامَّ الظَّاهِرَ دَلَّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ، وَالنَّقْضَ دَلَّ عَلَى

ص: 39

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ، فَيُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ الْعَامِّ فِي غَيْرِ صُورَةِ النَّقْضِ، وَيُعْمَلُ بِالنَّقْضِ فِي صُورَتِهِ ; لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِمَا أَوْ إِهْمَالِ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْعِلَّةَ بِنَصٍّ ظَاهِرٍ لَوْ بَطَلَتْ بِالنَّقْضِ، لَبَطَلَتِ الْعِلَّةُ الْقَاطِعَةُ، أَيِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، كَعِلَلِ الْقِصَاصِ وَالْجَلْدِ وَغَيْرِهِمَا بِالنَّقْضِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَةَ بِنَصٍّ ظَاهِرٍ لَا تَتَقَاعَدُ عَنِ الْعِلَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا.

وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْعِلَلَ الْقَاطِعَةَ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْحُكْمُ عَنْهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَلَمْ تَبْطُلْ عِلِّيَّتُهَا.

ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّقْضَ يَقْدَحُ فِي الْعِلَّةِ، احْتَجُّوا بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَهُوَ أَنَّ النَّقْضَ يَلْزَمُ فِيهِ وُجُودُ مَانِعٍ أَوِ انْتِفَاءُ شَرْطٍ ; لِأَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ بِدُونِ أَحَدِهِمَا يُشْعِرُ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، فَبَيَّنَ النَّقْضُ أَنَّ نَقِيضَ أَحَدِهِمَا، أَعْنِي نَقِيضَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَنَقِيضَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ الْأُولَى الَّتِي ادَّعَى أَنَّهَا عِلَّةٌ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ نَقِيضِ أَحَدِهِمَا، فَيَنْتَفِي الْعِلَّةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ نَقِيضِ أَحَدِهِمَا ضَرُورَةُ انْتِفَاءِ الْكُلِّ بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ.

أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْعِلَّةِ الْبَاعِثُ، وَنَقِيضُ أَحَدِهِمَا لَيْسَ جُزْءًا مِنَ الْبَاعِثِ.

وَيَرْجِعُ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا ; لِأَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالْعِلَّةِ الْبَاعِثُ، لَا يَكُونُ نَقِيضُ أَحَدِهِمَا جُزْءًا مِنْهَا، وَلَا يَقْدَحُ النَّقْضُ فِي الْعِلَّةِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْعِلَّةِ مَا يُثْبِتُ الْحُكْمَ، يَكُونُ نَقِيضُ أَحَدِهِمَا جُزْءًا مِنْهَا، وَيَقْدَحُ النَّقْضُ فِي الْعِلَّةِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّتِ الْعِلَّةُ مَعَ النَّقْضِ، لَلَزِمَ الْحُكْمُ فِي صُورَةِ النَّقْضِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمَعْلُولِهَا.

ص: 40

قَالُوا: تَفْسُدُ كَالْعَقْلِيَّةِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَقْلِيَّةَ بِالذَّاتِ، وَهَذِهِ بِالْوَضْعِ.

ص - الْمُجَوِّزُ فِي الْمَنْصُوصَةِ: لَوْ صَحَّتْ مَعَ النَّقْضِ، لَكَانَ لِتَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بَعْدَ صِحَّتِهَا، فَكَانَ دَوْرًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ دَوْرُ مَعِيَّةٍ.

وَالصَّوَابُ أَنَّ اسْتِمْرَارَ الظَّنِّ بِصِحَّتِهَا عِنْدَ التَّخَلُّفِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَانِعِ، وَتَحَقُّقُ الْمَانِعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ظُهُورِ الصِّحَّةِ، فَلَا دَوْرَ، كَإِعْطَاءِ الْفَقِيرِ يُظَنُّ أَنَّهُ لِفَقْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ آخَرَ، تَوَقَّفَ الظَّنُّ، فَإِنْ تَبَيَّنَ مَانِعٌ، عَادَ وإِالَّا زَالَ.

قَالُوا: دَلِيلُهَا اقْتِرَانٌ، وَقَدْ تَسَاقَطَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ.

ص - الْمُجَوِّزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ: الْمَنْصُوصَةُ دَلِيلُهَا نَصٌّ عَامٌّ، فَلَا يُقْبَلُ.

وَأُجِيبَ: إِنْ كَانَ قَطْعِيًّا، فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا، وَجَبَ قَبُولُهُ.

ص - الْخَامِسُ: الْمُسْتَنْبَطَةُ عِلَّةٌ بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ، وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ مُشَكِّكٌ، فَلَا يُعَارِضُ الظَّاهِرَ.

وَأُجِيبَ: تَخَلُّفُ الْحُكْمِ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، وَالْمُنَاسَبَةُ وَالِاسْتِنْبَاطُ مُشَكِّكٌ.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْآخَرِ.

قَالُوا: لَوْ تَوَقَّفَ كَوْنُهَا أَمَارَةً عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالتَّالِي بَاطِلٌ; لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَخَلَّفَ فِي صُورَةِ النَّقْضِ.

أَجَابَ بِأَنَّ صِحَّةَ الْعِلَّةِ كَوْنُهَا بَاعِثَةً عَلَى شَرْعِيَّةِ الْحُكْمِ، لَا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لَازِمًا لَهَا. وَالْعِلَّةُ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ لَا تَكُونُ مَلْزُومَةً لِلْحَكَمِ ; فَإِنَّ لُزُومَ الْحُكْمِ لِلْعِلَّةِ مَشْرُوطٌ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعِلَّةُ مَعَ النَّقْضِ ; لِأَنَّ دَلِيلَ الِاعْتِبَارِ - وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ - عَارَضَ دَلِيلَ إِهْدَارِ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ، أَيْ إِبْطَالِهَا، وَهُوَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ فِي صُورَةٍ، فَتَسَاقَطَا.

أَجَابَ بِأَنَّ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ - وَهُوَ تَحَقُّقُ الْمَانِعِ أَوِ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ - لَا يُنَافِي الشَّهَادَةَ، أَيِ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى اعْتِبَارِ عِلِّيَةِ الْوَصْفِ ; لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّهَادَةِ، جَازَ أَنْ يَنْتَفِيَ الْحُكْمُ لِمُعَارِضٍ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِمُعَارِضٍ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ مُنَافَاةٌ، لَا يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ تَفْسُدُ الْعِلَّةُ بِالنَّقْضِ قِيَاسًا عَلَى الْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ.

أَجَابَ عَنْهُ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ تَقْتَضِي الْمَعْلُولَ

ص: 42

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

بِالذَّاتِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّفَ الْمَعْلُولُ عَنْهَا.

وَهَذِهِ - أَيِ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةِ - تَقْتَضِي الْحُكْمَ بِالْوَضْعِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهَا.

ش - الْمُجَوِّزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ، دُونَ الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ احْتَجَّ عَلَى أَنَّ التَّخَلُّفَ يَقْدَحُ فِي الْعِلَّةِ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: لَوْ صَحَّتِ الْعِلَّةُ الْمُسْتَنْبَطَةُ مَعَ النَّقْضِ، لَكَانَتْ صِحَّتُهَا لَتَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَخَلَّفِ الْحُكْمُ عَنْهَا، فَيَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِلَّةِ عَلَى تَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَالْمَانِعُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ ; لِأَنَّ الْمَانِعَ إِنَّمَا يَكُونُ مَانِعًا إِذَا تَحَقَّقَ الْمُقْتَضَى، فَيَتَوَقَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَانِعِ وَالصِّحَّةِ عَلَى الْآخَرِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.

أَجَابَ بِأَنَّ تَوَقُّفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَوَقَّفُ الْمَعِيَّةِ ; لِأَنَّ

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الصِّحَّةَ وَالْمَانِعَ لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالدَّوْرُ بِسَبَبِ تَوَقُّفِ الْمَعِيَّةِ لَا يَكُونُ مُحَالًا.

ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالصَّوَابُ أَنَّ الصِّحَّةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَانِعِ، بَلِ اسْتِمْرَارُ الظَّنِّ بِصِحَّةِ الْعِلَّةِ عِنْدَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَانِعِ ; لِأَنَّ صِحَّةَ الْعِلَّةِ جَازَ أَنْ يَتَحَقَّقَ بِدُونِ الْمَانِعِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَتَخَلَّفِ الْحُكْمُ عَنِ الْعِلَّةِ.

وَتَحَقُّقُ الْمَانِعِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِمْرَارِ الظَّنِّ بِصِحَّةِ الْعِلَّةِ عِنْدَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ، بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى ظُهُورِ الصِّحَّةِ، فَلَا يَلْزَمُ الدَّوْرُ، كَإِعْطَاءِ الْفَقِيرِ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَظُنُّ أَنَّ الْإِعْطَاءَ لِلْفَقْرِ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ فَقِيرًا آخَرَ، تَوَقَّفَ الظَّنُّ فِي كَوْنِ الْعِلَّةِ فَقْرًا، فَإِنْ تَبَيَّنَ مَانِعٌ عَنْ إِعْطَاءِ الْفَقِيرِ الْآخَرِ، عَادَ ظَنُّ عِلِّيَّةِ الْفَقْرِ، أَيِ اسْتَمَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ مَانِعٌ، زَالَ ظَنُّ عِلِّيَّةِ الْفَقْرِ، فَظَهَرَ أَنَّ اسْتِمْرَارَ ظَنِّ صِحَّةِ الْعِلَّةِ عِنْدَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَانِعِ.

الثَّانِي: أَنَّ دَلِيلَ الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ اقْتِرَانُ الْحُكْمِ بِهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَكَمَا أَنَّ اقْتِرَانَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَدُلُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ، فَكَذَلِكَ عَدَمُ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ، فَتَعَارَضَا وَتَسَاقَطَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ ذَلِكَ فِي دَلِيلِ الِاعْتِبَارِ وَدَلِيلِ الْإِهْدَارِ.

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

ش - الْمُجَوِّزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ دُونَ الْمَنْصُوصَةِ - وَهُوَ الْقَائِلُ بِالْمَذْهَبِ الرَّابِعِ - احْتَجَّ عَلَى أَنَّ الْمَنْصُوصَةَ لَا يَجُوزُ النَّقْضُ فِيهَا بِأَنَّ الْمَنْصُوصَةَ دَلِيلُهَا نَصٌّ عَامٌّ، وَالنَّصُّ الْعَامُّ يَقْتَضِي ثُبُوتَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ، فَلَا يُقْبَلُ النَّقْضُ.

أَجَابَ بِأَنَّ النَّصَّ الْعَامَّ إِنْ كَانَ قَطْعِيًّا، أَيْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْعِلَّةِ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ، فَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا، أَيْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْعِلَّةِ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ، وَجَبَ قَبُولُهُ لِلنَّقْضِ، كَالْعَامِّ لِلتَّخْصِيصِ.

ش - الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ النَّقْضِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ النَّقْضُ بِمَانِعٍ وَلَا عَدَمِ شَرْطٍ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ - احْتَجُّوا عَلَى جَوَازِ النَّقْضِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ مُطْلَقًا بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُسْتَنْبَطَةَ عِلَّةٌ بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ ; لِأَنَّ دَلِيلَهَا الْمُنَاسَبَةُ، وَالْمُنَاسَبَةُ تَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ بِحَسَبِ الظُّهُورِ، لَا بِحَسَبِ الْقَطْعِ. وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنِ الْوَصْفِ مُشَكِّكٌ فِي عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ، أَيْ دَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ ; لِأَنَّ احْتِمَالَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ يُسَاوِي احْتِمَالَ تَخَلُّفِهِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ، وَغَيْرُ الظَّاهِرِ لَا يُعَارِضُ الظَّاهِرَ. فَلَمْ يَقْدَحِ النَّقْضُ فِي الْعِلِّيَّةِ.

أَجَابَ بِأَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ بِلَا وُجُودِ مَانِعٍ وَانْتِفَاءِ شَرْطٍ يَدُلُّ بِحَسَبِ الظُّهُورِ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، وَدَلَالَةُ الْمُنَاسَبَةِ وَاسْتِنْبَاطُ الْعِلَّةِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ مُشَكِّكٌ، فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا، وَغَيْرُ الظَّاهِرِ لَا يُعَارِضُ الظَّاهِرَ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي

ص: 45

لَانْعَكَسَ، فَكَانَ دَوْرًا تَحَكُّمًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ دَوْرُ مَعِيَّةٍ.

وَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِمْرَارَ الظَّنِّ بِكَوْنِهَا أَمَارَةً يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَانِعِ أَوْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ، وَهُمَا عَلَى ظُهُورِ كَوْنِهَا أَمَارَةً.

ص - وَفِي الْكَسْرِ، وَهُوَ وُجُودُ الْحِكْمَةِ الْمَقْصُودَةِ مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ.

الْمُخْتَارُ: لَا يَبْطُلُ، كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ: مُسَافِرٌ، فَيَتَرَخَّصُ كَغَيْرِ الْعَاصِي، ثُمَّ يُبَيِّنُ الْمُنَاسَبَةَ بِالْمَشَقَّةِ، فَيَعْتَرِضُ بِصَنْعَةٍ شَاقَّةٍ فِي الْحَضَرِ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 46