الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اثنين منها فيهما من الجواهر ما يساوي خراج الأرض بأسرها وأمرني بحملها الى قلعة اردهز من أحصن قلاع الأرض وأخذت خط يد الموالي بوصولها ثم أخذها التتر بعد ذلك حين ملكوا العراق انتهى ولما ارتحل خوارزم شاه من نيسابور قصد مازندران والتتر في أثره ثم انتهى الى أعمال همذان فكبسوه هناك ونجا الى بلاد الجبل وقتل وزيره عماد الملك محمد بن نظام الملك وأقام هو بساحل البحر بقرية عند الفريضة يصلي ويقرأ ويعاهد الله على حسن السيرة ثم كبسه التتر أخرى فركب البحر وخاضوا في أثره فغلبهم الماء ورجعوا ووصلوا الى جزيرة في بحر طبرستان فأقام بها وطرقه المرض فكان جماعة من أهل مازندان يمرضونه ويحمل اليه كثيرا من حاجته فيوقع لحاملها بالولايات والاقطاع وأمضى ابنه جلال الدين بعد ذلك جميعها ثم هلك سنة سبع عشرة وستمائة ودفن بتلك الجزيرة لإحدى وعشرين سنة من ملكه بعد أن عهد لابنه جلال الدين منكبرس وخلع ابنه الأصغر قطب الدين أولاغ شاه ولما بلغ خبر اجفاله الى أمه تركمان خاتون بخوارزم خرجت هاربة بعد أن قتلت نحوا من عشرين من الملوك والأكابر المحبوسين هنالك ولحقت بقلعة ايلان من قلاع مازندان فلما رجع التتر المغربة عن السلطان خوارزم شاه بعد ان خاض بحر طبرستان الى الجزيرة التي مات بها فقصدوا مازندان وملكوا قلاعها على ما فيها من الامتناع ولقد كان فتحها بأخر الى سنة تسعين أيام سليمان بن عبد الملك فملكوها واحدة واحدة وحاصروا تركمان خاتون في قلعة ايلان الى أن ملكوا القلعة صلحا وأسروها وقال ابن الأثير انهم لقوها في طريقها الى مازندان فأحاطوا بها وأسروها ومن كان معها من بنات السلطان وتزوّجهنّ التتر وتزوّج دوشي خان بن جنكزخان بإحداهنّ وبقيت تركمان خاتون أسيرة عندهنّ في خمول وذل وكانت تحضر سماط جنكزخان كاحداهنّ وتحمل قوتها منه وكان نظام الملك وزير السلطان مع أمّه تركمان خاتون فحصل في قبضة جنكزخان وكان عندهم معظما لما بلغهم من تنكر السلطان له وكانوا يشاورونه في أمر الجباية فلما استولى دوشي خان على خوارزم وجاء بحرم السلطان الذين كانوا بها وفيهنّ مغنيات فوهب احداهنّ لبعض خدمه فمنعت نفسها منه ولجأت للوزير نظام الملك فشكاه ذلك الخادم لجنكزخان ورماه بالجارية فأحضره جنكزخان وعدّد عليه خيانة استاذه وقتله.
مسير التتر بعد مهلك خوارزم شاه من العراق الى أذربيجان وما وراءها من البلاد هنالك
ولما وصل التتر الى الريّ في طلب خوارزم شاه محمد بن تكش سنة سبع عشرة وستمائة ولم
يحدوه عادوا الى همذان واكتسحوا ما مرّوا عليه وأخرج اليهم أهل همذان ما حضرهم من الأموال والثياب والدواب فأمّنوهم ثم ساروا الى زنجان ففعلوا كذلك ثم الى قزوين فامتنعوا منهم فحاصروها وملكوها عنوة واستباحوها ويقال أنّ القتلى بقزوين زادوا على أربعين ألفا ثم هجم غليهم الشتاء فساروا الى أذربيجان على شأنهم من القتل والاكتساح وصاحبها يومئذ أزبك بن البهلوان مقيم بتبريز عاكف على لذاته فراسلهم وصانعهم وانصرفوا الى بوقان ليشتوا بالسواحل ومرّوا الى بلاد الكرج فجمعوا لقتالهم فهزمهم التتر وأثخنوا فيهم فبعثوا الى ازبك صاحب أذربيجان والى الأشرف بن العادل بن أيوب صاحب خلاط والجزيرة يطلبون اتصال أيديهم على مدافعة التتر وانضاف الى التتر اقرش من موالي أزبك واليه [1] جموع من التركمان والأكراد وسار مع التتر الى الكرج واكتسحوا بلادهم وانتهوا الى بلقين [2] وسار اليهم الكرج فلقيهم اقرش أوّلا ثم لقيهم التتر فانهزم الكرج وقتل منهم ما لا يحصى وذلك في ذي القعدة من سنة سبع عشرة ثم عاد التتر الى مراغة ومرّوا بتبريز فصانعهم صاحبها كعادته وانتهوا الى مراغة فقاتلوها أياما وبها امرأة تملكها ثم ملكوها في صفر سنة ثماني عشرة واستباحوها ثم رحلوا عنها الى مدينة اربل وبها مظفر الدين بن [3] فاستمد بدر الدين صاحب الموصل فأمدّه بالعساكر ثم همّ بالخروج لحفظ الدروب على بلاده فجاءت كتب الخليفة الناصر اليهم جميعا بالمسير الى دقوقا ليقيموا بها مع عساكره ويدافع عن العراق وبعث معهم بشتمر كبير أمرائه وجعل المقدّم على الجميع مظفر الدين صاحب اربل فخاموا عن لقاء التتر وخام التتر عن لقائهم وساروا الى همذان وكان لهم بها شحنة منذ ملكوها أوّلا فطالبوه بفرض المال على أهلها وكان رئيس همذان شريفا علويا قديم الرئاسة بها فحضهم على ذلك فضجروا وأساءوا الردّ عليه وأخرجوا الشحنة وقاتلوا التتر وغضب العلويّ فتسلل عنهم الى قلعة بقربها فامتنع وزحف التتر الى البلد فملكوه عنوة واستباحوه واستلحموا أهله ثم عادوا الى أذربيجان فملكوا أردبيل واستباحوها وخربوها وساروا الى تبريز وقد فارقها ازبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وارّان وقصد نقجوان وبعث بأهله وحرمه الى حوى فرارا من التتر لعجزه وانهماكه فقام بأمر تبريز شمس الدين الطغرائي وجمع أهل البلد واستعدّ للحصار فأرسل اليه التتر في المصانعة فصانعهم وساروا الى مدينة سوا
[1] اي وانضاف اليه.
[2]
وهي البليقان كما في معجم البلدان.
[3]
كذا بياض بالأصل ج 12 ص 423: مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي صاحب إربل.
فاستباحوها وخرّبوها وساروا الى بيلقان فحاصروها وبعثوا الى أهل البلد رجلا من أكابرهم يقرّر معهم في المصانعة والصلح فقتلوه فأسرى التتر في حصارهم وملكوا البلد عنوة في رمضان سنة ثمان عشرة واستلحموا أهلها وأفحشوا في القتل والمثلة حتى بقروا البطون على الأجنة واستباحوا جميع الضاحية قتلا ونهبا وتخريبا ثم ساروا الى قاعدة ارّان وهي كنجة ورأوا امتناعها فطلبوا المصانعة من أهلها فصانعوهم ولما فرغوا من أعمال أذربيجان وارّان ساروا الى بلاد الكرج وكانوا قد جمعوا لهم واستعدّوا ووقعوا في حدود بلادهم فقالتهم التتر فهزموهم الى بلقين قاعدة ملكهم فجمعوا هنالك ثم خاموا عن لقائهم لما رأوا من اقتحامهم المضايق والجبال فعادوا الى بلقين واستولى التتر على نواحيها فخربوها كيف شاءوا ولم يقدروا على التوغل فيها لكثرة الاوعار والدوسرات فعادوا عنها ثم قصدوا درنبر [1] شروان وحاصروا مدينة سماهي [2] وفتكوا في أهلها ووصلوا الى السور فعالوه باشلاء القتلى حتى ساموه [3] واقتحموا البلد فأهلكوا كل من فيه ثم قصدوا الدربند فلم يطيقوا عبوره فأرسلوا الى شروان في الصلح فبعث اليهم رجلا من أصحابه فقتلوا بعضهم واتخذوا الباقين أذلاء فسلكوا بهم دربند شروان وخرجوا الى الأرض الفسيحة وبها أمم القفجاق واللان واللكن وطوائف من الترك مسلمون وكفار فأوقعوا بتلك الطوائف واكتسحوا عامّة البسائط وقاتلهم قفجاق واللان ودافعوهم ولم يطق التتر مغالبتهم ورجعوا وبعثوا الى القفجاق وهم واثقون بمسالمتهم فأوقعوا بهم وجر من كان بعيدا منهم الى بلاد الروس واعتصم آخرون بالجبال والغياض واستولى التتر على بلادهم وانتهوا الى مدينتهم الكبرى سراي على بحر نيطش المتصل بخليج القسطنطينية وهي مادّتهم وفيها تجارتهم فملكها التتر وافترق أهلها في الجبال وركب بعضهم الى بلاد الروم في ايالة بني قلج ارسلان ثم سار التتر سنة عشر وستمائة من بلاد قفجاق الى بلاد الروم المجاورة لها وهي بلاد فسيحة وأهلها يدينون بالنصرانية فساروا الى مدافعتهم في تخوم بلادهم ومعهم جموع من القفجاق سافروا اليهم فاستطرد لهم التتر مراحل ثم كرّوا عليه وهم غارون فطاردهم القفجاق والروم أياما ثم انهزموا وأثخن التتر فيهم
[1] وهي مدينة دربند (معجم البلدان) .
[2]
وهي مدينة شماخي (معجم البلدان) .
[3]
كذا، وفي الكامل ج 12 ص 384: ثم ان التتر صعدوا سورها بالسلاليم، وقيل بل جمعوا كثيرا من الجمال والبقر والغنم وغير ذلك، ومن قتل الناس منهم وممن قتل من غيرهم، والقوا بعضه فوق بعض وصار مثل التل وصعدوا عليه.