الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنكز وولي بعده أخوه أبو الفتح أبو بكر بن المستكفي ولقب المعتضد ثم توفي سنة ثلاث وستين لعشرة أعوام من خلافته وعهد إلى ابنه أحمد فولى مكانه ولقب المستكفي والله تعالى أعلم.
خلع المنصور وولاية الأشرف
ثم بدا لبيبقا الخاصكي في أمر المنصور محمد بن حاجي فخلعه استرابة به في شعبان سنة أربع وستين لسبعة وعشرين شهرا من ولايته ونصب مكانه شعبان بن الناصر حسن بن الملك الناصر وكان أبوه قد توفي في ربيع الآخر من تلك السنة وكان آخر بني الملك الناصر فمات فولي ابنه شعبان ابن عشر سنين ولقبه الأشرف وتولى كفالته وفي سنة خمس وستين عزل المارداني من دمشق وولى مكانه منكلي بغا نقله من حلب وولى مكانه قطلوبغا الاحمدي وتوفي قطلوبغا فولى مكانه غشقتمر المارداني ثم عزل غشقتمر سنة ست وستين فولى مكانه سيف الدين فرجي وأوعز اليه سنة سبع وستين أن يسير في العساكر لطلب خليل بن قراجا بن العادل أمير التركمان فيحضره معتقلا فسار اليه وامتنع في خرت برت فحاصره أربعة أشهر واستأمن خليل بعدها وجاء إلى مصر فأمنه السلطان وخلع عليه وولاه ورجع إلى بلده وقومه والله تعالى أعلم.
واقعة الإسكندرية
كان أهل جزيرة قبرص من أمم النصرانية وهم من بقايا الروم وانما ينتسبون لهذا العهد إلى الافرنج لظهور الافرنج على سائر أمم النصرانية والا فقد نسبهم هروشيوش إلى كيتم وهم الروم عندهم ونسب أهل رودس إلى دوداتم وجعلهم اخوة كيتم ونسبهما معا إلى رومان وكانت على أهل قبرص جزية معلومة يؤدّونها لصاحب مصر وما زالت مقرّرة عليهم من لدن فتحها على يد معاوية أمير الشام أيام عمر وكانوا إذا منعوا الجزية يسلط صاحب الشام عليهم أساطيل المسلمين فيفسدون مراسيها ويعيثون في سواحلها حتى يستقيموا لأداء الجزية وتقدّم لنا آنفا في دولة الترك أنّ الظاهر بيبرس بعث اليها سنة تسع وستين وستمائة اسطولا من الشواني وطرقت مرساها ليلا فتكسرت لكثرة الحجارة المحيطة بها في كل ناحية ثم غلب لهذه العصور أهل جنوة من الافرنج على جزيرة رودس حازتها من يد لشكري صاحب القسطنطينية سنة ثمان وسبعمائة وأخذوا بمخنقها وأقام أهل قبرص معهم بين فتنة وصلح وسلم وحرب آخر أيامهم وجزيرة قبرص هذه على مسافة يوم وليلة في البحر قبالة طرابلس منصوبة على سواحل الشام
ومصر واطلعوا بعض الأيام على غرّة في الإسكندرية وأخبروا حاجبهم وعزم على انتهاز الفرصة فيها فنهض في أساطيله واستنقر من سائر الافرنج ووافى مرساها سابع عشر من المحرّم سنة سبع وستين في اسطول عظيم يقال بلغ سبعين مركبا مشحونة بالعدّة والعدد ومعه الفرسان المقاتلة بخيولهم فلما أرسى بها قدّمهم الى السواحل وعبّى صفوفه وزحف وقد غص الساحل بالنظارة برزوا من البلد على سبيل النزهة لا يلقون بالا لما هو فيه ولا ينظرون مغبة أمره لبعد عهدهم بالحرب وحاميتهم يومئذ قليلة وأسوارهم من الرماة المناضلين دون الحصون خالية ونائبها القائم بمصالحها في الحرب والسلم وهو يومئذ خليل بن عوام غائب في قضاء فرضه فما هو الا أن رجعت تلك الصفوف على التعبية ونضحوا العوام بالنبل فأجفلوا متسابقين إلى المدينة وأغلقوا أبوابها وصعدوا إلى الأسوار ينظرون ووصل القوم إلى الباب فأحرقوه واقتحموا المدينة واضطرب أهلها وماج بعضهم في بعض ثم أجفلوا إلى جهة البرّ بما أمكنهم من عيالهم وولدهم وما اقتدروا عليه من أموالهم وسالت بهم الطرق والأباطح ذاهبين في غير وجه حيرة ودهشة وشعر بهم الأعراب أهل الضاحية فتخطفوا الكثير منهم وتوسط الأفرنج المدينة ونهبوا ما مرّوا عليه من الدور وأسواق البر ودكاكين الصيارفة ومودعات التجار وملئوا سفنهم من المتاع والبضائع والذخيرة والصامت واحتملوا ما استولوا عليه من السبي والأسرى وأكثر ما فيهم الصبيان والنساء ثم تسايل اليهم الصريخ من العرب وغيرهم فانكفأ الافرنج إلى أساطيلهم وانكمشوا فيها بقية يومهم وأقلعوا من الغد وطار الخبر إلى كافل الدولة بمصر الأمير بيبقا فقام في ركائبه وخرج لوقته بسلطانه وعساكره ومعه ابن عوام نائب الإسكندرية منصرفه من الحج وفي مقدمته خليل بن قوصون وقطلوبغا الفخري من أمرائه وعزائمهم مرهفة ونياتهم في الجهاد صادقة حتى بلغهم الخبر في طريقهم باقلاع العدوّ فلم يثنه ذلك واستمرّ إلى الإسكندرية وشاهد ما وقع بها من معرّة الخراب وآثار الفساد فأمر بهدم ذلك وإصلاحه ورجع ادراجه إلى دار الملك وقد امتلأت جوانحه غيظا وحنقا على أهل قبرص فأمر بإنشاء مائه اسطول من الأساطيل التي يسمونها القربان معتزما على غزو قبرص فيها بجميع من معه من عساكر المسلمين بالديار المصرية واحتفل في الاستعداد لذلك واستكثر من السلاح وآلات الحصار وكمل غرضه من ذلك كله في رمضان من السنة لثمانية أشهر من الشروع فيه فلم بقدر على تمام غرضه من الجهاد لما وقع من العوائق كما نقصه والله تعالى ولىّ التوفيق
.