الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصار الاتابك زنكي مدينة حمص واستيلاؤه على بعدوين وهزيمة الافرنج واستيلاؤه على حمص
ثم سار الاتابك في العساكر في شعبان سنة احدى وثلاثين الى مدينة حمص وبها يومئذ معين الدين ابن القائم بدولة صاحب دمشق وحمص من أقطاعه فقدم اليه صاحبه صلاح الدين الباغيسياني في تسليمها فاعتذر بأنّ ذلك ليس من الاصابة فحاصرها والرسل تردّد بينهما وامتنعت عليه فرحل عنها الى بغدوين من حصون الافرنج في شوّال من السنة فجمع الافرنج وأوعبوا وزحفوا اليه واشتدّ القتال بينهم ثم هزم الله العدوّ ونجا المسلمين منهم ودخل ملوكهم الى حصن بغدوين فامتنعوا به وشدّ الاتابك حصاره وذهب القسوس والرهبان الى بلاد النصرانية من الروم والافرنج يستنجدونهم على المسلمين ويخوّفونهم استيلاء الاتابك على قلعة بغدوين وما يخشى بعد ذلك من ارتجاعهم بيت المقدس وجدّ الاتابك بعد ذلك في حصارها والتضييق عليها حتى جهدهم الحصار ومنع عنهم الاخبار ثم استأمنوا على أن يحملوا اليه خمسين ألف دينار فأجابهم وملك القلعة ثم سمعوا بمسير الروم والافرنج لانجادهم وكان الاتابك خلال الحصار قد فتح المعرّة وكفرطاب [1] في الولايات التي بين حلب وحماة ووهن الافرنج ثم سار الاتابك زنكي في محرّم سنة اثنين وثلاثين الى بعلبكّ وملك حصن الممدل من أعمال صاحب دمشق وبعث اليه نائب باساس بالطاعة كذلك ثم كانت حادثة ملك الروم ومنازلته حلب كما نذكره فسار الى سلمية ولما انجلت حادثة الروم رجع إلى حصار حمص وبعث إلى محمود صاحب دمشق في خطبة أمّه مردخان بنت جاولي التي قتلت ابنها فتزوجها وملك حمص وقلعتها وحملت الخاتون إليه في رمضان وظنّ أنه يملك دمشق بزواجها فلم يحصل على شيء من ذلك والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده.
مسير الروم الى الشام وملكهم مراغة [2]
ولما استنجد الافرنج ببغدوين ملك أمم النصرانية كما مرّ جمع ملك الروم بالقسطنطينية وركب البحر سنة احدى وثلاثين ولحقته أساطيله وسار الى مدينة قيقية فحاصرها وصالحوه
[1] كذا بياض بالأصل، ولم نعثر في المراجع التي بين أيدينا على التصويب.
[2]
وفي الكامل: بزاعة ج 11 ص 56.
بالمال وسار عنها الى ادنة والمصيصة وهما لابن ليون الارمني صاحب قلاع الدروب فحاصرهما وملكهما وسار الى عين زربة فملكها عنوة وملك تل حمدون ونقل أهله الى جزيرة قبرص ثم ملك مدينة انطاكية في ذي القعدة من السنة وبها رغيد من ملوك الافرنج فصالحه ورجع الى بفراس ودخل منها بلاد ابن ليون فصالحه بالأموال ودخل في طاعته ثم خرج الى الشام أوّل سنة اثنتين وثلاثين وحاصر مراغة على ستة فراسخ من حلب وبعثوا بالصريخ الى الاتابك زنكي فبعث بالعساكر الى حلب لحمايتها وقاتل ملك الروم مراغة فملكها بالأمان منتصف السنة ثم غدر بهم واستباحهم ورحل الى حلب فنزل بدابق ومعه الافرنج [1] ورجعوا من الغد الى حلب وحاصروها ثلاثا فامتنعت عليهم وقتل عليها بطريق كبير منهم ورحل عنها الى قلعة الاتاود في شعبان من السنة فهرب عنها أهلها ووضع الروم بها الأسرى والسبي وأنزلوا بها حامية وبعث اليهم أسوار نائب حلب عسكرا فقتلوا الحامية وخلصوا الأسرى والسبي ورحل الاتابك من حصن الاثارب بعد فتحه الى سلمية وقطع الفرات الى الرقة واتبع الروم فقطع عنهم الميرة وقصد الروم قلعة شيزر وبها سلطان ابن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني فحاصروها ونصبوا المجانيق عليها واستصرخ صاحبها بالاتابك زنكي فسار اليه ونزل نهر العاصي بين شيزر وحماة وبعث السرايا تختطف من حول معسكر الروم وبعث الى الروم يدعوهم الى المناجزة والنزول الى البسيط فخافوا عن ذلك فرجع الى التضريب بين الروم والإفرنج يحذر أحد الفريقين من الآخر حتى استراب كل بصاحبه فرحل ملك الروم في رمضان من السنة بعد حصار شيزر أربعين يوما وأتبعه الاتابك فلحقهم واستلحمهم واستباحهم ثم أرسل القاضي كما الدين محمد بن عبد الله الشهرزوريّ الى السلطان مسعود يستنجده على العدوّ ويحذره الروم واستيلاءهم على حلب وينحدرون من الفرات الى بغداد فوضع القاضي كمال الدين في جماع القصر من ينادي بصريخ المسلمين والخطيب على المنبر وكذا في جامع السلطان فعظم الصراخ والبكاء وتسايلت العوام من كلّ جانب وجاءوا الى دار السلطان في تلك الحالة وقد وقع العويل والصراخ فعظم الهول على السلطان مسعود وجهز عسكرا عظيما وخاف القاضي كمال الدين غائلته ثم وصل الخبر برحيل ملك الروم فأخبر القاضي السلطان مسعود بذلك و [2] من مسير
[1] كذا بالأصل: عبارة مرتبكة وفي الكامل ج 11 ص 56: ثم رحلوا الى حلب من الغد في خيلهم ورجلهم فخرج اليهم احداث حلب فقاتلوهم قتالا شديدا.
[2]
كذا بياض بالأصل، وفي الكامل: وإذا قد وصلني كتاب أتابك زنكي في الشام بخبر رحيل ملك الروم ويأمرني بأن لا استصحب من العسكر أحدا. فعرّفت السلطان ذلك فقال العسكر قد تجهّز ولا بدّ من الغزاة الى الشام، فبعد الجهد وبذل الخدمة العظيمة له ولأصحابه حتى أعاد العسكر. ج 11 ص 58.