الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد كان أيام حبسه يوسوس اليه بالرجوع عن موالاة السلطان وممالأته ولم يزل يفتل له في الذروة والغارب حتى جنح الى قوله فبعث لأحياء التتر الذين كانوا ببلاد الروم فيئة ابن اريثا ابن أوّل فسار اليهم واستجاشهم على عسكر السلطان وحذرهم استئصال شأفتهم باستئصال ملك ابن اريثا وبلده ووصلت العساكر خلال ذلك الى سيواس فحاصروها أياما وضيقوا عليها وكادت أن تلقي باليد ووصل منطاش أثر ذلك باحياء التتر فقاتلهم العساكر ودافعوهم ونالوا منهم وجلا الناصري في هذه الوقائع وأدرك العساكر الملل والضجر من طول المقام وبطء الظفر وانقطاع الميرة بتوغلهم في البلاد وبعد الشقة فتداعوا للرجوع ودعوا الأمراء إليه فجنح لذلك بعضهم فانكفئوا على تعبيتهم وسار بعض التتر في اتباعهم فكرّوا عليهم واستلحموهم وخلصوا الى بلاد الشام على أحسن حالات الظهور ونية العود ليحسموا علل العدوّ ويمحوا أثر الفتنة والله تعالى أعلم.
نكبة الجوباني واعتقاله بالإسكندرية
كان الأمراء الذين حاصروا سيواس قد لحقهم الضجر والسآمة من طول المقام وفزع قردم الطنبقا [1] المعلم منهم الى الناصري مقدم العساكر بالشكوى من السلطان فيما دعاهم اليه من هذا المرتكب وتفاوضوا في ذلك مليا وتداعوا الى الإفراج عن البلد بعد أن بعثوا الى القاضي بها واتخذوا عنده يدا بذلك وأوصوه بمنطاش والإبقاء عليه ليكون لهم وقوفا للفتنة وعلم يونس الدوادار أنهم في الطاعة فلم يسعه خلافهم ففوّض لهم ولما انتهى الى حلب غدا عليه دمرداش من أمرائها فنصح له بأن الجوباني نائب دمشق مداخل للناصر في تمريضه في الطاعة وأنهما مصرّان على الخلاف وقفل يونس الى مصر فقص على السلطان نصيحته واستدعى دمرداش فشافه السلطان بذلك واطلع منه على جلي الخبر في شأنهما وكان للجوباني مماليك أوغاد قد أبطرتهم النعمة واستهواهم الجاه وشرهوا الى التوثب وهو يزجرهم فصاروا الى اغرائه بالحاجب يومئذ طرنطاي فقعد في بيته عن المجلس السلطاني وطير بالخبر الى مصر فاستراب الجوباني وسابقه بالحضور عند السلطان لينضح عنه ما علق به من الأوهام وأذن له في ذلك فنهض من دمشق على البريد في ربيع سنة تسعين ولما انتهى الى سرياقوس أزعج اليه استاذ داره بهادر المنجكي فقبض عليه وطير به السفن الى الاسكندرية وأصبح السلطان من الغد فقبض على قردم والطنبقا المعلم وألحقهما به فحبسوا هنالك جميعا
[1] كذا بالأصل ويرد هذا الاسم تارة طنبقا وطورا الطنبغا وهو لقب تركي.