الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم حدثت الفتنة بين بركة وبين قبلاي صاحب التخت وانتزع بركة الخاقانية من أعمال قبلاي وولى عليها سرخاد ابن أخيه ناظو وكان على دين النصرانية وداخله هلاكو في الانتقاض على عمه بركة إلى أخيه قبلاي صاحب التخت ويقطعه الخاقانية وما يشاء معها وشعر بركة بشأنه وأنّ سرخاد يحاول قتله بالسمّ فقتله وولى الخاقانية أخاه مكانه وأقام هلاكو طالبا بثأر سرخاد ووقعت الحرب بينه وبين بركة على نهر آمد سنة ستين ثم هلك هلاكو سنة ثلاث وستين وولي ابنه ابغا فسار إلى حربه وسرّح بركة للقائه سنتاي بن بانيغان بن جفطاي ونوغيثة بن تتر بن مغل بن دوشي خان فلما التقى الجمعان أحجم سنتاي ورجع منهزما وانهزم ابغا أمام نوغيثة وأثخن في عساكره وعظمت منزلة نوغيثة عند بركة وسخط بركة سنتاي وساءت منزلته عنده إلى أن هلك بركة سنة خمس وستين والله سبحانه وتعالى أعلم.
منكوتمر بن طغان بن ناظو خان
ولما هلك بركة ملك الدست بالشمال ملك مكانه منكوتمر بن طغان بن ناظو خان ابن دوشي خان وطالت أيامه وزحف سنة سبعين إلى القسطنطينية لجدة وجدها على الاشكر ملكها فتلقاه بالخضوع والرغبة ورجع عنه ثم زحف سنة ثمانين إلى الشام في مظاهرة ابغا بن هلاكو ونزل بين قيسارية وابلستين من بلاد الروم ثم أجاز الدربند ومرّ بابغا وهو منازل الرحبة وتقدّم مع أخيه منكوتمر بن هلاكو إلى حماة فنازلوها وزحف اليهم المنصور قلاون ملك مصر والشام من دمشق ولقيهم بظاهر حمص وكانت الدائرة على ملوك التتر وهلك خلق من عساكرهم وأسر آخرون وأجفل ابغا من منازلة الرحبة ورجعوا إلى بلادهم منهزمين وهلك على أثر ذلك منكوتمر ملك الشمال ومنكوتمر بن هلاكو سنة احدى وثمانين ولما هلك منكوتمر ملك مكانه ابنه تدان وجلس على كرسي ملكهم بصراي فأقام خمس سنين ثم ترهب وخرج عن الملك سنة ست وثمانين وانقطع إلى صحبة المشايخ الفقراء ولما ترهب تدان بن منكوتمر وخرج عن الملك ملك مكانه اخوه قلابغا وأجمع على غزو بلاد الكرك واستنفر نوغيثة بن تتر بن مغل بن دوشي خان وكان حاكما على طائفة من بلاد الشمال وله استبداد على ملوك بني دوشي خان فنفر معه في عساكره وكانت عظيمة ودخلوا جميعا بلاد الكرك وأغاروا عليها وعاثوا في نواحيها وفصلوا منها وقد تمكن فصل الشتاء وسلك السلطان مسافة اعتسف فيها البيداء وهلك أكثر عساكره من البرد والجوع وأكلوا دوابهم وسار نوغيثة من أقرب المسالك فنجا إلى بلاده سالما من تلك الشدّة فاتهمه السلطان قلابغا بالادهان في أمره
وكان ينقم عليه استبداده حتى انه قتل امرأة كنجك وكانت متحكمة في أيام أبيه وأخيه وشكت إلى نوغينة [1] فأمر بقتلها خنقا وقتل أميرا كان في خدمتها اسمه بيطرا فتنكر له قلابغا وأجمع الفتك به وأرسل يستدعيه لما طوي له عليه ونمي الخبر بذلك إلى نوغينة فبالغ في إظهار النصيحة والإشفاق على السلطان وخاطب أمّه بأنّ عنده نصائح يودّ لو ألقاها إلى السلطان في خلوة فثنت ابنها عن رأيه فيه وأشارت عليه باستدعائه والاطلاع على ما عنده وجاء نوغينة وقد بعث عن جماعة من اخوة السلطان قلابغا كانوا يميلون اليه ومنهم طغطاي وبولك وصراي وتدان بنو منكوتمر بن طغان فجاءوا معه وقد توقفوا لمّا هجم السلطان قلابغا وركب للقاء نوغينة في لمة من عسكره وجاء نوغينة وقد أكمن له طائفة من العسكر فلما التقيا تحادثا مليا وخرج الكمناء وأحاطوا بالسلطان وقتلوه سنة تسعين وستمائة واقبل طغطاي ابن منكوتمر ولما قتل قلابغا ولوا مكانه طغطاي لوقته ورجع نوغينة إلى بلاده وبعث إلى طغطاي في قتل الأمراء الذين داخلوا قلابغا في قتله فقتلهم طغطاي أجمعين ثم تنكر طغطاي لنوغينة لما كان عليه من الاستبداد وأنف طغطاي منه وأظلم الجوّ بينهما واجتمع أعيان الدولة إلى نوغينة فكان يوغر صدرهم على طغطاي واصهر إلى طاز بن منجك منهم بابنته فسار اليه طغطاي ولقيه نوغينة فهزمه واعترضه نهر مل فغرق كثير من عسكره ورجع نوغينة عن اتباعه واستولى على بلاد الشمال وأقطع سبطه قراجا بن طشتمر سنة ثمان وسبعين مدينة القرم وسار اليها لقبض أموالها فأضافوه وبيتوه وقتلوه من ليلته وبعث نوغينة العساكر إلى القرم فاستباحوها وما يجاورها من القرى والضياع وخرب سائرها وكان نوغينة كثير الإيثار لأصحابه فلما استبدّ بأمره آثر ولده على الأمراء الذين معه وحسوا عليهم وكان رديفه من ملك المغل اياجي بن قرمش وأخوه قراجا فلما آثر ولده عليهما نزعا إلى طغطاي في قومها وسار ولد نوغينة في اتباعهما فرجع بعضهم واستمرّ الباقون وقتل ولد نوغينة من رجع معه من أصحاب اياجي وقراجا وولدهم فامتعض لذلك أمراء المغل الذين معه ولحقوا بطغطاي واستحثوه لحرب نوغينة فجمع وسار اليه سنة تسع وتسعين بكو كان لك فانهزمت عساكر نوغينة وولده وقتل في المعركة وحمل رأسه إلى طغطاي فقتل قاتله وقال السوقة لا تقتل الملوك واستبيح معسكر نوغينة وبيع سباياهم وأسراهم في الأقطار وكان بمصر منهم جماعة استرقوا بها وانتظموا في ديوان جندها ولما هلك نوغينة خلفه في أعماله ابنه جكك وانتقض عليه أخوه فقتله فاستوحش لذلك أصحابه وأجمعوا الفتك به وتولى ذلك نائبة طغرلجاي وصهره على أخته طاز بن منجك ونمي الخبر بذلك اليه وهو في بلاد اللاز والروس غازيا فهرب ولحق
[1] هكذا وقد وردني نسخ اخرى نوغيثة ونوغيثة.