الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاة الخليفة الحاكم وولاية ابنه المستكفي والغزاة الى العرب بالصعيد
ثم توفي الخليفة الحاكم بأمر الله أحمد وهو الّذي ولاه الظاهر وبايع له سنة ستين فتوفي سنة احدى وسبعمائة لإحدى وأربعين سنة من خلافته وقد عهد لابنه أبي الربيع سليمان فبايع له الناصر ولقبه المستكفي وارتفعت شكوى الرعايا في الصعيد من الاعراب وكثر عيثهم فجهز السلطان العساكر مع شمس الدين قراسنقر فاكتسحهم وراجعوا الطاعة وقرّر عليهم مالا حملوه ألف ألف وخمسمائة ألف درهم وألف فرس واحدا وألفي جمل اثنين وعشرة آلاف ألف رأس من الغنم وأظهروا الاستكانة ثم أظهروا النفاق فسار اليهم كافل المملكة سلار وبيبرس في العساكر فاستلحموهم وأبادوهم وأصابوا أموالهم ونعمهم ورجعوا واستأذن بيبرس في قضاء فرضه فخرج حاجا وكان أبو نمى أمير مكة قد توفي وقام بأمره في مكة ابناه رميثة وخميصة واعتقلا أخويهما عطيفة وأبا الغيث فنقبا السجن وجاءا الى بيبرس مستعديين على أخويهما فقبض عليهما بيبرس وجاء بهما الى القاهرة وفي سنة ستين وسبعمائة بعدها خرجت الشواني مشحونة بالمقاتلة الى جزيرة أرواد في بحر طرطوس وبها جماعة من الافرنج قد حصنوها وسكنوها فملكوها وأسروا أهلها وخربوها وأذهبوا آثارها والله تعالى ولىّ التوفيق.
تقرير العهد لأهل الذمة
حضر في سنة سبعمائة وزير من المغرب في غرض الرسالة فرأى حال أهل الذمة وترفهم وتصرفهم في أهل الدولة فنكره وقبح ذلك واتصل بالسلطان نكيره فأمر بجمع الفقهاء للنظر في الحدود التي تقف عندها أهل الذمّة بمقتضى عهود المسلمين لهم عند الفتح وأجمع الملاء فيهم على ما نذكر وهو أن يميز بين أهل الذمة بشعار يخصهم فالنصارى بالعمائم السود واليهود بالصفر والنساء منهن بعلامات تناسبهن وأن لا يركبوا فرسا ولا يحملوا سلاحا وإذا ركبوا الحمير يركبونها عرضا ويتنحون وسط الطريق ولا يرفعوا أصواتهم فوق صوت المسلمين ولا يعلوا بناءهم على بناء المسلمين ولا يظهروا شعائرهم ولا يضربوا بالنواقيس ولا ينصروا مسلما ولا يهودوه ولا يشتروا من الرقيق مسلما ولا من سباه مسلم ولا من جرت عليه سهام المسلمين ومن دخل منهم الحمام يجعل في عنقه جرسا يتميز به ولا ينقشوا فص الخاتم
بالعربي ولا يعلموا أولادهم القرآن ولا يخدّموا في أعمالهم الشاقة مسلما ولا يرفعوا النيران ومن زنا منهم بمسلمة قتل وقال البترك بحضرة العدول حرمت على أهل ملتي وأصحابي مخالفة ذلك والعدول عنه وقال رئيس اليهود أوقعت الكلمة على أهل ملتي وطائفتي وكتب بذلك إلى الأعمال (ولنذكر) في هذا الموضع نسخة كتاب عمر بالعهد لأهل الذمّة بعد كتاب نصارى الشام ومصر اليه ونصه هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى أهل الشام ومضر لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا على أنفسنا أن لا تحدث في مدائننا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا علية ولا صومعة راهب ولا نجدّد ما خرب منها ولا ما كان في خطط وأن نوسع أبوابنا للمارّة ولبني السبيل وأن ننزل من مرّ بنا من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم ولا نؤوي في كنائسنا ولا في منازلنا جاسوسا ولا نكتم عيبا للمسلمين ولا نعلم أولادنا القرآن ولا نظهر شرعنا ولا ندعو اليه أحدا ولا نمنع أحد من ذي قرابتنا الدخول في دين الإسلام إن أرادوه وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم في مجالسنا إذا أرادوا الجلوس ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا نتسمى بأسمائهم ولا نتكنى بكناهم ولا نركب السروج ولا نتقلد بالسيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله معنا ولا ننقش على خواتمنا بالعربية وأن نجز مقدّم رءوسنا ونكرم نزيلنا حيث كنا وأن نشدّ الزنانير على أوساطنا ولا نظهر صلباننا ولا نفتح كنفنا في طريق المسلمين ولا أسواقهم ولا نضرب بنواقيسنا في شيء من حضرة المسلمين ولا نخرج شعانيننا ولا طواغيتنا ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نوقد النيران في طريق المسلمين ولا أسواقهم ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين ولا نطلع في منازلهم ولا نعلي منازلنا فلما أتى عمر بالكتاب زاد فيه ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه الأمان فإن نحن خلفنا في شيء مما شرطنا لكم علينا وضمناه على أنفسنا وأهل ملتنا فلا ذمّة لنا عليكم وقد حلّ بنا ما حلّ بغيرنا من أهل المعاندة والشقاق فكتب عمر رضي الله عنه أمض ما سألوه وألحق فيه حرفا اشترطه عليهم مع ما اشترطوه من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهده وعلى أحكام هذا الكتاب جرت فتاوى الفقهاء في أهل الذمّة نصا وقياسا وأمّا كنائسهم فقال أبو هريرة أمر عمر بهدم كل كنيسة استحدثت بعد الهجرة ولم يبق الا ما كان قبل الإسلام وسير عروة بن محمد فهدم الكنائس بصنعاء وصالح القبط على كنائسهم وهدم بعضها ولم يبق من الكنائس الا ما كان قبل الهجرة وفي اباحة رمّها وإصلاحها لهم خلاف معروف بين الفقهاء والله تعالى ولىّ التوفيق
.