الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاضي فتح الدين محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر كاتب السرّ وصاحب ديوان الإنشاء وله التقدّم عنده وعند أبيه فولى مكانه فتح الدين أحمد بن الأثير الحلي وترك ابن عبد الظاهر ابنه علاء الدين عليا فالقى عليه النعمة منتظما في جملة الكتاب ثم سار السلطان الى الصعيد يتصيد واستخلف بيدو النائب على دار ملكه وانتهى الى قوص وكان ابن السلعوس قد دس اليه بأنّ بيدو احتجن بالصعيد من الزرع ما لا يحصى فوقف هنالك على مخازنها واستكثرها وارتاب بيدو لذلك ولما رجع الأشرف الى مصر ارتجع منه بعض اقطاعه وبقي بيدو مرتابا من ذلك وأتحف السلطان بالهدايا من الخيام والهجن وغيرهما والله تعالى أعلم.
مسير السلطان الى الشام وصلح الأرمن ومكثه في مصيا وهدم الشويك
ثم تجهز السلطان سنة اثنتين وتسعين الى الشام وقدم بيدو النائب بالعساكر وعاج على الكرك على الهجن فوقف عليها وأصلح من أمورها ورجع ووصل الى الشام فوافاه رسول صاحب سيس ملك الأرمن راغبا في الصلح على أن يعطى تهسنا ومرعش وتل حمدون فعقد لهم على ذلك وملك هذه القلاع وهي في غم الدرب من ضياع حلب وكانت تهسنا للمسلمين ولما ملك هلاكو حلب باعها النائب من ملك الأرمن سيس ثم سار السلطان الى حمص ووصل اليها في رجب من السنة ومعه المظفر صاحب حماة ونزل سلميّة ولقيه مهنا بن عيسى أمير العرب فقبض عليه وعلى أخويه محمد وفضل وابنه موسى وبعثهم معتقلين مع لاشين الى دمشق ومن هناك الى مصر فحبسوا بها وولى على الغرب مكانهم محمد بن أبي بكر بن علي ابن جديلة وأوعز وهو بحمص الى نائب الكرك بهدم قلعة الشويك فهدمت وانكف راجعا الى مصر وقدم العساكر مع بيدو وجاء في الساقة على الهجن مع خواصه ولما دخل على مصر أفرج عن لاشين المنصوري والله تعالى أعلم.
مقتل الأشرف وولاية أخيه محمد الناصر في كفالة كيبغا
كان النائب بيدو مستوليا على الأشرف والأشرف مستريب به حتى كأنه مستبدّ وكان مستوحشا من الأشرف واعتزم الأشرف سنة ثلاث وتسعين على الصيد في البحيرة فخرج
اليها وبعث وزيره ابن السلعوس للاسكندرية لتحصيل الأموال والاقمشة فوجد [1] بيدو قد سبقوا اليها واستصفوا ما هنالك فكاتب السلطان بذلك فغضب واستدعى بيدو فوبخه وتوعده ولم يزل هو يلاطفه حتى كسر من سورة غضبه ثم خلص الى أصحابه وداخلهم في التوثب به وتولى كبر ذلك منهم لاشين المنصوري نائب دمشق وقراسنقر المنصوري نائب حلب وكان الأمراء كلهم حاقدين على الأشرف لتقديمه حاشيته عليهم ولما كتب اليه السلعوس بقلة المال صرف مواليه الى القلعة تخفيفا من النفقة وبقي في القليل وركب بعض أيامه يتصيد وهو مقيم على فرجة فاتبعوه وأدركوه في صيده فأوجس في نفسه الشرّ منهم فعاجلوه وعلوه بالسيوف ضربه أوّلا بيدو وثنى عليه لاشين وتركوه مجندلا بمصرعه منتصف محرّم من السنة ورجعوا الى المخيم وقد أبرموا أن يولوا بيدو فولوه ولقبوه القاهر وتقبض على بيسري الشمسى وسيف الدين بكتمر السلحدار واحتملوهما وساروا الى قلعة الملك وكان زين الدين سيف قد ركب للصيد فبلغه الخبر في صيده فسار في اتباعهم ومعه سوس الجاشنكير وحسام الدين أستاذ دار وركن الدين سوس وطقجي في طائفة من الجاشنكيرية وأدركوا القوم على الطرّانة ولما عاينهم بيدو وبيسري وبكتمر المعتقلين في المخيم رجعوا الى كيبغا [2] وأصحابه وفرّ عن بيدو من كان معه من العربان والجند وقاتل قليلا ثم قتل ورجع برأسه على القناة وافترق أصحابه قراسنقر ولاشين بالقاهرة ويقال أن لاشين كان مختفيا في مئذنة جامع ابن طولون ووصل كيبغا وأصحابه الى القلعة وبها علم الدين الشجاعي واستدعوا محمد بن قلاون أخا الأشرف وبايعوه ولقبوه الناصر وقام بالنيابة كيبغا وبالاتابكية حسام الدين وبالوزارة علم الدين سنجر وبالاستاذ دراية ركن الدين سوس الجاشنكير واستبدّوا بالدولة فلم يكن الناصر يملك معهم شيئا من أمره وجدّوا في طلب الأمراء الذين داخلوا بيدو في قتل الأشرف فاستوعبوهم بالقتل والصلب والقطع وكان بهادر رأس نوبة وأقوش الموصلي فقتلا وأحرقت أشلاؤهما وشفع كيبغا في لاشين وقراسنقر المتوليين كبر ذلك فظهرا من الاختفاء وعادا الى محلهما من الدولة ثم تقبض على الوزير محمد بن السلعوس عند وصوله من الاسكندرية وصادره الوزير الشجاعي وامتحنه فمات تحت الامتحان وأفرج عن
[1] بياض بالأصل، وفي أخبار البشر ج 4 ص 30: وركب في نفر قليل من خواصه للصيد، فقصده مماليك والده وهم: بيدرا نائب السلطنة، ولاجين الّذي كان عزله السلطان عن نيابة السلطنة بدمشق واعتقله مرة بعد اخرى، وفرّاسنقر الّذي عزله عن نيابة السلطنة بحلب، وانضم اليهم بادر رأس النوبة وجماعة من الأمراء.
[2]
ورد هذا الاسم في في الأحيان «كسبفا» ومرة اخرى «كتبفا» وأحيانا «كيبفا» وقد ورد في تاريخ أخبار البشر «كتبغا» بمواضيع مختلفة.