الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى مرسلة من ثياب الوشي والديباج والسلاح بما لم يعهده مثلها وانصرف آخر ربيع سنة ثلاث وتسعين والله تعالى أعلم بغيبه.
حصار منطاش دمشق ومسير السلطان من مصر إليه وفراره ومقتل الناصري
لم يزل منطاش شريدا عند التركمان منذ فارق العرب ولما كان منتصف سنة ثلاث وتسعين اعتزم على قصد دمشق ويقال أن ذلك كان بإغراء الناصري يخادعه بذلك ليقبض عليه فسار منطاش من مرعش على نواحي حلب وتقدّم خبره إلى حماة فهرب نائبها إلى طرابلس ودخل منطاش حماة ونادى فيها بالأمان ثم سار منها إلى حمص كذلك ثم إلى بعلبكّ وهرب نائبها إلى دمشق فخرج الناصري نائب دمشق في العساكر لمدافعته وسار على طريق الريداني فخالفه منطاش إلى دمشق وقدم إليها أحمد شكار بن أبي بندمر فثار شيعة الخوارزمية والبندمرية وفتحوا له أبواب البلد ومرّ باصطبلات فقاد منها نحوا من ثمانمائة فرس وجاء منطاش من الغد على أثره فنزل بالقصر الأبلق وأنزل الأمراء الذين معه في البيوت حوالي القصر وفي جامع شكن وجامع بيبقا وشرع في مصادرة الناس والفريضة عليهم وأقام يومه في ذلك وإذا بالناصري قد وصل عساكره فاقتتلوا عشية ذلك اليوم مرات ومن الغد كذلك وأقام كل واحد منهما في حومته والقتال متصل بينهما سائر رجب وشعبان ولما بلغ الخبر إلى السلطان ارتاب بالناصري واتهمه بالمداهنة في أمر منطاش وتجهز لقصد الشام وأدى في العساكر بذلك عاشر شعبان وقتل أهل الخلاف من الأمراء المحبوسين وأشخص البطالين من الأمراء إلى الإسكندرية ودمياط وخرج يوم عشرين شعبان فخيم بالريدانية حتى أزاح علل العساكر وقضوا حاجاتهم واستخلف على القاهرة الأتابك كمشيقا الحموي وأنزله الإصطبل وجعل له التصرّف في التولية والعزل وترك بالقاهرة من الأمراء جماعة لنظر الأتابك وتحت أمره وأنزل النائب سودون بالقلعة وترك بها ستمائة من مماليكه الأصاغر وأخرج معه القضاة الأربعة والمفتين وارتحل غرة رمضان من السنة بقصد الشام وجاء الخبر رابع الشهر بأنّ منطاش لما بلغه مسيرة السلطان من مصر هرب من دمشق منتصف شعبان مع عنقا بن [1] أمير آل مراء الصريخ منطاش فكانت بينهما وقعة انهزم فيها الناصري وقتل
[1] كذا بياض بالأصل، ولم نعثر في المراجع التي بين أيدينا على اسم والد عنقا.
جماعة من أمراء الشام نحو خمسة عشر فيهم إبراهيم بن منجك وغيره ثم خرج الناصري من الغد في إتباع منطاش وقد ذكر له أن الفلاحين نزعوا من نواحي دمشق واحتاطوا به فركب إليه منطاش ليقاتله ففارقه أتابكه يماز تمر إلى الناصري في أكثر العساكر وولي هاربا ورجع الناصري إلى دمشق وأكرم ايمازتمر وأجمل له الوعد وجاءه الخبر بأنّ السلطان قد دخل حدود الشام فسار ليلقاه فلقيه بقانون وبالغ السلطان في تكرمته وترجل حين نزوله وعانقه وأركبه بقربة وردّه إلى دمشق ثم سار في أثره إلى أن وصل دمشق وخرج الناصري ثانية ودخل إلى القلعة ثاني عشر رمضان من السنة والأمراء مشاة بين يديه والناصري راكب معه يحمل الخبز على رأسه وبعث يعبر في كتاب نائب حماة بالعذر عما وقع منه وأنه اتهم الناصري في أمر منطاش فقصد حسم الفتنة في ذلك واستأمن السلطان وضمن له إحضار منطاش من حيث كان فأمنه وكتب إليه بإجابة سؤاله ولما قضى عيد الفطر برز من دمشق سابع شوّال إلى حلب في طلب منطاش ولقيه أثناء طريقه رسول سولي بن دلقادر أمير التركمان بهديته واستئمانه وعذره عن تعرضه لسيس وأنه يسلمها لنائب حلب فقبل السلطان منه وأمنه ووعده بالجميل ثم وفد عليه أمراء آل مهنا وآل عيسى في الطاعة ومظاهرة السلطان على منطاش ويعبر وأنهما نازلان بالرحبة من تخوم الشام فأكرم السلطان وفادتهم وتقبل طاعتهم وسار إلى حلب ونزل بالقلعة منها ثاني شوّال ثم وصل الخبر إلى السلطان بأن منطاش فارق يعبرا ومرّ ببلاد ماردين فواقعته عساكر هناك وقبضوا على جماعة من أصحابه وخلص هو من الواقعة إلى سالم الرودكاري من أمراء التركمان فقبض عليه وأرسل إلى السلطان يطالعه بشأنه ويطلب بعض أمراء السلطان قراد مرداش نائب حلب في عساكره إلى سالم الرودكاري لإحضار منطاش وأتبعه بالناصري وأرسل الأتابك إلى ماردين لإحضار من حصل من أصحاب منطاش وانتهى أنيال إلى رأس العين وأتى أصحاب سلطان ماردين وتسلم منهم أصحاب منطاش وكتب سلطانهم بأنه معتمل في مقاصد السلطان ومرتصد لعدوّه وانتهى قراد مرداش إلى سالم الرودكاري وأقام عنده أربعة أيام في طلب منطاش وهو يماطله فأغار قراد مرداش عليه ونهب أحياءه وفتك في قومه وهرب هو ومنطاش إلى سنجار وجاء الناصري على أثر ذلك ونكر على دمرداش ما أتاه وارتفعت الملاجة بينهما حتى همّ الناصري به ورفع الآلة بضربه ولم يحصل أحد منهم بطائل ورجعوا بالعساكر إلى السلطان وكتب إليه سالم الرودكاري بالعذر عن أمر منطاش وأن الناصري كتب إليه وأمره بالمحافظة على منطاش وأن فيه زبونا للترك فجلس السلطان بالقلعة جلوسا ضخما سادس ذي الحجة من السنة