الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأنّ جماعة من أمرائه أجمعوا الفتك به وداخلوا الافرنج في ذلك وكان كبيرهم كوندك فلما وصل الى بيسان قبض عليه وعليهم وقتلهم واستراب من داخلهم في ذلك ولحقوا بسنقر في صهيون ودخل السلطان دمشق وبعث العساكر لحصار شيزر ثم تردّدت الرسل بينه وبين الأشقر في الصلح على أن ينزل عن شيزر [1] ويتعوّض عنها بالشقر وبكاس وعلى أن يقتصر في حامية الحصون التي لقطره على ستمائة من الفرسان فقط ويطرد عنه الأمراء الذين لحقوا به فتمّ الصلح على ذلك وكتب له التقليد بتلك الأعمال ورجع من عنده سنجر الدوادار فأحسن اليه السلطان وولى على نيابة شيزر بليان الطباخي وكان بنو الظاهر بالكرك يسألون السلطان في الصلح بالزيادة على الكرك كما كان السلطان داود فلما تمّ الصلح مع سنقر رجعوا الى القنوع بالكرك وبعث اليهم السلطان بأقاربهم من القاهرة وأتمّ لهم العقد على ذلك وبعث الأمير سلحدار والقاضي تاج الدين بن الأثير لاستحلافهم والله تعالى أعلم.
واقعة التتر بحمص ومهلك ابغا سلطانهم بإثرها
ثم زحف التتر سنة ثمانين الى الشام من كان ناحية متظاهرين فسار ابغا في عساكر المغل وجموع التتر وانتهى الى الرحبة فحاصرها ومعه صاحب ماردين وقدم أخوه منكوتمر في العساكر الى الشام وجاء صاحب الشمال منكوتمر من بني دوشي خان من كرسيهم بصراي مظاهرا لابغا بن هلاكو على الشام فمرّ بالقسطنطينية ثم نزل بين قيسارية وتفليس ثم سار الى منكوتمر بن هلاكو وتقدّم معه الى الشام وخرج السلطان من دمشق في عساكر المسلمين وسابقهم الى حمص ولقيه هناك سنقر الأشقر فيمن معه من أمراء الظاهرية وزحف التتر ومن معهم من عساكر الروم والافرنج والأرمن والكرج ثمانون ألفا أو يزيدون والتقى الفريقان على حمص وجعل السلطان في ميمنته صاحب حماة محمد بن المظفر ونائب دمشق لاشين السلحدار وعيسى بن مهنا فيمن اليه من العرب وفي الميسرة سنقر الأشقر في الظاهرية مع جموع التركمان ومن اليهم جماعة من أمراءه وفي القلب نائبة حسام الدين طرنطاي والحاجب ركن الدين اياحي وجمهور العساكر المماليك ووقف السلطان تحت الرايات في مواليه وحاشيته ووقفت عساكر التتر كراديس وذلك منتصف رجب سنة ثمانين واقتتلوا ونزل الصبر
[1] بياض بالأصل، وفي أخبار البشر ج 4 ص 14: ووقع بينهم الصلح على ان يسلم شيزر الى السلطان ويتسلم سنقر الأشقر: الشفر وبكاس وكانتا قد ارتجعتا منه.
ثم انفضت ميسرة المسلمين واتبعهم التتر وانفضت ميسرة التتر ورجعوا على ملكهم منكوتمر في القلب فانهزم ورجع التتر من اتباع ميسرة المسلمين فمرّوا بالسلطان وهو ثابت في مقامه لم يبرح ورجع أهل الميرة ونزل السلطان في خيامه ورحل من الغد في اتباع العدوّ وأوعز الى الحصون التي في ناحية الفرات باعتراضهم على المقابر فعدلوا عنها وخاضوا الفرات في المجاهل فغرقوا ومرّ بعضهم بردّ سلميّة فهلكوا وانتهى الخبر الى ابغا وهو على الرحبة فأجفل الى بغداد وصرف السلطان العساكر الى أماكنهم وسار سنقر الأشقر الى مكانه بصهيون وتخلف عنه كثير من الظاهرية عند السلطان وعاد السلطان الى دمشق ثم الى مصر آخر شعبان من السنة فبلغه الخبر بمهلك منكوتمر بن هلاكو بهمذان ومنكوتمر صاحب الشمال بصراي فكان ذلك تماما للفتح ثم هلك ابغا بن هلاكو سنة احدى وثمانين وكان سبب مهلكه فيما يقال انه اتهم شمس الدين الجريض وزيره باغتيال أخيه منكوتمر منصرفه من واقعة حمص فقبض عليه وامتحنه واستصفاه فدس له الجويني من سمه ومات وكان ابغا اتهم بأخيه أيضا أميرا من المغل كان شحنة بالجزيرة ففرّ منها وأقام مشركا وبعث السلطان قلاون بعثا الى ناحية الموصل للاغارة عليها وانتهوا الى سنجر فصادفوا هذا الأمير وجاءوا به الى السلطان فحبسه ثم أطلقه وأثبت اسمه في الديوان وكان يحدث بكثير من أخبار التتر وكتب بعضها عنه وبعث السلطان في هذه السنة بعوثا أخرى الى نواحي سيس من بلاد الروم جزاء بما كان من الأرمن في حلب ومساجدها فاكتسحوا تلك النواحي ولقيهم بعض أمراء التتر بمكان هنالك فهزموه ووصلوا الى جبال بلغار ورجعوا غانمين وبعث السلطان شمس الدين قراسنقر المنصوري الى حلب لإصلاح ما خرب التتر من قلعتها وجامعها فأعاد ذلك الى أحسن ما كان عليه ثم أسلم ملوك التتر فبعث أوّلا بكدار بن هلاكو صاحب العراق بإسلامه وأنّه تسمى أحمد وجاءت رسله بذلك الى السلطان وهم شمس الدين أتابك ومسعود بن كيكاوس صاحب بلاد الروم وقطب الدين محمود الشيرازي قاضي شيواس وشمس الدين محمد بن الصاحب من حاشية صاحب ماردين وكان كتابه مؤرخا بجمادى سنة احدى وثمانين وحملوا على الكرامة وأجيب سلطانهم بما يناسبه ثم وصل رسول قودان بن طقان المتولي بكرسي الشمال بعد أخيه منكوتمر سنة اثنتين وثمانين بخبر ولايته ودخوله في دين الإسلام وبطلب تقليد الخليفة واللقب منه والراية للجهاد فيمن يليه من الكفار فأسعف بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم
.