الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هزيمة السلطان سنجر امام الخطا واستيلاؤهم على ما وراء النهر
وتلخيص هذا الخبر من كتاب ابن الأثير أنّ أتسز بن محمد ملك خوارزم واستقرّ بها فبعث الى الخطا وهم أعظم الترك فيما وراء النهر وأغراهم بمملكة السلطان سنجر واستحثهم لها فساروا في ثلاثمائة ألف فارس وسار سنجر في جميع عساكره وعبر اليهم النهر ولقيهم سنة ست وثلاثين واقتتلوا أشدّ قتال ثم انهزم سنجر وعساكره وقتل منهم مائة ألف فيهم أربعة آلاف امرأة وأسرت زوجة السلطان سنجر ولحق سنجر بترمذ وسار منها الى بلخ وقصد أتسز مدينة مرو فدخلها مراغما للسلطان وفتك فيها وقبض على جماعة من الفقهاء والأعيان وبعث السلطان سنجر الى السلطان مسعود يأذن له في النصر وفي الريّ ليدعوه ان احتاج اليه فجاء عباس صاحب الريّ بذلك الى بغداد وسار السلطان مسعود الى الريّ امتثالا لأمر عمه سنجر قال ابن الأثير وقيل انّ بلاد تركستان وهي كاشغر وبلاد سامسون وجبى [1] وطراز وغيرها مما وراء النهر كانت بيد الخانيّة وهم مسلمون من نسل مراسيان ملك الترك المعروف خبره مع ملوك الكينيّة وأسلم جدّهم الأوّل سبق قراخان لأنه رأى في منامه انّ رجلا نزل من السماء وقال له بالتركية ما معناه أسلم تسلم في الدنيا والآخرة وأسلم في منامه ثم أسلم في يقظته ولما مات ملك مكانه موسى بن سبق ولم يزل الملك في عقبه الى ارسلان خان بن سليمان بن داود ابن بقرخان بن إبراهيم طغاج خان بن ايلك نصر بن ارسلان بن علي بن موسى بن سبق فخرج عليه قردخان وانتزع الملك منه ثم نصر سنجر وقتل قردخان وخرج بعد ذلك خوارزم ونصره السلطان سنجر منهم وأعاده الى ملكه وكان في جنده نوع من الأتراك يقال لهم القارغليّة والأتراك الغزيّة الذين نهبوا خراسان على ما نذكره بعد وهم صنفان صنف يقال لهم حق وأميرهم طوطي بزداديك وصنف يقال لهم برق وأميرهم برغوث بن عبد الحميد.
وكان لأرسلان نصر خان شريف يصحبه من أهل سمرقند وهو الأشرف بن محمد بن أبي شجاع العلويّ فحمل ابن ارسلان نصر خان وطلبوا انتزاع الملك منه فاستصرخ السلطان سنجر فعبر اليه في عساكره سنة أربع وعشرين وخمسمائة وانتهى الى سمرقند فهرب القارغليّة أمامه وعاد الى سمرقند فقبض على ارسلان خان وحبسه ببلخ فمات بها وولى على
[1] جبي: بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة وفي الآخر ياء آخر الحروف، مدينة كثيرة النخل وقصب السكر، ومنها ابو علي الجبائي المعتزلي، قال في المشترك جبى كورة وبلد من نواحي خوزستان، قال وجبي أيضا قرية من نواحي النهروان (تقويم البلدان لأبي الفداء) .
سمرقند مكانه قلج طمقاج أبا المعالي الحسن بن علي بن عبد المؤمن ويعرف بحسن تكر من أعيان بيت الخانية الا أن ارسلان خان اطرحه فولاه سنجر ولم تطل أيامه فولى بعده محمود بن ارسلان خان وأبوه هو الّذي ملك سمرقند من يده وهو ابن أخت سنجر وكان في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة قد خرج كوهرخان من الصين الى حدود كاشغر في جموع عظيمة وكوهر الأعظم بلسانهم وخان السلطان. فمعناه أعظم ملك ولقيه صاحب كاشغر أحمد بن الحسن الخان فهزمه وقد كان خرج قبله من الصين أتراك الخطا وكانوا في خدمة الخانيّة أصحاب تركسان وكان ارسلان خان محمد بن سليمان ينزلهم على الدروب بينه وبين الصين مسالح ولهم على ذلك جرايات واقطاعات وسخط عليهم بعض السنين وعاقبهم بما عظم عليهم فطلبوا فسيحا من البلاد يأمنون فيه من ارسلان خان لكثرة ما كان يغزوهم ووصفت لهم بلاد سامسون فساروا اليها ولما خرج كونان من الصين ساروا اليه واجتمعوا عليه ثم ساروا جميعا الى بلاد ما وراء النهر ولقيهم الخان محمود بن ارسلان خان محمد في حدود بلاده في رمضان سنة احدى وثلاثين فهزموه وعاد الى سمرقند وعظم الخطب على أهلها وأهل بخارى واستمدّ محمود السلطان سنجر وذكر ما لقي السلطان من العنت واجتمع عنده ملوك خراسان وملك سجستان من بني خلف وملك غزنة من الغوريين وملك مازندران وعبر النهر للقاء الترك في أكثر من مائة ألف وذلك لآخر خمس وثلاثين وخمسمائة وشكا اليه محمود خان من القارغليّة فقصدهم واستجاروا بكوهرخان ملك الصين فكتب الى سنجر بالشفاعة فيهم فلم يشفعه وكتب اليه يدعوه للإسلام ويتهدّده بكثرة العساكر فأهان الرسول وزحف للقاء سنجر والتقى الجمعان بموضع يسمى قطران خامس صفر سنة ست وثلاثين وأبلى القارغليّة من الترك وصاحب سجستان من المسلمين ثم انهزم المسلمون فقتل كثير منهم وأسر صاحب سجستان والأمير قماج وزوجة السلطان سنجر فأطلقهم كوهرخان ومضى السلطان سنجر منهزما وملك الترك الكفار والخطا بلاد ما وراء النهر الى أن مات كوهرخان ملكهم سنة سبع وثلاثين ووليت بعده ابنته ثم ماتت قريبا وملكت أمّها من بعدها وهو زوجة كوهرخان وابنه محمد وصار ما وراء النهر بيد الخطا الى أن غلبهم عليه عماد الدين محمد خوارزم شاه سنة اثنتي عشرة وستمائة.