الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشرة آلاف فارس وسار في ستين ألف فارس وسار الى سيواس فامتنعت عليه وكتب الى صاحب مصر مع مخلص الرومي يستنجده فبعث الى نائب دمشق بانجاده وبلغ الخبر غازان فبعث لقتاله مولاي من أمراء التتر في خمسة وثلاثين ألف فارس ولحقه الى سيواس فانتقض عليه العسكر ورجع التتر الى مولاي ولحق التركمان بالجبال ولحق هو بسيس في فل من العسكر وسار الى دمشق ثم الى مصر وسأل من السلطان لاشين أن يمده بعسكر ينقل به عياله الى الشام فأمر السلطان نائب حلب أن ينجده على ذلك فبعث معه عسكرا عليهم بكتمر الحلبي وساروا الى سيواس فاعترضهم التتر وهزموهم وقتل الحلبي ونجا شلامش الى بعض القلاع فاستنزله غازان وقتله واستقرّ أخوه قطقطو ومخلص وأقطع لهما وانتظما في عسكر مصر والله تعالى أعلم.
واقعة التتر على الناصر واستيلاء غازان على الشام ثم ارتجاعه منه
قد كنا قدّمنا ما حدث من الوحشة بين التتر وبين الترك بمصر وقدّمنا من أسبابها ما قدّمناه فلما بويع الناصر بلغه أنّ غازان زاحف الى الشام فتجهز وقدّم العساكر مع قطلبك الكبير وسيف الدين غزّار، وسار على أثرهم آخر سنة ثمان وسبعين وانتهى الى غزة فنمي اليه أنّ بعض المماليك مجمعون للتوثب عليه وأنّ الاربدانية الذين وفدوا من التتر على كيبغا داخلوهم في ذلك وبينهما هو يستكشف الخبر إذ بمملوك من أولئك قد شهر سيفه واخترق صفوف العساكر وهم مصطفون بظاهر غزة فقتل لحينه وتتبع أمرهم من هذه البادرة حتى ظهرت حليتها فسبق الاربدانية ومقدّمهم طرنطاي وقتل بعض المماليك وحبس الباقون بالكرك ورحل السلطان الى عسقلان ثم الى دمشق ثم سار ولقي غازان ما بين سلمية وحمص بمجمع المروج ومعه الكرج والأرمن في مقدّمته أمراء الترك الذين هربوا من الشام وهم قفجق المنصوري وبكتمر السلحدار وفارس الدين البكي وسيف الدين غزار فكانت الجولة منتصف ربيع فانهزمت ميمنة التتر وثبت غازان ثم حمل على القلب فانهزم الناصر واستشهد كثير من الأمراء وفقد حسام الدين قاضي الحنفية وعماد الدين إسماعيل ابن الأمير وسار غازان الى حمص فاستولى على الذخائر السلطانية وطار الخبر الى دمشق فاضطرب العامّة وثار الغوغاء وخرج المشيخة الى غازان يقدمهم بدر الدين بن جماعة وتقيّ الدين بن تيمية وجلال الدين القزويني وبقي البلد فوضى وخاطب المشيخة غازان في الأمان فقال قد خالفكم الى بلدكم
كتاب الأمان ووصل جماعة من أمرائه فيهم إسماعيل ابن الأمير والشريف الرضي وقرأ كتاب الأمان ويسمونه بلغاتهم الفرمان وترجل الأمراء بالبساتين خارج البلد وامتنع علم الدين سلحدار بالقلعة فبعث اليه إسماعيل يستنزله بالأمان فامتنع فبعث اليه المشيخة من أهل دمشق فزاد امتناعا ودس اليه الناصر بالتحفظ وأنّ المدد على غزة ووصل قفجق بكتمر فنزلوا الميدان وبعثوا الى سنجر صاحب القلعة في الطاعة فأساء جوابهم وقال لهم أنّ السلطان وصل وهزم عساكر التتر التي اتبعته ودخل قفجق الى دمشق فقرأ عهد غازان له بولاية دمشق والشام جميعا وجعل اليه ولاية القضاء وخطب لغازان في الجامع وانطلقت أيدي العساكر في البلد بأنواع جميع العيث وكذا في الصالحية والقرى التي بها والمزّة وداريا وركب ابن تيمية الى شيخ الشيوخ نظام الدين محمود الشيبانيّ وكان نزل بالعادلية فأركبه معه الى الصالحية وطردوا منها أهل العيث وركب المشيخة الى غازان شاكين فمنعوا من لقائه حذرا من سطوته بالتتر فيقع الخلاف ويقع وبال ذلك على أهل البلد فرجعوا الى الوزير سعد الدين ورشد الدين فأطلقوا لهم الأسرى والسبي وشاع في الناس أنّ غازان أذن للمغل في البلد وما فيه ففزع الناس الى شيخ الشيوخ وفرضوا على أنفسهم أربعمائة ألف درهم مصانعة له على ذلك وأكرهوا على غرمها بالضرب والحبس حتى كلت ونزل التتر بالمدرسة العادلية فأحرقها ارجواش نائب القلعة ونصب المنجنيق على القلعة بسطح جامع بني أمية فأحرقوه فأعيد عمله وكان المغل يحرسونه فانتهكوا حرمة المسجد بكلّ محرّم من غير استثناء وهجم أهل القلعة فقتلوا النجار الّذي كان يصنع المنجنيق وهدم نائب القلعة ارجواش ما كان حولها من المساكن والمدارس والابنية ودار السعادة وطلبوا ما لا يقدرون عليه وأمتهن القضاة والخطباء وعطلت الجماعات والجمعة وفحش القتل والسبي وهدمت دار الحديث وكثير من المدارس ثم قفل الى بلده بعد ان ولى على دمشق والشام قفجق وعلى حماة وحمص بكتمر السلحدار وعلى صفد وطرابلس والساحل فارس الدين البكي وخلف نائبة قطلو شاه في ستين ألف حامية للشام واستصحب وزيره بدر الدين بن فضل الله وشرف الدين ابن الأمير وعلاء الدين بن القلانسي وحاصر قطلو شاه القلعة فامتنعت عليه فاعتزم على الرحيل وجمع له قفجق الأوغاد في جمادى من السنة وبقي قفجق منفردا بأمره فأمن الناس بعض الشيء وأمر مماليكه ورجعت عساكر التتر من اتباع الترك بعد ان وصلوا الى القدس وغزة والرملة واستباحوا ونهبوا وقائدهم يومئذ مولاي من أمراء التتر فخرج اليه ابن تيمية واستوهبه بعض الأسرى فأطلقهم وكان الملك الناصر لما وصل الى القلعة ووصل معه كيبغا العادل وكان حضر
معه المعركة من محلّ نيابته بصرخد فلما وقعت الهزيمة سار مع السلطان الى مصر وبقي في خدمة النائب سلار وجرّد السلطان العساكر وبث النفقات وسار الى الصالحية وبلغه رحيل غازان من الشام ووصل اليه بليان الطباخي نائب حلب على طريق طرابلس وجمال الدين الافرم نائب دمشق وسيف الدين كراي نائب طرابلس واتفق السلطان في عساكرهم وبلغه أنّ قطلو شاه نائب غازان رحل من الشام على أثر غازان فتقدّم بيبرس وسار في العساكر ووقعت المراسلة بينه وبين قفجق وبكتمر والبكي فأذعنوا للطاعة ووصلوا الى بيبرس وسلار فبعثوا بهم الى السلطان وهو في الصالحية في شعبان من السنة فركب للقائهم وبالغ في تكرمتهم والاتطاع لهم وولى قفجق على الشوبك ورحل عائدا الى مصر ودخل بيبرس وسلار الى مصر وقرّروا وفي ولايتها جمال الدين أقوش الافرم بدمشق وفي نيابة حلب قراسنقر المنصوري الجوكندار لاستعفاء بليان الطباخي عنها وفي طرابلس سيف الدين قطلبك وفي حماة كيبغا العادل وفي قضاء دمشق بدر الدين بن جماعة لوفاة امام الدين بن سعد الدين القزويني وعاد بيبرس وسلار الى مصر منتصف شوّال وعاقب الافرم كلّ من استخدم للتتر من أهل دمشق وأغزى عساكره جبل كسروان والدرزية لما نالوا من العسكر عند الهزيمة وألزم أهل دمشق بالرماية وحمل السلاح وفرضت على أهل دمشق ومصر الأموال عن بعث الخيالة والمساكن لاربعة أشهر وضمان للقرى وكثر الإرجاف سنة سبعمائة بحركة التتر فتوجه السلطان الى الشام بعد أن فرض على الرعية أموالا واستخرجها لتقوية عساكره وأقام بظاهر غزة أياما يؤلف فيها الأمصار ثم بعث ألفي فارس الى دمشق وعاد الى مصر منسلخ ربيع الآخر وجاء غازان بعساكره وأجفلت الرعايا أمامه حتى ضاقت بهم السبل والجهات فنزل ما بين حلب ومرس ونازلها واكتسح البلاد الى انطاكية وجبل السمر وأصابهم هجوم البرد وكثرة الامطار والوحل وانقطعت الميرة عنهم وعدمت الأقوات وصوعت المراعي من كثرة الثلج وارتحلوا الى بلادهم وكان السلطان قد جهز العساكر كما قلنا الى الشام صحبة بكتمر السلحدار نائب صفد وولى مكانه سيف الدين فنحاص المنصوري ثم وقعت المراسلة بين السلطان الناصر وبين غازان وجاءت كتبه وبعث الناصر كتبه ورسله وولى السلطان على حمص فارس الدين البكي والله سبحانه وتعالى أعلم.