الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثة أيام ثم هزموهم وقتل كمشيقا منهم أكثر من ثمانمائة وخرب كانفوسا فأصبحت خرابا وعمر القلعة وحصنها وشحنها بالأقوات وبعث الجوباني العساكر الى طرابلس وملكوها من يد قشتمر الأشرفي نائب منطاش من غير قتال وكذلك حماة وحمص ثم بعث الجوباني نائب دمشق وكافل الممالك الشامية الى يعبر بن جبار أمير العرب بإسلام منطاش وإخراجه من أحيائه فامتنع واعتذر فبرز من دمشق بالعساكر ومعه الناصري وسائر الأمراء ونهض الى مصر فلما انتهوا الى حمص أقاموا بها وبعثوا الى يعبر يعتذرون اليه فلج واستكبر وحال دونه وبعث اليه اشمس خلال ذلك من دمشق بأن جماعة شيعة بندمر وجنتمر يرومون الثورة فركب الناصري الى دمشق وكبسهم وأثخن فيهم ورجع الى العسكر وارتحلوا الى سلمية واستمرّ يعبر في غلوائه وتردّدت الرسل بينهما فلم تغن ثم كانت بين الفريقين حرب شديدة وحملت العساكر على منطاش والعرب فهزموهم الى الخيام واتبع دمرداش منطاش حتى جاوز به الحيّ وارتحلت العرب وحملوا بطانتهم على العسكر فلم يثبتوا لحملتهم وكان معهم آل على بجموعهم فنهبوهم من ورائهم وانهزموا وأفرد الجوباني مماليكه فأسره العرب وسيق الى يعبر فقتله ولحق الناصري بدمشق وأسر جماعة من الأمراء وقتل منهم أيبقا الجوهري ومأمون المعلم في عدد آخرين ونهب العرب مخيمهم وأثقالهم ودخل الناصري الى دمشق فبات ليلته وباكر من الغد آل علي في أحيائهم فكبسهم واستلحم منهم جماعة فثأر منهم بما فعلوه في الواقعة ثم بعث اليه السلطان بنيابة دمشق منتصف شعبان من السنة فقام بأمرها وأحكم التصريف في حمايتها والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده.
اعادة محمود الى أستاذيةالدار واستقلاله في الدولة
هذا الرجل من ناشئة الترك وولدانهم ومن أعقاب كراي المنصوري منهم شب في ظل الدولة ومرعى نعمها ونهض بنفسه الى الاضطلاع والكفاية وباشر كثيرا من أعمال الأمراء والوزراء حتى أوفى على ثنية النجابة وعرضته الشهرة على اختيار السلطان فعجم عوده ونقد جوهره ثم الحق به أغراض الخدمة ببابه فأصاب شاكلة الرمية ومضى قدما في مذاهب السلطان مرهف الحدّ قوي الشكيمة فصدق ظنه وشكر اختياره ثم دفعه الى معاينة الحبس وشدّ الدواوين من وظائف الدولة فجلا فيهما وهلك خلال ذلك استاذ الدار بهادر المنجكي سنة تسعين فأقامه السلطان مكانه قهرمانا لداره ودولته وانتضاره على دواوين الجباية من قراب اختياره ونقده جماعة للأموال غواصا على استخراج الحقوق السلطانية قارمنا للكنوز
اكسيرا للنقود مغناطيسا للقنية يسابق أقلام الكتاب ويستوفي تفاصيل الحساب بمدارك الهامة وتصوّر صحيح وحدس ثاقب لا يرجع الى حذاقة الكتاب ولا الى أيسر الأعمال بل يتناول الصعاب فيذللها ويحوم على الأغراض البعيدة فيقربها وربما يحاضر بذكائه في العلوم فينفذ في مسائلها ويفحم جهابذتها موهبة من الله اختصه بها ونعمة أسبغ عليه لبوسها فقام بما دفع اليه السلطان من ذلك وأدرّ خروج الجباية فضاقت افنية الحواصل والخزائن بما تحصل وتسرّب اليها وكفى السلطان مهمة في دولته ومماليكه ورجاله بما يسوّغ لهم من نعمه ويوسع من أرزاقه وعطائه حتى أزاح عللهم بتوالي إنفاقه وقرّت عين السلطان باصطناعه وغص به الدواوين والحاشية ففوّقوا اليه سهام السعاية وسلطوا عليه السنة المتظلمين فخلص من ذلك خلوص الإبريز ولم تعلق به ظنة ولا حامت عليه ريبة ثم طرق الدولة ما طرقها من النكبة والاعتقال وأودعته المحنة غيابات السجون وحفت به أنواع المكاره واصطلمت نعمته واستصفيت أمواله في المصادرة والامتحان حتى زعموا أن الناصري المتغلب يومئذ استأثر منه بخمسة قناطير من دنانير الذهب ومنطاش بعده بخمسة وخمسين ثم خلص ابريزه من ذلك السبك وأهل قمره بعد المحاق واستقل السلطان من نكبته وطلع بأفق مصره وتمهد أريكة ملكه ودفعه لما كان بسبيله فأحسن الكرّة في الكفاية لمهمه وتوسيع عطاياه وأرزاقه وتمكين أحوال دولته وتسرّيت الجباية من غير حساب ولا تقرير الى خزائنه وأحسن النظر في الصرف والخرج بحزمه وكفايته حتى عادت الأمور الى أحسن معهودها بيمن تعبيته وسديد رأيه وصلابة عوده وقوّه صرامته مع بذل معروفه وجاهه لمن تحت يده وبشاشته وكفايته لغاشيته وحسن الكرامة لمنتابه ومقابلة من يأتي اليه بكرم مقاصده فأصبح طرازا للدولة وتاجا للخواص وقذفه المنافسون بخطإ العسايات فزلت في جهات حلم السلطان وجميل اغتباطه وتثبته حتى أعيتهم المذاهب وانسدّت عليهم الطرق ورسخت قدمه في الدولة واحتل من السلطان بكرم العهد والذمة ووثق بغنائه واضطلاعه فرمى اليه مقاليد الأمور وأوطأ عقبه أعيان الخاصة والجمهور وأفرده في الدولة بالنظر في الأمور حسبانا وتقديرا وجمعا وتقريرا وكنزا موفرا وصرفا لا يعرف تبذيرا وبطرا وفي الإنهاء بالعزل والإهانة مشهورا مع ما يمتاز به من الأمر والشأن وسموّ مرتبته على مرّ الأزمان وهو على ذلك لهذا العهد عند سفر السلطان الى الشام لمدافعة سلطان المغل كما مرّ ذكره والله متولي الأمور لا رب غيره
.