الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على التعبية وكمشيقا بعساكر حلب في ميمنة السلطان ومنطاش قد عبى جيشه وجعل السلطان أمير حاجي والخليفة والقضاة والرماة من ورائهم ووقف معهم تمارتمر رأس نوبة وسندمر بن يعقوب شاه أمير سلاح ووقف هو في طائفة من مماليكه وأصحابه في حومة المعترك فلما تراءى الجمعان حمل هو وأصحابه على ميمنة السلطان ففضوها وانهزم كمشيقا الى حلب ومرّوا في اتباعه ثم عطفوا على مخيم السلطان فنهبوه وأسروا قجماش ابن عمه كان هناك جريحا ثم حطم السلطان على الّذي فيه أمير حاجي والخليفة والقضاة فدخلوا في حكمه ووكل بهم واختلط الفريقان وصاروا في عمى من أمرهم والسلطان في لمة من فرسانه يخترق جوانب المعترك ويحطم الفرسان ويشردهم في كل ناحية وشرّاد مماليكه وأمرائه يتساقطون اليه حتى كثف جمعه ثم حمل على بقية العسكر وهم ملتئمون على الصفدي فهزمهم ولحقوا بدمشق وضرب خيامه بشقحب ولما وصل منطاش الى دمشق أوهم النائب جنتمر أنّ الغلب له وأنّ السلطان أمير حاجي على الأثر ونادى في العساكر بالخروج في السلاح لتلقيه وخرج من الغد موريا بذلك فركب اليهم السلطان في العساكر فهزمهم وأثخن فيهم واستلحم كثيرا من عامّة دمشق ورجع السلطان الى خيامه وبعث أمير حاجي بالتبري من الملك والعجز عنه والخروج اليه من عهدته فأحضر الخليفة والقضاة فشهدوا عليه بالخلع وعلى الخليفة بالتفويض الى السلطان والبيعة له والعود الى كرسيه وأقام السلطان بشقحب تسعا واشتدّ كلب البرد وافتقدت الأقوات لقلة الميرة فأجمع العود الى مصر ورحل يقصدها وبلغ الخبر الى منطاش فركب لاتباعه فلما أطلّ عليه أحجم ورجع واستمرّ السلطان لقصده وقدم حاجب غزة للقبض على ابن باكيش فقبض عليه ولما وافى السلطان غزة ولى عليها مكانه وحمله معتقلا وسار وهو مستطلع أحوال مصر حتى كان ما نذكره ان شاء الله تعالى.
ثورة بكا والمعتقلين بالقلعة واستيلاؤهم عليها بدعوة السلطان الظاهر وعوده الى كرسيه بمصر وانتظام أمره
كان منطاش لما فصل الى الشام بسلطانه وعساكره كما مرّ واستخلف على القاهرة دواداره سراي تمر وأنزله بالاصطبل وعلى القلعة بكا الاشرفي ووكله بالمعتقلين هنالك فأخذوا أنفسهم بالحزم والشدّة وبعد أيام نمي اليهم أنّ جماعة من مماليك السلطان مجتمعون للثورة وقد داخلوا مماليكهم فبيتوهم وقبضوا عليهم بعد جولة دافع فيها المماليك عن أنفسهم ثم تقبضوا على من داخلهم من مماليكهم وكانوا جماعة كثيرة وحدثت لهم بذلك رتبة واشتداد في الحزم فنادوا
بالوعيد لمن وجد عنده أحد من مماليك السلطان ونقلوا ابن أخت السلطان من بيت أمه الى القلعة وحبسوه وأوعزوا بقتل الأمراء المعتقلين بالفيوم فقتلوا وعميت عليهم أنباء منطاش والعساكر وبعثوا من يقتص لهم الطريق ويسائل الركبان واعتزموا على قتل المسجونين بالقلعة ثم تلاوموا في ذلك ورجعوا الى التضييق عليهم ومنع المتردّدين بأقواتهم فضاقت أحوالهم وضجروا وأهمتهم أنفسهم وفي خلال ذلك عثر بعضهم على منفذ الى سرب تحت الأرض يقضي الى حائط الاسطبل ففرحوا بذلك وتنسموا ريح الفرج ولما أظلتهم ليلة الأربعاء غرّة صفر سنة اثنتين وتسعين مرّوا في ذلك السرب فوجدوا فيه آلة النقب فنقبوا الحائط وأفضوا الى أعلى الاسطبل وتقدّم بهم خاصكي من أكابر الخاصكية وهجموا على الحراس فثاروا اليهم فقتلوا بعضهم بالقيود من أرجلهم وهرب الباقون ونادوا شعبان بكا نائب القلعة يوهمون أنه انتقض ثم كسروا باب الاسطبل الأعلى والأسفل وأفضوا الى منزل سراي تمر فأيقظه لغطهم وهلع من شأن بكا فأرمى نفسه من السور ناجيا ومرّ بالحاجب قطلوبقا ولحق بمدرسة حسن وقد كان منطاش أنزل بها ناشبة من التركمان لحماية الاسطبل وأجرى لهم الأرزاق وجعلهم لنظر تنكز رأس نوبة ثم هجم أصحاب بكا على بيت سراي تمر فنهبوا ماله وقماشه وسلاحه وركبوا خيله واستولوا على الاسطبل وقرعوا الطبول ليلتهم وقاتلهم بكا من الغد وسرب الرجال الى الطبلخانات فملكها ثم أزعجوه عنها وزحف سراي تمر وقطلوبغا الحاجب الى الاسطبل لقتالهم وبرزوا اليهم فقاتلوهم واعتصموا بالمدرسة واستولى بكا على أمره وبعث الى باب السر من المدرسة ليحرقه فاستأمن اليه التركمان الذين به فأنزلهم على الأمان وسرّب أصحابه في البلد لنهب بيوت منطاش وأصحابه فعاثوا فيها وتسلل اليه مماليك السلطان المختفون بالقاهرة فبلغوا ألفا أو يزيدون ثم استأمن بكا من الغد فأمنه سودون النائب وجاء به الى الناصري أمير سلاح ودمرداش وكان عنده فحبسهما بكا ثم وقف سودون على مدرسة حسن والأرض تموج بعوالم النظارة فاستنزل منها سراي تمر وقطلوبغا الحاجب فنزلا على أمانه وهمّ العوالم بهما فحال دونهما وجاء بهما الى بكا فحبسهما وركب سودون يوم الجمعة في القاهرة ونادى بالأمان والخطبة للسلطان فخطب له من يومه وأمر بكا بفتح السجون وإخراج من كان فيها في حبس منطاش وحكام تلك الدولة وهرب الوالي حسن بن الكوراني خوفا على نفسه لما كان شيعة لمنطاش على مماليك السلطان ثم عثر عليه بكا وحبسه مع سائر شيعة منطاش وأطلق جميع الأمراء الذين حبسهم بمصر ودمياط والفيوم ثم بعث الشريف عنان بن مقامس أمير بني حسن بمكة وكان محبوسا وخرج معهم فبعثه مع أخيه