الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيبقا على الهجن لاستكشاف خبر السلطان ووصل يوم الأحد بعدها كتاب السلطان مع ابن صاحب الدرك سيف بن محمد بن عيسى العائدي باعداد الميرة والعلوفة في منازل السلطان على العادة وقص خبر الواقعة وأنّ السلطان توجه الى مصر وانتهى الى الرملة ثم وصل أيبقا أخو بكا يوم الأربعاء ثامن صفر بمثل ذلك وتتابع الواصلون من عسكر السلطان ثم نزل بالصالحية وخرج السلطان لتلقيه بالعكرشة ثم أصبح يوم الثلاثاء رابع صفر في ساحة القلعة وقلده الخليفة وعاد الى سريره ثم بعث عن الأمراء الذين كان حبسهم منطاش بالإسكندرية وفيهم الناصري والجوباني وابن بيبقا وقرادمرداش وأبغا الجوهري وسودون باق وسودون الطرنطاي وقردمر المعلم في آخرين متعدّدين واستعتبوا للسلطان فأعتبهم وأعادهم الى مراتبهم وولى انيال اليوسفي اتابكا والناصري أمير سلاح والجوباني رأس نوبة وسودون نائبا وبكاداودار وقرقماش استاذ دار وكمشيقا الخاصكي أمير مجلس وتطلميش أمير الماخورية وعلاء الدين كاتب سر الكرك كاتب سرّه بمصر وعمر سائر المراتب والوظائف وتوفي قرقماش فولى محمود استاذ داره الأوّل ورعى له سوابق خدمته ومحنة العدوّ له في محبته وانتظم أمر دولته واستوثق ملكه وصرف نظره الى الشام وتلافيه من مملكة العدوّ وفساده والله تعالى أعلم.
ولاية الجوباني على دمشق واستيلاؤه عليها من يد منطاش ثم هزيمته ومقتله وولاية الناصري مكانه
لما استقرّ السلطان على كرسيه بالقاهرة وانتظمت أمور دولته صرف نظره الى الشام وشرع في تجهيز العساكر لازعاج العدوّ منه وعين الجوباني لنيابة دمشق ورياسة العساكر والناصري لحلب لأنّ السلطان كان عاهد كمشيقا على اتابكية مصر وعين قرادمرداش لطرابلس مأمونا القلحطاوي لحماة فولى في جميع ممالك الشام ووظائفه وأمرهم بالتجهيز ونودي في العساكر بذلك وخرجوا ثامن جمادى الاولى من سنة اثنتين وتسعين وكان منطاش قد اجتهد جهده في طي خبر السلطان بمصر عن أمرائه وسائر عساكره وما زال يفشو حتى شاع وظهر بين الناس فانصرف هواهم الى السلطان وبعث في أثناء ذلك الأمير ايمازتمر نائبا على حلب فاجتمع اليه أهل كانفوسا وحاصر كمشيقا بالقلعة نحوا من خمسة أشهر وشدّ حصارها وأحرق باب القلعة والجسر ونقب سورها من ثلاثة مواضع واتصل القتال بين الفريقين في أحد الأنقاب لشهرين على ضوء الشموع ثم بعث العساكر الى بعلبكّ مع محمد بن سند مر في نفر من قرابته وجنده فقتلهم منطاش بدمشق أجمعين ثم أوعز الى قشتمر الأشرفي نائب طرابلس بالمسير
الى حصار صفد فسار اليها وبرز اليه جندها فقاتلوه وهزموه فجهز اليها العساكر مع ابقا الصفدي كبير دولته فسار اليها في سبعمائة من العساكر وقد كان لما تيقن عنده استيلاء السلطان على كرسيه بمصر جنح الى الطاعة والاعتصام بالجماعة وكاتب السلطان بمغارمه ووعده فلما وصل الى صفد بعث الى نائبها بطاعته وفارق أصحاب منطاش ومن له هوى فيه وصفوا اليه وبات ليلته بظاهر صفد وارتحل من الغد الى مصر فوصلها منتصف جمادى الأخيرة وأمراء الشام معسكرون مع الجوباني بظاهر القلعة فأقبل السلطان عليه وجعله من أمراء الألوف ولما رجع أصحابه من صفد الى دمشق اضطرب منطاش وتبين له نكر الناس وارتاب بأصحابه وقبض على جماعة من الأمراء وعلى جنتمر نائب دمشق وابن جرجي من أمراء الألوف وابن قفجق الحاجب وقتله والقاضي محمد بن القرشي في جملة من الأعيان واستوحش الناس ونفروا عنه واستأمنوا الى السلطان مثل محمد بن سندمر وغيره وهرب كاتب السر بدر الدين بن فضل الله وناظر الجيش وقد كانوا يوم الواقعة على شقحب لحقوا بدمشق يظنون أنّ السلطان يملكها يومه ذلك فبقوا في ملكة منطاش وأجمعوا الفرار مرّة بعد أخرى فلم يتهيأ لهم وشرع منطاش في الفتك بالمنتمين الى السلطان من المماليك المحبوسين بالقلعة وغيرهم وذبح جماعة من الجراكسة وهمّ بقتل اشمس فدفعه الله عنه وارتحل الأمراء من مصر في العساكر السلطانية الى الشام مع الجوباني يطوون المراحل والأمراء من دمشق يلقونهم في كل منزلة هاربين اليهم حتى كان آخر من لقيهم ابن نصير أمير العرب بطاعة أبيه ودخلوا حدود الشام ثم ارتبك منطاش في أمره واستقرّ الخوف والهلع والاسترابة بمن معه فخرج منتصف جمادى الأخيرة هاربا من دمشق في خواصه وأصحابه ومعه سبعون حملا من المال والأقمشة واحتمل معه محمد بن اينال وانتقض عليه جماعة من المماليك فرجعوا به الى أبيه وكان يعبر بن جبار أمير آل فضل مقيما في أحيائه ومعه أحياء آل مر وأميرهم عنقا، فلحق بهم هنالك منطاش مستجيرا فأجاروه ونزل معهم ولما فصل منطاش عن دمشق خرج أشمس من محبسه وملك القلعة ومعه مماليك السلطان معصوصبون عليه وأرسل الجوباني بالخبر فاغذ السير الى دمشق وجلس بموضع نيابته وقبض على من بقي من أصحاب منطاش وخدمه مع من كان حبس هو معهم ووصل الطنبقا الحلبي ودمرداش اليوسفي من طرابلس وكان منطاش استقدمهم وهرب قبل وصولهم وبلغ الخبر الى ايمازتمر وهو يحاصر حلب وأهل كانفوسا معصوصبون عليه فأجفل ولحق بمنطاش وركب كمشيقا من القلعة اليهم بعد أن أصلح الجسر وأركب معه الحجاب وقاتل أهل كانفوسا ومن معهم من أشياع منطاش