الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أربع وتسعين وتراءى الجمعان بشاطئ دجلة وجرت بينهم المراماة والنشاب وكان عسكر محمد ينادون عسكر بركيارق يا باطنية ثم سار بركيارق الى واسط ونهب عسكره جميع ما مرّوا عليه ودخل محمد الى دار المملكة ببغداد وجاءه توقيع المستظهر بالاستبشار بقدومه وخطب له ونزل الملك سنجر بدار كوهراس ووفد على السلطان محمد ببغداد صدقة صاحب الحلة في محرّم سنة خمس وسبعين [1] .
قتل بركيارق الباطنية
كان هؤلاء الباطنية قد ظهروا بالعراق وفارس وخراسان وهم القرامطة والدعوة بعينها دعوتهم الا أنهم سمعوا في هذه الأجيال بالباطنية والإسماعيلية والملاحدة والفداوية وكل اسم منها باعتبار فالباطنية لانهم يبطنون دعوتهم والإسماعيلية لانتساب دعوتهم في أصلها لإسماعيل الامام بن جعفر الصادق والملاحدة لان بدعتهم كلها الحاد والفداوية لانهم يفادون أنفسهم بالمال على قتل من يسلطون والقرامطة نسبة الى قرمط منشئ دعوتهم وكان أصلهم من البحرين في المائة الثالثة وما بعدها ثم نشأ هؤلاء بالمشرق أيام ملك شاه فأوّل ما ظهروا بأصبهان واشتدّ في حصار بركيارق وأخيه محمود وأمه خاتون فيها ثم ثارت عامة أصبهان بهم بإشارة القضاة وأهل الفتيا فقتلوهم في كل جهة وحرقوهم بالنار ثم انتشروا واستولوا على القلاع ببلاد العجم كما تقدّم في أخبارهم ثم أخذ بمذهبهم نيران شاه بن بدران شاه بن قارت بك [2] صاحب كرمان حمله عليه كاتب من أهل خوزستان يسمى أبا زرعة وكان بكرمان فقيه من الحنفية يسمى أحمد بن الحسين البلخي مطاع في الناس فخشي من نكيره فقتله فهرب عنه صاحب جيشه وكان شحنة البلد ولحق بالسلطان محمد ومؤيد الملك بأصبهان وثار الجنا بعده بنيران شاه الى مدينة كرمان فمنعه أهلها ونهبوه فقصد قلعة سهدم [3] واستجار بصاحبها محمد بهستون وبعث أرسلان شاه عساكر لحصارها فطرده بهستون وبعث مقدم العساكر في طلبه فجيء به أسيرا وبأبي زرعة الكاتب معه فقتلهما أرسلان شاه واستولى على بلاد كرمان وكان بركيارق كثيرا ما يسلطهم على من يريد قتله من الأمراء مثل انز شحنة أصبهان وأرغش وغيرهم فامنوا جانبه وانتشروا في عسكره وأغروا الناس ببدعتهم
[1] ذكرت هذه الحادثة في الكامل ج 10 ص 308: من حوادث سنة اربع وتسعين واربعمائة.
[2]
نيران شاه بن توران شاه بن قاروت بك الكامل ج 10 ص 320 وورد اسمه في نسخة اخرى نيران شاه.
[3]
وفي الكامل: قلعة سجرم.
وتجاوزوا الى التهديد عليها حتى خافهم أعيان العسكر وصار بركيارق يصرفهم على أعدائه والناس يتهمونه بالميل اليهم فاجتمع أهل الدولة وعذلوا بركيارق في ذلك فقبل نصيحتهم وأمر بقتل الباطنية حيث كانوا فقتلوا وشردوا كل مشرد وبعث الى بغداد بقتل أبي إبراهيم الأستراباذيّ الّذي بعثه أبو الأغر لاستقصاء أموال مؤيد الملك وكان يتهم بمذهبهم فقتل وقتل بالعسكر الأمير محمد من ولد علاء الدين بن كاكويه وهو صاحب مدينة تيرد وكان يتهم بمذهبهم وسعى بالكيا الهراسي مدرس النظامية انه باطني فأمر السلطان محمد بالقبض عليه حتى شهد المستظهر ببراءته وعلو درجته في العلم فاطلقه وحسمت علة الباطنية بين الجمهور وبقي أمرهم في القلاع التي ملكوها الى ان انقرضوا كما تقدّم في اخبارهم مستوفي.
(المصاف الثالث بين بركيارق ومحمد والصلح بينهما) ولما رحل بركيارق عن بغداد الى واسط ودخل اليها السلطان محمد اقام بها الى منتصف المحرم من سنة خمس وتسعين ثم رحل الى همدان وصحبه السلطان سنجر لقصد خراسان موضع إمارته وجاءت الاخبار الى المستظهر باعتزام بركيارق على المسير الى بغداد ونقل له عنه قبائح من أقواله وأفعاله فاستدعى السلطان محمدا من همدان وقال أنا أسير معك لقتاله فقال محمد أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين ورجع ورتب ببغداد أبا المعالي شحنة وكان بركيارق لما سار من بغداد الى واسط هرب أهلها منه الى الزبيدية ونزل هو بواسط عليلا فلما أفاق أراد العبور الى الجانب الشرقي فلم يجد سفنا ولا نواتية وجاءه القاضي أبو علي الفارسيّ الى العسكر واجتمع بالأمير أياز والوزير فاستعطفهما لأهل واسط وطلب اقامة الشحنة بينهم فبعثاه وطلبا من القاضي من يعبر فأحضر لهم رجالا عبروا بهم فلما صاروا في الجانب الشرقي نهب العسكر البلد فجاء القاضي واستعطفهم فمنعوا النهب واستأمن اليهم عسكر واسط فأمنوهم وسار بركيارق الى بلاد بلخ وبرسق في الأهواز وساروا معه ثم بلغه مسير أخيه محمد عن بغداد فسار في اتباعه على نهاوند الى أن أدركه وتصافوا ولم يقتتلوا لشدّة البرد ثم عاودوا في اليوم الثاني كذلك وكان الرجل يخرج لقريبه من الصف الأخر فيتصافحان ويتساءلان ويفترقان ثم جاء الأمير بكراج وعبر من عسكر محمد الى الأمير أياز والوزير الأغر فاجتمعوا وعقدوا الصلح بين الفريقين على ان السلطان بركيارق والملك محمد ويضرب له ثلاث نوب ويكون له من البلاد حرة وأعمالها وأذربيجان وديار بكر والجزيرة والموصل ويمده بركيارق بالعساكر على من يمتنع عليه منها وتحالفا على ذلك وافترقا وكان العقد في ربيع الأوّل سنة خمس وتسعين وسار بركيارق الى ساوة ومحمد الى أستراباذ وكل أمير على أقطاعه والله سبحانه وتعالى أعلم
.