الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخا أعمى لا يركب ولا يمشي الا بقائد ومقدّم الفرنسيس ويسمى المركيش والثالث يسمى كبد إقليد [1] وهو أكثرهم عددا فجعل الملك ابن أخته معهم وأوصاهم بمظاهرته على ملكه بالقسطنطينية ووصلوا اليه في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وخمسمائة فخرج عمّ الصبي وقاتلهم واضرم شيعة الصبي النار في نواحي البلاد فاضطرب العسكر ورجعوا وفتح شيعة الصبيّ باب المدينة وأدخلوا الافرنج وخرج عمه هاربا ونصب الافرنج الصبيّ في الملك وأطلقوا أباه من السجن واستبدّوا بالحكم وصادروا الناس وأخذوا مال البيع وما على الصلبان من الذهب وما على تماثيل المسيح والحواريين وما على الإنجيل فعظم ذلك على الروم ووثبوا بالصبيّ فقتلوه وأخرجوا الافرنج من البلد وذلك منتصف سنة ستمائة وأقام الافرنج بظاهرها محاصرين لهم وبعث الروم صريخا الى صاحب قونية ركن الدين سليمان بن قليج ارسلان فلم ينهض لذلك وكان بالمدينة متخلفون من الافرنج يناهزون ثلاثين ألفا فثاروا بالبلد عند شغل الروم بقتال أصحابهم وأضرموا النار ثانيا فاقتحم الافرنج وأفحشوا في النهب والقتل ونجا كثير من الروم الى الكنائس وأعظمها كنيسة سوميا فلم تغن عنهم وخرج القسيسون والأساقفة في أيديهم الإنجيل والصلبان فقتلوهم ثم تنازع الملوك الثلاثة على الملك بها وتقارعوا فخرجت القرعة على كبداقليد فملكها على أن يكون لدموس البنادقة الجزائر البحرية اقريطش ورودس وغيرهما ويكون لمركيش الافرنسيس شرقي الخليج ولم يحصل أحد منهم شيئا الا ملك القسطنطينية كبداقليد وتغلب على شرقي الخليج بطريق من بطارقة الروم اسمه شكري فلم يزل بيده الى أن مات ثم غلب بعد ذلك على القسطنطينية وملكها من يد الافرنج والله غالب على أمره [2] .
الخبر عن دولة بني ارتق وملكهم لماردين وديار بكر ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم
كان ارتق بن اكسك ويقال اكست والأوّل أصح كلمة أوّلها همزة ثم كافان الاولى ساكنة بينهما سين من مماليك السلطان ملك شاه بن البارسلان ملك السلجوقية وله مقام محمود في
[1] كذا بالأصل، وهنا أسماء افرنجية محرفة كما هي كذلك محرفة في كتب التاريخ القديمة. وفي الكامل ج 12 ص 191 وكانوا ثلاثة ملوك: دوقس البنادقة وهو صاحب المراكب البحرية، وفي مراكبه ركبوا الى القسطنطينية وهو شيخ أعمى إذا ركب تقاد فرسه، والآخر يقال له المركيس وهو مقدم الافرنسيس. والآخر يقال له كند افلنر وهو أكثرهم عددا.
[2]
وهنا أيضا عدم انسجام في العبارات وتحريف في الأسماء، راجع الكامل ج 12 ص 190- 193.
دولتهم وكان على حلوان وما اليها من أعمال العراق ولما بعث السلطان ملك شاه عساكره الى حصار الموصل مع فخر الدولة بن جهير سنة سبع وسبعين وأربعمائة أردفه بعسكر آخر مع أرتق فهزمه مسلم بن قريش فحاصره بآمد ثم داخلة في الخروج من هذا الحصار على مال اشترطه ونجا الى الرقة ثم خشي ارتق من فعلته تلك فلحق بتتش حتى سار الى حلب طامعا في ملكها فلقيه تتش وهزمه وكان لارتق في تلك الواقعة المقام المحمود ثم سار تتش الى حلب وملكها واستجار مقدمها ابن الحسين بأرتق فأجاره من السلطان تتش ثم هلك ارتق سنة ثلاث وثمانين بالقدس وملكه من بعد ارتق ابناه أبو الغازي وسقمان وكان لهما معه الرها [1] وسروج [2] ولما ملك الافرنج انطاكية سنة احدى وتسعين وأربعمائة اجتمعت الأمراء بالشام والجزيرة وديار بكر [3] وحاصروها وكان لسقمان في ذلك المقام المحمود ثم تخاذلوا وافترقوا وطمع أهل مصر في ارتجاع القدس منهم وسار اليها الملك الأفضل المستولى على دولتهم فحاصرها أربعين يوما وملكها بالأمان وخرج سقمان وأبو الغازي ابنا ارتق وابن أخيهما ياقوتي وابن عمهما سونج وأحسن اليهم الأفضل وولىّ على بيت المقدس ورجع الى مصر وجاء الافرنج فملكوها كما تقدّم في أخبار الدولة السلجوقية ولحق أبو الغازي بالعراق فولّى شحنة بغداد وسار سقمان الى الرها فأقام بها وكان بينه وبين كربوقا صاحب الموصل فتن وحروب أسر في بعضها ياقوتي ابن أخيه ثم توفي كربوقا سنة خمس وتسعين وولىّ الموصل بعده موسى التركماني وكان نائبا بحصن كيفا فزحف اليه جكرمس صاحب جزيرة ابن عمر وحاصره بالموصل واستنجد موسى سقمان على أن يعطيه حصن كيفا [4] فأنجده وسار اليه وأفرج عنه جكرمس وخرج موسى للقاء سقمان فقتله مواليه غدرا ورجع سقمان الى حصن كيفا فملكه ثم كانت الفتنة بين أبي الغازي وكمستكين القيصري لما بعثه بركيارق شحنة على بغداد وكان هو شحنة من قبل السلطان محمد فمنع القيصري من الدخول واستنجد أخاه سقمان فجاء اليه
[1] الرها: مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام بينهما اربع فراسخ، سميت باسم الّذي استحدثها وهو الرهاء اليلندي بن مالك بن دعر.
[2]
سروج: بلدة قريبة من حران من ديار مصر، غلب عياض بن غنم على أرضها ما فتحها صلحا على مثل صلح الرها في سنة 17 في أيام عمر رضي الله عنه.
ديار بكر: هي بلاد كبيرة واسعة تنسب الى بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن افصى بن دعمي بن جديله بن
[3]
أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وحدها ما غرّب من دجلة الى بلاد الجبل المطل على نصيبين الى دجلة وفيه حصن كيفا وآمد وميافارقين.
[4]
حصن كيفا: ويقال كيبا، وأظنها ارمينية وهي بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر.