الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ارتجاع السلطان كنجة
لما ثار أهل كنجة بالخوارزمية كان القائم بأمرهم رجل منهم اسمه بندار وبعث السلطان اليهم رسوله يدعوهم الى الطاعة فوصلوا قريبا منه وأقاموا وخرج اليهم الرئيس جمال الدين القمي بأولاده وامتنع الباقون ثم وصل السلطان وردّد اليهم فلم تغن وبرزوا بعض الأيام للقتال ورموا على خيمته فركب وحمل عليهم فانهزموا وازدحموا في الباب فمنعهم الزحام من اغلاقه فاقتحم السلطان المدينة وقبض على ثلاثين من أهل الفتنة فقتلهم وجيء ببندار وكان بالغا في الفساد وكسر سرير الملك الّذي نصبه بها محمد بن ملك شاه فمثل به وفصل أعضاءه بين يديه وأقام السلطان بكنجة نحوا من شهر ثم سار الى خلاط مستمدا للأشرف فارتحل الأشرف الى مصر وعلل بالمواعيد ووصل السلطان في وجهته الى قلعة شمس وبها أراك بن ايوان الكرجي فخرج وقبل الأرض على البعد ثم بعث الى السلطان ما أمري وبعث السلطان الى جيرانه من الملوك مثل صاحب حلب وآمد وماردين يستنجدهم بعد يأسه من الأشرف وجرّد عسكرا الى خرت برت وملطية وآذربيجان فأغاروا في تلك النواحي واستاقوا نعمها لما بين ملكها كيقباد وبين الأشرف من الموالاة فاستوحش جميعهم من ذلك وقعدوا عن نصرته والله تعالى ولىّ التوفيق.
واقعة التتر على السلطان بآمد ومهلكه
كان السلطان بلغه وهو بخلاط أن التتر ساروا اليه فبعث السلطان الأمير أوترخان في أربعة آلاف فارس طليعة فرجع وأخبر أن التتر رجعوا من حدود ملازكرد وكان الأمراء أشاروا على السلطان [1] الانتقال بديار بكر وينجرون الى أصبهان ثم جاءه رسول صاحب آمد وزين له له قصد بلاد الروم وأطعمه في الاستيلاء عليها ليتصل بالقفجاق ويستظهر بهم على التتر وأنه يمدّه بنفسه في أربعة آلاف فارس وكان صاحب آمد يروم الانتقام من صاحب الروم بما ملك من قلاعه فجنح السلطان الى كلامه وعدل عن أصبهان الى آمد
[1] كذا بياض بالأصل ويذكر ابن الأثير هذه الواقعة باختلاف كثير عما هي هنا في حوادث 628 في ج 12 ص 498: وما بعدها وتصويب العبارة: وكان الأمراء أشاروا على السلطان بترك خلاط والانتقال بديار بكر، الى ان يصل الى أصفهان.
فنزل بها وبعث اليه التركمان بالنذير وانهم رأوا نيران التتر بالمنزل الّذي كانوا به أمس فاتهم خبرهم وصبحه التتر على آمد وأحاطوا بخيمته قبل أن يركب فحمل عليهم اوترخان حتى كشفهم عن الحركات وركب السلطان وركض وأسلم زوجته بنت الاتابك سعد الى أميرين يحملانها الى حيث تنتهي الجفلة ثم ردّ أو ترخان العساكر عنه ليتوارى بانفراده عن عين العدوّ وسار أو ترخان في أربعة آلاف فارس فخلص الى أصبهان واستولى عليها الى أن ملكها التتر عليه سنة تسع وثلاثين وذهب السلطان مستخفيا الى باشورة آمد والناس يظنون أن عسكره غدروا به فوقفوا يردّونهم فذهب الى حدود الدربندات وقد ملئت المضايق بالمفسدين فأشار عليه أوترخان بالرجوع فرجع وانتهى الى قرية من قرى ميافارقين فنزل في بيدرها وفارقه أوترخان الى شهاب الدين غازي صاحب حلب لمكاتبات كانت بينهما فحبسه ثم طلبه الكامل فبعث به اليه محبوسا ثم سقط من سطح فمات وهجم التتر على السلطان بالبيدر فهرب وقتل الذين كانوا معه وأخبر التتر أنه السلطان فاتبعوه وأدركه اثنان منهم فقتلهما ويئس منه الباقون فرجعوا عنه وصعد جبل الأكراد فوجدهم مترصدين في الطرق للنهب فسلبوه وهموا بقتله وأسرّ الى بعضهم أنه السلطان فمضى به الى بيته ليخلصه الى بعض النواحي ودخل البيت في غيبه بعض سفلتهم وبيده حربة وهو يطلب الثأر من الخوارزمية بأخ له قتل بخلاط فقتله ولم يغن عنه البيت وكانت الوقعة منتصف شوّال سنة ثمان وعشرين هذه سياقة الخبر من كتاب النسائي كاتب السلطان جلال الدين وأمّا ابن الأثير فذكر الواقعة وأنه فقد فيها وبقوا أياما في انتظار خبره ولم يذكر مقتله وانتهى به التأليف ولم يزد على ذلك قال النسائي وكان السلطان جلال الدين أسمر قصيرا تركيا شجاعا حليما وقورا لا يضحك الا تبسما ولا يكثر الكلام مؤثرا للعدل الا أنه مغلوب من أجل الفتنة وكان يكتب للخليفة والوحشة قائمة بينهما كما كان أبوه يكتب خادمه المطواع فلان فلما بعث اليه بالخلع عن خلاط كما مر كتب اليه عبده فلان والخطاب بعد ذلك سيدنا ومولانا أمير المؤمنين وأمام المسلمين وخليفة رب العالمين قدوة المشارق والمغارب المنيف على الذروة العليا ابن لؤيّ بن غالب ويكتب لملوك الروم ومصر والشام السلطان فلان بن فلان ليس معها أخوه ولا محبه وعلامته على تواقيعه النصرة من الله وحده وعلامته لصاحب الموصل بأحسن خط وشق القلم شقين ليغلظ ولما وصل من الهند كاتبه الخليفة الجناب الرفيع الخاقاني فطلب الخطاب بالسلطان فأجيب بأنه لم تجر به عادة مع أكابر الملوك فألح في ذلك حين حملت له الخلع فخوطب بالجناب العالي الشاهستاني ثم انتشر التتر بعد هذه الواقعة في سواد آمد وأرزن وميافارقين
وسائر ديار بكر فاكتسحوها وخربوها وملكوا مدينة اسعرد عنوة فاستباحوها بعد حصار خمسة أيام ومروا بماردين فامتنعت ثم وصلوا الى نصيبين فاكتسحوا نواحيها ثم الى سنجار وجبالها والخابور ثم ساروا الى تدليس فأحرقوها ثم الى أعمال خلاط فاستباحوا أباكري وارتجيس وجاءت طائفة أخرى من أذربيجان الى أعمال اربل ومروا في طريقهم بالتركمان الاموامية والأكراد الجوزقان فنهبوا وقتلوا وخرج مظفر الدين صاحب اربل بعد ان استمدّ صاحب الموصل فلم يدركهم وعادوا وبقيت البلاد قاعا صفصفا والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وافترق عسكر جلال الدين منكبرس وساروا الى كيقباد ملك الروم