الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى أخباره مع ابنه كعب ما يدل على الطريقة التى كان يخرج بها الشعراء، فقد كان يلقّنهم شعره ويروونه عنه، وما يزالون يتلقنونه، حتى تنطبع فى أنفسهم طريقة نظم الشعر وصوغه، وهو فى أثناء ذلك يمتحن قدرتهم، بما يلقى عليهم من أبيات يطلب إليهم أن يجيزوها، بنظم بيت على غرار البيت الذى ينشده فى الوزن والقافية (1).
ويظهر أنه عمّر طويلا، إذ يقال فى بعض الروايات إنه أدرك الإسلام وله مائة سنة ولم يسلم (2)، ولكن إدراكه الإسلام غير صحيح، إنما الصحيح أنه مات قبيل الإسلام بمدة قليلة، والذى أدرك الإسلام حقا ابناه بجير وكعب، وقد أسلما وحسن إسلامهما. ولكعب قصيدة معروفة فى مديح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهى ذائعة مشهورة.
3 - ديوانه
طبع ديوان زهير طبعات مختلفة، لعل آقدمها طبعة ألوارد فى مجموعة العقد الثمين فى دواوين الشعراء الستة الجاهليين ومرّ بنا-فى حديثنا عن ديوان امرئ القيس-أنه استخرجها من شرح الشنتمرى للدواوين الستة: دواوين امرئ القيس والنابغة وزهير وطرفة وعلقمة وعنترة، وهى برواية الأصمعى غير أنه جردها من الشرح وأضاف إلى تلك الدواوين أشعارا أخرى مما وجدها فى كتب الأدب والتاريخ. ونشر الديوان لندبرج السويدى بشرح الشنتمرى سنة 1889 فى سلسلته التى سماها «طرفا عربية» ، ومكانه فيها الطرفة الثانية، وطبع بعد ذلك فى مصر وغيرها طبعات تعتمد على نشرة لندبرج، ونشره مصطفى السقا فى مجموعته مختار الشعر الجاهلى، وهى تتضمن كما مرّ بنا نفس الدواوين الستة التى شرحها الشنتمرى، وقد أضاف إليها شرحا مختصرا من شرح الشنتمرى. ونشرت هذه الدواوين برواية الأعلم البطليوسى، وهى تلتقى برواية الشنتمرى عنده، وكأنه هو الآخر عنى فى عمله برواية الأصمعى.
(1) ديوان زهير ص 256.
(2)
أغانى 10/ 291.
وواضح أن هذه الطبعات تعتمد على رواية الأصمعى البصرية، وكانت هناك مخطوطات عدة لرواية ثعلب الكوفية بدار الكتب المصرية، ورأى القائمون فيها أن ينشروا هذه الرواية، مستعينين بنسخة منها قديمة تملكها مكتبة الجمعية الألمانية الشرقية فى هلة، وظهر الديوان بهذه الرواية فى سنة 1944 للميلاد.
وإذن فعندنا لديوان زهير روايتان مطبوعتان: رواية الأصمعى البصرية ورواية ثعلب الكوفية، وتمتاز الأولى بالتشدد، فهى لا تروى سوى ثمانى عشرة قصيدة ومقطوعة ينهيها الشنتمرى بقوله:«كمل جميع ما رواه الأصمعى من شعر زهير ونصل به بعض الروايات» ويضيف من رواية الكوفيين قصيدتين شك الرواة فى ثانيتهما (1). وإذا نظرنا فى رواية ثعلب الكوفية وجدناها تضيف عشرات القصائد والمقطوعات، ومن حين إلى حين تنص على أن هذه القصيدة وتلك المقطوعة من رواية حماد أو ابن الكلبى المعروفين بكثرة الوضع. ومن ثمّ كنا لا نستطيع أن نتخذ من الرواية الكوفية أساسا وثيقا لدراسة زهير، فنحن نرفضها رفضا، متخذين من رواية الشنتمرى أو بعبارة أخرى رواية الأصمعى أساسا لبحثنا فى زهير وشعره، وإذا كان هناك قصيدة يمكن أن تضاف إلى هذه المجموعة فهى القصيدة التى تليها فى رواية الشنتمرى، إذ يظهر أنها صحيحة النسب إلى زهير (2). وقد يكون مما يؤكد صحة شعر زهير برواية الأصمعى أن الشعر كما قدمنا اتصل فى ولده أجيالا، وأن آخرهم العوّام نزل البصرة وأقام فيها، وأكبر الظن أن أبناءه ظلوا يروون شعره حتى أسلموه أو أسلمه العوام إلى رواة البصرة وعلمائها.
وإذا أخذنا نفحص رواية الأصمعى التى تحتفظ بثمانى عشرة قصيدة ومقطوعة وجدنا الشنتمرى (3) ينقل عنه أنه كان ينكر ثلاثا منها، هى:(أبلغ بنى نوفل عنى وقد بلغوا) و (أبلغ لديك بنى الصّيداء كلهم) و (ألا ليت شعرى هل يرى الناس ما أرى) وكان أبو عبيدة ينكر مقطوعته: (إن الرزيّة لا رزية مثلها)
(1) انظر الديوان (طبعة دار الكتب) ص 193.
(2)
أغانى 10/ 289 وفى الديوان ص 219 أن المفضل الضبى كان يرويها.
(3)
راجع مخطوطة الشنتمرى بدار الكتب المصرية رقم 81 أدب ش وفى الخزانة التيمورية بدار الكتب نسخة ثانية برقم 450 أدب -شعر تيمور.