المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) - تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن

[أبو جعفر الرعيني الأندلسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌حرف الهمزة

- ‌(فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ)

- ‌(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا)

- ‌(سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ)

- ‌حرف الباء

- ‌(رَبِّ الْعَالَمِينَ)

- ‌(وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)

- ‌تتميم:

- ‌(بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)

- ‌(رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ

- ‌(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ

- ‌(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)

- ‌لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا

- ‌حرف التاء

- ‌(وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)

- ‌(هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)

- ‌تتميم:

- ‌(وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ

- ‌تتميم:

- ‌(وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)

- ‌(بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الثَّاء

- ‌(مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الجيم

- ‌(فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ)

- ‌تتميم:

- ‌(لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)

- ‌حرف الحاء

- ‌(وَحَرْثٌ حِجْرٌ)

- ‌حرف الخاء

- ‌ولم نجد في الخاء شيئا

- ‌حرف الدَّال

- ‌تتميم:

- ‌(كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌حرف الذَّال

- ‌(قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الرَّاء

- ‌(لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌حرف الزَّاي

- ‌(الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ)

- ‌تتميم:

- ‌حرف السِّين

- ‌تتميم:

- ‌(فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا)

- ‌تتميم:

- ‌تتميم:

- ‌حرف الشِّين

- ‌(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)

- ‌تتميم:

- ‌(صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ)

- ‌تتميم:

- ‌(وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ)

- ‌تتميم:

- ‌(فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)

- ‌(وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الضَّاد

- ‌(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)

- ‌ولم أجِدْ في الطَّاء والظَّاء شيئاً

- ‌حرف العين

- ‌(كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)

- ‌تتميم:

- ‌(عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)

- ‌(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى)

- ‌(إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

- ‌حرف الغين

- ‌(وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)

- ‌(عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)

- ‌(وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً)

- ‌تتميم:

- ‌(لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الفاء

- ‌(فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ)

- ‌تتميم:

- ‌(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)

- ‌تتميم:

- ‌حرف القاف

- ‌(وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ)

- ‌تتميم:

- ‌(هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ)

- ‌(قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الكاف

- ‌(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)

- ‌تتميم:

- ‌حرف اللام

- ‌(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)

- ‌(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ)

- ‌(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)

- ‌(إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)

- ‌(وَقِيلِهِ يَا رَبِّ)

- ‌حرف الميم

- ‌(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)

- ‌تتميم:

- ‌(وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)

- ‌(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)

- ‌(مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا)

- ‌تتميم:

- ‌(وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ)

- ‌(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)

- ‌تتميم:

- ‌(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)

- ‌حرف النُّون

- ‌(الرَّحْمَنِ)

- ‌(وَيُونُسَ وَهَارُونَ)

- ‌(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ)

- ‌تتميم:

- ‌(يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)

- ‌تتميم:

- ‌(وَلَاتَ حِينَ)

- ‌(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)

- ‌تتميم:

- ‌(وَحُورٌ عِينٌ (22)

- ‌حرف الواو

- ‌(اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى)

- ‌(فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)

- ‌تنبيه:

- ‌(لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ)

- ‌(سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)

- ‌تتميم:

- ‌(فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6)

- ‌(مِنْ وُجْدِكُمْ)

- ‌حرف الهاء

- ‌(وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)

- ‌تتميم:

- ‌حرف الياء

- ‌(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ)

- ‌تتميم:

- ‌(وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ)

- ‌تتميم:

الفصل: ‌(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)

واختلفوا في الضمير من قوله: (منهما) فقيل: يعود على (المَلَكين)

وهو الظاهر، وقيل: على (السِّحر) والذي أُنزل، وقيل على الفتنة والكفر

المفهوم من (فَلَا تَكْفُرْ) .

ومن ذلك قوله تعالى في سورة " آل عمران ": ‌

(وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)

.

قرئ بنصب الميم من (يَعْلَمَ) ورفعها وكسرها:

فأما قراءة النصب فقرأ بها السبعة، ووجهها أنه منصوب بإضمار " أن "

مع الواو، كقولك: لا تأكل السمك وتشربَ اللبن.

وأما قراءة الرفع فنُسبت إلى أبي عمرو، ووجهها أن الواو فيه واو

الحال، قاله الزمخشري، وهو محمول على إضمار المبتدأ، التقدير: وهو

يعلم، وإلا لزم دخول الواو الحالية على الفعل المضارع.

وأما قراءة الكسر فقرأ بها الحسن، ووجهها أنه معطوف على (ولَمّا

يعلم) ، وكسر لالتقاء الساكنين.

ومن ذلك قوله تعالى في سورة " النساء ": ‌

(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)

. قرىء بنصب الميم وجرّها ورفعها:

ص: 164

أما قراءة النصب فقرأ بها السبعة إلا حمزة، ووجهها أنه معطوف

على لفظ الجلالة على حذف مضاف، التقدير: واتقوا الله وقطعَ الأرحام.

وعلى هذا الإعراب جاء تفسير ابن عبّاس، وقتادة، والسُّدّيّ، وغيرهم.

ويكون العطف من باب عطف الخاصّ على العامّ، لأنّ تقوى الله هو

اجتناب مخالفته في كل ما أمرَ به ونهى عنه، وقَطْعُ الأرحام بعضُ ما نهى

الله عنه. ومنهم من قال: إنّ نصبه بالعطف على موضع (به) كما تقول:

مررت بزيد وعمرا، ويؤيِّدُ هذا القول قراءةُ عبد الله: (تساءلون به

وبالأرحام) .

وأما قراءة الجرّ فقرأ بها حمزة، وابن عبّاس، والحسن، ومجاهد.

وقتادة، والنَّخَعي، ويحيى بن وثّاب، والأعمش، وأبو رَزين. ووجهها

أنه معطوف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض. ويؤيّدُه قراءةُ

عبد الله (وبالأرحام) بإظهار الخافض.

والعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض جائز

في السَّعَة نَظما ونَثراً عند المحققين، وبه قال أكابر الكوفيّين،

ص: 165

ويونس، وأبو الحسن الأخفش، وإليه ذهب شيخ نحاة الأندلس الأستاذ

أبو علي الشلوبين.

والدليل على جوازه القياسُ والسماع:

أما القياس فكما يجوز أن يؤكّد ويُبدّل منه بغير إعادة خافض فكذلك

يعطف عليه من غير إعادة خافض.

ص: 166

وأما السَّماع فقد ورد نَظماً ونَثراً:

أما النَثر فهذه القراءة وكفى بها دليلاً على ذلك، فإنّها قراءة متواترة.

قرأ بها حمزةُ من الأئمّة السبعة، وهو ثَبَت فيما نقل، لم يقرأ حرفاً من

كتاب الله تعالى إلاّ بأثر صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قرأ بها من تَقَدَّمَ ذِكرُه من الصحابة والتابعين. فمن لَحَّنَ حمزةَ أو وهَّمَه فقد كذب، ويُخشى عليه أن يَؤول قولُه إلى الكفر.

ومما يدلّ على صحّة العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة

الخافض أيضاً قوله تعالى: (وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)

وهاتان الآيتان لو أُوِّلتا على غير العطف على الضمير المخفوض لخرَجَتا

عن أسلوب الفصاحة وحُسنِ التأليف، فيجب اطِّراح ما عدا ذلك من

التأويلات، كمن جعل الواو في (وَالأرحام) واو القسم وجرّ به (الأرحام) .

وكمن جرّ (والمسجد الحرام) بالعطف على (سبيل الله) إلى غير ذلك

من التأويلات.

ومن كلام العرب نثراً قوله: " ما فيها غيرُه وفرسِه " بالخفض في

" فرسه ":

وأما النظم فقد ورد من ذلك شيء كثير بحيث لا يعدّ ضرورة، واتّسعت

ص: 167

العربُ فيه، فتارة عطفت بالواو، كقوله - أنشدَه سيبويه:

فاليومَ قَرَّبْتَ تهجونا وتَشْتِمُنا. . . فاذهبْ، فما بك والأيامِ من عَجَبِ

فعطف " والأيام " بالواو على الكاف من " بك ".

ومنه قوله:

لو كان لي وزهير ثالثٌ وَرَدَت. . . من الحِمامِ عِدانا شرَّ مورود

فعطف " زهير " بالواو على الياء في " لي ".

ومنه قوله:

تُعَلَّقُ في مثلِ السواري سيوفُنا. . . فما بينَها والأرضِ غوطٌ نفانِفُ

ص: 168

فعطف " الأرض " بالواو على الضمير في " بينها ".

ومنه قوله:

هلأ سَأَلْتِ بذي الجَماجم عنهمُ. . . وأبي نُعيمٍ ذي اللِّواءِ المُحْرِقِ

فعطف " أبا نعيم " بالواو على الضمير في " عنهم ".

ومنه قوله:

إذا أوقدوا ناراً لحربِ عدوِّهم. . . فقد خابَ من يَصْلَى بها وسعيرِها

فعطف " سعيرها " بالواو على " بها ".

ومنه قوله:

وقد رامَ آفاقَ السماءِ فلم يَجِدْ. . . له مَصْعَداً فيها ولا الأرضِ مَقْعَدا

فعطف " الأرض" بالواو على " فيها ".

وتارة عطفت بـ (لا) نحو قوله:

بنا أبداَ لا غيرِنا يُدْرَكُ المُنى. . . وتكْشَفُ غَمّاءُ الخطوبِ الفوادحِ

ص: 169

فعطف " غيرنا " بـ (لا) على " بنا ".

وتارة عطفت بـ (بل) نحو قوله:

إذا بنا بل أنيسانِ اتّقَتْ فئهٌ. . . ظلَّتْ مُؤَمَّنةً ممّن يُعاديها

فعطف " أُنيساناً " بـ (بل) على " بنا ".

وتارة عطفت بـ (أم) نحو قوله:

أكِرُّ على الكتيبةِ لا أُبالي. . . أَحَتْفي كان فيها أم سواها

فعطف " سواها " بـ (أم) على " فيها ".

وتارة عطفت بـ (أو) نحو قوله:

آبَكَ أَيِّهْ بيَ أو مُصَدَّرِ. . . من حُمُر الجِلّة جَأْبٍ حَشْوَرِ

فعطف " مصد راً " بـ (أو) على " بي ".

ص: 170

وقد وقفتُ على ما ورد من ذلك نظماً ونثراَ ممّا يدل على كثرة العطف

على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض.

وإن كان بعض البصريين قد ذهبوا إلى منع ذلك، فليست القراءةُ متوقفةَ على مذهب البصريّين ولا الكوفيّين، بل إذا صحّت القراءةُ وتواترت فهي أكبرُ حجّةٍ على صحة الحكم، وكم من حكيم ثبتَ بقول الكوفيين لم يُثْبِتْه البصريون، وكم من حكيم ثبتَ بقول البصريّين لم يُثْبِتْه الكوفيّون، فلسنا مُلْتَزِمين قولَ أحدِ الطائفتين، بل أيُّهم أثبتَ حكماً بنقل صحيح عن العرب أخَذْنا به، لأنّ كلتا الطائفتين أثبات ثِقات فيما نقلوا، وقد ردَّت النحاةُ المعتزلةُ هذه القراءةَ جرياَ على عادتهم في ذلك، ولا يُلْتَفَتُ إليهم؛ لأنهم يصحَحون القراءة بنحوهم، والأمر بالعكس، وكان حقَّهم أن يُصَحِّحوا نحوَهم بالقراءة المتواترة.

وأعجبُ شيءٍ فيهم أنّهم إذا سمعوا بيتَ شعر لا يعرفون قائلَه قد خرجَ عن قواعد العربية التمسوا له أحسنَ المخارج، واعتذروا عنه بأشدّ العُذر.

وإذا رأَوا قراءةً منقولةً من طريق صحيح قد اعتنى بها الأئمّةُ.

إلاّ أنها قليلةُ النظير، رَمَوها عن قوس واحد، وطعنوا فيها، وكان حقَّهم أن

يقبلوها ويُبَينوا مخرجَها كما يصنعه أهلُ السُّنَّة من أهل الصَّنعة.

والعجبُ أيضاً من ابن عطيّةَ على طهارة لسانه وعُلُوِّ منصبه، كيف مال إلى ردّ هذه القراءة ولكن الجوادَ قد يكبو، والصارمَ قد ينبو، والله أسأل أن يَعْصِمَنا من الزَّلَل في القول والعمل.

وأما قراءة الرفع فقرأ بها عبد الله بن يزيد، ووجهها أنّه مبتدأ،

ص: 171