الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذلك قوله تعالى في سورة " المؤمنين ":
(هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)
قرئ بفتح التاء فيهما، وضمّها، وكسرها، وقرىء
بالتنوين مع كل واحد منهما:
فأما قراءة الفتح دون التنوين فقرأ بها السبعة، وهي لغة أهل الحجاز.
ووجهها أنها بُنيت لوقوعها موقع الفعل الماضي وهو " بَعُد ". وقيل: بُنيت
لأنها تعطي معنى الجملة، وذلك أنّك إذا قلت: جاء زيد، فقيل لك:
هيهات، فمعناه: لم يجِىء زيد، والجمل من حيث هي مبنتة، فيبنى ما
يعطى معناها، قاله ابن النحويّة. وبني على حركة لالتقاء الساكنين.
وكانت الحركة فتحة طلباً للخفّة.
وكان أبو على يتردّدُ في " هيهات " إذا كانت مفتوحة، فتارة يقول: إنّها
مبنيّة على الفتح كما تقدم، وتارة يقول: إنّها منصوبة على الظرف، وهي
غير منصرفة للتأنيث والتعريف، " بُكرة " من يومٍ بعينه. فعلى هذا إذا
قلت: هيهات زيد، احتمل أن يكون زيد مرفوعاً بـ (هيهات) على مذهب
من يرفع الفاعل بالظرف من غير اعتماد، واحتمل أن يكون هيهات خبراً
مقدماً نحو: عندك زيد.
وأما قراءة التنوين مع الفتح فقرأ بها هارون عن أبي عمرو، ووجهها
أنها مبنيّة كما تقدّم، والتنوين تنوين تنكير.
وأما قراءة الضمّ دون تنوين فقرأ بها أبو حَيوة، وهي لغة بعض
العرب، ووجهها أنها مبنيّة على الضمّ ئشبيهاً بـ " حَوْبُ " في زجر الإبل.
وأما قراءة التنوين مع الضمّ فقرأ بها الأحمر وأبو حيوة أيضاً.
ووجهها أنها مبنية، والتنوين للتنكير.
وقال ابن عطيّة وصاحب " اللوامح ": يحتمل أن تكون اسماً معرباً مرفوعاً بالابتداء، والخبر (لِمَا تُوعَدُونَ)
أي: بُعْدٌ لما توعدون. وقال الزجّاج) ، وتَبِعَه الزمخشري: إنها إذا
نونت كانت بمعنى المصدر.
وقال الشيخ أبو حيَّان: وليس بصحيح، لأنهم قد نوّنوا أسماء الأفعال كصه ومه ولم يقولوا إنها بمعنى المصدر، وأيضاً فإن هيهات لم تثبت مصدريّتها، وإنّما المنقول أنها بمعنى بَعُد.