الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قلت: يلزم منه وصف المعرفة بالنكرة؟.
فالجواب ما تقدّم من تقدير الشياع في (المؤمنين) ، أو تقدير التعريف في (غير) ؛ لأنّ سيبويه يرى أنّ كلَّ ما إضافته غيرُ محضة قد يُقصد بها التعريف فتصير مَحضة، إلاّ: الحسن الوجه.
تتميم:
" غير " اسم مفرد مذكّر دائماً، وإذا أُريد به المؤنّث جاز تذكير الفعل
حملاً على اللفظ، وجاز تأنيثه حملاً على المعنى، ومدلوله المخالفة بوجه
ما، وأصله الوصف، ويستثنى به، ويلزم الإضافة لفظاً أو معنى، وإدخال
" أل " عليه خطأ.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة " الأنعام ": (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)
قرئ بجرّ الراء من (فَاطِرِ) ورفعها ونصبها:
أما قراءة الجرّ فقرأ بها السبعة، ووجهها الجرّ على النعت للفظ
الجلالة، أو على البدل، والبدل أحسن للفصل بين النعت والمنعوت.
ويسهل الفصل بين البدل والمبدل منه لكون البدل على تقدير تكرار
العامل.
وأما قراءة الرفع فقرأ بها ابنُ أبي عَبلة، ووجهها أنه خبر لمبتدأ
محذوف، والتقدير: هو فاطر، وجعله ابن عطيّة مرفوعاً على الابتداء.
والخبر محذوف، واستبعده أبو حيَّان لأنه لا دليل عليه.
وأما قراءة النصب فلم ينسبها أبو حيَّان، ووجهها أنّه منصوب على
أنه صفة لى (وليّ) وتكون الإضافة المراد بها الانفصال، أي: فاطر
السمواتِ والأرض. ويمكن أن يكون بدلاً من (وليّ) .
ونقل عن الأخفش أنه نصبه على المدح، وهو أَخُصّ.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة " المص" الأعراف،:(مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
قرئ برفع الراء من (غَيْرُهُ) وجرّه ونصبه:
فأما قراءة الرفع فقرأ بها السبعة إلا الكسائي، ووجهها النعت أو
البدل من (إله) على الموضع؛ لأن (من) زائدة، والأصل: ما لكم إله.
وأما قراءة الجرّ فقرأ بها الكسائي، ووجهها النعت أو البدل على لفظ
(إله) .
وأما قراءة النصب فقرأ بها عيسى بن عمر، ووجهها النصب على
الاستثناء.
والرفع والجرّ أفصح.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة " الزلزلة "(1) : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)
قرئ برفع الراء من (النَّارُ)
ونصبها وجرّها.
فأما قراءة الرفع فقرأ بها السبعة، ووجهها أن (النَّارُ) مرفوعة على
إضمار مبتدأ، أي: هو النار. كأنّ سائلاً سأل: ما الشرّ؛ فقيل له: هو
النار. و (وعدها) إما حال على حذف " قد "، وإما استئناف، وإما خبر
(1) وهي سورة " الحج "، تُسَمّى " الزلزلة " لأنها افتُتِحت بقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) .